مشـــــاكسة ضمائـــــر ميتــــــــة / مال اللـــه فــــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أكتوبر 14, 2015, 08:48:37 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشـــــاكسة
ضمائـــــر ميتــــــــة


برطلي . نت / بريد الموقع

مال اللـــه فــــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com
...................................


في خضم تفاعلات تجربتنا السياسية الهجينة التي جعلها البعض بتصرفاته (الثوريـــة الحكيمـــة) عديمة اللون والطعم والرائحة، التي لاتشابه في (ميزاتهـــا المتعـــددة ولا فـــي خصوصيتهـــا المتـــجددة) أي تجربة اخرى لا في الشرق ولا في الغرب، ولا في السلب ولا في النهب ولا في الشمال ولا في الجنوب ولا في الفساد ولا في ملء الجيوب، ولا في الماضي البعيد ولا في الحاضر السعيد، فهي الاقرب، كما يقول (المصالــــوة) بلهجتهم الشعبية المحببة، الى طعم (حليــب الســـبيع) أي (العغـــق القجـــغ المغشـــوش) الذي لا نكهة له ولا فائدة الا (حــــرق المعــــدة والبلعـــوم) بأخطر السموم، حيث يتداخل فيها الفساد والاختطافات بانفلات الميليشيات بعجز اولي الامر عن محاسبة الحيتان الكبيرة والاكتفاء بالاسماك الصغيرة، بخواء الميزانية الخالية، بالارهاب وبهجرة الملايين وبسرقة حقوق وتخصيصات المهجرين وبالمعادلة العجيبة الغريبة التي اذهلت العالم اجمع، وجعلت مآسي مهاجرينا عيني (العمــــة ميركــــل) تدمع، تلك هي فجيعة (اغنــى دولـــة وافقـــر شــعب)، تحضر في الذاكرة ثلاث تجارب من الماضي القريب تجسد البون الشاسع بين ملوك وقادة (خائبيـــن) من ذوي الضمائر (الميتـــة) الذين فشلوا فشلا ذريعا(بســـبب خيباتهـــم) في سرقة شعوبهم، والاستحواذ على الثروات، وبين قادة (عباقـــــرة) من ذوي الضمائر (الحيـــة) الذين نجحوا (بنزاهتهــــم) نجاحا باهرا في اضطهاد شعوبهم وسرقة المليارات.
اولى هذه المحطات تتعلق بجلالة الملك فيصل الثاني، الذي عندما قرر الزواج بالأميرة (فاضلــــة) حفيدة آخر السلاطين العثمانيين من جهة أمها، وابنة حفيد محمد علي باشا، شاء أن تكون هدية زواجه لعروسته طقماً من اللؤلؤ البحريني ذائع الصيت آنذاك، وبما تليق بمن ستصبح ملكة العراق.
وقتها اتصل الباشا نوري السعيد رئيس الوزراء بالتاجر البحريني المعروف أحمد بن يوسف فخرو، الذي كانت تربطه به وبعائلته علاقة صداقة ناقلا إليه رغبة الملك، فأوكل الأخير المهمة لأخيه علي بن يوسف فخرو أحد أشهر التجار أيضاً، والذي ذهب بدوره إلى عائلة المديفع المعروفة بتجارة المجوهرات واختار منهم ثلاثة أطقم أرسلت للملك فيصل الثاني ليختار منها طقماً لزوجة المستقبل، في حينها كان سعر الطقم الواحد بحدود أربعين ألف روبية أي ما يعادل عشرة آلاف دولار أمريكي تقريباً، لكن بعد فترة وجيزة أعاد الباشا نوري السعيد الأطقم الثلاثة إلى البحرين وأبلغ أحمد فخرو أن الملك أعجب بها إلا أن ميزانيته لا تتحمل قيمة أحدها وهو يعتذر عن الشراء، كان ذلك في صيف 1958، يومها كان حاكم البحرين هو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة الذي ما ان سمع بالموضوع حتى أرسل في طلب علي فخرو ليستعلم منه تفاصيل الموضوع، وبعد أن أخبره، قال له الشيخ سلمان (رحمــه اللــــه): خذوا أجملها وأرسلوه الى جلالة الملك هدية منا، لكن مع الأسف فهدية البحرين وحاكمها لم تصل إلى الملك الشاب، فقد سمعوا بعدها مباشرة بانفجار ثورة 14 تموز وبمقتل الملك.
اما المحطة الثانية فبطلها (الخائـــب) هو الرئيس البرازيلي (لويـــس إيناســـيو لـــولا دا ســـيلفا ) الفقير المعدم الذي اضطر لترك الدراسة وهو في المرحلة الابتدائية ليعمل ماسحا للاحذية لاعالة اسرته وتدرج في العمل النقابي والمهني حتى اصبح رئيسا للبلاد، وحظي بشعبية كبيرة وخاصة لدى الطبقة الفقيرة وأطلقوا عليه لقب (بطـــل الفقــــراء) نظرًا لعمله البطولي من أجل فقراء البلاد بعد ان استطاع اقناع العديد من رجال الاعمال والطبقة المتوسطة بالالتفاف حول الفقراء. كما قام بوضع العديد من البرامج الإجتماعية التي أسهمت إلى حد كبير في التقدم الذي حدث في البرازيل وقال عنه الرئيس اوباما (لــــولا أكثــــر شـــعبية منـــي، إنـــه أكثـــر شـــعبية مـــن كــــل الكـــرة الأرضيــــة).
عندما فاز (لـــولا دا ســــيلفا) أول مرة برئاسة البرازيل كانت البلاد على شفا هاوية ازمة مالية واقتصادية خطيرة، لكنه استطاع (بخيبتـــه) القيادية ان يسدد ديونها (بـــدل ان ينهـــب ميزانيتهــــا)، بل وجعلها تتمتع بفائض نقدي يزيد عن( 200) مليار دولار واصبحت صاحبة أقل نسبة غلاء من بين دول العالم الثالث، كما اصبحت بلاده تحتل المرتبة الثامنة كأكبر اقتصاد على مستوى العالم واخرج أكثر من(20) مليون برازيلي من تحت خط الفقر واطلقت عليه مجلة (تايــــم) الامريكية لقب (الزعيـــم الاكثــــر تأثيــــرا فــــي العالــــم ).
اما المرفأ الاخير فوثقه السيد ( فــــؤاد عــــارف ) الذي كان مرافقا للملك غازي بقوله: ( كنــــا، جلالـــــة المـــلك غــــازي وانا، في سيارته وكان يقودها بنفسه وقبل وصولنا الى ( اوروزدي باك ) في شارع الرشيد توقف وقال لي: (اذهب كاكه عارف الى صاحب هذه الشركة واسأله عن سعر تلك السيارة المعروضة لديهم .. وفعلا كانت هنالك سيارة سبورت شبابية رياضية مكشوفة وعندما سألت وكيل الشركة عن سعرها اجابني بانه ( 1550) دينارا وعندما عدت الى جلالتة واخبرته بسعرها صمت قليلا وسألني : كاكه فؤاد كم لديك من النقود فأجبته بأنني لا املك الا ( 150 ) دينارا وعندما عدنا الى القصر استدعى جلالته والدته وخالاته وعماته وطلب منهن اقراضه ما معهن من نقود .. ولم يكن مجموع المبلغ الذي معهن الا ( 350 ) دينارا ومع المبلغ الذي اقترضه مني جلالته اصبح مجموع المبلغ الذي معه ( 500 ) دينار فقط .. حيث بقي الملك حائرا في كيفية اكمال بقية المبلغ) وقد تعذر على (الملك) شراء تلك السيارة لحرصه على القوانين ورفضه خرقها والاستدانة من خزانة الدولة او الاقتراض من المالية.
اولئك كانوا اصحاب الضمائر (الميتـــة)، اما اصحاب الضمائر (الحيــــة) من معظم مسؤولي وسياسيي وحكام هذا الزمان، الذين جاءوا (وفقــــا لادعاءاتهــــم وشــــعاراتهم وخطبهــــم وتصريحاتهـــم وبياناتهـــم) لخدمة الانسان ولتحقيق الرفاهية والامان وانقاذ شعوبهم من الجوع والفاقة والحرمان، فقد جسدوا نبلهم ونزاهتهم ورفعة قيمهم واخلاقهم ومبادءهم بسرقة المليارات والاستحواذ على العقود والصفقات ونهب الميزانيات واغراق البلاد بالمآسي والفواجع والنكبات.
وآخـــر دعوانـــــا، اللهــــم ارزقنــــا (بماســــح احذيـــة خائـــب) ينصفنـــا، وقنــــا (نبــــل) اي مســــؤول او قائــــد (عبقــــري) يســــرقنا.