مشـــاكسة نامــي جيــــاع الشـــعب نامــــــي/مال اللــــــه فـــــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مايو 01, 2015, 10:04:18 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشـــاكسة
نامــي جيــــاع الشـــعب نامــــــي


برطلي . نت / بريد الموقع

  مال اللــــــه فـــــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com
.................................
أظهر استطلاع حول أسعد عشر دول وأتعسها في العالم، أن بنما امست أسعد البلدان قاطبة، منحّية بذلك الدنمارك التي دأبت مراكز استطلاعات الرأي طيلة سنوات على تتويجها بهذا اللقب،  بحسب نتائج الاستطلاع   الذي اجرته مؤسسة غالوب، وشمل 133 ألف شخص من 135 بلدا، تلتها ثانية جارتها كوستاريكا، فيما تراجعت الدنمارك إلى المركز الثالث، ومن ثم النمسا، فالبرازيل والسلفادور، والاورغواي والسويد وكندا فيما احتلت غواتيمالا المركز العاشر بين سعداء العالم.
اما قائمة الدول العشرة الاشد تعاسة عالميا فقد احتلت المركز الاول فيها وبمنتهى الجدارة سوريا تلتها افغانستان وهايتي ومن ثم الكونغو (الديمقراطيـــــــة) التي  يبدو ان ديمقراطيتها لم تفلح في انتشالها من قائمة التعاسة ، تلتها تشاد ومدغشقر واوغندا وبنين وكرواتيا ثم جورجيا.
وقد تملكتني الدهشة والحيرة معا، بل وانفجر القلق في اعماقي وانا ابحث عن بلادي في نتائج ذلك الاستطلاع الجاد لأسعد وأتعس عشر دول ولم اجدها، لا بين السعداء ولا بين التعساء، وتوقعت بان الجهات الدولية المعنية بالتقييم ربما اذهلها حجم (ســـــعادتنا) التي لا تشابه سعادة أي شعب في هذا الزمان في اية قارة وفي أي مكان وقررت أن تستحدث لنا معيارا دوليا جديدا يليق بسعادتنا (المفرطـــة) بعيدا عن باقي الدول المحبطة والتي لا تجارينا سعادة.
إن ما عزز هذا الاعتقاد في اعماقي هو انني كلما توقفت بسيارتي عند الاشارات الضوئية افاجأ بالعشرات من الاطفال والفتيات والنساء من رعايا هذه الدول السعيدة والتعيسة معا لاسيما من ضمن قائمتي الاكثر سعادة والاشد تعاسة في العالم وهم يتسولون بمختلف الاساليب التقليدية والحضارية، ولم اجد (عراقيـــــا) واحدا بينهم يمارس مهنة التسول بفضل برامجنا وخططنا وستراتيجيتنا الاقتصادية الرائدة الواعدة .
فمتسولو الدول العشر الاشد سعادة في العالم القادمين من بلادهم السعيدة والمرفهة مثل كندا والدانمارك والنمسا والبرازيل جاءوا الينا ليتلمسوا عن قرب تفاصيل سعادتنا المفرطة التي تفوق سعادتهم ولينقلوا جوانب من تجربتنا الى بلدانهم، واصبحوا يمارسون التسول بطريقة حضارية غير مباشرة، كحمل ماسحة بلاستيكية وقنينة تحوي مزيجا من الماء والمنظفات لتنظيف زجاج سيارتك شئت أم ابيت. أو تسويق (العلكـــة) أو بيع الازهار الطبيعية والصناعية بلهجة متوسلة تستفز مشاعرك وتدفعك لشراء مالا تحتاجه منهم، مما يعد في ظاهره (عمـــــلا) مشروعا لا يعاقب عليه القانون ولا (يهيــــن) كرامة من يمارسه رغم انه في باطنه تسولا.
اما متسولو الدول العشر الاشد تعاسة الذين جاءوا ليتعلموا السعادة من سعادتنا ايضا، فما زالوا يمارسون تسولهم بطرقهم البدائية وفي مقدمتها بسط الايدي بمذلة مترافقة مع عزف سيمفونيات البكاء والنحيب والشكوى بادعاءات المرض والجوع واعالة الرضع والايتام والمقعدين.
عندها تيقنت بأن الجهات الدولية المعنية ربما سوف تضعنا في مركز خاص لا تنافسنا عليه أي دولة لا في الرفاهية ولا في السعادة، بعد ان علمت باننا وخلال عام واحد فقط هو عام 2014، فقدنا ميزانية سنة كاملة دون ان يصادق عليها البرلمان ودون ان يدرك اي من المسؤولين أوجه الصرف وتفاصيله وقوائم المصروفات واتجاهات سير تلك التخصيصات ومسارات بعضها الخارجية والى اي من الدول توجهت وفي حسابات اي مسؤول (نزيـــــه) حطت، وجراء أي عقود ربما (وهميــــة) صرفت ولأي عدد من الموظفين (الفضائييــــن) منحت، خصوصا وان مبلغها (المتواضـــــع) لم يتجاوز الـ(140) مليار دولار فقط، وان اي مسؤول معني لم يكلف نفسه البحث (جديـــــا)عن هذا المبلغ (التافــــه) او تقصي خط سيره، او مساءلة المسؤولين عن ضياعه، وبذلك ربما حدثت الجهات الدولية المعنية نفسها قائلة (إن كــان ضيـــاع مثـــل هـــذا المبلـــغ لــــم يهمهـــم ولـــم يؤثـــر علـــى ميزانيـــة واحتياجـــات شـــعبهم فكـــم هــــم مرفهــــون واغنيــــاء وســــعداء؟).
واذ تلمست على ارض الواقع بعض الوقائع، وفي مقدمتها توقعات وزارة التخطيط بارتفاع معدلات الفقر بين مواطني شعبنا الى أكثر من 30%، وأن جزءاً منهم يعيشون في حالة (فقـــــر مدقـــــع)، ادركت لماذا لا اجد بين متسولي الدول السعيدة والتعيسة الذين غزوا بلادنا بحثا عن الرزق الحلال اي عراقي متسول، ذلك لان (الفقـــــر المدقــــع) الذي ضرب نسبة لابأس بها من المعدمين، ربما جعل المصابين به بسبب المرض والجوع والهزال، غير قادرين على النهوض والوقوف على اقدامهم والسير وممارسة التسول لاشباع بطونهم الخاوية خواء الميزانية التي ضربها اعصار الازمة المالية فتأخرت الرواتب وتوقفت المشاريع واشهرت بعض المحافظات افلاسها في بلد العجائب والمصائب والغرائب، واصبحت معها ابيات الجواهري الخالد خير تجسيد لحال المعدمين والمدقعين والمسحوقين والجائعين وربما الكثير من المشردين والنازحين والمهجرين:
نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي ..... حَرَسَــتْكِ آلِهة الطعــامِ
نامــي فإنْ لــم تشــبَعِي ..... مِنْ يَقْظةٍ فمِـنَ المنـــامِ
نامي على زبد الوعـود ..... يُدَافُ في عَسَـل الكــلامِ