البطريرك ساكو -دروس لا بد منها عن مذابح 1915 والمآسي الحاليّة!

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 28, 2015, 09:50:41 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

البطريرك ساكو -دروس لا بد منها عن مذابح 1915 والمآسي الحاليّة!


برطلي . نت / متابعة
هذه مقاسمة وجدانية من الفكر والقلب، نابعة من رؤيتي الشخصية للساحة العراقية والمنطقة على ضوء الصراعات الراهنة وتداعياتها اقدمها للتفكير والدرس.


نعيش في هذه الايام الذكرى المئوية الأولى على مذابح 1915-1917 التي راح ضحيتها نحو المليون ونصف المليون مسيحي ارمني وما يربو على المائة والستين الفا من الكلدان واكثر من الاشوريين والسريان واليونان وما صاحب ذلك من تهجير متواصل لمن تبقى من تلك المكونات.
بوحي من هذه الذكرى النكبوية وعلى ضوء ما تعرض له مسيحيو الموصل وبلدات سهل نينوى من اقتلاع قسريّ، وفي أعقاب زيارتي قبل ايام، لجنوب تركيا (دياربكر وماردين ومديات ودير الزعفران وطورعبدين ودارا ونصيبين)، هذه المنطقة العزيزة التي كانت مسيحية مزدهرة بامتياز، وغدت اليوم اقرب الى الاطلال، والوجود المسيحي فيها الى الزوال؟ انها ذكرى مأساوية حزينة ومؤلمة.
وأشير ابتداءًا إلى أنه في الامس اعلنت الكنيسة الارمنية ضحايا 1915-1917 شهداء قديسين، وهو مثال اتمنى أن تحذو حذوه الكنائس الاخرى لأن الشهادة هي التعبير الاسمى عن الايمان!

إن كل صوت منا، له قيمة مضاعفة اذا انضمّ الى أصوات وأصوات، لتشكل صرخة مدوية في وجه عالم يغلب عليه اللامبالاة. صرخة تجمع على القوم لماذا العالم لم يتعامل بما حدث قبل مائة سنة بشكل مناسب، واليوم، بعد مئة عام، وبرغم تطور وسائل الاعلام ، لماذا لا يتعامل العامل نفسه بشكل جديّ مع اقتلاع 120000 مسيحي عراقي من بلداتهم وبيوتهم، ولا مع مآسي السوريين ولا مع أعمال اقترفت على الهواء، ضد الاقباط والاثيوبيين الذين قتلوا كالنعاج في ليبيا بالرغم من ان كذا افعال تنحدر الى مستوى جرائم ضد البشرية.
وكما ان الاصوات قليلة التأثير اذا كانت منعزلة، هكذا نحن اليوم كنائس صغيرة تفتقر الى الرؤية الجماعية المتجانسة والتخطيط، وعلى الصعيد السياسي نفتقر الى مرجعية سياسية قوية لاتخاذ خطوات عملية للخروج من التحديات الكبيرة التي تهدد وجودنا، فلا نزال ونحن في القرن الواحد والعشرين نعيش قيوداً صارمة وقواعد اجتماعية قاسية (مثال صارخ على ذلك: قانون الاحوال الشخصي) وإزاء هذا، الهجرة تنخر وجودنا وتقتلعنا من جذورنا.
إزاء هذا، كلنا معنيٌّ بألا تتكرر هذه الافعال البربرية في المستقبل، ويبدو ان الصراعات ستستمر، مما يدعونا بقوّة إلى ان نتحد كفريق واحد للعمل من اجل تثبيت وجودنا وحماية شعبنا وحقوقنا على اسس متينة، لذا أودّ أن اقترح النقاط الاتية للتفكير والتدارس:

1- المطالبة بشرعيّة دستوريّة، تنسجم مع ثوابت في شرعة حقوق الانسان، لتكون في ظلِّ دولة مدنيّة مرجعا سياديا يطبق القانون على الجميع على حدٍّ سواء. وهنا ارى ان نظام الحكم المدني لدى تركيا المجاورة، والذي نأمل أن تسير فيه بنحو معاصر، هذا الحكم الذي يفصل الدين عن السياسة واعتماد الهوية الوطنية، أراه مثالا يمكن الاحتذاء به على وفق قول يسوع المسيح: "ما لقيصر لقيصر وما لله لله" والمسلمون يكررون " الدين لله والوطن للجميع" وذلك باحترام الدين كشأن لكل فرد وجماعة، وعلى أن يكون الوطن خيمة للجميع. أليس الدين علاقة شخصية مع الله، يقوم على الثوابت، بينما السياسة متحركة وفقًا للمصالح ؟ لابدّ ان تترك للناس حرية اختيار الدين الذي يرونه مناسبا لهم، فلا اكراه في الدين! الدين لا يفرض بالقوة، انما بالرسالة المشرقة والشهادة المقنعة. حبذا ان تقتدي الدول العربية بما فعلته تونس والسلطة الفلسطينية برفع خانة (الدين) من الوثائق الرسمية!
2- منطقة آمنة. لنا أن نُنعش بمختلف السبل، ما استجدّ من وعيٌّ لطروحات تُراعي التنوّع، ومن بواعث الامل ان تضمن دستورا للحكومة المركزية وإقليم كردستان الحاليان على مواد تحفظ حقوق كافة المكوّنات في ممارسة خصوصيّاتها عبر تقسيمات إدارية، مما يوفر للمسيحيين فرصة جيدة لإرساء وجودهم على أسس قانونية للدفاع عن انفسهم وحماية تاريخهم وتراثهم وهويتهم، وايجاد سبل ثابتة للعيش المشترك مع اخوانهم المواطنين، على مختلف مذاهبهم وأديانهم، أ غالبية كانوا أم أقلية بحرية ومساواة وكرامة. وقد أثبتت الأيام كم أن المسيحيّين حريصون على وحدة وطنهم، ومتمسّكون بالعيش بسلام مع موطنيهم، مما يشجع العراقيين المغتربين على القيام بمشاريع استثمارية!
3- السعي الحثيث والمشترك نحو تأمين عودة المهجّرين المسيحيّين ومن الاقليات الاخرى بعد تحرير قُراهم وأراضيهم، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، وحماية وجودهم عبر تخصيص منطقة بحدود واضحة في سهل نينوى، يقومون بإدارتها مع اليزيدين والشبك وسواهم، ويؤمّنون حمايتها بقوى ذاتيّة، وبضمانات حكومتي المركز والاقليم وبغطاء دولي، عبر بروتوكول يوضع لهذه الغاية.

4- إن واقع هؤلاء المهجرين يستصرخ ضمير العالم، فهذه الارض ارضهم وهي هبة من الله ثمينة، وهم متجذرون فيها. فلا ينبغي ان ينظروا الى ما وراء الحدود، فالهجرة الى بقاع العالم والتكيف مع المجتمعات الجديدة يضعف تدريجيا حيوية وجودهم، ويفقدهم جذورهم وتاريخهم وروابطهم اللغوية والكنسية والاجتماعية!

رابط الموضوع  http://saint-adday.com/permalink/7361.html