تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

ابشع خلف لأقبح سلف صادق إطيمش

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يناير 29, 2015, 05:42:15 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

ابشع خلف لأقبح سلف
     

ابشع خلف لأقبح سلف
قبل ايام بعث لي احد الأصدقاء الأعزاء الذين فُرض عليهم الإغتراب ايضاً صورة تعبر عما آلت اليه جامعة الموصل التي عملنا فيها سوية لسنوات طوال كانت تشع فيها معالم التنوير العلمي وإيحاءات التقدم الحضاري قبل ان تحولها البعثفاشية المقيتة إلى مكاتب حزبية ونشاطات سياسية ابتعدت تدريجياً عن الوتيرة العلمية التي اردنا لها ان تسجل المؤشر الحقيقي للعمل في هذه الجامعة وللمساهمة الجادة في عملية التطور التي بدأ بها العراق فعلاً في اوائل سبعينات القرن الماضي والتي حولتها دكتاتورية البعث بعدئذ إلى عملية لا تعير اهتماماً للتطور العلمي قدر اهتمامها بعسكرة المجتمع وتسيير كل امكانيات البلد الكبيرة جداً إلى حرب اراد من خلالها الدكتاتور الأهوج توسيع مساحة نشر مفاهيمه البالية وعنجهياته الصبيانية لتشمل المنطقة برمتها وليس العراق المُبتلى بها فقط.
كانت الصورة تشير إلى حاوية للقمامة مملوءة بكتب مكتبة جامعة الموصل وإلى جانبها اكوام لكتب اخرى جرى حرقها من قِبَل وحوش الدولة الإسلامية التي تنشر الرعب والإرهاب في الموصل وفي المناطق التي جعلها الإسلاميون مسارح لجرائمهم البشعة وتصرفاتهم الهمجية اللاأخلاقية. وقد عبر هذا الصديق العزيز عن مشاعره بكلمات قليلة إلا انها اوحت بكل ما يضمره هذا الإنسان الشغوف بالعلم حينما جعل كلماته هذه تتسرب مع دموعه إلى قلب كل مَن يقرأ تعليقه على منظر حرق الكتب البشع هذا.
ما يقوم به هؤلاء الوحوش، ليس في عمليات حرق الكتب وحسب، بل في كل تصرفاتهم المرتبطة بالقتل والذبح والسبي واسواق الرقيق والإغتصاب، هذه الجرائم المُشرعنه بما لديهم من مفاهيم يستندون فيها على نصوص لم يزل فقهاء الإسلام في تلكؤ من امرهم حولها سواءً فيما يتعلق بتفسير هذه النصوص او تأويلها لما يجد فيه إنسان القرن الحادي والعشرين ضالته في حياة حرة آمنة ترتبط بانسانيته بالدرجة الأولى وليس بدينه او مذهبه او قوميته او عشيرته. وهذا التلكؤ هو بعينه ما يسهل لهؤلاء المجرمين ممارسة الإرهاب الذي يفتخرون به باعتبارهم يطبقون نصاً شرعياً لم يخالفهم احد من فقهاء السلاطين على وجوده وإن اختلفوا معهم على تفسيره او تأويله، هذا الإختلاف الذي لا يعيرون له اهتماماً يتناسب ومستوى الجريمة التي تُرتكب باسمه، مطمئنين النفس بالإستناد إلى ما اختلقوه من نص مقدس يشير إلى أن إختلاف الأمة رحمة لها وليس نقمة عليها.
إن حرق الكتب هذه ظاهرة ليست بالغريبة على التاريخ الإسلامي الذي كان وظل يُدرَّس لنا في مراحلنا الدراسية المختلفة وهو مرتبط بما يكتبه الجبابرة والطغاة من خلفاء وسلاطين وامراء. ولم نشعر ونحن نتلقى هذا التاريخ باننا امام تاريخ الإنسان العادي البسيط الذي عاش ويلات ونكبات هذا التاريخ منذ ان برز إلى الوجود الإجتماعي العربي الإسلامي ما يطلق عليه المؤرخون اليوم بالدولة الدينية الإسلامية، حسب مفهوم الدولة السياسي الحديث وليس مفهوم الأمة الديني، اي الدولة الدينية التي بدأت بالأمويين وانتهت بالعثمانيين، بكل ما تخلل هذين الكيانين من تجليات اجتماعية وسياسية اخرى لا تختلف كثيراً في بطش القائمين عليها من بطش وجبروت هذين الكيانين الأموي والعثماني.
ليس صعباً على إرهابيي الدولة الإسلامية ان ينبشوا في تاريخ اسلافهم الثري بالجريمة ليجدوا ما يقتفون اثره باعتباره من تراث سلفهم الذي غالباً ما يطرحون عليه صفة الصالح. ولم تكن جديدة عليهم تلك الجرائم التي اقترفها هذا السلف منذ القرن الأول الهجري وحتى يومنا هذا. وما حرق الكتب إلا مرحلة متأخرة من هذا التاريخ القذر الذي طالما ارتبط بالدين الإسلامي وطالما وجد له فقهاؤه من المبررات في النصوص المقدسة التي يلجأ اليها اليوم خَلفَهُم الداعشي ليشرعن بها ارهابه. وحينما نشير هنا إلى جرائم اسلاف الدواعش في القرن الأول الهجري فإننا لا نتجاوز الحقيقة القائلة بان تراث الجريمة المُشرعن دينياً هذا إمتد ليشمل كل التاريخ الإسلامي حتى بعد انتهاء دولته الدينية رسمياً بانتهاء الخلافة او السلطنة الإسلامية العثمانية بعد هزيمة هذه الدولة في الحرب العالمية الأولى وحلول الدولة التركية الحديثة محلها التي الغت الخلافة رسمياً عام 1924. إذ ان اولى المنظمات التي تشكلت تحت شعار إعادة الخلافة الإسلامية كانت منظمة الأخوان المسلمون التي شكلها حسن البنا عام 1928 في مصر والتي جعلت من العنف طريقها لتحقيق اهدافها السياسية في عودة الخلافة الإسلامية. وقد تطرقت كثير من المصادر العربية والأجنبية إلى الطبيعة التي تشكلت فيها حركة الأخوان في مصر ودور المخابرات الأجنبية الغربية في ذلك. راجع على سبيل المثال الرابط التالي والمعنون : " الإخوان المسلمون و "سي آي إيه".. علاقات قديمة متجددة "بحث طويل قيِّم بقلم : عز الدين سنيقره ، مجلة المجلة الألكترونية ، بتاريخ 18.09.2012
http://www.majalla.com/arb/2012/09/article55238497
ثم توالى بعد ذلك تفريخ المنظمات الإرهابية في حاضنات المخابرات الغربية والأمريكية منها بشكل خاص حتى بلغت اوج حداثتها في عصابات الطالبان والقاعدة والنصرة وداعش وكل من لف لفهم على نهج الإرهاب المُشرعن هذا.
وحينما نتطرق إلى مثل هذه المنظمات ذات التوجه المذهبي السني والذي يغلب عليه فقه المدرسة الحنبلية الوهابية، فإن ذلك لا يعني خلو المذاهب الأخرى من اقتفاء اثر هذا الثراث الإرهابي، شاءت ذلك ام ابت. وللإستزادة في المعلومات بهذا الصدد راجع مقالة الدكتور عبد الخالق حسين في الحوار المتمدن بتاريخ 30.06.2005، تحت الرابط التالي بعنوان :" الإرهاب السني والإرهاب الشيعي ".
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=40258
ولنعد إلى جرائم السلف التي بدأت في القرن الأول الهجري، كما اسلفنا، والتي تحققت على يد اجداد إراهبيي اليوم من مختلف المذاهب. لقد شملت هذه الجرائم خيرة مفكري ذلك العصر ممن يُطلق عليهم مؤسسي علم الكلام في الإسلام او ممن يسمونهم ايضاً : آباء المتكلمين ، وهم كل من معبد الجهني وغيلان الدمشقي والجعد بن درهم والجهم بن صفوان. وللإختصار في الموضوع انقل هنا بعض المقتطفات عن المصائر التي واجهها هؤلاء المفكرون، لا لشيئ إلا لأنهم كانوا يحملون افكاراً لا يراها الخليفة او فقهاء الخليفة الذين شرعنوا له هذا القتل. يذكر الباحث والمؤرخ يوسف زيدان في كتابه المعنون " اللاهوت العربي واصول العنف الديني " ما يلي حول مآسي القرن الأول الهجري وما تعرض له مفكروه، وهو حينما يتحدث عن هؤلاء الأربعة ، آباء الكلام، فإنه يقول :
"" إن هؤلاء الأربعة المؤسسين الكبار، كانوا من اهل القرن الأول الهجري. وقد عاشوا جميعاً في منطقة الشام والعراق، وهي مهد الهرطقات وموئلها. إذ كانت هذه المنطقة قديماً ، موطناً لظهور ـ ومرتعاً لتطورـ الآراء اللاهوتية العربية التي وُصفت أرثوذكسياً ، بانها هرطقات...... وقد لقى آباء الكلام مصائر مفزعة تذكرنا بعصر الشهداء، ومعاناة آباء الكنيسة الأوائل. فالجهم بن صفوان قتله الأمير (سَلم بن أحوز) باصبهان. وبالطبع كانت هناك ظلال سياسية لمقتل الجهم بن صفوان، ووقائع تتمثل في ثورته على الحكم الأموي. وهو ما كان يسمى قديماً (الخروج) اي الخروج على سلطة الحاكم.... وقتُل الجعد بن درهم قتلة اشد فظاعة مما لقيه تلميذه الجهم، فقد قتله الأمير خالد بن عبد الله القسري بجامع وسط العراق، فاستل سكيناً وذبح الجعد ، تحت المنبر ، وسط المصلين والناس ينظرون.... وقُتل غيلان الدمشقي باشنع مما سبق. قتله الخليفة هشام بن عبد الملك في مجلس الخلافة. روى ابن عساكر في تاريخه، ما ملخصه ان الخليفة الحانق على غيلان من قبلها بسنين زعق فيه " مُدَّ يدك". فمدها غيلان، فضربها الخليفة بالسيف فقطعها. ثم قال: "مُدَّ رجلك". فقطعها الخليفة بالسيف الباتر.... وصلبه على باب دمشق.... ومات معبد الجهني مصلوباً ايضاً، بعدما أُهين إهانات مريرة طفحت بها كتب المؤرخين الذين ترجموا له، وبعدما تجرع بصبر كأس التعذيب كاملة.. يقول الذهبي: كان الحجاج بن يوسف الثقفي يعذب معبد الجهني باصناف العذاب، ولا يجزع. قال سعيد بن عُفير: في سنة ثمانين هجرية صلب عبد الملك بن مروان ( الخليفة ) معبداً الجهني، بدمشق. وعلى هذا النحو دفع آباء الكلام ثمناً باهضاً لهذه الأفكار التي طرحوها على الناس في زمانهم، فنظر إليها معاصروهم على انها كفر (هرطقة) ورأى فيها الحكام وبعض علماء السنة المسلمين (الأرثوذكس) المتشددين خروجاً عن الدين. خاصة ان كلام الآباء الاربعة المذكورين ارتبط بالتطبيق الواقعي للمعتقدات الخاصة بالحرية الإنسانية "" ( انتهى الإقتباس من كتاب: يوسف زيدان ، اللاهوت العربي واصول العنف الديني، الطبعة الثالثة 2010، دار الشروق، القاهرة، ص. 169 ـ 171).
لم تقتصر جرائم السلف الصالح جداً هذا على القتل والصلب والذبح، ولم تتوقف عند اوائل التأسيس للدولة الإسلامية الدينية في القرن الأول الهجري، بل انها امتدت افقياً وعمودياً حينما طور الخلفاء والأمراء والسلاطين اساليب الجريمة المُشرعنة من فقهاءهم وجعلوها تمتد ليس إلى التخلص جسدياً فقط من رواد الفكر الذين برزوا كمعارضين للخطاب الديني السائد آنذاك، كما رأينا اعلاه مع آباء الكلام واستمرارية هذه الجرائم في كل التاريخ الذي رافق الدولة الإسلامية من الأموية حتى العثمانية وكل ما تخلل ذلك من تاريخ جرائم الدولة الدينية ، كما حدث مع الحلاج مثلاً الذي قُطعت اوصاله ارباً ارباً قبل قتله لأنه ثار ضد ارستقراطية دولة الخلافة وفقهاءها، ومع العديد من امثاله من المفكرين الذين لا يسع المجال لذكرهم الآن، بل ان هذه الجرائم تطورت لتشمل النواحي الأخلاقية التي رافقت عمليات القتل والذبح وإنهاء الغير المخالف لفقه الخلفاء والسلاطين وفقهاءهم.
"" مثلاً حينما ينقل التاريخ من مصادره الرسمية:الطبري، ابن كثير وغيرهما: بأن الخليفة العباسي الأمين ابتاع الخصيان وغالى بهم وجعلهم لخلوته...ورفض النساء والجواري...يبقى خليفة امة ونائباً عن طريق النبي... وحينما يروي ان الخلفاء الأمويين والعباسيين مشغولين بالجواري ومنغمسين بالملذات والشراب إلى الحد الذي يصل بالمتوكل ان يمتلك ثلاثة آلاف سارية (اي الجارية الموطوءة) ويطأهن جميعاً... وان يزيد بن معاوية قتل في معركة الحرة بقيادة مسلم بن عقبة اربعة آلاف وخمسمائة رجل من المدينة وفضت بكارة الف بكر، لأنهم فقط لم يبايعوا... لم يخرجوا عليه ولم يحاربوه حتى، بل الأنكى هو انه اخذ بقية المدينة عبيداً...وإن الوليد بن يزيد وصل به التلوط ان راود اخاه عن نفسه...كل ذلك جاء على يد ما تسميهم المعابد والأمة عموماً خلفاء الله في ارضه وحماة دينه، من امويين وعباسيين بل ومن قبلهم فخالد ابن الوليد هو عينه الذي يروي عنه ابن كثير في البداية والنهاية بانه قتل سبعين الفاً من نصارى عرب العراق من قبيلة بكر بن وائل في معركة، لم يكونوا فيها صليبيين بقدر ما كانوا وطنيين فحسب... ألم يروي السيوطي مثلاً في (تاريخ الخلفاء) ان يزيد بن عبد الملك المؤسس للمجون والخلاعة:( اتى باربعين فقيهاً شهدوا له انه، ما على الخليفة حساب وعذاب)"" (مستلة من كتاب جمهورية النبي، لعبد الرزاق الجبران، دار نون للنشر 2012، ص 93 و 99).
إن دل هذا التاريخ الاسود على شيئ فإنه يدل على مدى الإنحطاط الذي يرافق التجارة بالدين واقتراف الجرائم باسمه وذلك من خلال مبررات تأتي بها نصوص دينية لم يُحسم ألامر معها منذ وجودها قبل اربعة عشر قرناً من الزمن ، بقدر ما يتعلق الأمر بالدين الإسلامي ونصوصه، وحتى وقتنا الحاضر. ومراجعة بسيطة لتاريخ الأديان عامة ترينا مدى العلاقة الجدلية الموجودة بين ما يسمى بالدولة الدينية وبين الإنحطاط الإجتماعي والقهر السياسي الذي يرافق مسيرة هذه الدولة، سيان في الأمر اي دين اتخذت هذه الدولة. وتاريخ الأديان الإبراهيمية على وجه التحديد يرينا بأن ظاهرة الدولة الدينية هذه شملت هذه الأديان الثلاثة ولم تقتصر على الإسلام فقط. فخليفة موسى، يهوشع بن نون، جعل من ارض فلسطين مسرحاً دموياً في حرب ابادة قادها باسم الدين اليهودي لتحقيق ما كان يؤمن به من وعد إلهي نص عليه العهد القديم بمنح الأرض لليهود. واتخذت كنيسة القرون الوسطى والقياصرة المنضوين تحتها من الدين المسيحي ذريعة دينية لنشر محاكم التفتيش وما ترتب عليها من احكام القتل والحرق لكل معارض لتوجهات الكنيسة آنذاك، وحملت راية المسيحية لتشن الحروب الصليبية التي لم تبغ من وراءها نشر المسيحية بقدر ما كانت ترمي إلى نشر الإستعباد والإضطهاد الديني ومن ثم السياسي والإقتصادي. وتاريخنا الحديث ايضاً يعطينا بعض الأمثلة للدولة الدينية التي لا تختلف عن غيرها من الدول الدينية القديمة، خاصة في مجتمعاتنا الإسلامية حتى وإن اختلفت الرؤى المذهبية التي تؤسس لهذه الدولة الدينية والدولة الوهابية السعودية ودولة ولاية الفقيه في ايران امثلة واقعية حية على ذلك.
فلا عجب إذن ان تتبنى الدولة الإسلامية اليوم ذات النهج الذي سار عليه اسلاف الدواعش بالأمس.
الدكتور صادق إطيمش

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=452852
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة