حراس برطلي .. شهودٌعلى ولادة المخلص

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, ديسمبر 31, 2013, 12:24:38 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

حراس برطلي .. شهودٌعلى ولادة المخلص


بهنام شابا شمنّي
Behnam_shamanny@yahoo.com

رافق ( ابو فادي ) زميله في نقطة الحراسة ( داني ) وتوجه الاثنان الى المكان الذي تم تحديده مسبقا من قبل مسؤوليهم في حراسات برطلي ، والذي يؤمن حماية امنية جيدة للمتوجهين الى الكنيسة فجر عيد الميلاد ، وكذا الامر لزملائهم في نقاط الحراسة الاخرى المنتشرة داخل البلدة وحولها ، حتى لتجد ان برطلي وقد احيطت من جميع جوانبها بعناصر من الحراسات كما يحيط السوار بمعصم اليد ، لم يتوقف الامر بهذا فقط بل انتشر حراس آخرون في الازقة والشوارع الرئيسية ونهايات الافرع تحسبا لاي طاريء ، رغم ان المدينة تتمتع بالامن الذي كان لرجال الحراسات الفضل الاكبر في تحقيقه .
الساعة تشير الى الرابعة صباحا من فجر يوم 25 / 12 / 2013 ، درجات الحرارة انخفضت في هذه السنة الى ادنى معدلاتها منذ سنين ، يلُفُ ابو فادي جسمه ب ( فروته ) بعد ان احس بالبرودة قد اخترقت بعض جوانب جسده ، ربما السنوات الخمسين قد بدأت تأخذ مأخذها من هذا الجسد الذي اصبح ( الكلاشنكوف ) جزءا منه لمرافقته له طيلة الثلاثين سنة الماضية ، بينما ( داني ) الشاب العشريني يتجول في المكان باحثا عن قطعة خشب او صناديق كارتون وحتى خرقة بالية يُشعل فيها النار ، لعلها توفر بعض الدفء لزميله ابو فادي .
تعلو اصوات اجراس كنائس البلدة لتعلن للناس انه قد وُلِد لهم اليوم مخلص وهو المسيح الرب ، هلموا وانظروه انكم تجدونه مُقمطاًًً وموضوعا في مذود في كنائس البلدة ، وحراس المدينة شهود على ذلك ، وجوقات الشمامسة تسبح لله لهذا الحدث العظيم .
تبدأ جموع الناس بالتوجه الى المكان ( الكنائس ) للنظر والتبرك  والاحتفال بهذا الحدث العظيم ، تمتليء الشوارع بالمتوجهين الى الكنائس لتكسر الصمت الذي كان يُخيّم على المكان وعلى شوارع البلدة وازقتها ، فتزدحم بالمارة ، الاطفال يسابقون ذويهم للمشاركة بالاحتفال بولادة المخلص .
ما هي الا ساعة من الزمان حتى تعود الشوارع والازقة تفرغ من المارة ثانية ، الا من الحراس المكلفين بتوفير الامن للمحتفلين ، ليعود السكون الى المكان . تزداد برودة الجو في ساعات الصباح ، يحاول داني تقليب جمرة النار علّها تزيد حرارتها بعد ان احس بان البرد قد اخذ من زميله ابو فادي الذي هو بعمر والده .
يُنبه ابو فادي رفيقه داني بضرورة مراقبة المكان بين الحين والاخر ، فالظلام لا يُؤتمن ويقول  ، ان هذه هي السنة الثامنة وهي عمر الحراسات والتي فيها  لم اشارك العائلة والاصدقاء وابناء البلدة في الاحتفال بميلاد المخلص بالحضور الى  قداس العيد ، فواجبي في هذه المؤسسة الامنية  يتطلب مني ان التحق وزملائي من منتسبيها الى واجباتنا في نقاط الحراسة كي نُؤمن البلدة ونُبعد عنها شر المسيئين ، ولكن لا تظن كم اشعر بالزهو عندما ارى جموع المؤمنين يمرون من امامنا وهم مطمئنين وليس هناك ما يعكر المناسبة .
لا تتوقع يا داني كم كانت تجربة الحراسات هذه مفيدة للبلدة وخدمتها لا يمكن ان تُثمن ، ولا تظن انها التجربة الوحيدة في برطلي ، فتاريخها يحدثنا وربما سمعت عن والدك عن نظام حماية اقيم في البلدة في نهاية الستينات من القرن الماضي بعد ان شهدت المنطقة فترة عدم استقرار امني كان يهدد البلدة . فاعلن القائمون على شؤونها في حينه بضرورة توفير الحماية للبلدة واهلها فاقيمت نقاط حراسة ( طابيات ) توزعت حول البلدة واتخذت من اسطح الدور الواقعة على اطرافها نقاط رصد ومراقبة ، كان رجال البلدة يشاركون في نوبات الحراسة وبنظام دوري ويومي واستمر ذلك لسنوات حتى استتب الامن في المنطقة .  يزيد الحماس في داني ويثير حديث ابو فادي فيه الغيرة والنشاط ويتحرك في المكان ويشعر بالفخر بانه لا يقل شأنا عن جيل آبائه واجداده في حماية برطلي .
يعلو صوت موسيقى الكشاف السرياني ، وتخترق اصوات آلاته الموسيقية النحاسية اجواء البلدة ليكون دلالة على ان الاحتفالات الطقسية في الكنائس قد انتهت ، وبدأت جموع الناس بالخروج من الكنيسة والايادي تتصافح وعبارات التهنئة تقدم بينهم ( هويلي مشيحا ... شوبحا لْشمّيه ) والفرحة تعلو وجوه الجميع وهم عائدين الى دورهم مارّين بافراد الحراسات الواقفين في الشوارع ونقاط الحراسة وعبارات الشكر والثناء تُقدم لهم .
ينسحب ابو فادي ورفيقه داني وزملاءهم الاخرين عائدين الى نقاط الحراسة الرئيسية بعد ساعات طوال من السهر كانوا فيها شهودا على ولادة المخلص .


ماهر سعيد متي

مااروع ما يقوم به هؤلاء الشهود .. كل عام وابطال الحراسات وابناء برطلي والشعب المسيحي بالف خير ..
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

matoka

المبدع الاستاذ بهنام الشمني بفيض من الحب والتقدير نتقدم لكم بخالص الشكر والامتنان على ما بذلتموه من جهود مباركة في اعداد المقالة الاكثر من رائع ، والذي ينصف هذه الشريحة البطلة .
Matty AL Mache