الحكم الذاتي لشعبنا .. مطلب غير دستوري

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, ديسمبر 18, 2013, 05:55:09 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

الحكم الذاتي لشعبنا .. مطلب غير دستوري

دراسة تحليلية قانونية وعلاجية


الحكم الذاتي نقيض للمركزية ، حيث تتخلى الدول عن جزء مهم من صلاحياتها إلى الأقاليم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا لتتم ممارستها على المستوى المحلي وهو نظام سياسي وإداري واقتصادي يحصل فيه إقليم أو أقاليم من دولة على صلاحيات واسعة لتدبير شؤونها بما في ذلك انتخاب الحاكم والتمثيل في مجلس منتخب يضمن مصالح الأقاليم على قدم المساواة.

على سبيل المثال إسبانيا مقسمة إلى 17 منطقة متمتعة بالحكم الذاتي هذه الحكومات الإقليمية مسئولة عن المدارس والجامعات والصحة والخدمات الاجتماعية، والثقافة، والتنمية الحضرية والريفية . وكأمثلة أخرى محافظتان في الفلبين حصلت على الحكم الذاتي هما (مينداناو  و كوردليرا) و زنجبار في مايتعلق بتنزانيا وهونغ كونغ في مايتعلق بالصين,غرينلند فيما يتعلق بالدنمارك ,بورتوريكو فيما يتعلق بالولايات المتحده, وألاند فيما يتعلق بفنلندا .
مطلب الحكم الذاتي لمناطق شعبنا ليس مطلبا حديثا فقد طالب به من قبل فريدون آتورايا ومشروع الحكم الذاتي يمتد من منطقة أورميا في شمال إيران إلى منطقة إنطاكيا شرقا كشريط حدودي شمال سوريا وجنوب تركيا حالياً غير أن الانكليز أدركوا خطورة المشروع وتأثيره على مصالحهم فدبروا له مكيدة وتمت تصفيته بعد سجنه من قبل السلطات الروسية في زمن ستالين والحال نفسه مع مشروع القائد القومي أغا بطرس في إسكان شعبنا في شمال العراق ضمن نظام ذات حكم ذاتي واتهم الانكليز بتصفية آغا بطرس في فرنسا .
منذ سنوات خلت جددت بعضا من الجهات السياسية مطلبها بالحكم الذاتي وأكدت في العديد من اجتماعاتها ومؤتمراتها على تفعيل أحكام المادة 35 من مسودة دستور إقليم كردستان . لكن توجد العديد من المآخذ القانونية على هذا المطلب للأسباب التالية :
1.   أشار دستور جمهورية العراق المؤقت لعام 1970 إلى منح الحكم الذاتي حسب تعديل الدستور ذي العدد 247 في 11/3/1974ونص تعديل المادة الثامنة منه على ( تتمتع المنطقة التي غالبية سكانها من الأكراد بالحكم الذاتي وفقاً لما يحدده القانون ).ثم صدر قانون الحكم الذاتي لإقليم شمال العراق بالقانون رقم 33 لسنة 1974والذي كان محل اعتراض عليه لقلة الصلاحيات الممنوحة فيه .
2.   نصت المادة 35 على ما يلي)  يضمن هذا الدستور الحقوق القومية والثقافية والإدارية للتر كمان، العرب، الكلدان والسريان والآشوريين، الأرمن بما فيها الحكم الذاتي حيثما تكون لأي مكون منهم أكثرية سكانية وينظم ذلك بقانون( وقد طالب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري تفعيل المادة (35) من مسودة دستور إقليم كردستان العراق.
3.   المطالبة بالحكم الذاتي تم اعتباره الحل الوحيد لإيقاف نزيف الهجرة وعدم الاستهانة بأراضينا والتشبث بالوطن والأرض اللذان هما المقومان الأساسيان للوجود منطلقين من أساس (نطالب بالأعلى ) ، وهذا ما أكده المؤتمر الشعبي التأسيسي الأول لعام  2007 وجدده المؤتمر الشعبي الثاني في عام 2009 وقد وقع على هذا البرنامج السياسي تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية 13 تنظيم ومؤسسة بضمنها الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) الموقع بتاريخ 16 - 5 – 2011.
المطالبة بالحكم الذاتي في مناطقنا التاريخية مطلب غير دستوري للأسباب التالية :-
1.   لا توجد أية مادة في دستور العراق الحالي عام 2005 تشير إلى عبارة الحكم الذاتي ضمن أحكامه رغم إن جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي ، كما ورد في أحكام المادة الأولى منه .بينما كان الدستور العراقي المؤقت لعام 1970الملغي قد نص على ذلك .
2.   المطالبة بتفعيل أحكام المادة 35 من مسودة دستور إقليم كردستان لعراق والتي تنص على (يضمن هذا الدستور الحقوق القومية والثقافية والإدارية للتركمان والعرب والكلدان والسريان والآشوريين، والأرمن، بما فيها الحكم الذاتي، حيثما تكون لأي مكون منها أكثرية سكانية وينظم ذلك بقانون) هو أمر غير صائب ، فدستور الإقليم لا يزال مجرد مسودة لم تقر وليس فيها أي عنصر إلزام ، ولن تقر هذه المادة لأنها تخالف أحكام الدستور العراقي النافذ الذي يعد القانون الأسمى في العراق وملزما في جميع أنحاء العراق لأنه لايجوز سن قانون يتعارض مع الدستور العراقي ، ويُعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قــانوني آخــر يتعارض معه ، وهذا ما أشارت إليه أحكام المادة (13) منه .
3.   يعد الدستور العراقي ( حسبما أرى ) دستورا جامدا لا يقبل التعديل ،
حيث أشارت المادة 126 / ثالثا منه إلى عدم جواز التعديل إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام كما أشارت المادة 142/ رابعا منه إلى أن
يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً بموافقة أغلبية المصوتين، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر ، لذا تعد عملية التعديل في الدستور شبه مستحيلة في ظل نصوص جامدة ومقيدة .
4.   المطالبة بالحكم الذاتي في مناطق شعبنا (التاريخية) هو أمر غير معقول فالمناذرة والغساسنة .. والحيرة ومنها النجف الأشرف تعد مناطق ذات امتداد تاريخي لنا ، لذا يستوجب الأمر تحديد المكان .
بدءا علينا أن نسبغ مطالبنا بالصياغة القانونية الرصينة ، فرغم مناشدتي ولمرات عدة بشكل غير تحريري إلى أن هذا المطلب غير دستوري إلا أن عدم الاستماع إلى مداخلاتي القانونية المجانية المطروحة منذ سنوات خلت أجبرني إلى تسطير هذه الدراسة المبسطة التي تشير وبوضوح عدم الجدوى من المطالبة بالحكم الذاتي فالمثل يقول ( إن أردت أن تطاع أمر بالمستطاع ) ، ومن الممكن المطالبة  بمحافظة أو لاحقا بإقليم أو أي نظام إداري آخر تجده مؤسساتنا السياسية مناسبا .
المشاور القانوني
ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة