مشاكسة / للحكومـــات شــــــؤون وللشـــعوب شــــــجون/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 15, 2013, 12:32:32 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
للحكومـــات شــــــؤون
وللشـــعوب شــــــجون




  مال اللــه فـرج
Malalah_faraj@yahoo.com


أذهلتني وأحزنتني وهزتني بقوة إحصائيات الفقر والجوع والعوز والتشرد وخطوط الفقر الممتدة عميقا وبعيدا في هذه الدولة أو تلك والتي أصبحت تنافس بسرعة تناسلها وانقساماتها الأميبية ليس خطوط الطول والعرض التي تحيط بكرتنا الأرضية فحسب وإنما كل الخطوط الفنية التي رسمتها وترسمها ضربات فرشاة الفنانين بمختلف الوانها سواء على اللوحات الواقعية ام الانطباعية، أو على اللوحات السريالية المجنونة، خصوصاً وانها باتت تنهش الاجساد الغضة    لأطفال بعمر الزهور كثيرا ما تدفعهم عجلات العوز والفقر والحاجة والجوع التي تطحن عظامهم بقسوة للسقوط في مهاوي بيع اعضائهم والتحول الى سلعة في اسواق التجارة الجنسية وممارسة الفساد متعدد الاشكال والسرقة والعنف والانحراف وحمل السلاح على خطوط النار في جبهات القتال الملتهبة، في وقت يعج فيه كوكبنا بمئات الآلاف من منظمات وتشكيلات ولجان وهيئات واتحادات الاغاثة الانسانية وحماية الطفولة ورعايتها والدفاع عن حقوقها وفي مقدمتها حق الحياة.
ففي أحد تقاريرها سبق أن أكدت منظمة الاغذية والزراعة العالمية أن الجوع يقتل انسانا واحدا كل ثانية، ومن بين صرعى الجوع هنالك مليونان وثمانمائة وثمانون ألف طفل يموتون من الجوع سنويا، وفي موازات ذلك وإزاء فواجع ومآسي الموت جوعا، سبق لنائب شركة (شــل) النفطية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا أن أكد بأن العراق يخسر (80) دولارا في الثانية الواحدة (أؤكد في الثانية الواحدة) اي بحدود سبعة ملايين دولار يوميا جراء احتراق الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط الخام في الجو بدلاً من استغلاله وتصنيعه والاستفادة منه، مضيفا ان ما يقارب (700,000) سبعمائة الف مقمق (وحدة قياس الغاز وتعني مليون قدم مكعب قياسي) من الغاز تحرق يوميا في الجو.
لقد كان بامكان العراق ان ينقذ كل جياع العالم من الموت لو خصص لكل جائع مشرف على الموت (80) دولارا يوميا لتوفير وجبات غذاء محترمة له بدلاً من ان تحرق هذه الثروة وعائداتها في الجو، خصوصاً وان العراق وبفضل قادتنا الحكماء وستراتيجيتنا العصماء وبعض مسؤولينا الأكفاء أصبح خاليا من الجياع والمتسولين والمشردين والفقراء، بعد أن تمكنا من هدم خط الفقر اللعين باسرع من هدم الالمان لجدار برلين وأمسى مستوى الحياة والخدمات لدينا افضل من اليابان والصين.
فميزانيتنا النفطية المليارية جعلت البطاقة التموينية تزهو بكل المفردات الغذائية المنوعة الصحية، بدءا من الاجبان الهولندية والحلويات السويسرية مرورا بالحرائر والتوابل الهندية وانتهاءً بالكافيار الروسي بأفخر أنواع السيجار الكوبي وبالعطور الباريسية، الى جانب الأسعار الرمزية للدور وللشقق السكنية وللسيارات الالمانية واليابانية والعلاج المجاني للمرضى بارقى المشفيات العالمية وتوفير الكراسي الكهربائية لذوي الاحتيجات الخاصة بصورة مجانية الى جانب تخصيص عاملات خدمة لرعايتهم من مختلف الدول الآسيوية، ولم يعد لدينا من الفقراء الا ما نسبته 30% في محافظات بابل والمثنى وصلاح الدين وذي قار.
أما المشاغبون الذين ما زالوا يصرون على البقاء تحت مستوى خط الفقر رغم طلبات ومناشدات والتماسات وخطط وبرامج وستراتيجيات وتوسلات المسؤولين لهم لمغادرة مواقعهم فان نسبتهم المتواضعة لا تتجاوز الــ 18% وهم رفضوا ويرفضون كل وسائل واجراءات واغراءات الحكومة للارتفاع الى ما فوق هذا الخط اللعين بهدف احراج حكومتنا الديمقراطية الثورية امام المنظمات الدولية والحد من التاييد الشعبي العارم لها خلال الانتخابات البرلمانية خدمة للمخططات والاهداف والاستهدافات الاجنبية، سيما وأن مسؤولا رفيعا سبق واكد بأن متوسط دخل الفرد لدينا في ضوء هذه الستراتيجية الانفجارية الثورية قد اصبح بحدود الاربعة آلاف دولار شهريا، وربما سيؤهلنا ذلك لنحتل المرتبة الثانية عالميا في مستوى دخول الافراد بعد سويسرا التي تسعى للتصويت على قرار لجعل الحد الادنى لابسط عامل في البلاد اربعة آلاف فرنك سويسري، اي ما يعادل (4445) دولار امريكي.
الى ذلك وفي الوقت الذي نقوم فيه بحرق تلك الكميات الهائلة من الغاز الطبيعي، بادرت الجهات المعنية وفقا لتقارير صحفية إلى عقد اتفاقية اولية مع إحدى دول الجوار لاستيراد الغاز الطبيعي بهدف توفير الوقود لتوليد الطاقة عبر انشاء خط ناقل بين الجانبين وستقوم الجهات المعنية باستيراد (25) مليون قدم مكعب من الغاز يوميا وفقا للأسعار العالمية، ويبدو أن غازنا الوطني ذا رائحة كريهة لا تتحملها انوف فرق العمل في المنشآت التصنيعية ولابد من التخلص منه بحرقه، أما الغاز المستورد فذو رائحة زكية وربما تتم معالجته ومزجه باروع العطور الباريسية وارقاها.
ومن يدري ربما سنفاجأ مستقبلا بقناني الغاز السائل التي نستوردها تحمل اسماء العطور التي نفضلها، فقنينة برائحة كرستيان ديور واخرى تفوح بشذى مدام روشة واخرى برائحة البويزن وشانيل وجفنجي والكريزي هورس وغيرها، من اجل أن تكتمل (رفاهيتنا) الاجتماعية بانواع العطور الباريسية.
وسيبقى لبعض الشعوب في حكوماتها شؤون وشجون ربما لن تختفي الى يوم يبعثون.