كتاب التَّهرب من مسؤولية التعذيب 1 – توثيق لجرائم الإحتلال الأمريكي

بدء بواسطة صائب خليل, أكتوبر 29, 2013, 02:28:39 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل


هذه مراجعة لكتاب "التهرب من مسؤولية التعذيب" ، وهو من تأليف الدكتور كرستوفر پايل، أستاذ العلوم السياسية في كلية ماونت هوليوك، وترجمة الدكتور محمد جياد الأزرقي، أستاذ الأدب واللغة العربية في كلية ماونت هوليوك. وتقع هذه المراجعة في جزئين هذا هو الأول منهما.

يقول مؤلف الكتاب، الذي يدرس مادة القانون الدستوري والحريات المدنية في كلية مونت هوليوك في ماساشوستس ، أميركا، بأن "تأليف هذا الكتاب كان يشبه ملاحقة هدف متحرك"، فعملية قنونة التعذيب والأكاذيب اللازمة لتمريرها والجرائم الناتجة عنها كانت تمثل سيلاً متصلاً من الأحداث التي يجب ملاحقتها وتوثيقها. ويتحدث المؤلف عن عدد هائل من الوثائق التي تظهر عمليات تعذيب وإهدار كرامة للمعتقلين من قبل السلطات الأمريكية في افغانستان والعراق وكوبا، وفي داخل الولايات المتحدة ذاتها، ومن بينها ما يبين أن وكالة المخابرات المركزية كانت قد اختطفت حوالي 100 شخص من المشتبه بهم وسلمتهم الى الأجهزة الأمنية في كل من مصر وسوريا والأردن والمغرب وأوزبكستان والعراق وافغانستان لغرض استجوابهم.
ويكشف المؤلف المختص بالقانون مدى خطورة الإتجاه الذي اتبعته إدارة جورج بوش لقنونة وتطبيع التعذيب وتثبيته في التشريع الأمريكي وإعطاء القوة التنفيذية المتمثلة بالرئيس ووكلائه صلاحيات غير معتادة لإنتهاك الأعراف والقوانين وحتى أسس دستور الولايات المتحدة والإتفاقات الدولية ونصوص الأمم المتحدة بهذا الشأن.
ويرفض المؤلف إرجاع تلك التجاوزات الى عدد قليل من "التفاحات الفاسدة" بين منتسبي القوات المسلحة، كما حاولت الإدارة الأمريكية أن توهم العالم في حملة علاقات عامة ضخمة، ويبرهن انها أعمال متعمدة ومخططة، واستناداً إلى هذا فهو يدعوا إلى محاكمة جورج بوش وأعوانه في الإدارة لتلك الإنتهاكات ويبين الأسس القانونية الكفيلة بإدانتهم.

ويكشف الكتاب كيف أن الجرائم الإرهابية لم تكن حقاً "حرباً شنها الأعداء على الولايات المتحدة" وإنما جريمة مماثلة لجريمة تموثي ماكفيه عام 1995، ويلمح إلى أن إظهارها بتلك الصورة المبالغة "غير المألوفة"، قد يبدو مقصوداً لتبرير الإتجاه بعيداً عن القانون، والذي عبر عنه نائب الرئيس  رچرد (ديك) چيني حينما أكد انه للرد على تلك الجريمة غير المألوفة،  "يتوجب علينا أيضا أن نلجأ الى أساليب غير مألوفة."
إن المتابع لمجريات الأحداث، خاصة في التفصيل الذي يقدمه مثل هذا الكتاب، يتوصل إلى ان إقرار تلك "الأساليب غير المألوفة" ربما كانت هي الهدف من تلك الحرب، وليست وسيلتها التي لا بد منها لهدف محاربة الإرهاب، كما يؤكد هؤلاء الساسة.



***
***

يركز المؤلف پايل على شخصيتي وزير الدفاع السابق رامسفيلد و نائب الرئيس چيني، والذي أشار إلى أنهما كانا دائماً من أشد المعارضين للحدّ من قوة السلطة التنفيذية منذ أيام نيكسون، وكشف دورهما في تحطيم المؤسسة القانونية الأمريكية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وتثبيت شرعية التعذيب وصلاحيات الرئيس إلى مدى لم تصل إليه الولايات المتحدة في اي وقت سابق.
لقد كان الإرهاب الأمريكي للعالم عملاً متعمداً، تعبر عنه مذكرة لرامسفيد تتمثل خلاصتها كما ورد في الكتاب بما يلي: "في النهاية، إذا كان علينا أن نتولى القيادة..... فيتوجب علينا أن نتصرف لنعطي الآخرين الأنطباع بأننا مجنونو العالم، القادرون على فعل ما نشاء ..... وإذا كنا نسعى لتحقيق أغراض نبيلة فيتوجب علينا في مثل هذا الحال أن نتصرف بأقسى درجات الخسة والدناءة."
ولخّص أحد مستشاري الرئيس طريقة تفكير بوش للصحفي رون سسكند بالقول: "إن أحداث العالم لا تجري كما كانت عليه بطريقة مألوفة. نحن من الآن فصاعدا قوة إمپريالية. عندما نقوم بعمل ما، فاننا نخلق الحقائق لذلك العمل". ويشير المؤلف إلى "إن مثل هذا الإصرار على الإستثناء أصبح دولابا لسياسة التعذيب." ومن ناحية أخرى فإن "خلق الحقائق" لا يعني سوى تزوير الحقائق. ويؤكد بوش ذلك بقوله صراحة: " بالنسبة لشخص في مثل موقفي عليّ ان اقوم بتكرار عمل نفس الشيء المرة تلو الأخرى، كأي صنف من الدعاية الهادفة، حتى تتبلور الحقيقة التي أريدها."
وقد كان بوش منتعشاً بسلطته المتزايدة إلى حد الدوار، فيقول للصحفي المخضرم بوب وودورد: "أنا القائد. وما من شيء يلزمني ان اشرح للآخرين لماذا اقول ما اريد أن اقول. وهذا لعمري شيء رائع ان تكون في منصب الرئيس! ربما يحتاج الآخرون أن يشرحوا ويبرروا ما يقولون. ولكنني لا أشعر بانني مدين لأي أحد بالشرح أو التبرير."

ويؤكد پايل أنه "لم يحدث أن أجاز رئيس امريكي سابق تعذيب المعتقلين ومعاملتهم بطرق غير انسانية تنتقص من كرامتهم في مواقف لا حول لهم فيها ولا قوة" قبل إدارة بوش، مشيراً إلى ان "الإرهاب، مثله مثل الشيوعية، قد أصبح شعارا يسهل على السياسيين التلويح به قصد اثارة الخوف وإرباك الناس حتى لا يركنوا الى استعمال المنطق. فالحرب على الإرهاب ليس لها أول ولا آخر، وان رفع درجة الخوف من الإرهاب سيمكن السلطات الرسمية من التوسع في عملياتها السرية لتصفية "الأعداء" بدون مراقبة او حساب".
وقد كلفت إدارة بوش مجموعة من القانونيين المنعدمي الضمير لتبرير انتهاكهم للحقوق الدستورية للمواطنين وأشهرهم جون يو ألذي قدم مشورات قانونية عديدة تهدف إلى إعطاء صلاحيات دكتاتورية للرئيس الأمريكي وحماية عمليات التعذيب. إحدى تلك المشورات تقضي بأن الرئيس "من حقه ان يُعلن الحرب على أية حكومة أو منظمة خاصة في أي وقت وفي أي مكان من العالم"، حتى إن لم يكن لها علاقة بهجمات 11 أيلول. ووفقا لتبريرات جون يو، فإن بأمكان الرئيس ارسال وحدات من القوات الخاصة لوكالة المخابرات الأمريكية لقتل اعضاء اية منظمة ارهابية او اعتقالهم، في اي مكان في العالم، وبضمنها الأراضي الأمريكية، وأن من حق الرئيس إبطال مفعول المادة الرابعة المعدلة من الدستور التي تحمي حقوق المواطنين ومنها حق اي معتقل في طلب "لائحة اتهام". كذلك وسع يو تفسير تفويضات الكونغرس للرئيس ليشرح أنها تشمل "السلطة لمراقبة الإتصالات الهاتفية والألكترونية للمواطنين الأمريكيين دون ترخيص من المحاكم". واستخدم يو وفريق محامي بوش العبارات اللغوية لتجاوز القوانين المختلفة، مثلاً "لأن الأمر هنا هو حرب وليس فرضا للقانون"، أو قوله "لماذا يجد البعض من الناس صعوبة في فهم أن القانون لا يغطي جميع انواع السلوك البشري؟"
وصف الصحفي انتوني لويس مذكرة قانونية بالقول "إنها تشبه النصيحة التي يقدمها محام لأعضاء المافيا عن كيفية الإلتفاف على القانون لكي يتحاشوا دخول السجن."

وعبر المدعي العام جون آشكروفت عن العقلية التي تسود البيت الأبيض بالقول: "إن المهمة الأساسية لقوى الأمن في البلد هو أن تجهض أية محاولة إرهابية أخرى وتلقي القبض على كل من يساهم فيها أو يدعمها. واذا لم يكن من الممكن ان نحيلهم الى المحاكم، فالأمر لا يهم."
وفي نفس الإتجاه دعى رچارد پرل الشعب الأمريكي إلى ان يتفهم أن هناك حدود للإيمان بحكم القانون! ولنفس الغرض قام ديك چيني بابتداع محاكم عسكرية من نوع جديد، يسمح للرئيس بخلقها دون موافقة الكونغرس (كما يشترط الدستور الأمريكي)، و لا تسمح بتقديم الإعترافات التي يُستحصَل عليها عن طريق التعذيب فقط، بل تسمح أيضاً بعدم الإفصاح عن الأدلة، وجعل قراراتها غير قابلة للتمييز أمام المحاكم المدنية، كما هو بالنسبة للمحاكم العسكرية العرفية.
ويذكر التصرف الأمريكي بفترة في القرون الوسطى، كان يُطلق على شخص ما صفة "خارج على القانون" في انگلترا، ولم يكن للخارجين على القانون أية حقوق، ويمكن تصفيتهم بلا مساءلة.
وبين المؤلف أن بعض نصوص القوانين المدنية التي تم التجاوز عليها، لها تاريخ يعود إلى القرن التاسع عشر وقبله، وحتى القرن الثالث عشر، مذكرا ً أن الرئيس الأمريكي ترومان اصر على ان يحاكم النازيين بمحكمة نظامية.

ومن الربط بين الحرص على تجاوز القانون من خلال المحاكم الخاصة، وقنونة استعمال التعذيب، مع معرفة مسبقة بأن الإعترافات الناتجة عن التعذيب قليلة المصداقية، نستنتج أن حكومة بوش لم تكن تهدف في حقيقة الأمر من كل ذلك إلى معرفة الحقائق، بل إلى تحقيق الإعتراف "بحقائق" محددة مسبقاً، ومناسبة لتسويق موقف سياسي يبرر الحروب المطلوبة من قبل تلك الإدارة. كما حدث مع الليبي الذي اعترف تحت التعذيب بزيارة وهمية للعراق وتحدث عن أسلحة كيمياوية وبايولوجية غير موجودة، واستعمل كولن باول تلك "الحقائق" لخداع مجلس الأمن.

ويشرح مؤلف الكتاب عدداً من الحالات التي تم اتهام الأبرياء فيها بالإرهاب وتم تعذيبهم بمختلف الوسائل التي تسببت في مقتل البعض منهم. ومن خلال النصائح القانونية والقوانين الجديدة والتصريحات الرئاسية، تم توفير الحماية للمحققين، لغرض تشجيعهم على استعمال شتى أساليب التعذيب الممنوعة مع المعتقلين. ولنفس الغرض استعملت مختلف الوسائل لحرمان المتهمين من حقوقهم في الحصول على محام، وتم الكذب عليهم بشأن حقوقهم وتقويض ثقتهم بمحاميهم فقيل أحياناً للمعتقلين المسلمين ان محاميهم يهود، كما منع هؤلاء من زيارة موكليهم فترات مطولة، واحياناً يتم اختيار موعد المحاكمة لتكون عند ذكرى 11 سبتمبر.

ويبين الكتاب من خلال التفاصيل الكثيرة أن إدارة بوش ومحاموها قد عاملوا الدستور والقانون كما يفعل "الرجل السيء" الذي يعتبر القانون مشكلة يجب البحث عن مخرج منها، والبحث عن "الحفر المظلمة" التي لا يطالها القانون ولا تصلها المنظمات الإنسانية، مثل سفن في منتصف المحيطات أو قاعدة كوانتانامو أوالبلدان التي تنتهك حقوق الإنسان. وأوضحت الأمثلة الموثقة بأن المسؤولين الحكوميين الذين كانوا يعترضون على ما يجري، يتم وابعادهم عن وظائفهم وتهديدهم بالتحقيق الجنائي وحرمانهم العمل حتى في القطاع الخاص.
وكثيراً ما يتورط المحققون مع متهمين يتبين لهم براءتهم، وبدلاً من إطلاق سراحهم فإنهم يزيدون قسوة تعذيبهم لإجبارهم على تقديم اعترافات لتبرير قبضهم عليهم أمام الرأي العام! وكثرما يتم الإتفاق معهم على الإعتراف بتهمة مخففة للتخلص من الورطة.
وكمثال على الخداع المتعمد التي اتبعته إدارة بوش لإثارة الذعر الكاذب لدى الشعب الأمريكي، يورد المؤلف ما يلي: في شهر يناير من عام 2002 عندما سيق السجناء ببدلاتهم البرتقالية اللون الى أقفاصهم في گوانتانامو، إدعى رامسفيلد بانهم "من أخطر القتلة الشرسين المدربين على وجه الأرض." وأيده قائد العمليات الموحدة الجنرال رچارد مايرز بأنه بإمكانهم "أن يقرضوا خطوط الهايدروليك في سقف طائرة سي17 ليسقطوها ويدمروها." غير انه حين طلب البرتو گونزاليز من البنتاغون اعداد صفحة واحدة لاتهام كل من السجناء الجدد، سارع الپنتاغون بالرد انه ليس عندهم معلومات كافية عن معظم السجناء لكي يقوموا باتهامهم ولو أمام محكمة عسكرية لا تراعي أدلة الإتهام! حيث تبين أن معظم هؤلاء من الأبرياء من "ضحايا اللحظة" الخطأ، أو "سجناء من نوع ميكي ماوس"، وإن الأدلة التي تبرر اعتقالهم ينتظر أن يتم الحصول عليها من السجناء ذاتهم!

ويلاحظ المؤالف أن وسائل التعذيب التي سعت الإدارة الأمريكية إلى شرعنتها ونجحت في معظم الحالات، هي نفس الوسائل التي طالما استنكرت بشاعتها عندما استعملها الجيش الأمبراطوري الياباني لتعذيب السجناء الأمريكيين في الحرب العالمية الثانية بعد أن أطلق عليهم مسمى "المحاربون." أو ضد الطيارين الأمريكان الأسرى في فيتنام الشمالية.

لقد اعتبر القانون الأمريكي أن خرق معاهدات جنيف يُعتبر جريمة فدرالية يُعاقب مرتكبوها من قبل المحاكم العسكرية والمدنية، ونص الدستور على أن المعاهدات "قوانين ذات أهمية حيوية للبلد"، لكن ذلك ليس مشكلة. فقد وزع جي بايبي، رئيس دائرة الإستشارات القانونية، مذكرة أكد فيها أن الرئيس "يتمتع بسلطة دستورية مطلقة لتعليق التزاماتنا بمعاهدات جنيف قدر تعلق الأمر بأفغانستان طيلة فترة الحرب."
أعلن بوش إن كل من يُشكُّ بانتمائه الى القاعدة لا تنطبق عليه حقوق الحماية كأسير حرب أو كمدني (كما جاءت به الفقرة 3 من معاهدة جنيف الرابعة). وقال گونزاليز بأن نصوص معاهدة جنيف "لا تسري على القاعدة وطالبان". ويقارن المؤلف ذلك مع وزير الدفاع في حكومة هتلر، الفيلد مارشال فلهلم كيتل عندما رفض اعتبار الجنود السوفيت الذين اُلقي القبض عليهم في الجبهة الشرقية أسرى حرب. فمعاهدات هيگ وجنيف، برأي كيتل ليست إلا "بقايا بالية من تقاليد حروب فرسان القرون الوسطى" ولا تصلح "لصراعنا حتى الموت لأجل تدمير الإرهاب الپلشفي." وقد اُدين كيتل في محاكمات نورمبورگ، واُعدم شنقا كمجرم حرب.

وفي الفصل الثاني يصطحبنا المؤلف في رحلة في تاريخ بريطانيا والمستوطنات الأمريكية وكيفية تكوين مبادئ الدستور. ثم يعكف على استقصاء أمثلة موثقة عن تحول الجنود الأمريكان تحت ضغط ظروف الحرب و غياب التعليمات المحددة، إلى وحوش بشرية لم تعد تؤدي التعذيب من اجل الحصول على المعلومات بل وفي الكثير من الأحيان لمجرد التسلية وإزالة الضجر، حتى بعد التأكد من براءة المتهم أحياناً! ويشير إلى حالات التعذيب التي كانت تمارس في المعتقلات في العراق وافغانستان بالذات، والتي كثرما قتل السجناء تحت ممارستها، كما حدث اثناء عملية تعذيب يمارسها الإسرائيليون ويسمونها "الشنق الفلسطيني"، ورغم حرص السجانين على عدم قتل السجين أثناء تعذيبه، للتهرب من المسؤولية.

وعن أبو غريب، يورد المؤلف ايضاً حالات كثيرة عن ممارسة إهانة السجين مثل إجباره على شتم دينه وإبداء الشكر للمسيح أو تغطية وجهه بالعلم الإسرائيلي . وأوردت إحدى منتسبات مكتب التحقيقات الفدرالي انها شاهدت جندية وهي تمسك بعضو احد السجناء العراة بيد، بينما كانت تلطخ بيدها الأخرى وجه السجين بدم إدّعت انه من عادتها الشهرية "الطمث". وتحدث عن مشاهدات لمساجين يتكورون على الارض بوضع جنيني، بلا  ماء ولا طعام. في أكثر الحالات كانوا يتبولون ويتغوطون وهم في ذلك الوضع، وعن نهش الكلاب للمعتقلين أو تخويفهم بهم لأغراض التحقيق أو لمجرد التسلية ، حيث يتراهنون "أيهم يقدر أن يجعل عدد المعتقلين الذي يتبول على نفسه أكثر من الآخر."، أو يكسروا الفوانيس ويصبوا السائل الفسفوري على المعتقلين، أو اغتصاب المعتقلين باستخدام ذراع مكنسة.

ويشير الكتاب إلى صور أبو غريب ويبين بالإقتباسات كيف أن رامسفيلد لم يكن مهتماً بالحقيقة وإنما بمشكلة نشرها. وقال أن الصور التي لم تـُنشر كانت هي الأصعب، وفيها كان سجين قد تـُرك وهو على وشك أن يلفظ انفاسه الأخيرة، وأخرى وهم يغتصبون امرأة وثالثة لهم وهم يرفسون جثة سجين ميت. كما كان هناك شريط فديو يظهر فيه حراس السجن وهم يغتصبون أولادا عراقيين." ويتذكر الجنرال تاگوبا الذي اجرى أول تحقيق انه شاهد شريط فديو يظهر فيه جندي أمريكي وهو يغتصب سجينة عراقية من دبرها!
وبعد أبو غريب لم يتغير الحال، فكتب توني لوگرانيس: "كنا نخرج للقيام بغاراتنا ونبقى في بيوت المعتقلين ونعذبهم هناك على مرأى من افراد عوائلهم. كان ما نقوم به أسوأ مما شاهدته داخل السجن. كنا نكسرعظامهم ونهشم اقدامهم برؤوس الفؤوس التي نحملها معنا. قمنا بإحراق البعض. "

ثم يبحث الكتاب في سياسة الإختطاف إبتداءاً من إدارة ريكان ثم بوش الأب وكلنتون والإبن، وإرسال السجناء لتعذيبهم في الدول الأخرى، ويناقش مخالفتها الجرمية للقانون. ويتطرق بعد ذلك إلى أساليب التهرب من الحساب القانوني، وإخفاء معالم الجريمة وإتلاف الدلائل وسد الطريق في وجه العدالة.

خصص المؤلف الفصل السادس لـ "مجرمي الحرب" من الإدارة الأمريكية، ووضع الأسس القانونية لإدانتهم بادئا  بـ چيني ورامسفيلد، ثم عموم القيادة السياسية والعسكرية ووكالة المخابرات المركزية وبين كيفية اتهام حتى المحامين الذين برروا التعذيب وعملوا على حماية مرتكبيه، وأخيراً إدانة الرئيس بوش كمجرم حرب.

في كل فصوله، فإن الكتاب مدعم بالمصادر في كل إدعاء يشير إليه، كما أنه ثري بالمراجعات التاريخية للظواهر المختلفة التي يتناولها، وكذلك المقارنات الذكية مع اعضاء حكومة هتلر النازية. وفي تحليلاته التخصصية يكشف زيف تبريرات محامي إدارة بوش لإرتكاب تلك الجرائم ومدى مسؤوليتهم عنها.
الكتاب بما فيه من معلومات موثقة، مرجع لا يقدر بثمن لمن يريد أن يعرف المدى الذي ذهبت إليه الإدارة الأمريكية في زمن بوش في جرائمها وقسوتها المتعمدة ضد شعوب الدول التي احتلتها، وهو مهم جداً أيضاً لمن يريد أن يفهم كيف تجري الأمور عند صناع القرار الأمريكي، وكيف وإلى أي مدى يتم التلاعب بالقانون وأساليب التخلص منه. وأخيرا الكتاب قيم بشكل خاص للكتاب الذين يكتبون في الشأن الأمريكي والعراقي ، وللمواطن العراقي الذي مايزال يجري استغفاله من قبل عديمي الضمير من الكتاب والساسة، بالحديث عن الصداقة الأمريكية والتحرير الأمريكي والحضارة الأمريكية والديمقراطية الأمريكية، خاصة في موسم الإنتخابات والحج السياسي إلى أميركا الذي يصادف هذه الأيام.

ركزنا في هذا الجزء على المعلومات الموثقة التي وردت في الكتاب، وفي الجزء الثاني من المقالة سنتناول تحليل المؤلف لظاهرة التعذيب وأثره كمفهوم على البلاد وتحليله لمواقف الكونغرس وسلطته التشريعية ومواقف الدول الضحية وأخيرا عن سبيل استعادة القانون لسلطته التي فقد الكثير منها في أميركا، وفق المؤلف.

مصادر أخرى حول نفس الموضوع:
▶ - Getting away with torture YouTube
http://www.youtube.com/watch?v=FJCRZevA_I8
Human rights watch Report :Getting away with torture
http://www.hrw.org/sites/default/files/reports/us0711webwcover.pdf