مشاكسة نمــاذج انتخابيــــة / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أكتوبر 04, 2013, 06:09:34 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
نمــاذج انتخابيــــة



مال اللــه فــرج
malalah_faraj@yahoo.com


كثيرة ومثيرة هي نماذج التصرفات العجيبة الغريبة لبعض مرشحي انتخابات البرلمان في هذا الزمان ' واذا كان من الصعوبة حصر جميع الاشكال الالوان التي زخرت بها الحملات الدعائية فأننا سنكتفي بثلاثة نماذج ميدانية.
اولى النماذج لمرشح فاضل ' يبدو انه نسي  أو تناسى ' وربما يجهل ان البرلماني ضمن جميع القيم والمفاهيم والدساتير البرلمانية انما ينهض بواحدة من انبل واسمى المهام التاريخية ممثلة بقدسية تمثيله المباشر للشعب كله ودفاعه عن مصالح الشعب كله وتحقيق المنافع للشعب كله وسن القوانين والتشريعات التي تضمن حقوق ومصالح الشعب كله وانه طبقا لذلك يجب ان يكون ممثلا وخادما للشعب كله بعيدا عن اي شكل من اشكال التعصب الديني او السياسي او الطائفي او القومي او المذهبي او المناطقي ' واذا بذلك المرشح الفاضل سمح لنفسه بالقفز فوق كل هذه الحقائق والاعتبارات معلنا بفروسية (نقابية) بانه في حالة فوزه ودخوله البرلمان فانه سيدافع عن شريحة المعلمين وسيتبنى حقوقهم ومصالحهم '  ما يعني بأنه لا علاقة له ببقية شرائح المجتمع و بحقوقهم وبمطاليبهم وباحتياجاتهم.
ان تلك (النقابية الثورية) المتطرفة والمنغلقة على نفسها لو تم تعميمها والعمل بها فانها من المؤكد ستكون اللحد الذي سوف تدفن في دهاليزه المظلمة كل القيم الديمقراطية التي ناضلت الانسانية من اجلها قرونا طوال وقدمت في سبيلها اغلى التضحيات ' اذ ما قيمة الانتخابات وما جدواها اذا كان كل مرشح سيكتفي بتمثيل شريحته الاجتماعية او المهنية ' او دينه او قوميته او طائفته او عشيرته' وعند ذاك يتحول البرلمان من العملية الانتخابية الى العملية التمثيلية ' اي ان يختار المعلمون من يمثلهم وكذلك العمال والفلاحون والمهندسون والاطباء والصحفيون واساتذة الجامعات والجزارون وباعة الخضروالفواكه واصحاب محطات تعبئة الوقود والفلاحون والعتالون والشحاذون وبقية شرائح المجتمع وقومياته واطيافه ولتذهب الانتخابات الديمقراطية الى الجحيم , فاي تفكير هذا واي وعي سياسي واية كفاءة برلمانية هذه ؟
اما النموذج الثاني فقد كان لمرشحة فاضلة قفزت بجرأتها الثورية فوق كل اساليب الدعاية الانتخابية ربما انطلاقا من ثقتها المطلقة بنفسها او من ايمانها بان فوزها بات محسوما وبالتالي فانها ليست بحاجة لتلك الدعاية .
وفي الوقت الذي يتسابق فيه المرشحون في جميع انحاء العالم لزيارة القطاعات الشعبية والاحياء الفقيرة واللقاء بالجماهير الغفيرة عبر المناظرات التلفازية والندوات الجماهيرية لايضاح برامج عملهم وخططهم البرلمانية واستعراض مهاراتهم وكفاءاتهم السياسية والاعلامية وقدرتهم على الاقناع والتصدي لمختلف المعضلات لاستقطاب الاصوات ومخاطبة حتى الناخب الواحد في ابعد منطقة ' بيد ان تلك المرشحة الفاضلة قاطعت حضور تجمع نخبوي كبير اعدت له بكفاءة عالية الجهة التي رشحتها وهي ترفع على مسرح ذلك اللقاء الجماهيري صورة ملونة كبيرة لمرشحتها ربما تجاوز طولها الثلاثة امتار ومع ذلك قاطعت بمنتهى الشجاعة الادبية والثقة بالنفس ذلك التجمع مما وضع الجهة المرشحة لها في دائرة الاحراج والشكوك. 
فمنهم من عزا غيابها الى عدم الثقة بالنفس وبالتالي عدم قدرتها على محاورة الحاضرين ' ومنهم من ادعى عدم امتلاكها لبرنامج عمل برلماني واضح  ومقنع  وبالتالي فليس لديها ما تقوله , ومنهم من عد ذلك تكبرا وترفعا ' ومنهم من رأى في غيابها اهانة للحاضرين وعدم احترامها لحضورهم ولاصواتهم فكيف يمنح الناخبون اصواتهم لمن لم يحترم حضورهم؟
وبغض النظر عن الاسباب الكامنة وراء ذلك التصرف غير المنطقي يبقى السؤال الاهم متى سيتعلم البعض احترام مواعيدهم وقدسية حضور الاخرين لمثل هذه الفعاليات بالاخص وانهم هم من بحاجة لهذا الحضور وليس العكس ' وان كان وقت تلك المرشحة الفاضلة لا يتسع للقائها بقاعدتها الجماهيرية لماذا لم تتنازل عن ترشيح نفسها لمن تستطيع ان تقوم بهذا الواجب وتحترمه؟ ثم ان من يستهين باناس جاءوا لاجله ويترفع عن لقائهم هل نتوقع ان يتبنى قضاياهم داخل البرلمان ويدافع عنهم ؟
اما النموذج الثالث فقد عمد في دعايته الانتخابية الى توظيف ذكائه الميداني من خلال السعي لتقليد شخصية قيادية دولية معروفة اثارت اعمق مشاعر الاعجاب والاعتزاز في مشارق الارض ومغاربها , تلك هي شخصية رئيس الاورغواي (خوسيه موخيكا) الذي تبرع بــ 90% من راتبه الرئاسي البالغ اثنا عشر الفا وخمسمائة دولار' لصالح الفقراء والمسحوقين مكتفيا من راتبه الرئاسي بمبلغ الف ومائتين وخمسين دولارا فقط ' في حين ادعى المرشح الفاضل خلال حملته الدعائية الانتخابية (كما نقل لي احد الزملاء) بانه سيتبرع عند فوزه (بنسبة) من راتبه البرلماني لدعم الفقراء والمحتاجين دون ان يحدد مبلغ الدعم ' وكأنه بذلك يراهن ليس على عواطف ومشاعر واحاسيس الفقراء (ان كان ذلك صحيحا) ' بل انه من حيث لا يدري انما كان يراهن على (غباء الناخبين ) وعذرا للناخبين جميعا لان ذكاءهم ارقى وابلغ واعمق وانضج واوسع من افتراضات البعض ' ولو كان ذلك الناخب الجليل صادقا وجادا فعلا لحدد نسبة الراتب التي سوف يتبرع بها ' اذ ربما وفق توقعات وتندرات البعض لن يتجاوز مبلغ التبرع الدولار الواحد او الدولارين شهريا او حتى الالف دولار فهل سيحل مثل هذا المبلغ المتواضع مشاكل وازمات ومعاناة الفقراء والمعدمين ؟؟؟ ام ان الامر يتطلب معالجات قانونية داخل اروقة البرلمان لانصاف الفقراء والمحتاجين في كل مكان ؟
على اية حال انني لا اشكك بنزاهة وجدية وكفاءة ونبل اي مرشح ' انما اؤكد هنا ان الدعاية الانتخابية المؤثرة هي تلك التي تؤمن بوعي الناخب وتخاطب ذكائه' وبالتالي تراهن على الذكاء وليس على السذاجة والغباء.