لمحة عن قبور البيض ( القحطانية )

بدء بواسطة almahaba, أبريل 29, 2011, 04:57:14 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

almahaba

لمحة عن قبور البيض ( القحطانية )


من إعداد الملفونو الياس ملكي يوحانون نائب رئيس المجلس الملي في القحطانية (يومئذ) / سوريا

" القحطانية بلدة مباركة منحها الله كهنة أفاضل ناجحين ومجالس ملية ناجحة يعملون بصمت وهدوء دون ضجيج إعلامي ويفاجئونني بأعمالهم الناجحة . "

بهذه الكلمات الرائعة تحدث سيدنا المطران مار اسطاثيوس متى روهم أمام قداسة سيدنا البطريرك المعظم مار اغناطيوس زكا الأول عيواص يوم الخميس 17/8/2000م يوم تقديس كنيسة العذراء بالقحطانية ، فرد قداسته ليبارك الرب القحطانية وشعبها وكهنتها ومجالسها .

إذا كانت أبرشية الجزيرة والفرات تاج أبرشيات السريان في العالم حاليا ً فإن القحطانية تعتبر بحق درة ماسية في هذا التاج ، القحطانية معروفة في الأبرشية بالهدوء والطاعة والتواضع , تحل خلافاتها ضمن مؤسساتها الكنسية ولم تعرض أي مشكلة حتى اليوم على مطران الأبرشية وهذا معروف ويذكره سيدنا المطران في كل زياراته للبلدة ( لم أتلقى أية شكوى أو مشكلة من القحطانية منذ رسامتي مطرانا ً ) وهكذا كانت في السابق .

بدأتْ القحطانية كقرية صغيرة في العام 1926 م ومع بدايتها سكنها السريان وبنوا كنيستها الأولى والصغيرة باسم السيدة العذراء عام 1928م وافتتحوا مدرسة ابتدائية خاصة باسم مدرسة الجلاء عام 1933م.

القحطانية نستطيع أن نقول إنها صورة مُصغرة عن طور عبدين كونها تضم أسر وعائلات من جميع قرى طور عبدين , سكنتها في السابق عائلات أرمنية وآشورية ( يقال سكنتها أكثر من سبعين عائلة أرمنية وكان لهم مدرسة خاصة في الخمسينات ) لكنها اليوم سريانية أرثوذكسية خالصة باستثناء عائلتين أرمنيتين لكن الأهالي لا يعتبرونهم أرمن بل سريان وأخوة وأشقاء تماما ً.

القحطانية التي تعتبر قرية كبيرة من ناحية العلاقات الاجتماعية التي تربط سكانها وحتى عندما أصبحتْ ناحية وبلدة بالعرف الإداري بقيتْ عائلاتها مُحافظة على نفس العلاقات , الكل يعرف بعضه البعض ، الكل يشارك في الأفراح والأحزان ، الكل يُخاطب بعضه البعض بالأسماء والألقاب والأنساب ، وسريان القحطانية معروفون بعلاقاتهم الاجتماعية المتينة مع العرب والأكراد واليزيديين وذلك منذ نشوء البلدة وحتى اليوم يعيشون في وحدة وطنية متينة .   

وقبور البيض معروفة بكروم العنب التي كانت تحيط بها من جهتي الشمال والجنوب وكان يخترقها نهر الجراح المرعب في فصل الشتاء , وكل ذاك زال اليوم و حيث تحولتْ الكروم إلى أراضي سكنية وأحياء شعبية .

في أزقتها تشم روائح تراب وأديرة وكنائس طور عبدين , بيوتها كانت ولا يزال القسم الكبير منها مبنية من اللبن ( الطين ) والخشب . حافظت على عاداتها وتقاليدها وطقوسها المتوارثة عن الآباء والأجداد في طورعبدين .

في فصل الصيف تحيط بها  بيادر القش ، ينام أهلها على سطوح المنازل هرباً من حر القيظ , ويستيقظون على صياح الديكة وثغاء الأغنام والماعز التي يقودها إلى المراعي  الراعي ( كاسينو ) الذي كان معروفا ًمع زوجته هلالي وابنه عمر للجميع بتواضعهم ومحبتهم وإخلاصهم .

و في فصل الشتاء حيث تُفتح المدارس أبوابها فتمتلئ البلدة بالطلاب القادمين من القرى وترى في كل بيت طلاب مستأجرين ، هذا غير المعلمين القادمين من الساحل والداخل الذين يعلمون ويدرّسون في مدارسها الخاصة والحكومية .
القحطانية التي تتميز بالقرى السريانية التي تُحيط بها وتتحلق حولها كالنجوم التي تتحلق حول القمر, فإذا بدأنا من الجنوب فالشرق فالشمال فالغرب , فهذه قرية كرشيران وفيها دير مار أوكين ثم قرية غردوكة وكنيستها مار ملكي القلوزمي ثم قرية قصروك وكنيستها مار شمعون الزيتوني ثم قرية سليمان ساري وكنيستها مار آحو ثم قرية دريجيك وكنيستها مار جرجس ثم قرية ملعباس والشلهومية وكنيستها العذراء ثم قرية زورافا والروتان ومحركان وكنيستها مار جرجس ثم قرية كر شامو وكنيستها مار قرياقس وأمه يوليطي ثم قرية خويتلة السفلى وكنيستها مار ديميط ثم قرية تل جهان وكنيستها السيدة العذراء .

اللغة السريانية لغة القحطانية :

القحطانية ، منذ وجودها ووجود السريان فيها ، لغتها هي السريانية في البيت والكنيسة والمدرسة والسوق . حافظ سكان البلدة على لغتهم السريانية في الكنيسة والمدرسة الخاصة مدرسة الجلاء التي كانت موجودة من عام 1933 إلى 1967م وبعد إغلاق المدرسة واصلت المؤسسات الكنسية والكهنة والمجالس الملية ولجنة التعليم الديني ثم مراكز التربية الدينية من العام 1968 وحتى اليوم على فتح المدرسة الصيفية لتعليم اللغة السريانية والطقس الكنسي بدون انقطاع , هذا عدا عن دورات تعليم اللغة السريانية للكبار على مدار السنة وخاصة في فصل الشتاء .

السريان في القحطانية يتحدثون اللغة السريانية بطلاقة في البيت والكنيسة , الصلوات و القداديس  والمواعظ والكلمات كلها بالسريانية . وبكل فخر نقول القحطانية هي البلدة الوحيدة في العالم حاليا ً التي يتحدث مسيحييها اللغة السريانية . يسميها سيدنا المطران متى روهم إحدى قرى طورعبدين ( عندما ذكر ذلك الأب الخوري سمعان عيسى لقداسة سيدنا البطريرك المعظم مار اغناطيوس زكا الأول عيواص  ابتسم قداسته وأجاب سواء كنا في القحطانية أو في طور عبدين فنحن في أرض بيث نهرين )

القحطانية التي كانت قرية كبيرة في العام 1969م سُميت ناحية , وما أن أطل عام 1975م حتى توسعت هذه البلدة الصغيرة توسعا ً هائلا ً وسريعا ً حيث أصبح في البلدة سبعة أحياء هي الثورة والجولان والجهاد وتشرين وكرداهول إضافة إلى حي القادسية والفردوس القديمين . وازدادت العائلات السريانية بشكل مضاعف تقريبا ً حيث سكن البلدة أهالي القرى السريانية المحيطة بها وبدأ السكان بشراء وإعمار حي الجولان ( الثكنة ) ومساحته /6/ هكتارات وخلاصة القول إن كل عائلة في الريف أصبح لها بيت في القحطانية وبقيتْ الأوضاع على ما هي عليه حتى أطل العام 1986 م وهبت معه رياح الهجرة القاتلة ....

رياح الهجرة القاتلة :

... رياح الهجرة القاتلة والمميتة إلى أوروبا , فهاج الناس وماجوا وبدؤوا ببيع كل ما يملكون  وبدأ نزيف الهجرة حتى خفَّ وتوقف في العام 1997م حيث هاجر أكثر من نصف سكان البلدة بالتمام والكمال , وما إن توقفتْ الهجرة إلى الخارج بسبب التكاليف حتى هبتْ رياح هجرةٍ من نوع آخر إلى أين ؟؟ , إلى القامشلي على بعد /28/ كم فقط. لقد هاجرتْ أكثر من /200/ عائلة من العوائل السريانية من البلدة منذ منتصف العام 1986م ولغاية 1999م والأرقام موّثقة . أما الهجرة العجيبة الغريبة والمحيرة هي الهجرة إلى القامشلي وحسب إحصائيات المجلس الملي الموثقة هاجر منذ العام 1997 ولغاية 2007 إلى القامشلي أكثر من 80 عائلة والمثل يقول ضربتان بالرأس توجع وبالمختصر كان في القحطانية قبل عام 1986 - /490/ عائلة  , وكان في القحطانية حتى العام 1997 / 335/ عائلة ، واليوم بقى في البلدة/ 248/ وهناك ملاحظة وهي : المقصود بالعوائل هي البيوت وقد يسكن في كل بيت أكثر من عائلة أب وابن متزوج أو أخوان متزوجان وأكثر وهكذا .. الخ...

في تشرين الأول  عام 2003م سألتُ رجلا ًمن عائلة مسوح في مرمريتا عن بيته وأرضه فقال : " نحن في هذه الأرض منذ /400/ سنة وجد والدي وجدي ووالدي وأنا وولدي وأحفادي ولدنا جميعا في هذا البيت ". وسألت نفسي خلال مئة سنة أين سكن أجدادي وأعمامي ووالدي ونحن وأولادنا  فكان الجواب سبع مناطق وأماكن مختلفة .

مؤسسات الطائفة السريانية الأرثوذكسية العامرة في القحطانية :

القحطانية تعتز وتفتخر بمؤسساتها الكنسية ففيها المجلس الملي الذي تأسس بتاريخ 17/1/1964م

وتتبعه تسع لجان عاملة وهي :

1- لجنة البر والإحسان

2- مركز التربية الدينية

3- لجنة السيدات

4- الفوج الكشفي الرابع

5- لجنة مساعدة الطالب الجامعي

6- لجنة مار آسيا الحكيم لمساعدة المرضى

7- اللجنة الرياضية

8- اللجنة الإعلامية

9- لجنة سيمثا لإحياء التراث .

الكل يعمل بإيمان وصمت وهدوء ونظام وكأنها خلية نحل لا تهدأ ليل نهار , حيث تُقام الاحتفالات الدينية وأعياد القديسين والمهرجانات مثل مهرجان مار أفرام السريان الذي تجاوز المهرجان العاشر واحتفالية يوم انتقال الخوري سليمان حنو الذي سمي يوم للثقافة والتراث السرياني والاحتفال بتخرج طلاب المعاهد والجامعات والشهادتين الإعدادية والثانوية والاحتفال بانتهاء المدرسة الصيفية لتعليم اللغة السريانية والطقس الكنسي والمناولات والمخيمات واللقاءات ومتابعة كافة النشاطات والفعاليات وتوثيقها على شبكة الانترنيت وإصدار الكراريس والمنشورات في المناسبات الدينية والمساهمة والمشاركة والحضور في كل النشاطات التي تقوم بها المؤسسات الكنسية في أبرشية الجزيرة والفرات . ( لكل لجنة بالقحطانية أنشطة خاصة بها وقد يضيق المكان بذكرها بالتفصيل ) .

إن الهدف واحد خدمة البلدة والكنيسة والمؤمنين . من هذه المؤسسات تخرج الكاهنان الفاضلان اللذان يشار إليهما بالبنان الأب الخوري سمعان عيسى والأب القسيس حبيب حبصون عيسى وثلاث رهبان أفاضل وأربع طلاب إكليريكين  وراهبة واحدة . ومؤسسات الكنيسة استطاعتْ أن تبني جسور تواصل وعلاقات مع أبناء وأهل القحطانية في المهجر الذين يفتخرون بأنهم أبناء القحطانية , وهؤلاء لم يبخلوا يوما على بلدتهم وكنيستهم بالدعم المادي والمعنوي .

أما جغرافياً إن تحدثنا عن القحطانية فنقول : تقع إلى الشرق من مدينة القامشلي وعلى بعد / 30 / كم ، يخترقها طريق عام القامشلي - المالكية يتفرع منها جنوباً طريق معبدة ماراً بمخفر شرطة طويل حتى الخط السياسي على الحدود العراقية , وتقع فيها محطة فرعية لقطار الشرق السريع حلب – الموصل وبناء المحطة مبني على الطراز الفرنسي , أنشئت في المحطة مؤخراً صويمعات لتخزين الحبوب . يطل عليها شمالاً جبل الأزل ( إيزلا ) . تجاور بلدة القحطانية ثلاث سدود هي : مزكفت و الجوادية وباب الحديد .وهذا ما جعلها تنعم بمناخ لطيف وهواء عليل يميزها عن باقي المناطق المجاورة , ناهيك عن مناظرها الخلابة التي تستهوي المصطافين في فصلي الربيع والصيف وهذا ما حذا بوزارة الداخلية أن تصنفها في عداد مناطق الاصطياف في محافظة الحسكة بالقرار رقم / 685/م لعام 1994.

تاريخية قبور البيض " مأخوذة عن كتاب " السريان في أبرشية الجزيرة والفرات " للأرخدياقون لحدو اسحق  إضافة إلى بعض تعليقات الملفونو الياس يوحانون :

كان يملك عقارات قبور البيض قبل عام 1915م وبموجب إسناد تمليك عثمانية الشماس ملكي جرجس من أسرة آل شاموشو المدياتية التي قضى الفرمان على جميع أفرادها , وعندما أصبحتْ سوريا تحت سلطات الانتداب تجاوزت فرنسا حقوق المالكين خلافاً لكل الأسناد القديمة , وسجلت الأراضي بأسماء آخرين حماية لمصالحها الخاصة في المنطقة .

ـ  اسمها : كانت القحطانية قرية صغيرة دُعيتْ بقبور البيض , ودعاها السريان ( قبري حوري ) ܩܒܪܶܐ ܚܶܘܪ̈ܐ وهي ترجمة حرفية للتسمية العربية , وهكذا أيضاً ترجمت إلى الكردية ( تربة سبي ) , وأغلب الظن أنها دعيت هكذا لأن أضرحتها الواقعة على قارعة الطريق كانت مطلية بالكلس الأبيض , وكانت بمثابة نقطة علام للمسافرين وعلى مر الزمان تميزتْ لدى الجميع بهذا الاسم .

ومنذ عهد قريب سميت بالقحطانية تيمناً بقحطان الذي يعتبر الجد الأكبر للعرب في صحراء شبه الجزيرة العربية .
فيضان قبور البيض :

ظلت القحطانية - بعد نشوئها- أعواماً عديدة تتفيأ تحت ظلال الأمن والاستقرار وتنعم بالخير والعطاء حتى تاريخ 29/4/1962م يوم السبت عشية عيد الفصح المجيد حيث داهمتها الفيضانات فكانت أسوأ كارثة عرفتها هذه البلدة العصامية وراح ضحيتها العديد من السكان الذين باغتتهم مياه الفيضان , وأغلقت في وجوههم سائر أبواب النجاة , فرقوا وجرفتهم السيول الجارفة بعيداً عن دورهم . كما تهدم العديد من البيوت الطينية وسقط بعضها فأدى إلى نفوق الماشية التي بداخلها مما أسفر عن خسائر فادحة في الأرواح والأموال . وقعت هذه الحادثة كصاعقة على سكان البلدة وتأثرت لها الكنيسة التي بادرت بشخص راعيها المثلث الرحمات المطران مار اسطاثاوس قرياقس تنورجي إلى تفقد البلدة المنكوبة ومواساة أسر الضحايا , فكانت زيارته بمثابة العزاء الكبير الذي خفف آلام وأحزان المنكوبين , هذا وقد بثت إذاعة لندن خبر الطوفان , وجاءت لجنة أممية لتفقد الخسائر وما زال بعض الأهالي يحتفظون ببطانيات تحمل اسم الأمم المتحدة , والكثير من الأهالي يحتفظون بذكريات وقصص وروايات مهما يكن فالطوفان أصبح نقطة علام مميزة لقبور البيض .

مجاورتها لتل ليلان الأثري :

  ولئن كانت القحطانية بلدة حديثة العهد إلا أن موقعها الجغرافي لم يكتب ليكن خارجاً عن الساحة الحضارية , فهي تبعد عن ليلان حوالي 14 كم , هذا التل الذي تألق شعاع مجده في الماضي البعيد وفي العصر الحديث , كانت قد جرت محاولات عديدة لمعرفة موقع التل واستمرت جهود علماء الآثار بحثاً عنه حتى اكتشفه عام 1878م هرمز رسام الآشوري ( كان معاوناً لعالم الآثار البريطاني لايارد , اكتشف اللوحات المجسمة التي تصور آشور بانيبال وهو يصيد الأسد , ثم اكتشف ألواح المكتبة الملكية في كوينجيك , قام بعدة بعثات دراسية إلى بعض المواقع الآشورية خلال الفترة 1878- 1882 ) الذي كان ضمن البعثة الأمريكية برئاسة البروفيسور ( هارفي وايس ) المكلفة بإجراء مسح لكافة التلال الأثرية المنتشرة ما بين الموصل وحلب . والقحطانية التي قيض لها أن تشاد في موقع يجاور هذا التل التاريخي العظيم تفخر - بلا شك – بهذا الجار الذي احتل في التاريخ القديم منزلة عالية من الرفعة والمجد والسؤود .
                                   ...............................منقول.......................

برطلي دوت نت

الاخ المحبة المحترم

تحية سريانية
ما ان بدأت بقراءة الموضوع حتى استهواني متابعته حتى نهايته وبشوق وكاني أقرأ تاريخ برطلي السريانية العراقية توأم القحطانية والقامشلي وكل المدن والقرى السريانية في سوريا يبدو ان البلدات السريانية تنسخ احداث بعضها لتعيشها حتى ولو بعد زمن .

شكرا على الموضوع الجميل نتمنى منك التواصل معنا وتزويدنا بالمزيد