تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

برطلي مدينة التراب

بدء بواسطة بهنام شابا شمني, أغسطس 14, 2013, 08:38:54 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

بهنام شابا شمني

برطلي مدينة التراب


سمعنا عن مدن تسمى واحدة بمدينة الضباب واخرى بمدينة الزهور  وثالثة بمدينة الثلج ، وجميع هذه الاسماء اطلقت على هذه المدن كونها تتميز بها طبيعتها وتعطي للمدينة منظرا جميلا بل يكسبها شهرة يفتخر بها سكانها وتصبح محط انظار السواح الذين يرتادوها من كل حدب وصوب للتمتع بمنظر هذه المدينة التي يلبسها الضباب والثلج او تكسو اراضيها الزهور فتنعش الناظر اليها بل وتبرئه من امراض نفسية وتنفسية وحتى جسدية فتكون الطبيعة قد انعمت عليها بنعمة ما بعدها من نعمة ، وربما تتدخل يد الانسان لتزيد من جمال ما اوجدته الطبيعة .

ولكن ان تسمع بمدينة للتراب فهذا ما يثير الغرابة ، نعم فبرطلي اصبحت مدينة للتراب تتطاير عليها الاتربة من كل جانب ، فالحقول التي كانت تحيط بالبلدة اضحت اراض بور تجوب فيها السيارات وقطعان الماشية حتى حولت تربتها الى مسحوق ترابي ( باودر ) ما ان تهب ريح حتى تحمله ليغطي اجواء البلدة ويكسوها بطبقة من الاتربة ، كما ان زحف البناء العشوائي والغير مرخص تجاه الاراضي الزراعية المحيطة بالبلدة ادى الى انحسار في مساحة الاراضي المزروعة وبالتالي قلل من الغطاء النباتي الذي له ابلغ الاثر في الحفاظ على ثبات التربة والتقليل من العواصف الترابية .

للتقليل من تاثير العواصف الترابية تقوم المدن باقامة حزام اخضر حول المدينة مكون من اشجار عالية دائمة الخضرة تعمل كمصدات للرياح وبالتالي تحمي المدينة من العواصف الترابية بالاضافة الى تلطيفها للجو ، اما في برطلة فلا اظن ان لمثل هذا الحزام مكانا في خطط المسؤولين فيها ، سيما والواقع يحدثنا ان لا نهاية لحدود المدينة حتى يقام حزام اخضر حولها .

لاتقف حدود الاتربة عند ما تحمله الرياح منها من المساحات الصحراوية حول المدينة بل انتقل الامر الى داخل البلدة ايضا في شوارعها وازقتها وساحاتها ، فمشروع المجاري الذي ينفذ في البلدة والذي حلّ علينا صدفة ، بدلا من ان يكون معينا للمواطنين ليخلصهم من المياه الاسنة المتراكمة في السواقي والبرك ، اصبح شبحا يهاب قدومه المواطنون بسبب عمليات التنفيذ الغير الموفقة في بعض فقراته ، فالتخسفات والاتربة الناتجة من عمليات الحفر والردم اصبحت وبالا على المواطنين وعلى البيئة ايضا ، شوارع البلدة وازقتها اصبحت مغطاة بطبقة من التراب التي خلفتها عمليات الحفر ، ورغم محاولات الاهالي بازالة ما امكنهم ازالته عن طريق غسل الشوارع والارصفة القريبة من دورهم رغم شحة المياه الا انه تبقى الشوارع الرئيسية في البلدة كما هي لا تصلها يد التنظيف ، كما ان الساحات والعرصات ما بين الدور والاحياء السكنية والتي استغلتها الشركة المنفذة في اعمالها اضحى سطحها ترابا ينتظر رياحا خفيفة لتنشره في ارجاء المكان ، وهكذا كلما هبت رياح على البلدة حتى تقلب جوها الى غبار وتراب يتصاعد في كل مكان ويكسو كل ما يقع عليه ، هذا بالاضافة الى ما يسببه من ازمات لمرضى الربو والمواطنون الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي  .

لم يعد السير في شوارع البلدة مريحا ، فتنقل الشخص اثناء مسيره في الشارع من زاوية الى اخرى ومن جانب الى اخر تجنبا للاتربة وغبارها الذي يسببه مرور السيارات ، اصبح امرا مزعجا يضايق الناس في حركتهم عند نزولهم للتبضع من السوق او في توجههم الى دوائرهم واعمالهم او لاتمام برنامج زيارة عائلية ، فما ان تصل الى منزلك حتى لتجد نفسك وملابسك وقد غطتها طبقة من الاتربة .

شاهدته من بعيد في الشارع وهو قادم نحوي وقد طوى اطراف ( بنطاله ) ، وقبل ان ابادره بالسؤال اجابني لقد سئمت الوضع ، تراب في كل مكان وغسل يومي للملابس فوجدت هذا افضل طريقة لتجاوز الجدال اليومي مع شريكة الحياة وشعورها بعدم الاكتراث بها وتحميلها واجبات اضافية واتهامي بعدم الاحساس بالمرأة وحقوقها ، فكان هذا خير وسيلة  للحفاظ على عش الزوجية ، وما ان نحن واقفان نتبادل اطراف الحديث حتى مرت سيارة مسرعة يقودها شاب وهو يتمايل بها يمينا ويسارا ربما قد باع ارثا له ليشتريها او تخلى عن مشروع زواجه فاشتراها ، فقلبت اجواء المكان الى غبار واتربة لا تعرف اين تحط ، وكأن عاصفة ترابية مرت بنا او عبوة ناسفة ضربت المكان ، بدأنا نتحسس انفسنا بعد ان توضحت الرؤيا ونزيل ما علق بنا من تراب لنعود بادراجنا الى البيت ونلغي مشروع نزولنا الى سوق البلدة .



ماهر سعيد متي

لربما هذا الأمر ينطبق على معظم مناطق العراق والسبب غياب التخطيط الصحيح .. شكرا على المقال .. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

أمير بولص ابراهيم

ترقبوا المقالة القادمة في الشتاء القادم ( برطلي مدينة الأوحال )

      ولا أكثر تعليقا ً