اليساري نجاد، وداعاً 3- الحرب النفسية والتشهير

بدء بواسطة صائب خليل, يونيو 21, 2013, 08:27:55 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

تناولت في الحلقة الأولى (1)  من هذه السلسلة المواقف الإنسانية والإقتصادية اليسارية للرئيس السابق لإيران الدكتور محمود أحمدي نجاد، وفي الحلقة الثانية (2)  سلطت الضوء على سياسته الخارجية وجهده في لم الشمل الإسلامي والإقليمي ومركزية القضية الفلسطينية في اهتماماته.

إن كل من هذه المواقف، إضافة إلى النهج المستقل عن الضغط الأمريكي الإسرائيلي وطموحات إيران النووية، جعلت من الدكتور نجاد هدفاً مركزياً للإعلام الأمريكي بكل فروعه، لتشويه سمعة الرجل بكل الأساليب الممكنة، وستكون هذه الحملات موضوع هذه الحلقة الأخيرة من المقالات المخصصة له.

يمكننا تقسيم حملات التشويه التي وجهت إلى نجاد إلى قسمين. الأول موجه إلى حكومة نجاد ودولة إيران عموماً، وهذه تناولناها في الماضي أيضاً بأكثر من مقالة، ولذا لن نتطرق إليها هنا. أما القسم الثاني فهو حملة التشهير والتزوير الموجهة إلى شخص الدكتور نجاد نفسه، وهو موضوع هذه الحلقة.

يشعر المراقب بسهولة أن خصوم نجاد كانوا يتصيدون أية فرصة مهما كانت تافهة لضربه. فهاهم بعض المعممين الداخل في مجلس صيانة الدستور يتهمونه بالكفر لمجرد قوله بعد حضور جنازة شافيز، أن شافيز "شهيد"، وانه "سيعود مع عيسى المسيح والمهدي المنتظر"! وحجتهم أن شافيز لم يكن من المسلمين! (11)
وفي نفس المناسبة، حين احتضن والدة شافيز، كوالدته بدون شك، تم نشر فلم عن "الفاسِق المدعو أحمدي نجاد يحتضن والدة شافيز ويُلامسها"!... (12)

ولا ينجو أصدقاء نجاد فهاهو فلم "يفضح" السيد حسن نصر الله، لأنه حيى احمدي نجاد عندما زار لبنان بكلمتي ترحيب باللغة الفارسية، واعتبروا ذلك "إهانة" و "دليل تبعية لإيران". (13)
يبدو أن كلمة (welcome)، أو (شالوم) هي الكلمات الأجنبية الوحيدة للترحيب بالضيوف في هذه البلدان، دون أن تثير شعوراً بالمهانة، أو التبعية للأجنبي!

وصلني يوماً إيميل يحمل خبراً عن "أجرأ فتاة في إيران" ، حيث يقول الخبر أنها قفزت على سيارة نجاد في موكبه وضربته بالحذاء! وقد تبادلت النت بنشاط منقطع النظير ذلك الإيميل، فوصلني أكثر من مرة. الآن خلال بحثي لمواد هذه المقالة، وجدت فلم تلك الفتاة الشجاعة وتبين أنها تسلقت سيارة نجاد لتتحدث معه بهدوء، وربما تقدمت منه بطلب ما، فيسجل لها ما أرادت ثم تنزل! (14)

إضافة إلى الإساءة إلى الضحية، فأن هدف حملات التشهير الثاني هو إفزاعها من اي تصريح قوي، أو تصرف يغضب جهة معينة تسيطر على الإعلام. لم يكن التشهير سلاحاً بسيطاً أبداً، لكن نجاد كان من القلة التي لم تكن تبالي. فعقد مؤتمراً في طهران حول حقيقة الهولوكوست، وأشار فيه إلى أن الهولوكوست يستخدم ذريعة لضرب الفلسطينيين الذين لا ذنب لهم ويترك الأوروبيون اصحاب الجريمة باعترافهم، بدون عقاب، أو إجبارهم على دفع التعويض وتقديم الأرض بأنفسهم لليهود! (15) وقد تم تحوير هذا الكلام وتشويهه ونشره بشكل كبير جداً، حتى تم تثبيت "تهمة" إنكار الهولوكوست على نجاد، وهي تهمة عقوبتها الغرامة الشديدة والسجن لسنوات، في العديد من الدول الغربية.

في إحدى خطبه(16)  في أكتوبر 2005، قال نجاد – وفق الإعلام -  أنه "يجب محو إسرائيل من الخارطة"! انتشر القول في الإعلام كالنار في الهشيم وصار سلاحاً بوجه حتى من يحاول أن يدافع عنه في اي لقاء تلفزيوني، فيجابه بالسؤال: "هل تدافع عن الرجل الذي يريد محو إسرائيل من الخارطة"؟؟ الحقيقة كانت أن الرجل قال (بالفارسية):
"أن هذا النظام الذي يحتل القدس يجب أن يزول من صفحة الزمن"
والفارق مهم. فالحديث هنا عن زوال نظام وليس دولة. وكان نجاد قد قال في نفس الخطاب (وكان يقتبس من الخميني في حقيقة الأمر) أن أنظمة أخرى قد زالت مثل الإتحاد السوفيتي والفاشية ونظام صدام حسين ونظام الشاه في إيران. فهل يعقل أنه كان يقصد زوال إيران نفسها و "محوها من الخارطة"؟
لقد كانت العبارة التي قالها بالفارسية، بالضبط:
"اين رژيم اشغالگر قدس بايد از صفحه روزگار محو شود". 
ونلاحظ كلمة "نظام" بالفارسية ("رژيم " – أي ريجيم - نظام) والتي تم إزالتها عمداً من الترجمة. كما نلاحظ أن عبارة نجاد ليس فيها أثر لكلمة "خارطة" ولا حتى كلمة "إسرائيل".

تبنى تلك الكذبة الكثير من السياسيين وبضمهم أوباما عندما كان في الكونغرس حيث تحدث عن ذلك في إسرائيل عام 2008، متبنياً مبدأ الهجوم على إيران "التي تهدد وجود إسرائيل". (17)
وتبناها رئيس وزراء بريطانيا السابق كوردون براون فقال "إنه لتصرف كريه من الرئيس الإيراني أن يدعو إلى محو إسرائيل من خارطة العالم"  (18)
وفعل ساسة ألمان وأوروبيون أخرون نفس الشيء، وتم الإستناد إليها وأمثالها لتخويف العالم من إيران نووية حتى أن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر لم يجد غضاضة بالقول أن  "إيران اكبر خطر على العالم!!" (19)

نختتم بـ "فضيحة أحمدي نجاد مع اليهود"، والتي انتشرت صورها وفيديوهاتها على الإيميل وفي مواقع النت. فهنا فلم "مسرب ممنوع من العرض احمد نجاد رئيس ايران يلتقي باليهود‬‎ " حسب وصف ناشره،  (20) وهذا آخر ذهب أبعد من ذلك ليدعي أن أحمدي نجاد كان في إسرائيل! (21)

لكن الصورة التالية التي وصلتني في إيميل آخر من إيميلات التشويه، يتحدث عن اللقاء "السري" بين نجاد واليهود، وانتشر كثيراً جداً أيضاً، تكشف زيف تلك الأفلام وتبين أن هذه الشخصيات الدينية اليهودية، كانت تضع على صدورها علم فلسطين وبحجم كبير واضح ، وتضع تحته علم إسرائيل مشطوباً بالأحمر، وهو عمل لم يعد يجرؤ عليه أي حاكم عربي!



http://www.asir.me/uploaded/18512_11246197852.jpg

فاللقاء لم يكن سراً، ولم يكن في إسرائيل بل نيويورك، واليهود الذين التقى نجاد بهم كانوا من نتورني كارتا وهي منظمة يهودية ضد الصهيونية وضد وجود دولة إسرائيل اصلاً. وقد دعم هؤلاء نجاد بتظاهرات مضادة للتظاهرات التي كانت تقام ضده من قبل عملاء إسرائيل وأصدقاءها حيثما ذهب في أميركا.


http://www.nkusa.org/activities/Demonstrations/20070924UN/1-IMG_0303.jpg

الفضائح الحقيقية في هذه التزويرات، وخاصة في صورة لقائه باليهود في نيويورك، لم تكن فضيحة نجاد وعلاقته باليهود أو إسرائيل، لكنها بالتأكيد فضيحة العقل العربي الذي  تنامت عنده قدرة غريبة في الإمتناع عن أن يرى الديل حتى لو وضع ناصعاً أمام عينه!

حملات التشويه هذه، هي في حقيقتها موجهة ضدنا نحن، وتهدف لإضاعة الطريق علينا فلا نعرف أصدقاءنا من أعدئنا ، فنعزل ونصبح فريسة سهلة. ولمحاربة حملات التشويه والكذب هذه فعلينا أن لا نكتفي برفض تصديق الأكاذيب فقط، بل أيضاً أن نكره الكذبة وصاحبها ونعتبره عدو يهدف إلى تدميرنا. وبشكل خاص، علينا أن نكره الكذبة التي تدعمنا مثلما نكره الكذبة التي تظلمنا، وأن نحتقر الذي يكذب من اجل تشويه "يناسبنا" مثلما نحتقر من يكذب من أجل تشويه لا يناسبنا، بل أكثر منه، لأن من يكذب لتشويه "يناسبنا" إنما يستهدفنا نحن بالذات وبشكل مباشر في خداعه. إننا إن لم نفعل، أدخلنا أنفسنا بكل أقسامنا المذهبية والقومية والسياسية، في عالم من الكذب المتبادل والضياع وصرنا بجيمع أطيافنا تحت رحمة إعلام شرس لا أخلاقي يوجه عواطفنا وردود أفعالنا كما يشاء. والحقائق الكثيرة أمامنا تشير إلى أننا داخل هذه الحالة منذ فترة.
فعندما يعجز بصرنا عن رؤية حقيقة بحجم علم فلسطين على صدور هؤلاء اليهود من أصدقاء نجاد، فمن يعلم عن أية حقائق أخرى أقل وضوحاً وأكبر خطراً، يحجب ذلك الخلل أبصارنا؟...
(1) صائب خليل: اليساري نجاد وداعاً (1) صديق شعبه
http://almothaqaf.com/index.php/qadaya/75833.html
(2) صائب خليل: اليساري نجاد وداعاً (2) سياسته الخارجية: لم الشمل الإقليمي
http://mail.almothaqaf.com/index.php/qadaya/75866.html
(3) ضباط في الجيش الإيراني نواب في برلمان العراق
http://www.albasrah.net/ar_articles_2006/0306/3mlaa_020306.htm
(4)عراقـيون عــلى رأس أجــهزة إيــرانية مـهمة بقلم: د. علي المؤمن
http://www.sotaliraq.com/articlesiraq.php?id=83235
(5) أهل السنة في إيران
http://www.youtube.com/watch?v=NnONfYO3syA
(6) 10 الاف مسجد لاهل السنة في ايران
http://www.asriran.com/ar/pages/?cid=11054
(7) ‫أهل السنة في إيران - أكبر مسجد لأهل السنة في إيران‎ - YouTube
http://www.youtube.com/watch?v=LRIFFAoI5_E
(8) كويتي يبني مسجدا للسنة في ايران
http://www.youtube.com/watch?v=xEPGXkhko8M
(9) القرضاوي يحذر من حريق إيراني مدمر ينتظر العالم الإسلامي
http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=763a910d54d13636
(10) كيف نوقف التشيع؟؟ .. درس في التاريخ لشيخ الأزهر .. ‏
http://www.facesyria.com/inews.php?id=940196
(11) إتهام نجاد بالكفر في مجلس صيانة الدستور
http://ipairaq.com/?p=81510
(12) الفاسِق المدعو أحمدي نجاد يحتضن والدة شافيز ويُلامسها"!!
http://www.youtube.com/watch?v=00J7hLMuXlU
(13) حسن نصر الله، يحيى نجاد بالفارسية
http://www.youtube.com/watch?v=KftJEmo7UWw
(14) فتاة إيرانية تصعد لسقف سيارة موكب الرئيس أحمدي نجاد
http://www.youtube.com/watch?v=sfCieyCwaFw
(22) كيف يراك الآخرون (6): الإعلام وشيطنة إيران (1) التدخل الإيراني / صائب خليل
http://almothaqaf.com/index.php/araaa/62988.html
(23) كيف يراك الآخرون؟ (7) شيطنة إيران (2) إرهاب ومخدرات وإسرائيل وكراهية / صائب خليل
http://95.211.218.232/index.php/araaa/63368.html