الأستاذ طلال حسن.. نقاء في الحياة.. تميز في الإبداع

بدء بواسطة حكمت عبوش, يونيو 13, 2013, 04:47:51 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

الأستاذ طلال حسن.. نقاء في الحياة.. تميز في الإبداع

                                                                                                          حكمت عبوش
كانت أول معرفتي به في بداية السبعينيات من القرن الماضي و قبل أن تجذبني إليه قصصه الجميلة شدتني إليه أخلاقه الرفيعة و طيبته اللامتناهية و هدوءه و تواضعه الجم-و هذا ليس مدحا بل واقعا يشير إليه كل معارفه-و كأنه ليس من هذا الزمان الذي تزدحم فيه قيم الأنانية و الاستعلاء و الحيلة التي تتلبس الكثيرين و لكن بعد أن قرأت(قصص الأطفال) المنشورة له في(طريق الشعب) آنذاك كشفت لي بساطتها و شفافيتها كم بهي الأستاذ طلال الذي يجعل أبطال قصصه من الحيوانات و الأطفال تتكلم ببساطة و انسيابية مرسومتان بمهارة عالية و كأنه يصوغ ألعابا سحرية تشيع الفرح بقلوبهم الصغيرة و نفوسهم البريئة و يبدع في ترتيب باقات ورود ربيعية تنعش بعطورها الزكية أنوفهم و صدورهم المشتاقة لرائحة الحياة المتسامية.
ثم جاء الهجوم ألبعثي الغادر و الذي كان بعيدا عن روح الجبهة و التحالف و التآلف و بداية لتخريب العراق على يد(الأرعن صدام)، فكانت الفرقة و ابتعاد الرفاق و الأصدقاء و ذهبت إلى بغداد و بالمصادفة في نهاية التسعينيات كان لقائي به في شارع السعدون و بعد السلام و تبادل الهواتف افترقنا ثم كان اللقاء الثاني و الثالث في إحدى مقاهي شارع الدواسة في الموصل و تكلمنا عن المعلم الأديب الشهيد جمعة حجي كنجي و تضحيات عائلته الجسيمة و استذكرنا الكاتب الدكتور سعدي المالح و الأستاذ الراحل اندراوس حنا من القوش و الذي جاورته سكنا في بغداد.
إن الزهور التي غرسها الأستاذ طلال أينعت زاهية في أكثر من(1300) قصة و سيناريو و مسرحية منشورة في عشرين كتابا و موزعة في صحف و مجلات عراقية و أولها(طريق الشعب) و(مجلتي) و(المزمار) و(المسيرة) و(النبراس) و(الأسرة و الطفل) و(صديقي العراق) و نشرت في مطبوعات تصدر في لبنان و سوريا و الأردن و الكويت و أبو ظبي كما تولى رئاسة تحرير مجلة(قوس قزح) و نال العديد من الجوائز العراقية و العربية كما كتب القصة القصيرة و المسرح للكبار.*
أنت كبير أستاذ طلال بكتاباتك للصغار في كل مكان و خاصة في وطننا العراق حيث عانى الأطفال حرمانا و اضطهادا غير مسبوقين في العهد ألصدامي المباد و لازال الحرمان يسم حياة قسم كبير منهم إلى اليوم فمن المعتاد رؤية متسربين من المدارس في الأرياف و المدن العراقية و هم يتسكعون في الأزقة و الشوارع بدون هدف أو يتسولون أو يبحثون في أكوام القمامة علهم يحظون بلقمة ضائعة أو يعملون بأعمال لا تنسجم و أعمارهم الصغيرة الفتية. أنت كبير أستاذ طلال لأنك بأعمالك و قصصك كنت ضد استهانة الاخرين بالأطفال و تستهجن وضع(عربة الحمل) أمام الطفل لدفعها في السوق بل تدعو بدلا من ذلك إلى وضع الكتاب و الدفتر و أوراق الرسم و الآلة الموسيقية و طاولة الشطرنج أمامه ليتعلم و يرسم و يغني و يتطور و يبدع و تتنامى قدراته و مواهبه و تدعو إلى تمتع الطفل بأوقات فراغه الأخرى بما يغني حياته بجوانبها المتعددة فتمتلئ بالمسرة و تنغمر بالفرح الذي يستحقه موائما مع براءته الملائكية. أنت تستحق هذا التكريم و هذا الاحتفاء  في هذا اليوم الخالد-في الذكرى التاسعة و السبعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي- بوصفك رمزا من رموز العطاء في الحياة و الابداع الأدبي الثر المثابر.



    * نقلت هذه الأسماء بتصرف من مجلة انانا-العدد الثالث-2012