مشاكسة / حجيك مطر صيف / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 01, 2013, 07:24:19 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
حجيك مطر صيف


مال اللـــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com



ضاقت الارض بقاراتها الخمس وبمحيطاتها وبحارها وانهارها وسهولها وجبالها ووديانها، بغالبية الشعوب والحكومات، سواء في الدول المتسولة والمتوسلة، أو في تلك التي ضربتها عواصف واعاصير ربيع الثورات والانتفاضات والمتغيرات، وحولتها صقيعا هنا وزمهريرا هناك، أو جعلتها جحيما ملتهبا بالمواجهات الدامية، مما ألقى بتأثيراته على معظم الساحات الوطنية، والعلاقات الوطنية، والمصالح الوطنية فيها ،وحتى على لغات التخاطب المشتركة، ليحولها الى ساحات للمواجهة والى خنادق للاصطدام وسط حوار متنافر غيّر لغة التخاطب في قاعات الحكومة والبرلمان في معظم هذه البلدان وجعلها اشبه بحوار للطرشان، فلا البرلمان يصغي الى الحكومة، ولا الحكومة تستمع للبرلمان، وما بينهما ضاعت حقوق وكرامة الانسان.
فالشعوب ضاقت بتصرفات وأمزجة وفوضى وفساد وعدم مصداقية معظم هذه الحكومات والبرلمانات والكتل والتحالفات، وعدم التزامها بشعاراتها الفلكية التي رفعتها خلال الثورات والتظاهرات والانتفاضات والانتخابات، وبدل ان تحققها فانها  لم تحقق الا المزيد من المآسي والمصائب والكوارث والويلات عوضا عن المكاسب والحقوق والحريات، كما أن الحكومات من جانبها ضاقت ذرعا هي ايضا بالشعوب والبرلمانات والاحزاب والتحالفات، فلا الشعوب تمهلها لتنفيذ برامجها الستراتيجية وهي تتهمها بتقديم مصالحها الذاتية والسياسية على كل المصالح الوطنية، ولا البرلمانات تدعمها في خطواتها الاصلاحية، وهي تتهمها بالانغلاق على المصالح والمغانم والمكاسب القطاعية وتهميش وإبعاد شركاء العملية السياسية، فيما ترى الحكومات في مواقف هذه البرلمانات مواقف عدائية لإفشال كل الستراتيجيات والبرامج الحكومية، وما بين هذا الصراع ثلاثي الابعاد راح سرطان الفساد ينهش بنية وثروات معظم هذه البلاد.
وحيث اثبتت هذه الصراعات، صعوبة، وربما عدم إمكان، تعايش هذه الجهات على مساحة ارض مشتركة بعد أن تصاعدت وتعمقت بينها الخلافات واحتدمت وتناسلت التوجسات والشكوك والاتهامات وتحولت الى مواجهات، خصوصا بين الحكومات والبرلمانات، وحيث ضاقت الكرة الارضية بهذه الخلافات والصدامات، فإن افضل الحلول لكل هذه الازمات ولكل الجهات، بات يتمثل، ربما، في رحيل الحكومات والبرلمانات الى اماكن اخرى لإنهاء معاركهم وصراعاتهم وحسم خلافاتهم وتوحيد كلمتهم وصفوفهم، ومن ثم العودة الى شعوبهم بوحدة ستراتيجيات ومواقف حقيقية وبإرادات وطنية قادرة على التصدي لكل التحديات المصيرية واخراج بلدانهم من دائرة الازمات والصراعات السياسية.
وبعيدا عن الغرق في بحور الافتراضات والتكهنات حول المكان الأروع وربما الكوكب الامتع لحسم هذه التناقضات، فقد جاء زورق الانقاذ بالانباء المثيرة حول فتح ابواب المزادات الدولية لبيع وشراء وايجار واستئجار واستثمار اراضي سطح القمر، وهو انسب مكان شاعري للراحة والاستجمام والسهر' وحسم الخلافات بالتفكير والعبر، خصوصاً وانه لا يبعد عن الارض الا مسافة (384.403) كم فقط وبإمكان أية مركبة فضائية عمومية نقلهم اليه' صباح مساء ' دون مشقة او عناء.
فمنذ أن بادرت إحدى الشركات عرض قطع أراض للبيع على سطح القمر، انهالت عليها طلبات الشراء، ولم يأت الإقبال فقط من عامة الناس بل من المشاهير العالميين أيضا' امثال توم كروز وباريس هيلتون وجينيفر لوبيز، كما اثارت الفكرة  كذلك اهتمام بعض السياسيين كالرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الذي سعى لإمتلاك أرض بإسمه الى جانب الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش الذي بادر هو ايضا لشراء قطعه أرض على سطح القمر بكلفة خمسة ملايين دولار أمريكي.
اما آلية البيع فتتم عبر عدة خطوات ابتداءً من حجز الأرض وتحديد موقعها واختيار المساحة التي يتم وفقها تحديد السعر ومن ثم دفع قيمتها، ليتم بعد ذلك إصدار وثيقة التملك بشكل رسمي معتمد ومختومة من الشركة 'وتنص الوثيقة على أن الأرض مملوكة للشخص المشتري وتثبت حقه في إستخراج المعادن في حدود أرضه، وقد بلغ عدد مُلاك الأراضي على سطح القمر أكثر من مليونين ونصف المليون شخص موزعين على 170 دولة حول العالم.
بيد أن المشكلة لا تكمن في تحديد موقع الاستجمام والحوارات بين الحكومات والبرلمانات والكتل والاحزاب والتحالفات، انما تكمن في بنود واشتراطات معاهدة الفضاء الخارجي الدولية لعام 1967 الخاصة بالدفاع عن القمر وعن جميع الاجرام الفضائية الاخرى باعتبارها ملكا عاما للجنس البشري باجمعه مما يفرض استخدام القمر للاغراض السلمية فقط 'وبذلك فان المعاهدة تمنع بشكل صريح إنزال أية معدات عسكرية او اسلحة دمار شامل عليه، مما يعني ان جميع المعنيين من ملوك وزعماء وقادة، وكذلك رؤساء أعضاء الحكومات والبرلمانات والسياسيين ومختلف المسؤولين عليهم ترك فيالق حماياتهم واسلحتهم ومعداتهم ومواكبهم الامنية، قبل التوجه للقمر والتباحث حول مصائر البشر, فهل يروق لهم ذلك والبعض منهم في هذه الدولة او تلك، لا يستمد موقعه الاجتماعي وتأثيره بل حتى سمعته وشخصيته وحضوره الا من خلال هذه الحمايات والمواكب الامنية التي تمثل كل رصيده وكفاءته وميزاته (العبقرية المتألقة) فكريا وسياسيا ومهنيا واجتماعيا وعلميا، ولولاها، ربما، لن يكون الا صفرا على اليسار؟
هذا فضلا عن أن القمر لن يوفر لبعض هؤلاء شعوبا ليذلوها ولا نفوطا ليستحوذوا عليها ولا ثروات وطنية ليسرقوها ولاقوى اقليمية ليكونوا عملاء لها ولا وزارات ليستثمروها لحسابهم ولحساب عوائلهم ولا اسلحة فاسدة ليتاجروا بها ولا سفارات وبعثات دبلوماسية وملحقيات تجارية ليعينوا ابناءهم من انصاف الاميين فيها، فضلا عن توجسهم من تعطل المواصلات الفضائية جراء أية أزمات أو صدامات دولية عندها سيبقون في المنفى هم وعقدهم ومشاكلهم وخلافاتهم وفساد بعضهم، وربما يتحول ذلك اليوم 'ان حدث فعلا ' الى عيد حقيقي لشعوبهم وقد تخلصت من مفسديها وسراقها ومزوري اراداتها ومضطهديها وربما سيكون باستطاعتها ان تعود لتحكم نفسها بنفسها.
لكن يبقى التساؤل الاهم: ماذا لو عمدت بعض هذه الحكومات (النزيهـــــة) الى إرسال شعوبها الى المنفى في المريخ مثلا للتخلص من مشاكلهم ومطاليبهم التي لا تنتهي بذريعة (ارهاب الحكومة والاضرار بالمصلحة العامة) بعد ان جعلتهم مشردين وغرباء ومنفيين ومهجرين ومضطهدين داخل اوطانهم. ..عندها ربما ستجعل تلك الشعوب من اغنية (حجيك مطر صيف ما بلل اليمشون، حجيك مطر صيف) نشيدا وطنيا لها تعبيرا عن السعادة التي وفرتها لها حكوماتها واحزابها وبرلماناتها.