تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

2 المالكي في خيمة صفوان الكردية ج2

بدء بواسطة صائب خليل, مايو 15, 2013, 01:55:21 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

لقد كشف الأستاذ فؤاد الأمير في كتبه السابقة، وكتابه الذي تحت الطبع حالياً ( "الجديد في عقود كردستان") من الحقائق عن سرقات كردستان وتعمدها الأذى والكذب ما يشيب له شعر الولدان، ويثير الإحباط واليأس من أي أمل ممكن لعلاقة معقولة مستقبلاً بين كردستان والعراق، وكتب ضمنها بحثاً مطولاً عن قصة فرهود الـ 17% مشيراً إلى مقالاتي العديدة السابقة في متابعة هذه القضية، ولكن الشعور باليأس وإلحاح السؤال الذي يطرح نفسه بعد كشف كل تلك الحقائق كل ذلك العدد من المرات وبكل ذلك الوضوح وبالوثائق الكردستانية نفسها: ما الفائدة؟

المعارضة الكردستانية، "التغيير" أنتبهت – لأغراض إنتخابية، ونبهت إلى تزوير أعداد السكان في أربيل ودهوك بادعاء حكومة كردستان بزيادة 4.3%، فاعتبرتها مرتفعة وخشت أن يكون الهدف منها تزوير الأصوات، وهم أدرى بجماعتهم، فلماذا لا تنتبه وتحتج الجهات العربية على ما نبهت إليه من تزوير حكومة كردستان لعدد سكانها بين إحصائين، ورفعه إلى أكثر من 5 ملايين نسمة، وهو ما يقتضي نسبة تكاثر مجنونة قاربت 100% في العام الواحد، وذلك فقط للإقتراب من نسبة الـ 17% لتبريرها والإستعداد لأكاذيب الإحصاء القادمة!

لقد كانت الـ 17% رشوة وسرقة سياسية وفضيحة مفهومة في هذا العالم البعيد عن النظافة، لكنها تحولت بعد كشف الحقائق والوثائق، إلى إبتزاز وسطو بالقوة وتحدي من الجانب الكردي، وشعور بالغبن والحنق وكراهية متزايدة من الجانب العربي للجانب الكردي، لم يكن لها أثر قبل ذلك في العراق، للأسف، قبل ان يشارك هؤلاء اللصوص من حكام كردستان، حكم العراق، وتنكشف للعرب حقائقهم!

فوق كل هذا فأن تظاهرات السنة لم تكتف بتثبيت الـ 17% اللصوصية، لكنها فتحت الأبواب مشرعة لجشع أكبر وعدوانية أشد على الحقوق العربية...بل وأيضاً لأجل تمرير المزيد من خطوات التآمر الإسرائيلية لتفتيت العراق.

وعندما أقول "تفتيت العراق" فلا أقصد انفصال كردستان عنه، وإنما تجزئة الباقي أيضاً. ويبدو أيضاً أن هذه مهمة كردستانية بامتياز. فنلاحظ أن ساسة كردستان توقفوا تماماً عن الحديث عن الإنفصال عن العراق، لكنهم لا يفوتون فرصة لدعم أية حركة إنفصالية فيه بحجة الفدرالية والأقاليم. وقد تكرر ذلك كثيراً وكأن إنشاء الأقاليم في العراق صار هدف قومي كردي! يمكنكم مراجعة تصريحات القادة الكرد حول الموضوع لتتبينوا مدى الحماس الكردي الغريب للأقاليم والفدراليات، بل أن فرهاد رسول يحاول أن يقنعنا بأن الحل الوحيد لكي يشعر المواطن العراقي بالمواطنة الحقيقية و"لتجنب تقسيم العراق"(!)، هو تشكيل عدة فدراليات اقتداءاً بالإمارات المتحدة والولايات المتحدة(5)
ورغم أننا لا نحب أن نقتدي لا بولاياته المتحدة ولا إماراته التي لا نبادله الإعجاب بهما، فإننا نذكر رسول بأن ليس في أي من هاتين الدولتين "إقليم" يملك جيشاً ولدستوره الأولوية على الدستور الإتحادي، ويعلن صراحة ترحيبه بأي لص تطارده بغداد. ليس لدى أي منهما إقليم يستغل أية أزمة ليحتل أراضي إقليم جار له، وليس فيها "أراض متنازع عليها" أو "مستقطعة"، وليس فيها أقاليم تهدد بالويل والثبور من يتجرأ على "قدسها"!. ولو تحدث حاكم إمارة أو حاكم ولاية بما يتحدث به برزاني وما يفعله، لجعلوه عبرة لمن اعتبر! نذكر فرهاد أن هااتين الدولتين لا تخشيان إقامة الإمارات والولايات لأن ليس في أي منهما إمارة أو ولاية يخشى أن تقتدي به بقية "الولايات" أو "ألإمارات" فتحطم بلادها!

فرهاد وكل قادة الكرد يعلمون جيداً أن تشكيل أي إقليم آخر ليس سوى خطوة أكيدة لتحطيم العراق، ورغم ذلك يصرون عليها، بل ربما يصرون عليها لأنها كذلك!

لقد ترك الكرد المالكي "يُطبخ" جيداً تحت ضغط التظاهرات السنية والإضطرابات وضربات الإرهاب، وكذلك تحت أخطائه وخطاياه ورغبته العارمة في البقاء في الحكم...وتركوه يجرب ويفشل في محاولاته إرضاء المتظاهرين، ليدرك أن مطالبهم لم تكن هي المقصودة من التظاهرات وأن المتظاهرين منومين لا يملكون إرادة للتفاوض والتوقف عند مطالبهم، وليدرك أن الحل هو في الخضوع لشروط الخندق الآخر، الخندق الإسرائيلي الأمريكي. جرب الإكتفاء بإرضاء قادة التظاهرات من البعثيين الذين حولوا ولائهم إلى أميركا، فأطلق إرهابييهم وأعاد بعثييهم إلى الوظائف أو وعد بذلك، ولم يكف. أدرك أخيراً أن هذا الخندق لن يكتفي إلا بامتصاص كل ما يمكن امتصاصه من الجانب الخاسر. لقد تحقق للبعث الكثير، وللإرهاب الكثير، ويجب تحقيق مطالب كردستان أيضاً، وبكاملها، وليس فقط التراجع عن رفض دفع الإتاوة الـ 17%، التي قبلها قانون الموازنة، بل وأيضاً العديد من الأمور الأخرى، حتى تلك التي تهدد وحدة البلاد وإمكانية إدارتها!

يتودد المالكي إلى الكرد في محاولة يائسة، فيقول بلا مناسبة: بارزاني صديقي والوزراء الكورد في اجازة نوروز(6) فيرد عليه "صديقه" بـ 3 خيارات.. أحدها الحرب! (7)
وأخيراً عقد اللقاء بين المالكي ونيجرفان الذي وجد دعم السنة كله في ظهره مجاناً، وخرج منه بوعود لحل جميع "الإشكالات" بما يرضي لصوص كردستان، وليقول أنه أبلغ المالكي أن الكرد لا يقبلون بالحكم الإنفرادي! (8)

قالوا أنهم اتفقوا على إنجاز الإحصاء السكاني، وهو أمر لا يشك أي عربي (أو حتى كردي)، بأنه سيتم بتزوير كبير من قبل كردستان، وأنه سيمثل تثبيتاً للنسبة المزورة لنسبة السكان، أو جزء هام منها. وكان هذا هو سبب تلكؤ الحكومة في إجرائه، وهاهي تسحب تحفظها دون أن تعطي مبرراً لذلك.

واتفقوا على إعادة النظر بقانون الموازنة، ويفهم من هذا إعطاء كردستان ما تطالب به من مليارات الدولارات لما تسميه كردستان أستحقاقات للشركات الأجنبية العاملة فيها، رغماً عن العراق، وبدون تقديم كردستان الأوراق اللازمة لإثبات تلك الإستحقاقات. وإلا فلم يكونوا بحاجة لمراجعة قانون الموازنة، لأن في نص القانون الحالي دفع جزء من المبلغ وزيادته في حالة تقديم كردستان حسابات جديدة، فهل يكون الإتفاق إذن غير وعد بتجاهل تلك الحسابات وتسليمهم المليارات "على الثقة"؟

وهناك قانون النفط، ولو يعلم الشعب العراقي ما يراد له من "قانون النفط" لاصابه الرعب، فقانون النفط الذي يريدونه لا يعطي كردستان فقط الحق في توقيع العقود وشرعنة ما جرى توقيعه من عقود مشبوهة، وإنما أن يكون أساساً لتمزيق البلاد بإعطاء تلك الحقوق للمحافظات أو تشجيعها لتصبح أقاليما لتتمتع به، وهنا يأتي ما يسيل لعاب قادة التظاهرات الذين يهاجمون الشيخ السعدي لموقفه من الأقاليم، وهو ما يهدد حياته من قبل شراذم علي حاتم سليمان، المتحمس لتفتيت العراق، حسبما استنتجنا في مقالنا السابق!
لقد وضع المالكي نفسه في الموقف الذي وجد مفاوضي خيمة صفوان أنفسهم فيه أمام نفس الخندق الأمريكي الإسرائيلي، ولكن جماعته سيسألونا بحق: ومن الذي دفع بالمالكي إلى تلك الخيمة غير جموع المتظاهرين من السنة؟ إنهم محقين بلا شك، فالسنة سمحوا لأنفسهم أن يكونوا هراوات في يد خصومهم وخصوم العراق، ولم ينتج عنها سوى ما كان متوقعاً: المزيد من ضرب مصالحهم واحتلال أراضيهم، فمتى يدرك السنة ما يريده قادة تظاهراتهم لهم، ومتى يعرفون أنهم هم أعداؤهم الحقيقيون وليس إيران وحزب الله وجيش القدس والحرس الثوري، وكل تلك الكلمات التي تمت شيطنتها في رؤوسهم بلا أي دليل؟

ما الأمل للعراق إذن؟ أن يمتنع المالكي عن تنفيذ ما اتفق عليه، أو أن يمنع عن ذلك بضغط رفاقه وجماهيره، وهنا تكمن أهمية التوعية بما تعنيه تلك الإتفاقات على العراق ككل، وما يطالب به قادة التحالف الكردستاني وما يعنيه "قانون النفط" المطلوب ("البريء"!) من تحطيم للبلاد. المالكي متهم بتقديم الوعود التي لا ينوي تنفيذها، وفي هذا بعض الأمل هنا، لكن قادة التحالف الكردستاني ومستشاريهم ليسوا حمقى ، ويعرفون ذلك أيضاً ولا بد أنهم قد اتخذوا الإجراءات اللازمة لتنفيذ إراداتهم في هذه البلاد.

ما يدفعني إلى الشك بأن كردستان قد كلفت بتحطيم بقية العراق قبل أن تغادره، هو سعيهم إلى ذلك حتى فيما لا يعنيهم، وإلا فما شأنهم ليشجعوا الأقاليم وهم يعلمون أن الناس مرعوبة منها، (بشكل خاص لما لاقته من أقليمهم من مفاجآت غير سارة)، خاصة وقد وافقت الحكومة عملياً منذ زمن على التعامل مع عقودهم بقبول الأمر الواقع وتجاهل كل تلك السرقات، فلماذا لا يكتفون بذلك؟ لماذا تجدهم جميعاً بلا استثناء، يلحون على تطبيق قوانين حرية السوق المدمرة للبلاد في كل العراق، ولديهم بلاد مستقلة يتمتع السوق فيها بحرية لم يعرفها في أي مكان آخر على الأرض، حيث يحتاج المرء إلى ميكروسكوب ليستطيع تمييز الشيوعي الكردي عن الإقطاعي! أرض يرقص فيها الإستثمار عارياً بلا حدود أو حياء أو خجل، فينشر أوساخه وضرره وفساده على بقية العراق كله، لأنه يجذب كل النشاطات التجارية والصناعية إليه، بغير حق وعدل؟ لماذا يسارعون لمضاربة شركات النفط مع حكومة بلادهم، بعقود مفرطة السخاء، بما لا مصلحة لهم فيه ولا تفعله عادة الدول المتنافسة وحتى المتعادية؟ لماذا يهددون في كل أزمة بإعادة قوات الإحتلال، فيثيرون في الناس التي تكره هذا الإحتلال، المزيد من الكراهية ضدهم والخوف من مقاصدهم؟ لماذا فتحوا أبواب بلادهم علناً منذ البداية لكل لص وفاسد عراقي كبير، ومنذ أيام حازم الشعلان؟ لماذا رحبوا بدعوة كل وضيع تقيأته الأرض العربية، من القاتل المدان سمير جعجع، إلى مفتي الناتو السادي المتمتع بقتل الشيوخ يوسف القرضاوي، والذي كان له من قضية كردستان مواقف مخزية في الماضي!! أفهم رغبتهم العارمة بممارسة حريتهم في دعوة من يشاءون لبلادهم، ولكن ألم يجدوا شريفاً يعبرون به عن تلك الحرية؟ ما كان سيكون شعورهم لو ان بغداد دعت لزيارتها "فرانس فان أنرات" الذي يقبع في السجن لأنه باع الكيمياوي لصدام؟
لا أرى لدى الكرد مصلحة في كسب كراهية شركائهم بلا مبرر، ولا عملية قتل البقرة الحلوب التي يفخرون بتحطيمها، لذلك ليس لي أن أفسر كل هذه التصرفات إلا بأنهم قد كلفوا بإثارة ذلك العداء وإنجاز ذلك التحطيم من جهة أخرى، وأن تلك الجهة وعدتهم بالسماح بتكوين دولتهم، ولكن فقط بعد تحطيم بقية العراق إلى أجزاء صغيرة يسهل لإسرائيل السيطرة عليها، وكل الأحداث تقول أنهم ماضون في مهمتهم تلك.

في كل أزمة يمر بها العراق، تخرج عصابة قادة التحالف الكردستاني بـ "غنيمة" جديدة، وتفرض واقعاً جديداً على الأرض ويحصلون على كراهية أشد من شركائهم العرب وغضبهم. العرب يرون في كردستان تهديداً يوجب عليهم حذراً إضافياً من التورط في أية أزمة داخلية أو خارجية، خشية أن تستغلها كردستان للإمعان في أذيتهم. فقادة التحالف الكردستاني يتصرفون مع العراق، كمثل طيور الرمم التي تتبع الجيوش في انتظار المذابح أو تهرع إلى مناطق الزلازل والكوارث لتنهل من أجساد الضحايا. لقد وجدوا مرشياً يحكم البلاد تحت مظلة دولة ظالمة عملاقة معادية  تتبنى نظاماً إقتصادياً وحشياً لا مكان للقيم الإنسانية فيه، وترتبط أجندتها بدولة عنصرية عدوانية مضادة للعرب بالذات، فلم تفتهم الفرصة لتأمين وتثبيت مص ثروات الفقراء لسنوات قادمة، والويل لمن يتجرأ على أن يحتج عليها. مثلما وجد أصدقاءهم المفضلون قبل ذلك هذا البلد مهزوماً عسكرياً يحكمه شخص مستعد لبيع كل شيء من اجل أن يبقى حاكماً، فأقاموا له "خيمة صفوان" المخجلة التي باع فيها أجزاء من أرض بلاده والكثير ودمر فيها الكثير ليبقى بضعة سنين ذليلة أخرى. وهاهم "الشركاء" اليوم يجدون العراق في أزمة، ويحكمه رجل مستعد لتقديم الكثير من التنازلات على حساب شعبه من أجل أن يبقى حاكماً، لبضعة سنين أخرى، ولو ذليلاً، فإذا بهم يقيمون له ولهذا البلد "خيمة صفوان" أخرى!
يختلف قادة التحالف الكردستاني عن تلك الطيور بنقطتين فقط، الأولى أن الطيور تلتهم الضحايا لإطفاء جوعها، أما طيور كردستان فتفعل ذلك لأن فيها جشع لا يمكن إطفاؤه. الثانية هي أن الطيور تنتظر الكوارث فقط، اما قادة كردستان فلهم القدرة على إثارة الأزمات والكوارث وأن تشارك في خلقها، إن لم تجدها جاهزة!

من أين يستوحي قادة الكرد سياستهم العدوانية المدروسة والكفوءة في نفس الوقت؟ من نصحهم بهذه الستراتيجية الخطرة؟ حقائق أخرى مدهشة كانت أمامنا منذ فترة، ولم نراها حتى وجدتها في مسودات كتاب الأستاذ فؤاد الأمير القيم الأخير: "الجديد في عقود كردستان"، وهو ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة، أما خطايا المالكي التي أوصلت العراق إلى هذه الحال، فسنخصص لها حلقة تالية.