هل هذا ما يريده العراقيون لعراقهم؟

بدء بواسطة صائب خليل, يناير 08, 2013, 12:15:00 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

هل هذا ما يريده العراقيون لعراقهم؟ 




سؤال للذين رفعوا في الأنبار أعلام "الجيش العراقي الحر" تيمناً بالعصابات التي جمعها حلف الناتو من مجانين التطرف الديني من كل مكان صارت له فيه سلطة في الوطن العربي وغير العربي ليصبها في سوريا: أنظروا إلى الصورة...هل هذا "الربيع" الذي تريدونه للعراق؟ وإلى الذين يدعون إلى التهييج والمجابهة واستعراض الشجاعة والتحدي في الجانب الشيعي أوجه نفس السؤال! من منكما قادر على أن يحسم حرباً أهلية ضد الآخر دون أن يوصل العراق إلى ما وصلت إليه سوريا؟

هل لدى احدكما التفوق العسكري والشعبي، ما يزيد على التفوق العسكري والشعبي الذي لدى الأسد؟ ألم يتمكن الناتو من دعم الجهة الأضعف، بل ويخلقها من لاشيء، ويحقنها بالوحوش من كل مكان ليصل الحال إلى ما وصل إليه؟ ما الذي يضمن لكم أن الأمر معكم سيكون بشكل أفضل؟ إن كنتم تأملون بـ "صداقة" تحسم لكم الأمر مع إسرائيل وأميركا، فمن يضمن لكم أن انبطاحكم لهما سيكون أكثر من قدرة الجانب المقابل على الإنبطاح؟ وهل سيكون أكثر مما انبطحته "المقاومة" السورية؟ فأين هو نصرها؟

أن التافهين أو العملاء المشبوهين ومؤججي الفتن من الجانبين، يمكن أن يجلبوا الدمار للبلاد، تجمعهم خيوط الموساد الخفية، إن لم يكن في البرلمان فالإعلام يمتلئ بهم وصفحات المواقع الإلكترونية تمتلئ بمقالاتهم السامة. إنهم أدوات الناتو وخلاياه النائمة يأمرها فجأة في لحظة الحسم فتنتفض لتحطم البلاد والعباد!

أنظروا إلى الصور جيداً، ولا تستبعدوا أن تجدوا بغداد هكذا، فمن كان في حمص وحماه لم يكن يتخيل أن تصبح هذه الصور لمدينته!

ما هو المطلوب من رفع علم النظام السابق؟ وما الذي يعنيه رفع علم كردستان وصور أردوكان عميل إسرائيل وبطل مذابح سوريا؟ لماذا تسمحون أن يكون ضمن مطالبكم إطلاق عفو عام عن الجميع، مجرمين وأبرياء؟ ألم تصب المحافظات السنية من عمليات الإرهاب أكثر مما أصاب المحافظات الشيعية حسب الإحصاءات الحكومية نفسها؟ لماذا تطالبون أو تسمحون أن توضع ضمن مطالبكم إلغاء اجتثاث أو مساءلة البعث؟ ما الذي جلبه لكم البعث سوى الدمار والحروب ونهب البلاد وتحطيم مستقبل الأجيال وتسليم العراق لأميركا وإسرائيل؟ من هم البعثيون الشرفاء الذين تريدون عودتهم إلى الساحة السياسية والعسكرية والأمنية، وتخاطرون بحرب أهلية من اجلهم؟

قلتم أنكم تتظاهرون من أجل نساء في السجون ظلماً، واستجابت الحكومة بلجنة تقصت الحقائق عن أؤلئك النسوة، وكان لكم في اللجان وفرة من ممثليكم، وتوصلت إلى نتائج فما الذي تريدونه غير ذلك؟ لماذا تسمحون أن يكون مستقبل أولادكم مرهوناً بسفلة البعث الذين تحولوا من خدمة الدكتاتور القميء إلى خدمة الموساد والسي آي أي في بلادكم؟

وأنتم أيها الشيعة، لماذا يقتصر احتجاجكم على دعم سنة لرموز البعث وتسكتون على عودتهم إلى أحزابكم ومكاتب قياداتكم والأجهزة الأمنية التي شكلتها الحكومة؟ هل يكون البعثيون أكثر خطراً مع السنة مما هم في أجهزة الحكومة الأمنية؟ لقد تحول هؤلاء إلى خدم لأجهزة الأمن الأمريكية والإسرائيلية ولن يخلصوا إلا لمن يشغلهم ويدفع لهم، لا للشيعة ولا للسنة. تقولون أن الشيعة هم من تضرر أكثر من البعث، فكونوا المثال الذي تريدون من الآخرين أن يكونوه في تنظيف أجهزة الأمن والحكومة من كل مشبوه كبير.
شكاوى السنة ليست كلها أكاذيب وبحث عن استعادة السلطة التي لايستطيعون العيش بدونها كما توهمكم أجهزة الإعلام الموجهة إليكم، فلم يشعر الغالبية الساحقة من هؤلاء يوماً أنهم كانوا يحكمون عندما كان البعث يحكم، لكي يدمنوا على الحكم. شكاوي السنة في معظمها من تصرفات رعناء لرجال الأمن الذي أسسه الإحتلال وجعل قياداته من وجد من بقايا البعث ممن لا ضمير لهم، اما من كان له ضمير ورفض الإنخراط فقد تخلصوا منهم باغتيالهم وإلقاء التهمة على إيران.
لقد برهن هؤلاء الشرطة أكثر من مرة بأنهم موضع شبهة خطيرة في قضايا كبرى كقضية كنيسة سيدة النجاة وقضية أجهزة المتفجرات، ووضعت القضيتين أمام السلطة أسئلة كبيرة، لو حاولت حلها لكان الإرهاب قد انتهى في العراق أو لوجهت إليه أقسى الضربات، لكن الحكومة تلتزم الصمت المريب عن تلك الأسئلة، وتبدو وكأنها تنتظر المزيد من الإرهاب ليفتك بالمواطنين وليفتك بالوحدة الوطنية ايضاً. سيأتي اليوم الذي يكشف فيه أن الجهاز الأمني بأعلى قياداته هي من كان وراء الإرهاب، وسيتحمل المسؤولية كاملة من كان يرفض التحقيق في تصرفاتها ومتابعة ما يفتضح من الفضائح عنها!

يريد مجانين التطرف أن يثيروا الجميع بدعوى "الشجاعة" ورفض المذلة والرد القاسي على شتائم وتصريحات المقابل. وهل تدخل البلاد حرباً أهلية من اجل معتوه شتم جماعة أو أبله قال أنه لن يسمح لـ "عبد الزهرة" بدخول محافظته؟ إن كنتم تريدون أن تكونوا بعقله فاشتموا الأول، وقولوا للثاني أنكم ستمنعون "عمر" من دخول الناصرية! وإن أمكنكم أن تكونوا أكبر من معتوه، فقولوا أنكم تترفعون عن الشتم ولن تمنعوا أحد من مدنكم بالمقابل، وأجعلوا منهما مضحكة ومسخرة!

العيساوي يصيح بالجمهور: من يحكم إذن؟ فيجيبه الجمهور بصوت واحد: "إيران"! السنة في الوطن العربي عموماً وفي العراق خصوصاً، مصابة اليوم بوباء خبيث إسمه الرعب من إيران. أنتشر هذا الوباء بواسطة أجهزة الإعلام الأمريكية التي أسسها الإحتلال وصار الجميع يتحدث كالمجنون عندما يأتي ذكر إيران.
لا يفترض بالإنسان أن يبني تصوراته السياسية على أمور لا دليل عليها لمجرد أن عواطفه ومخاوفه التي رباها إعلام أمريكي، تشير إليه بذلك، ولطالما سألت كل من يخاف من إيران أن يمدني بدليل واحد على مبرر لهذا الخوف، فلم أجد حتى اليوم سوى التصورات والتقديرات الشخصية غير المبنية على شيء سوى أن ذلك الكلام ضل يتردد في الإعلام حتى صار إدماناً يردده الجميع بلا تفكير. نعم، إيران تتدخل ككل الدول، ونعم إيران تشتري نفطاً مسروقاً من كردستان، واشترت كابلات مسروقة من خطوط الكهرباء العراقية، لكن هذا شيء والرعب من الدولة وإلقاء كل التبعات عليها، شيء آخر. إن الخوف مما لا يخيف ليس ترفاً متاحاً، بل ممارسة خطرة، فهو يدفع بالخائف إلى أحضان ما يخيف حقاً، وما يخيف حقاً هو المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية لإسقاط كل أنظمة المنطقة وتسليمها لعملائها وإرهابييها، ولتحويل المنطقة كلها إلى حواضن إرهاب ترسلها إلى اية دولة لا تعجبها حكومتها، كما أسقطت حكومات ليبيا ومصر وتونس لتكون مصدراً لجيش إرهابي يرسل إلى سوريا، وغداً إن سقطت سوريا فستكون حاضنة للإرهاب الذي يرسل إلى العراق. هذا الخطر كله يهمل ليأتي بدله حذر من إيران!



أنظروا إلى الصور ثانية...هذا ما يدعو إليه الهاشمي وعلاوي والعيساوي اليوم...هذا ما يريدونه لبلادهم فأي نوع من البشر هؤلاء؟ ألا يستحقون أن يعلقوا في المشانق لمجرد رغبتهم تلك وسعيهم إلى هذا الدمار للعراق، حتى لو لم يرتكب أي منهم جرماً، وأي جرم وأية وحشية أكبر من هذه الوحشية؟ أي نوع من البشر من يستسهل ذلك الدمار والموت ويطلبه لمجرد أن يكون في مأمن أو ينتقم من الحكومة التي آذته؟ هل يمكن أن يصدق أحداً أن من يفعل ذلك يطالب بديمقراطية أو ينزعج من دكتاتورية أو يبحث عن مصلحة شعب لا يجد غيضاً من إقامة مذبحة له من اجل تغيير الوضع لصالحه في البلاد، إن بقي شيء بعد ذلك من البلاد؟

ما الذي سنقوله لأولادنا وأحفادنا إن جرى ما جرى، وسألونا لماذا جرى؟ أنقول أننا سمحنا بذلك لأننا غضبنا من مسبة شخص إسمه أحمد العلواني، أو لأننا لم نكن نحب إسم "عبد الزهرة"؟ أم ماذا نقول برأيكم؟ أعطوني سبباً يكفي لتبرير مثل هذا الدمار...

العراقية تهدد بالتدخل الدولي إن لم تخضع الحكومة لمطالبها، أوليس هذا الذي في الصورة نتيجة "التدخل الدولي"؟ هل هذا إلا نتيجة تدخل سفلة "العالم الحر" أميركا وفرنسا وبريطانيا ومن ورائهم جميعاً، إسرائيل ومصالحها التدميرية للمنطقة؟ هل هناك حقاً بشر في العراق أو أي بلد في العالم، يريدون مثل هذا المصير لبلادهم لأي سبب كان؟ ما هو حجم مسبات أحمد العلواني أو حماية العيساوي قياساً بهذا البحر من الهول؟
المؤامرات الجديدة أكبر وأكثر إتقاناً وتعقيداً من كل ما اعتدنا عليه ومن كل ما تمنحنا دراسة التاريخ حصانة منه. إنه جيل جديد من التآمر على الشعوب، سوف يضعها في امتحان بقاء على قيد الحياة لم تمر بمثله شعوب من قبل، فما هي فرصة شعبنا في النجاة؟