مشاكسة وعلى الارض السلام / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يناير 05, 2013, 11:40:15 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
وعلى الارض السلام




مال اللــه فـرج
Malalah_faraj@yahoo.com


دقت الساعة عشر دقات , ودقت دقتين , وغرق العالم بصخب مشاعرالمهنئين , وبجنون مشاعر العشاق والمحبين ' ووسط تطاير الامنيات مثل فراشات ملونة و تبادل التهاني والقبلات    والاماني والصلوات والدعوات الصالحات ' المتمازجة بالاهات و  الدموع والحسرات , والنظرات الشاردة الحزينة الى الافق البعيد لتحتضن بلهفة كل الاحبة الذين طوحت بهم اعاصير الازمات والقت بهم على ارصفة الغربة والمعاناة , حزم عام (2012) حقائبه ورحل ' فاسحا المجال امام موكب عام جديد أطل , ما تزال حقائبه مقفلة على المجهول ' في وقت استقبله الجميع   بالترنيمة الملائكية التي انطلقت لحظة ميلاد رسول المحبة والمغفرة والسلام , السيد المسيح عليه السلام (وعلــى الارض الســلام).
المفارقة المضحكة المبكية ونحن نقف على بوابة عام جديد اننا       مازلنا نردد بأمل ورجاء ما بدأنا بترديده منذ الفي عام (وعلى الارض السلام) دون ان نتقدم خطوة واحدة الى الامام , حيث ما يزال هذا السلام اشبه  بسراب الاحلام , وما زال بعض تجار وسماسرة السياسات والحكومات والبرلمانات هنا وهناك  يسرقون الثروات والمناصب والمغانم والامتيازات ويغتالون الامن والاستقرار والسلام ويقايضون ثروات الشعوب بالازمات والجوع والفقر والمعاناة ومعسول الكلام ، وهم يلوحون كالعادة بشعارات  الامن والرخاء والاستقرار والرفاهية والسلام وبالتوزيع العادل للثروات في وقت تعيش فيه بعض الشعوب على التسول واستجداء الصدقات وتقتات على الفتات وهي تمتلك انواع الثروات.
فوفق تقارير منظمة الاغذية والزراعة العالمية هنالك (868) مليون انسان في العالم يعانون من جوع مزمن , وهنالك مليونان وثمانمائة وثمانون الف طفل يموتون من الجوع سنويا , اما على الصعيد العام فتشير الاحصائيات الى موت شخص واحد كل ثانية في العالم جوعا سواء بشكل مباشر او غير مباشر 'هذا الى جانب ملايين المشردين والمتسولين واطفال الشوارع وسكان المخيمات والذين يقتاتون على فضلات  الطعام وضحايا الحروب  والمنازعات والمهجرين وضحايا الاتجار بالاطفال وبالاعضاء البشرية , وفي الوقت الذين يموت الفقراء جوعا وحرمانا وقد ينقذ بعضهم رغيف خبز ' فان بعض الاثرياء المتاجرين بالقيم الانسانية يبذرون على نزواتهم الكثير دون الالتفات للجائع والفقير , وفي هذا الاطار تناقات اجهزة الاعلام تسابق وتنافس زوجات بعض المسؤولين العرب والاجانب في تبذير الاموال على الماكياجات والعطور والازياء وعمليات التجميل , وعلى سبيل المثال اقتنت زوجة مسؤول عالمي وقلدتها زوجة مسؤول عربي ملابس داخلية بمبلغ خمسين الف دولار ' في وقت ربما تضطر فيه نسوة فقيرات الاستغناء عن ملابسهن الداخلية لتوفير كسرة خبز لاطفالهن ' وفي الوقت الذي يموت فيه مليونان وثمانمائة وثمانون الف طفل من الجوع سنويا فان الكثير من الاغنياء والرؤساء والمسؤولين والسياسيين والبرلمانيين يموتون من التخمة ومضاعفاتها ومن سرطانات البروستات جراء الافراط ليل نهار في العلاقات الجنسية غير الشرعية.   
ولعل ما يثير الهزء والسخرية في هذا العالم الذي يتاجر بشعارات السلام والرفاهية ان ميزانيات وتخصيصات تجارة السلاح والموت تفوق ميزانيات الغذاء والدواء والتعليم 'فكثيرا ما تكون ميزانيات الغذاء محددة وعلنية والميزانيات العسكرية مفتوحة وسرية.   
في خضم ذلك لابد من الاشارة الى شعاع امل انساني ضئيل   
   حيث اقدم عام 2010 كل من الملياردير بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت ووارن بافيت أغنى أغنياء العالم لعام 2009 وثالث أغنى الأغنياء لعام 2012 بالتبرع بنصف ثرواتهما 
للجمعيات الخيرية واليوم بلغ عدد الملياردريه الذين حذوا  حذو غيتس وبافيت 92 مليارديرا , منهم غوردن مور وهو أحد مؤسسي شركة (انتل) و تيد ترنر مؤسس المحطة الإخبارية العالمية "سي إن إن" ولاري إليسونوهو أحد مؤسسي شركة البرمجيات العملاقة (أوراكل) والمخرج الأمريكي الشهير جورج لوكاس وهو مخرج فيلم حرب النجوم (Star Wars) وغيرهم الكثير من الأغنياء.
اما على الصعيد العربي , حيث الالتزام بالقيم الدينية والروحية والانسانية    والتكافل الاجتماعي , خلافا للمجتمعات الغربية (المفككة المنحلة) التي لا يقيم معظمها وزنا لهذه القيم الرفيعة فان الاحصائيات اثبتت امتلاك اغنى خمسين مليارديرا عربيا لثروة بلغت  مائتان واربعة وخمسون مليار وخمسمائة وعشرة ملايين دولار , يقابل  ذلك وجود (275) مليون جائع في افريقيا والشرق الاوسط دون ان نستمع الى خبر بتبرعهم بعشر هذه الثروات للجياع وللاعمال وللجمعيات الخيرية اسوة باغنياء العالم , في وقت اقتنى فيه ملياردير عربي اغلى وافخم  طائرة خاصة أشبه بقصر طائر بقيمة خمسمائة مليون دولار,وبلغت كلفة بعض ديكوراتها الداخلية المغطاة  بالذهب ستون مليون دولار, كما ادعت تقارير اخرى ان الراتب الشهري لمسؤول عربي يعادل رواتب ستة الاف موظف في تلك الدولة واكثر من (100) ضعف راتب الرئيس الامريكي باراك اوباما.
و في العراق الذي يمتلك ثاني اضخم الاحتياطيات النفطية فقد اشارت تقارير احصائية الى ان 20% من سكانه (يتمتعون) بالعيش تحت مستوى خط الفقر, اما (روعة) الخدمات ونزاهة القائمين عليها فقد كشفت تفاصيلها امام العالم اجمع الامطار (الامبريالية) الاخيرة التي اغرقت بغداد , وربما سيدعي بعض السياسيين او المحللين من عباقرة هذا الزمن انه ربما اسهمت (القوى المعارضة للحكومة) والمرتبطة باجندات خارجية عميلة بهطولها بغية احراج  الحكومة واسقاطها.
وبذلك فقد حول بعض اللئام في العالم شعار(وعلى الارض السلام) الى (وعلى الارض الكلام ) , فهل سيكون هذا العام عام الكلام ؟ ام ان بمقدور مسؤولينا تحويله الى عام للسلام والوئام وتحقيق الاحلام والركض الى الامام؟