سفينتنا الوحيدة..إلى أين نبحر بها؟

بدء بواسطة صائب خليل, يونيو 09, 2012, 03:58:05 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

 



حسم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مشكلة كبيرة بإيقاف الاستملاكات التابعة للوقفين السني والشيعي في أنحاء البلاد، ودعا الوقفين للجوء إلى المحكمة الاتحادية في حال الخلاف، وأن تبقى المساجد والمقابر بإدارتها الحالية.(1) وكذلك دعت جميع الأطراف إلى تجاوز الفتنة.
وهكذا، ربما نستطيع القول أن "سفينة" العراق "الواحدة" كما وصفها المالكي في مناسبة قريبة أخرى، والتي نعيش عليها كلنا، شيعة وسنة ومسيحيين وغيرهم، قد نجت من ضربة أخرى كادت تطيح بها.
ولا يسعنا هنا إلا أن نتساءل مرة ثانية: لماذا لا يتم التحرك، إلا حين تصاب تلك "السفينة" بضربة وتوشك على الغرق؟ أولاً، ألم يكن بالإمكان توقع تلك الضربات وتجنبها؟ وثانياً، ألا يفترض أن تستغل الأوقات الأكثر هدوءاً لتقوية دفتها قبل أن تفاجئها العواصف، حيث يكون العمل صعباً وحرجاً؟ والسؤالان يختصران بسؤال واحد: متى يأخذ العراق المبادرة ويفوت الفرصة على أعدائه قبل أن يتيح لهم الفرصة لضربه؟

لقد كتبنا كثيراً عن ضرورة المبادرات لتقوية الأواصر السنية الشيعية في البلاد، وقدمنا مقترحات عديدة لمثل تلك المبادرات منذ سنين وقدم غيرنا ايضاً، لكن المبادرات الوحيدة كانت ما يقدمه الشهداء من دمهم وحياتهم، اما الباقي فهو انتظار سلبي لتلقي الضربات وتحملها والدعوة إلى "عدم الإنجرار للفتنة".

لا اتصور أن السيد المالكي بفريق مستشاريه، لم يكن على اطلاع على ما يجري من قضايا الإستيلاء على الأوقاف، ولا أتصور انه كان صعباًعليه أن يتخيل ما قد تحدثه هذه التحركات في هذه الأوقات الحرجة، فلماذا انتظر أن تزهق ارواح 26 عراقي ليتحرك لوقفها؟
لماذا حدثت الأزمة أصلاً؟ لا أستطيع الحكم من هو صاحب الحق في هذه القضية، لكني أتساءل هل كان هذا "الحق" حرجاً إلى هذه الدرجة لتتم إثارته بهذا التوقيت؟ وهل كانت القضية مصيرية لا تقبل التأجيل، وتقف على رأس سلم أولويات أهداف العراق، ليتم تنفيذها بسرعة وبطريقة الصولات الإستفزازية، ثم ليقول رئيس الوقف الشيعي أنه ماض في تنفيذ النقل مهما تكن النتائج؟ ولماذا لم يجد رئيس الوقف السني الوقت لكي يلجأ إلى المحكمة ويحاول حل الموضوع قبل أن يدلي بتصريحاته الإعلامية؟ لماذا قدم كل منهما الحجة لمن قالا أنه "يريد الفتنة"، ليقوم بتلك الفتنة؟
هل يهم زائر تلك الأضرحة حقاً، من الذي يقيم عليها؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه صراعاً على المال من قبل أنانيين لا يهمهم سوى جمعه لأنفسهم "مهما تكن النتائج" وليذهب العراق إلى الجحيم؟ فأي نوع من البشر يضع نفسه على مسؤولية الوقفين إذن؟ من هذه الحادثة عرفنا أي نوع هم.

لقد كتبنا يوماً أن الإرهاب لا يتم، إلا باستكمال جانبه الإعلامي، حين يهيئ الظروف لكي يتم تفسير جريمته الإرهابية بالطريقة التي تخدم أجندته، فلماذا قدمتما الفرصة للإرهاب بتهيئة الجو الطائفي اللازم لتفسير ضربته الإرهابية على أساس طائفي، فسارع لإستغلالها؟ إن كانت "خلافات إدارية" كما قال الطرفان، فهل عجز الوقفان ووزارة العدل عن حل الخلافات الإدارية إلا من خلال دماء القتلى والجرحى؟

سفينتنا تترنح، ليس فقط بفعل الأخطاء المتكررة المشجعة للطائفية، وإنما ايضاً تلك المشجعة للإرهاب وكذلك الفساد المستشري والإقتصاد غير المخطط والفقر والجهل والتلوث، ولا شيء من هذه الأمور الأساسية يبشر بحل قريب، فكم ضربة جديدة ستتحمل هذه السفينة قبل أن تتحطم تحت ضربات هذه الآفات والفرص التي تقدم لها؟

من يريد أن يواجه عدواً أو مرضاً بشكل جدي، فهو يبدأ ببذل الجهد للتعرف عليه وعلى مواصفاته ونقاط قوته وضعفه، ليضع بعد ذلك استراتيجية محاربته، فما الذي فعلته المؤسسات المختلفة، حكومية وحزبية وثقافية وغيرها، من أجل التعرف على هذه الجرثومة؟
هل يعرف أحد في العراق كيف تتحرك الطائفية؟ هل استحدثت مؤسسة لمراقبة صعودها وهبوطها بين ابناء الشعب العراقي؟ هل هناك إحصاءات حول نسبة من يعتبر نفسه أو غيره طائفياً في كل منطقة في العراق؟ وما هي أهم أسباب الطائفية؟ ما هو مفهوم الطائفية لدى المواطن، وهل مازال مرفوضاً أم أن نسبة تقبله تزداد، أو أنها تقل؟ هل أن الشعور بالطائفية، له أسباب موضوعية، أم أن أغلبه بسبب إعلام خاطئ وكاذب؟ هل نعرف نوع التصريحات والتصرفات التي تثير الطائفية أكثر من غيرها لدى العراقيين؟ هل تتسبب تصرفات الجهة المقابلة بمشاعر الطائفية اكثر أم تشجيع الطائفة التي ينتمي إليها الشخص؟ ما هي الردود المناسبة التي تقلل تلك الطائفية لدى الناس؟

ألا تستحق هذه الأسئلة بعض الجهد والمال لمعرفة أجوبتها؟ كيف نبني المبادرات إن لم نكن نعرف شكل عدونا الذي نحاربه ومواصفاته وما هي طرقه لإختراق جسد المجتمع، وما الذي يكاثره وما الذي يؤذيه؟ وإن لم تكن هناك مبادرات للقضاء على آفاتنا فكيف سننتصر؟ لا يوجد ملاكم مهما كان صلباً، يمكن أن يصمد إلى الأبد وهو يتلقى اللكمات دون ان يردها، ومن يفعل ذلك لا يفيده صموده إلا إطالة زمن انتظار هزيمته القادمة لا محالة!

ربما يتصور المرء أن الطائفية مشكلة عسيرة، وأن الجهل الشعبي هو وراء تلك المشاعر وأن الحكومة ومؤسساتها والمؤسسات الدينية غير قادرة على إقناعه بخطئها، لكن الذي أثار دهشتي أن ردود فعل الناس، (1) وقد تابعتها على احد المواقع الشيعية، فوجدت أن الأغلبية الساحقة من التعليقات كانت شديدة التعقل وأقرب إلى أستنكار إثارة تلك المشكلة بهذه الطريقة وهذا الوقت:

كتبت إحدى المعلقات: "انا ارى انه من الاجدى والانفع والاصوب ان يدمج الوقفين السني والشيعي في دائرة واحدة يطلق عليها دائرة الاوقاف الدينية فذلك اقرب للتقوى وهو ارفع للحرج من هذا لي وهذا لكم وهو اكثر لحمة للمسلمين وهو اول لبنه على طريق نبذ الطائفية وعدم تعميقها ووحدة الصف"

وكتب آخر: " اقترح ان لا تأخذنا العزة بالإثم ونقر بإن تقسيم الأوقاف الى سنية وشيعية كان خطأ جسيما والصحيح هو إعادة توحيدها فورا ,, فهل من مستجيب"
 
وكتب آخر: "ان كنا نطمح على جعل عراقنا الجديد خالي من الطائفية وفيه يسود العدل والاخاء والحرية للجميع , نرجوا القيام فورا في اخماد الفتنة ودمج الوقفين معا وتوحيدهما من اجل ان نستحق رحمة الله تعالى ورضوانه ."

وآخر: " إذا كانت مزارات ومراقد وما شابه ذلك فلماذا هذه الضجة؟ عند هؤلاء او أولئك فالامر سيان والناس تزور مقاماتها مقدساتها حسب اعتقاداتها ولا تراجع في ذلك هذا الوقف ام ذاك.
هل في الامر إثارة فتنة؟ وهل يستدعي الامر ان تدخل قوة عسكرية لتعمل على تغيير ملكية العقاران. كيف كانت تدار سابقا؟ من خلق من الحبة قبة وأشاعها في الاعلام الذي يبحث بين القش على ابرة ليثير فتناً ما وراءها إلاّ الفرقة!"

وآخر: "أقترح أجراء أستفتاء حول هذا الموضوع اي دمج الوقفين .. وكبداية اقترح انشاء لجنه مشتركه للأفتاء وتكون معنيه بأصدار الفتاوي الشرعيه ( العامه ) كتحديد هلال أول الشهر مثلآ وحسب المعايير الشرعيه المتفق عليها على ان تضم اللجنه ممثليين عن كل المرجعيات ومن كل الأتجاهات وبمباركة العلماء الأفاضل ولا أظنهم يعترضون على مثل هذا العمل الذي يراد به توحيد كلمة المسلمين وتكون قراراتها ملزمه للجميع  وبذلك نتخلص من المهازل ( مع الأعتذار لأستعمال هذه الكلمه ) التي تحصل كل سنه "(2)

هذه التعليقات تشير إلى أن الناس أكثر تعقلاً من قادة المؤسسات المذهبية في هذه البلاد، ولو ترك الأمر لهم لما وجدوا مشكلة في ترك الأوقاف حيث هي لحين يمكن التفاهم عليها بروية، فلماذا لم يستطع قادة المذاهب ما يستطيعه أتباعهم، ولماذا لم يكن لديهم من الحكمة ما لدى عامة الناس؟ هل يفترض أن يعلم الناس قادتهم الحرص على البلاد ونبذ الخطاب المثير للفتنة، أم يفترض أن يتعلموا منهم؟

في المانيا، حين أرادوا تطبيق قانون إلزامية ربط حزام الأمان في السيارة لأول مرة، وجدت الحكومة أن الناس قد تخالف القانون ليس تعمداً، بل لأنها ببساطة قد تنسى. لذلك أعلنوا القانون واعطوا شعبهم مهلة 6 أشهر لكي يعتاد الناس على استعماله، وقامت الحكومة خلالها بحملة إعلامية كبيرة من اجله. خلال هذه المدة كانت الشرطة تنبه المخالف دون أن تفرض أية عقوبة.
سيقول قائل: لكننا لسنا في المانيا، وشعبنا ليس الشعب الألماني، وهذا صحيح. لكن هل يكمن الخطأ حقاً في ان شعبنا لا يشبه الشعب الألماني أم أن حكومتنا ومؤسساتنا لا تعامله كما تعامل الحكومة الألمانية والمؤسسات الألمانية، الشعب الألماني؟ لماذا لا تبادر الحكومة والمؤسسات إلى الإلتزام بالأسس الحضارية لعملها وفي معاملتها للناس، لننظر إن كان الشعب سيبقى جاهلاً ورافضاً للنظام وعنيفاً؟ نعلم أن أفراد الحكومة هم من الشعب وبالتالي لا نطالبهم بما فوق اللازم وان تكون الحكومة بهذه الرقة والحرص على مشاعر شعبها في كل القضايا الصغيرة، لكن على الأقل أنا أطالبها بالحرص عليه في القضايا الكبيرة والحرجة والخطرة.

يمكن لأي شخص أن يتوقع أن مثل هذا القانون الجديد الذي يقول الوقف الشيعي أنه يعطيه الحق في الإستيلاء على أوقاف مسجلة باسم الوقف السني، سوف يثير ردود فعل كبيرة، وأنها يمكن أن تستغل لتنفيذ عمليات إرهابية وإثارة فتنة، فإذا كان لا بد منه، فلماذا لم تقم الحكومة بحملة توعية حول هذا القانون ومدى ضرورته وصحته، ليس لستة أشهر كما في المانيا، وليس بكلفة مئات الملايين من الماركات، ولكن لستة أيام فقط، ولتقتصر الحملة على بعض المقابلات التلفزيونية مثلاً. أي شرح وتوضيح سوف يهدئ النفوس ويطمئن المخاوف والقلق ويسكت الاصوات المغرضة ويقطع فتيل الإنفجار المحتمل.
الغريب أن الحكومة تدرك وتتمكن من التصرف بحضارية عندما يتعلق الأمر بالأجانب، لكنها على ما يبدو لا تهتم بمشاعر شعبها بقدر اهتمامها بموقفها من الأجانب. مثلاً، لقد كان طرد منظمة مجاهدي خلق حق للحكومة العراقية منذ اليوم الأول، فقد بادرت خلق إلى مهاجمة الحكومة بكل صلافة متهمة 30 الف من منتسبيها بالعمالة لإيران، هذا إضافة إلى مواقفها الإجرامية السابقة والشكوك التي تدور حول استمرارها بها لحساب الإحتلال. ورغم ذلك تأنت الحكومة وتعاملت بهدوء وروية واستمرت في جهودها، ليس شهوراً، بل سنيناً، قبل حتى أن تفرض أول دخول لها إلى "أشرف"، لكي لا تثير عليها الرأي العالمي الذي لن يتفهم أي تدخل سريع وعنيف للحكومة، خاصة إن لم تبرهن أنها حاولت كل الطرق السلمية أولاً لإخراج المنظمة.

وعندما جاء وقت محاسبة صدام حسين على جرائمه، وقفت الحكومة موقفاً "حضاريا" أمام العالم وحاكمته محاكمة علنية لم تشهد المنطقة مثلها، مهما قيل عن سلبياتها الفعلية، لتبرهن للعالم أنها دولة القانون. لكن هذا المقياس القانوني إختفى تماماً حين أرادت الحكومة محاسبة المتهمين الذين لا يهتم الرأي العام العالمي بهم، مثل الأفراد العاديين من السنة والشيعة وكل منهما لديه أمثلة لا حصر لها على ذلك. وحتى حين كان لدى هؤلاء ممثلون أقوياء في البرلمان وفي الحكومة، فإن القضاء "الجديد" تجاهل صرخاتهم، ولا أزال أذكر أصوات الصدريين المرتفعة عن حرق بيوتهم واغتيال أفرادهم وتجاهل الأجهزة الحكومية تنفيذ حتى قرارات القضاء بالإفراج عن منتسبيهم أو القاء القبض على من أساء لهم.

وعندما كتبت صحيفة أجنبية تتهم رئيس الحكومة بدعم حكومة سوريا، سارع السيد المالكي بالرد عليها وتوضيح موقفه، لكنه تجاهل، ومايزال يتجاهل تماماً، الأسئلة التي يطرحها شعبه وناخبوه حول المساعدة المشبوهة الغريبة إلى حكومة الأردن، التي كانت مواقفها دائماً الإساءة والأذى للشعب العراقي على مدى تاريخ علاقتها معه!

فلماذا أسئلة الأجانب وحدها محل اهتمامكم السريع يا سيادة الرئيس؟ وهل كانت محاكمة صدام حسين العلنية مؤشراً على عراق قانون جديد، أم استعراض أمام الإعلام العالمي؟ هل كان الإهتمام بها، إهتماماً بالعراق وتأسيساً لحضارة جديدة، أم خضوعاً لضغط دولي، ما إن يختفي هذا الضغط، حتى يعود العراق إلى ما عرفه العراقيون من ظلم؟ ولماذا الصبر الطويل والجهد الكبير على عصابة (خلق)، من مجرمين ملطخة ايديهم بدم العراقيين، وموضوعة في قوائم الإرهاب، وهي قضية خطيرة لا تقبل التأجيل، وليس هناك أي جهد أو وقت لضمان أن يفهم العراقيون القرار الحكومي الإداري المتعلق بهم على حقيقته، فلا تستثار الضغائن ولا تعطى الفرص للفتنة والإرهاب؟

ألا تستحق سفينتنا الوحيدة كما تقول أيها السيد المالكي عناية أكبر منك، من جهد ومال، كعنايتك مثلاً بالمؤتمرات الدولية؟ أليس من السليم أن يقود المرء سفينته لتعبر العاصفة بسلام أولاً، قبل أن يتحدث عن "قيادة العرب" و "مكانة العراق الدولية"؟ ما الذي يستفيده القائد إن "كسب ثقة العالم وخسر ثقة شعبه"؟
أرسلت هذه المقالة قبل نشرها لصديق في العراق ، فقال أننا لا نشعر بأن السفينة تسير، إلا اللهم من خلال "دوار البحر" الذي نجد أنفسنا فيه بشكل مستمر! ولكي أكون واضحاً، أؤكد لك أن هذا الصديق من طائفتك نفسها بل ومن الذين اصطدمت معهم يوماً حين كان يدافع عنك بما اعتبرته أنا تطرفاً وتحيزاً!

لقد وقف الشعب معك في هذه المؤامرة - الدولية - لإسقاطك، ولولا ذلك لما صمدت، فما يرعب خصومك ويوقفهم عند حدهم، ليس خطاباتك ولا قوتك العسكرية ولا مكانتك الدولية، فهذه كلها يمكن أن تطير بنقرة أصبع واحد، كما طارت من كانت أقوى منها من قبل، وإنما يتراجعون خشية ردة فعل الشعب المؤيد لك، فقف معه بصدق كما يقف معك، وأثبت له أنه مركز اهتمامك، بأفعال مبرهنة، وليس بحركات وأقوال إعلامية قد تنطلي على البعض المؤمن بك - بعض الوقت، لكن ليس الجميع وليس إلى الأبد...

سوف نصدق أهتمامك بالشعب فقط عندما نسمع أنك قررت أن لا يبدأ العمل بمبنى مجلس الوزراء الجديد الفخم أو مجمعات المولات الباذخة، قبل أن تنتهي آخر مدرسة طينية في البلاد...
وسنشعر أن لدينا رئيس حكومة منتخبة من الشعب وللشعب، عندما تعتذر للأشقاء والأصدقاء عن استضافة مؤتمر، لأنك خصصت أمواله لمؤسسة لدراسة ومحاربة الطائفية والإرهاب التي تفتك ببلادك...
وعندما ترفض تخصيص الأموال لوزارة الدفاع لإستعمال "النانو تكنولوجي" حتى يتم محو الأمية في البلاد.

ونؤمن بالديمقراطية عندما يتمكن العراقيون أن يختاروا ما يشاؤون من الأسماء لأولادهم دون خشية عليهم....
وعندما تهتم الحكومة بمشاعر الناس ورأيهم، فلا تقدم على أية خطوة قبل بذل الجهد الممكن لشرحها للناس ومناقشتها، فتعطيهم الإحساس بأن هذا وطنهم، وبأنهم هم من يحكم ويقرر، وأن تنفذ القرارات بأفضل طريقة حضارية ممكنة، خاصة في القضايا الحساسة المثيرة للفتنة...

وسوف نثق بشفافيتك عندما نراك تضرب الفساد والإرهاب دائماً وفي كل وقت، وليس فقط في الوقت الذي يناسبك شخصياً....
وعندما تواجه حكومتك الفضائح الكبيرة بصدق، وتتوقف عن الإعتماد على نسيان الناس لها بعد حين...
وعندما تخبرنا بوضوح ماهي مصالحنا المشتركة مع حلف الناتو أوالبنك الدولي...وما هي الإتفاقات معه ولماذا لا بد منها لنا....

وسنشعر أننا نفهم ما يدور حولنا عندما لا تستبدل أسماء الإتفاقيات، إرضاءاً للأجانب، بأسماء تهدف إلى إبعاد الناس عن محتواها الحقيقي، أو مراوغة حق البرلمان في الإطلاع والتصويت عليها....
وعندما يوقف العراق مساعداته النفطية لأية دولة، لحين يحصل التلميذ العراقي على وجبة طعام يومية بسيطة، تقيه ألم الجوع وسوء التغذية....

ونتأكد أن الأشراف في حكومتك وكتلتك هم الأكثرية، عندما تخلو المحافظات من الأزبال، ولا تعود بغداد تتسابق على جائزة أكثر مدن العالم تلوثاً...
وعندما يفشل "الخبثاء" من منعها من تخصيص المال لمساكن الفقراء، مثلما يفشلون في منعها من تخصيصه للمؤتمرات "الناجحة"، وليس بمسرحيات التهديد بالإستقالة من البرلمان...

سنطمئن إلى زوال الدكتاتورية عندما لا تلجأ الحكومة إلى "صولات العسكر" المدوية التي تترك الشوارع والأذهان ملوثة بالدماء والحنق، إلا بعد إعطاء كل الفرصة لصولات القانون التي تنجز عملها بهمس وحزم، ولا تترك في الذاكرة إلا الإحترام والإعتراف والتقدير...

وسوف نطمئن على مستقبل اجيالنا وبلادنا عندما تحدد كمية النفط المستخرجة، ليس لأن الحكومة تريد أن "تنافس السعودية" أو أن "نلعب دوراً مؤثراً في الوضع الدولي" أو أن "نقدم بديلاً لأوروبا عن نفط روسيا" أو أن "يصبح العراق مجهز الطاقة للعالم"، كما هي شعارات اليوم، وإنما يحدده فقط ، وبكل تواضع، ما يحتاجه العراق في خطته التنموية من أموال وما يستطيع التصرف به، لا أقل ولا أكثر.....

عندما نشعر أن ربان السفينة مهتم بصلابتها أكثر من أهتمامه كيف تبدو ويبدو للآخرين...
عندها فقط نطمئن على أن سفينتنا الوحيدة، بأيد أمينة، وأن العراق لن يغرق.

(1) http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=17512
(2) http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=15815