من الذي يسئ الى المسلمين ومقدساتهم .. الغرب أم المسلمون؟ /عبد الغني علي يحيى

بدء بواسطة matoka, مايو 08, 2012, 10:35:51 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

من الذي يسئ الى المسلمين ومقدساتهم .. الغرب أم المسلمون؟



شفق نيوز/ عبد الغني علي يحيى
السبت, 05 أيار/مايو 2012

قبل أيام نقلت الوكالات خبراً عن قيام القس تيري جونز بولاية فلوريدا الامريكية بحرق نسخ من القران الكريم لأجل حمل طهران على اطلاق سراح قس مسجون لديها.

اللافت ان الحرق (المزعوم) للمصحف الشريف هذه المرة لم يثر احتجاجاً لدى العالم الاسلامي كالذي أثاره التهديد بحرقه قبل نحو عامين وتراجع جونز عن تهديده فيما بعد، ولما سئل يومذاك عن السبب في عدوله عن حرق الكتاب الكريم، كان رده  محل دهشة واستغراب حين قال :(لم اكن أنوي ابدا حرق القران، كل ما أردته هو جعل العالم يقف على مدى التعصب في نفوس المسلمين).

وفي عملية اخرى تلت تراجع جونز أنذاك عن عزمه، ذكر ان بعضهم اقدم على اضرام النار في القران الكريم، الطريف ان ردود الفعل عليهم لم تكن في مستوى ردود الفعل على تهديد جونز بحرقه، فلقد جاءت ردود الفعل على القول اقوى منه على الفعل!

ويبدو من خلال العد التنازلي للاحتجاجات تراجع تدريجي عنها، فاخر خبر عن ادعاء جونز بحرق القران، لم تكن له أصداء تذكر، وقوبل الخبر بعدم اكتراث العالم الاسلامي، وهو الصحيح.

ويخيل لي ان جونز رغم ادعائه لم يقدم على حرق القران هذه المرة ايضاً بل اشعل النار في كتب عادية لأيهام المسلمين بانه احرق القران على امل ان يثير بعضاً منهم لا اكثر.

وقبل جونز باعوام، كان الرسام الدانيماركي الذي اساءت رسوم كاريكاتيرية له الى النبي محمد (ص) قد قال بدوره انه (لم يتطاول على النبي (ص) والعتب على الذين فسروا عمله خطاً).

عليه وازاء تجاهل المسلمين لفعل جونز المزعوم، لا يسع المرء الا ان يقيم عاليا ضبط النفس الذي أظهروه، فلو كانوا قد تصرفوا وفق ما أراده جونز لكانوا قد عملوا ما يشبه صب الزيت على النار وزادوا التعصب تعصباً والفجوة بين المسلمين والمسيحيين الذين غالبا ما اخذوا بذنب الافراد منهم (جونز) أو الرسام الدانيماركي على سبيل المثال.

علماً ان التطاول والاعتداء على الدين الاسلامي ومقدسات المسلمين يأتي بدرجة أولى من المسلمين وليس المسيحيين أو الغربيين، فتزامناً مع الحملة التي نددت بتهديد جونز في وقته جرى افتتاح مسجد في منطقة كندية محاذية للقطب الشمالي وذلك وسط مراسيم مهيبة لم يتخلف المسيحيون من المشاركة فيها على الصعيدين الرسمي والشعبي.

وفي الثلث الاخير من القرن الماضي كان الكاتب الهندي المسلم سلمان رشدي في كتابه ايات شيطانية من اشد المهاجمين للدين الاسلامي يومذاك، حتى انه جلب على نفسه عاصفة من الاحتجاجات في العالم الاسلامي، ما دفع بالأمام الخميني الى ان يفتي بهدر دمه.

وفيما بعد خطت الكاتبة البنغلاديشية المسلمة تسليمه نسرين خطوة مماثلة لتلك التي خطاها رشدي في اصدارها كتاباً استفز مشاعر المسلمين في بلدها بالاخص الذي شهد تظاهرات استنكار وحرق لكتابها.

ومنذ رشدي ونسرين وقبلهما ايضاً، فان الاساءة الى الدين الاسلامي اتخذت وتتخذ اشكالاً شتى وعلى يد المسلمين انفسهم، ففي اكثرمن مرة، تم الكشف في معبر باشماغ الحدودي بين العراق وايران، استخدام تجار ايرانيين لأوراق الذكر الحكيم في تغليف التفاح الايراني المصدر الى العراق، ولم يحتج احد على جانبي الحدود على ذلك، واثبت الكورد وعياً رفيعاً بتجاهلهم لذلك السلوك المستفز، وكان حرياً بوسائل الأعلام الترفع عن الخوض فيه، فهكذا عمل اولى بأن يقبر من أن ينشر.

وتوالت الاعتداءات والاساءات الى الدين الأسلامي ودور العبادة الاسلامية وشخص النبي محمد(ص). وعلى يد المتشددين الأسلاميين طبعاً، فعلى سبيل المثال اعتقلت السلطات الماليزية الصحفي السعودي (حمزه كاشفري) الذي تهجم على النبي (ص) في يوم ميلاده وعده انساناًعادياً وليس نبياً، بعد ذلك سلم الى الحكومة السعودية لتبت في أمره.

وفي تونس حصلت حوادث قيمت على انها مساس بالدين الاسلامي، اما في الكويت فأن تجاوز احدهم على النبي (ص) حدا بالحكومة الكويتية الى اصدار قانون يقضي باعدام كل من يسيى الى النبي (ص) وزوجاته والى الذات الالهية ايضاً، بالكلام البذئ.

وبدرجات متفاوته شهدت بلدان في العالم الاسلامي وماتزال، وفي مقدمتها العراق خروقات بحق الدين الاسلامي وطعوناً ضد المقدسات الاسلامية وكان القائمون بها وما يزال المسلمون أنفسهم، وعلى ذكر العراق قتل العديد من رجال الدين المسلمين من سنة وشيعة، ومن رجال الدين المسيحيين ايضاً، بحيث لم تسلم منها حتى المرجعيات الدينية الشيعية، اذ يكاد لا يمر يوم دون أن تمتد اشكال من الاعتداءات الى رموز دينية شيعية من وكلاء المراجع الدينية الشيعية وغيرهم، دع جانباً التخريب والتدمير الذي الحقه ويلحقه بعضهم بالمساجد ودورالعبادة الشيعية والسنية على حد سواء وعلى ايدي المتشددين المسلمين.

أما حال رجال الدين المسيحيين والكنائس والاديرة ومنذ اعوام فيرثى له، ففي الاعوام الماضية دمرت كنائس وأديرة في بغداد والموصل وكركوك وذبح ذبح الشاة العديد من القساوسة ورجال الدين المسيحيين وعلى يد منظمات ارهابية تدعي الاسلام، وأدت هذه الاعتداءات الى هجرة وفرار الالاف من المسيحيين من العراق الى كوردستان والغرب طلباً للحماية والأمان.

وليس المسيحيون أو الايزيديون وحدهم الذين يفرون من المتشددين الاسلاميين، بل ان المسلمين انفسهم يهربون منهم، اذ يوجد حالياً في بلدان العالم المسيحي في الغرب الملايين من المسلمين الشرقيين الذين يعيشون فيها معززين مكرمين، في حين لم يسجل لجوء أي غربي مسيحي الى الدول العربية والأسلامية طلباً للأمن والرزق والاستقرار.

عدا ذلك، هنالك بؤر توتر دائمة في الدول الاسلامية تسئ الى الاسلام والمقدسات الاسلامية، ففي نجيريا مثلاً تعيث عصابة (يوكو حرام) فساداً وتعتدي بشكل شبه يومي على المسيحيين وكنائسهم، ولا تقل خطورة فتاوى بعض من رجال الدين السعوديين على الاسلام عن خطورة  (يوكو حرام) على الاسلام سيما الفتاوى التي تنتقص من الشيعة، وفي احداها ورد تحريض على هدم الكنائس.

واعود الى العراق الذي بلغت فيه الفتنة الطائفية ذروتها والتي يمارسها متشددون سنة ضد الشيعة، اذ على مدى السنوات المنصرمة احرقوا ودمروا العديد من الحسينيات وفجروا مصلين اثناء ادائهم صلاة الجمعة، بالمقابل فان المتشددين الشيعة لم يتوانوا عن اتباع النهج الطائفي الدموي نفسه ضد السنة، وانجرت حكومة المالكي في الاونة الاخيرة الى الطائفية في تصرفاتها ضد السنة والكورد كذلك، وابلغ دليل على ذلك استيلاءها على (5000) كيلومتر مربع من اراضي الوقف السني في محافظة كركوك وضمها الى الوقف الشيعي، ما أثار سخطاً واسعا من لدن اوسع قطاعات الشعب العراقي من الكورد والعرب السنة في ان معاً.

في الماضي غالباً ما كان الامريكان والاسرائيلون يتهمون باذكاء نار الفرقة والطائفية والعنصرية بين العراقيين، وطوال الاعوام السابقة، كانت اصابع الاتهام تشير الى الامريكان، ولكن بعد شهور من انسحاب الامريكان من العراق وبألحاح من السنة والشيعة فان المصادمات الطائفية ازدادت واتخذت اشكالا عدة تهدد العملية السياسية بالفناء.

وفي زيارته الى أربيل برأ الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ساحة اليهود مما يجري في العراق وبشكل غير مباشر، حين قال بخلو كردستان من اليهود وعدم تواجدهم في العراق.

عليه فان اتهام الصهيونية بتأجيج الصراع الطائفي أو العرقي في العراق لا يغدو سوى رمياً للحصو في الظلام ولا ينطلي الا على السذج من الناس، فكل الدلائل تشير الى ان المتشددين الاسلاميين هم الذين يسيؤن الى الاسلام والى غير المسلمين ايضاً وليس الغرب او العالم المسيحي.

لما تقدم على منظمة التعاون الاسلامي والأتحاد العالمي لعلماء المسلمين والأزهر الشريف وجميع رجال الدين الاسلامي اينما كانوا ووجدوا التصدي للافعال المسيئة للأسلام والمقدسات الاسلامية التي ترتكبها القوى الاسلامية المتشددة وايقافها عند حدها، والا فان العالم الاسلامي في حال ترك الحبل على الغارب لتلك القوى، سيواجه مصيراً مظلماً لا يحسد عليه.






Matty AL Mache