قصة قصيرة/البدلة الصيفية و الحزام

بدء بواسطة حكمت عبوش, مارس 20, 2012, 04:40:35 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

قصة قصيرة
البدلة الصيفية و الحزام
                                                                      حكمت عبوش
في بداية شهر حزيران اتفق الخطيبان هند و ياسر و الأهل أن يكون الزواج بعد شهر ففرح الجميع و جلس الأب و الأم و الخطيبة و أخوها عادل ليتبادلوا الحديث حول ترتيبات الزفاف و ما يحتاجه من مصاريف و هم لا يملكون فلسا زائدا في البيت فالوالد متقاعد و الأم ربة بيت و هند خريجة كلية التربية لكنها عاطلة و أخوها لازال طالبا جامعيا أما الصغيرة نغم فهي في الأول متوسط و الأصغر منها آخر العنقود سهم في الخامس الابتدائي. و بدأوا يتداولون بأسماء الأقارب و الأصدقاء الذين يمكن طلب مساعدتهم و الاقتراض منهم لتغطية مصاريف الزواج و هم في غمرة النقاش قال الأب بهدوء: إن سلفة البنك  هي خير الحلول و مقدارها ثلاثة ملايين و ستكفي لكل شئ فردت زوجته بعد تفكير متسائلة: و هل حسبت استقطاعات البنك؟ كم سيبقى من راتبك التقاعدي؟ و هل سيكفينا؟ فأجابها الزوج: لقد حسبت هذا و لازم نقلل من مصاريفنا و أكمل ضاحكا: و نشد الأحزمة على البطون كما يقولون و هذا أحسن من تحميل الأقارب و الأصدقاء ثقلا ربما هم غير مهيئين لتحمله فيزعجهم و إن كانوا لا يظهرون ذلك فأيده الباقون و لكن في صبيحة احد الأيام القريبة من يوم الزفاف و بعد الفطور فاجأته زوجته بسؤالها: و أنت ماذا تقول؟ فأجاب عن ماذا؟ فأكملت: ألن تشتري لك بدله لعرس ابنتك؟ فأجاب مبهورا: و من أين اشتريها؟ أاستدين ثمنها؟ كلا لن استدين فلسا واحدا لشراء بدله لي و هنا تدخلت هند التي كانت تسمع الكلام: فعلا بابا كلام ماما صحيح و سألته ضاحكة: أيجوز أبو هند أن يستقبل المدعوين إلى عرس ابنته المدرّسة و لو(مع وقف التنفيذ) بملابسه العتيقة؟ فابتسم وهو يجيبها: كلا لا يعجبني ذلك و لكن لا املك ثمن البدلة ثم شرائي للبدلة هو تضييع للفلوس فانا لن أرتديها سوى يوم أو يومين ثم سأركنها في الخزانة و في الشتاء لن استطيع استعمالها فهي خفيفة و ستكون باردة و لن تدفئني ثم و هو يحاول إبعاد البدلة عنه: حتى إنها غير جميلة فهي ستكون مثل بدله جارنا أبو خالد فقالت زوجته: كلا لن تضيع الفلوس و سوف يبقى لدينا ما يكفي للحفلة فتنحنح الأب و تساءل باحتجاج: من أين ستبقى لنا الفلوس و قد حسبنا لكل شيء حسابه بدقة و أنا أريد أن تكون ليلة حنة هند و عرسها بأبهى صورة و لكن كما تعرفون إن المصاريف كثيرة، إيجار القاعة و الطعام و المشروب و الفرقة و الطالعة و النازلة، مصاريف لا تعرف من أين تأتي. فقالت زوجته كأنها تعلن نصرا: أبشرك هند و خطيبها اتفقا أن تكون حفلة ليلة الحنة مشتركة بيننا و بينهم فهو و أهله سيدعون أصدقائهم المقربون و أقاربهم إلى ليلة العرس و سأل ياسر هند: أليس جميلا أن تكون ليلة الحنة مشتركة و سنتحمل نصف نفقات ليلة الحنة فوافقت و لكنها قالت له إن موافقتي مشروطة بموافقة أهلي. فانا الآن موافقة و أنت ماذا تقول أبو هند؟     
فأجاب الأب بهدوء كعادته: إذا كان العروسان موافقين فلماذا لا،أنا ليس عندي مانع و بفرح قالت هند: شكرا بابا فنحن كنا قد خصصنا في حساباتنا لليلة الحنة مليون دينار و الآن نصفه سيبقى لنا و تستطيع أنت أن تشتري بدلتك منه و سيزيد كثيرا فاقتنع أبو هند بشراء البدلة و لكن ليس بحماس فالبدلات التي رآها عرضا في الأيام الأخيرة و هي معلقة في معرض أو معرضين للملابس كانت بياقة قصيرة و يغلب عليها السواد و يعوزها الشئ الكثير من الأناقة و لم يتوفر أحسن منها حتى في معارض مركز القضاء كما أشار بعض الأصدقاء ورغم ذلك قال لها و هو يضحك: حسنا سأشتري و كان هذا. فاشترى البدلة و لبسها ليلة الحنة ثم في يوم الزفاف و بعدها علقها في خزانة الملابس و هو يقول مازحا لزوجته: لتختمر. و ظلت عائلة أبو هند تستخدم بقايا النصف مليون الأخرى في ترقيع و سد مصاريفهم الشهرية و التي لم يستطع راتبهم الذي يستلمونه كل شهرين من سدها إذ كان حتى للصغيرين حاجاتهما الصغيرة و لكنها المكلفة أحيانا. و عندما جاءت أشهر الخريف التي أصبحت دافئة في السنوات الأخيرة لم يشعر بحاجته للبدلة. و لكن بمجيء كانون الأول بردت الأيام فأراد أن يرتديها و لكنه بعد تفكير قال: لا لأرجئ ارتداءها إلى عيد الميلاد و هو سيأتي في الخامس و العشرين من الشهر و عندما اطل العيد و أخرجها قالت زوجته و هي تضحك: اعتقد إنها اختمرت الآن فبادلها الضحك و قال: سنرى. و في الحقيقة لم و لن تختمر و تصبح جاهزة للارتداء دون البلوز الشتوي و الملابس الداخلية الطويلة و فعلا استخدمها فكانت مناسبة في النهار أما في الليل فلم تستطع البدلة أن توفر له الدفء الكافي و عندما ودع صديقا زائرا أتاه مساءا مشى معه قليلا خارج الدار لكنه عاد مسرعا بسبب البرد و قرر أن لا يخرج ببدلته تلك ليلا أبدا و ابلغ ذلك لزوجته عندما جلسا يفكران و يتشاوران بعد العيد بكيفية استقبالهم لليلة رأس السنة حيث لم يبق لإقبالها سوى أيام معدودات فسألت زوجته: إذن لن نستطيع تلبية دعوة أخيك و لا دعوة هند لقضاء ليلة رأس السنة معهم؟ فأجابها كلا لن استطيع تلبية دعوة كليهما. فقالت زوجته بحسرة: آوه كم كانت هند يعجبها أن نلتقي معا هذه الليلة. فأجابها تستطيع هند و زوجها مشاركتنا بالاحتفال بعد الثانية عشر حيث تطل السنة الجديدة و هما شابان يستطيعان السير و هذا ما يفعله الكثيرون و اعتدلت أم هند في جلستها حيث تذكرت أمرا اعتبرته مناسبا و قالت: لقد سمعت إن هناك (جاكيت) جوزي ثخين و معه بنطلون اقل دكنة منها أي جوزي فاتح أو (بيج) لكنه شتوي و كلها بـ 70 ألف دينار و سيشكلان (بدلة سبورت) جميلة فما رأيك لو نشتريها لك؟ فاستغرق بضحكة طويلة و بدون مقدمات سألها: كم بقي لنا من فلوس السلفة اليوم؟ فأجابته: خمسون ألفا ثم سألها ثانية: و قسط سيارة ابنك التي توصله إلى الجامعة و مصروفه الشهري كم يبلغ؟ و بسرعة أجابت: آوه أنا نسيت قسط السيارة و مصروفات عادل أنا آسفة فرد بهدوء: علينا أن نفكر بعقلانية و أذكرك أيضا بفلوس الماء التي لم ندفعها و هي أكثر من ستين ألف دينار و هي تجبى كل ثلاثة أشهر فمن أين نأتي بهذه المبالغ و السماء كما تعرفين لا تمطر ذهبا و لا نقودا ثم خفت لهجته و قال مبتسما: لو كان عندنا نقود لكنت أنت أول من تستحقين شراء ملابس لك فمنذ كم سنة و أنت تحجمين عن شراء جاكيت أو فستان جميل؟ فأجابته: أنا لي ما يكفي من ملابسي القديمة فما زالت جيدة و لكن أنت ملابسك عتيقة فبناطيلك و جاكيتك من (اللنكات) من الملابس المستعملة فاستغرق في الضحك و هنا اقبل ابنهم عادل الذي كان يقرأ في الغرفة المجاورة فشاركهم الحديث قائلا: آه يا بابا لو كان يعطون لكم ما تستحقونه انتم جماعة المتقاعدين لكان هذا شيئا جيدا إنكم مظلومون فقالت الأم بلهجة آمرة: اتركونا بعيدا عن الظلم فهو يجلب الكلام عن السياسة و هذا لا يفيدنا و أحسن لكما أن لا تخوضا الكلام فيه فرد أبو هند: و من أين سمعت إن الكلام في الرواتب و الأجور و حتى في السياسة ممنوع إن المطالبة بالحقوق شيء مشروع و مقبول و ليس ممنوعا. فأكمل ولدها: ألا يستحق بابا و قد أفنى شبابه في خدمة الدولة أن يكون راتبه التقاعدي مريحا و يوفر له و لنا الأكل و الملابس اللائقة و كل حاجيات الحياة كاملة و بدون أن يمد يده لأي واحد؟ ألا تستحق ابنتك هند أن تتعين و قد مرت سنتان على تخرجها؟ ألا استحق أنا مخصصات دراسية تمنحها كل الدول المتمكنة لطلاب الجامعة؟ هل نحن بلد فقير؟ فأجابت الأم بعد أن لانت قليلا: إن كلامكم صحيح و مقنع و مطالباتكم عادلة و لكن ما لا نريده هو أن تحسب حساب آخر و يساء فهمها. فضحك الاثنان من كلامها، و قال الأب بجد: لقد أصبح هذا هما مسيطرا علينا فسأله عادل: و ما هو هذا الهم بابا؟ أجاب الأب مع بعض السخرية: الهم هو، إذا شددنا حزامنا أكثر مما يجب نخشى عليه من الانقطاع.


بهنام شابا شمني

قصة هي من صلب الواقع وتبين معاناة الكثير من المتقاعدين في تامين مصاريف المهيشة وتطرح موضوعا مهما هو التقنين في مصاريف حفلات الزواج

شكرا استاذنا العزيز

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

dr_waseem


السيد حكمت عبوش

قصه معبره, جميلة المعاني
شكرا لك

تحياتي