المنشور البطريركي العام للكنيسة السريانية بمناسبة عيد القيامة المجيدة

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 13, 2012, 09:29:03 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

المنشور البطريركي العام للكنيسة السريانية بمناسبة عيد القيامة المجيدة


نهدي البركة الرسولية والأدعية الخيرية إلى إخوتنا الأجلاء صاحب الغبطة مار باسيليوس توماس الأول مفريان الهند، وأصحاب النيافة المطارنة الجزيل وقارهم، وحضرات أبنائنا الروحيين نواب الأبرشيات والخوارنة والرهبان والقسوس والراهبات والشمامسة الموقّرين والشماسات الفاضلات، ولفيف أفراد شعبنا السرياني الأرثوذكسي المكرّمين، شملتهم العناية الربّانية بشفاعة السيدة العذراء مريم والدة الإله ومار بطرس هامة الرسل وسائر الشهداء والقديسين، آمين.

أيها الأحباء، يطيب لنا أن نهنئكم بعيد قيامة مخلصنا يسوع المسيح من بين الأموات. لقد صُمنا جميعنا بنيّة صادقة وتوبة نصوحة، وسِرنا مع الرب في درب آلامه الخلاصية، وها نحن اليوم يحقُّ لنا أن نفرح بقيامته، إذ أنَّ المسيحَ قام حقاً، وأقامنا معه بعد أن خلّصنا من أعدائنا الموت والخطيئة والشيطان، وذلك بقطرات دمه التي سفكها من أجلنا على الصليب.

كان ذلك في رابعة نهار يوم الجمعة، إذ حجبت الشمسُ نورَها حزناً، وتبدد تلاميذ الرب، «لأنه مكتوب أني أضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية» (مت26: 31)، فجاء بعض الذين كانوا يتتبعون الرب ويسمعون مواعظه ويشاهدون عجائبه، أو كانوا يزورونه سراً كنيقوديموس ويوسف الرامي وغيرهما، جاؤوا يعلنون تلمذتهم ويأخذون جسد الرب، بعد أن تأكَّد بيلاطس أنه حقاً مات، وسَمح بأن يأخذه يوسف الرامي فدفنه هذا في بستانه في قبر جديد منحوت في الصخر، وكان نيقوديموس قد أحضر المرّ والطيوب والأكفان البيضاء، فكفَّنا جسد الرب يسوع وحنطاه ودفناه في ذلك القبر الجديد، ودُحرج حجر عظيم على باب القبر.

ولكن، هل يا ترى يبقى يسوع المسيح الذي أقام الموتى بكلمة من فيه جثة هامدة باردة في ذلك القبر الصغير؟

لو كان ذلك كذلك، لقال عنه التاريخ: إنه كان نبياً عظيماً، علّم الناس طريق الحياة، وإنه اجترح المعجزات الباهرات، ولكنه مات كما مات سائر الأنبياء، ووئدت معه في قبره ديانته السامية ومطالبه الإلهية. ولكن الرب يسوع بتجسده وموته وقيامته يُعلن أنه إنما تجسّد ليموت فداءاً عن البشرية، فهو ذبيحة الكفارة التي كان لا بدّ أن تقدّم لينال الإنسان مغفرة الخطايا، لذلك كان لابدّ أيضاً أن يقوم من الأموات ليُعلن بقيامته حقيقة قبول الآب السماوي تلك الذبيحة الكفارية.

فإذا كانت الشمس قد حَجبَت نورها في رابعة نهار يوم الجمعة، ففي فجر يوم الأحد تلك الشمس أشرقت، وانفجر الفجر، وظهر شمس البر المسيح يسوع قائماً من بين الأموات، والصخرة العظيمة التي كانت موضوعة على باب القبر لم تتزعزع أولاً، وأختام المملكة لم تنثلم. قام المسيح وترك الأكفان ملفوفة منظّمة وكأن في داخلها الجسد الطاهر، والمنديل الذي كان على الرأس كان أيضاً ملفوفاً منظماً، بعدئذ تزلزلت الأرض وأبرقت السماء ونزل ملاك الرب من السماء ودحرج الحجر لتأتي النسوة وتجدن القبر فارغاً، كانت المرأة آخر من ودَّعه قبل أن دُفن، وكانت المرأة أول من رآه قائماً من بين الأموات.

أجل لقد قام المسيح من بين الأموات، وشهود القيامة لا يحصى لهم عدد، فقد رأوه وسمعوه وأكلوا وشربوا معه بعد قيامته، حينذاك فقط أعلنوا هذه الحقيقة الإلهية أن المسيح قام من بين الأموات، مات لأجل خلاصنا، وقام وأقامنا معه، وأجلسنا معه في السموات.

أيها الأحباء لنكن جميعاً شهوداً صادقين لقيامة الرب يسوع من بين الأموات، ونسأله ليؤهلنا بإيماننا به أنه: «هو القيامة والحياة ومن آمن به وإن مات فسيحيا»، وقد وعدنا أنه في اليوم الأخير سينادي ويسمع جميع من في القبور صوته ويقوم الذين عملوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة.

أحبائي، إن درب الآلام هو امتحان كبير لجميعنا، خاصةً نحن الذين نعيش في هذا الشرق الحبيب، ونرى كيف أن رياح التغيير بدأت منذ فترة من الزمن، وهي تنتقل من بلد إلى آخر، فها هو شرقنا الغالي مصلوباً على خشبة الآلام منذ مدة، كان دائماً في قلبنا، وإلى الآن نذكره باستمرار في صلواتنا، ونطلب لدول العالم بأسرها كل التقدّم والازدهار، وأن تسود فيها كل معاني الأمن والأمان والاستقرار، لما فيه صالح الإنسان وخير الأوطان، وأملنا كبير بأن هذه الغيوم السوداء القابعة في سماء بلادنا ستكون نهايتها الاختفاء كليّاً، وتبقى السماء صافية، ورايات الوطن مرفرفة في كل مكان.

هنأكم الله بهذا العيد المبارك، وجعل الرب أيامكم كلها أعياداً، وكل عيد وأنتم بخير ܘܐܒܘܢ ܕܒܫܡܝܐ ܘܫܪܟܐ.
المسيح قام... حقاً قام






http://www.syrian-orthodox.com/readnews.php?id=1255