الكنيسة السريانية الارثوذكسية تحديات البقاء والحضور

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 08, 2012, 09:01:22 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

الكنيسة السريانية الارثوذكسية
تحديات البقاء والحضور


حبيب افرام

أخطر ما يصيب شعب أنْ يغرق في التغني بماضيه، غير مدرك واقعه في محاولة هرب من حقائق التاريخ والجغرافيا.
ربما هذه واحدة من اشكاليات كل الكنائس المشرقية. على أنني وأنا المسكون بهاجس مصير مسيحيي الشرق سأركز على ما اعتبره تحديات لكنيستي السريانية الارثوذكسية التي هي بذاتها اختصار مدهش لمعاناة كل اخواتها.
التحدي الأول:  ان الكنيسة في تكوينها وانتشارها من جنوب الهند الى ضفتي الولايات المتحدة الاميركية الى عواصم اوروبا صارت أكثر كنيسة سائر الاغتراب بدل ان تكون انطاكية وسائر المشرق. ما يحملها مسؤوليات جسيمة في السعي وراء ابنائها في زوايا الدنيا.

التحدي الثاني:  ان الكنيسة في أحبارها وقيادتها الروحية بحاجة الى روح وثابة جديدة في طريقة عملها وإدارتها ومؤسساتها ومجالسها ومجامعها ودستورها. ان تطور العصر والعلوم والتكنولوجيا يحتم عليها مجاراتها حتى تقترب أكثر من شبابها وعقولهم وحتى تخطط للمستقبل.

التحدي الثالث:  ان الكنيسة تراجعت في العدد والجغرافيا. صحيح انها تحمل رسالة محبة وشهادة ونور، وأنها ليست أرقاماً ولا احصاءات ولا نسباً، لكنها فقدت بعد أيام مرة في تاريخها خيرة أبنائها، ولا شك ان ابرز جروحها هي ما نسميه نحن "سيفو" أي السيف وهي المجازر التي طالت شعبنا في أوائل القرن الماضي في "طورعابدين" أي في جبل المتعبدين وأنهت الحضور التاريخي للسريان في أرض آبائهم والأجداد. لم يبق منهم إلا بضعة آلاف.

التحدي الرابع: كيف تحافظ الكنيسة على أبنائها في بلاد الشرق مع تنامي الهجرة لأسباب سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وفي ظل حروب وفتن وتنامي الاصوليات والفكر الالغائي؟ كيف تواكب؟ كيف تقنع الناس على التحلي بالصبر بالايمان؟ كيف تحاور السلطة – أي سلطة – من أجل مساواة ومواطنة وحريات؟

التحدي الخامس:  كيف تحافظ الكنيسة على نفسها على هويتها وتراثها ولغتها ومدارسها والمؤسسات؟ في ظل محاولات انصهار وتعريب وتتريك وتكريد. في ظل عدم القبول بالتنوع الحضاري والتعدد لا من قبل الأنظمة ولا من قبل الاحزاب والتنظيمات؟ كيف لا تعترف ولا دولة  - حتى لبنان – بلغتنا السريانية المقدسة – لغة وطنية وتساهم في نشرها وتعليمها.

التحدي السادس:  كيف تلحق الكنيسة بأبنائها لتحثهم على ألالتزام بتعاليمها في مجتمعات غربية فقدت بأغلبها حتى الحس الديني الايماني، وصار من الصعب على الجيل الجديد الطالع ان يتكيف في بيئته مع حكايات الوطن والارض واللغة العتيقة.

التحدي السّابع: انّ الكنيسة مدعوة الى التنسيق التام والتعاون المباشر مع العديد من التنظيمات والمؤسسات والرابطات والاحزاب والشخصيات التي تعمل كل في مجالها وتقدم ما لديها في السياسة والادب والاعلام والاقتصاد. ان العديد من التلفزيونات والاذاعات والمجلات ودور النشر والمواقع الالكترونية صارت هي أقرب الى السريان وقضاياهم. وان العديد من الشخصيات التي تبوأت مراكز مهمة في الوزارات والنيابات والقضاء والامن والادب والفن صارت مشاركتها في صناعة القرار السرياني ضرورة وواجب.

التحدي الثامن: ان الكنيسة مؤتمنة على كنز ثقافي روحي تراثي من قديسين وملافنة ومترجمين عبر التاريخ والحفاظ عليه هو مسؤولية عالمية والاجدر بنا أن نبدأ بمتحف متخصص بنا، ربما في البطريركية في دمشق، يكون ذاكرة شعب وكنيسة، ويبرز أبناء شعبنا مزيداً من المتخصصين بتاريخنا. ان بوادر جيدة بدأت مطلوب تعزيزها وتأكيدها.
التحدي التاسع: ان الكنيسة مدعوة الى قيادة ثورة العودة الى الجذور. العمل على الهجرة المعاكسة. اذا كان لدى كنيستنا قضية فهي هذه اولاً. ماذا ينفع السريان اذا ربحوا سودرتاليا في السويد ونيوجرسي في اميركا وخسروا القامشلي في سوريا وطورعابدين في تركيا والاشرفية وزحلة والمتن في لبنان. انها رسالة صعبة لكنها ليست مستحيلة. انها اولوية على جدول اي مجمع مقدس آت له صفة التجدد والتجذر.

التحدي العاشر: ان الكنيسة في جوهرها وفي عقيدتها وفي رونقها انها ابنة الشهادة. شهادة الدم" مثل الخراف" وشهادة النور والمثال. نحن لسنا صدفة في هذا الشرق. واذا كنا نؤمن بدورنا وحضورنا فنحن مسؤولون عن كل ما يجري في هذا الشرق. من اي اسلام واية عروبة واي مواطنة واي دستور. دورنا لا أن نصفق لحاكم ولا لنظام ولا ان ننخرط في سياسات الناطور. نحن رسالة انفتاح ومع قضايا الحق. مع النهضة والمجاهرة بحقوقنا كشعوب، ومع رفض ان ينظر الينا لا كذميين، ولا كمواطنين درجة ثانية ولا كحصان طروادة لاحد ولا مع أي مشروع غربي. وفي هذه الايام، مع كل الثورات والحراك الشعبي والتغييرات، لا يمكن ان نكون متفرجين ولا سلبيين مطلوب منا الحكمة والحضور.
أخيراً، نحن نؤمن انه قال " لن تقوى عليها ابواب الجحيم". لكن مطلوب منها الكثير وفي أيام الصلوات لوحدة الكنائس مطلوب أن نعي كلنا في كنائس الشرق في تراثاتنا المتنوعة وطقوسنا وقياداتنا الروحية وفي كل ما نرمز اليه أن وحدتنا في الفكر من عناصر بقائنا. وهي ليست وحدة تلغي تنوعنا بل تجعلنا نعي ان التحديات كبيرة وعبر التاريخ عديدة عن شعوب اندثرت وحضارات أمحت حُضور مسيحي أزيل بالكامل. فهلْ يمكن ألا نكون على قدر التحدي. ألم يقل لنا " من له حبة ايمان ينقل جبلاً من مكان الى آخر". ونحن فقط نريد ان لا ينقل أحد جبل الحضور المسيحي في الشرق الى اي مكان. ثم هل يمكن ان يعود السيد المسيح ولا يكون ابناء الشرق المسيحيون في انتظاره مهللين؟


http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,564071.0.html