مـاذا فعلـت فرنسـا عملياً مـن أجـل مسـيحيي الشـرق؟

بدء بواسطة برطلي دوت نت, فبراير 29, 2012, 07:35:25 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مـاذا فعلـت فرنسـا عملياً مـن أجـل مسـيحيي الشـرق؟



النشرة الالكترونية/

لا تتفق الكنائس المسيحية على رؤية موحدة للمشهد العربي. تلتقي على شعارات عامة، منها الحرية والديموقراطية وتداول السلطة ووجوب الحوار بين مكونات المجتمع ونبذ العنف. لكنها لا تتخذ موقفا حاسما من أية تطورات في أي بلد. فيبقى كلامها حمّال أوجه واجتهادات. يزداد التباس مواقف الكنائس المسيحية عند الدخول في «هواجسها». وهي هواجس جامعة ايضا. فالمخاوف الصادرة عن الكنائس الارثوذكسية والكاثوليكية والمارونية تتمحور حول أفكار متقاربة: «كيف يمكن ضمان عدم تحول الربيع العربي الى خريف مسيحي ينذر بشتاء مثلج ينزح معه ما تبقى من المسيحيين من أوطانهم؟ كيف نعزز الروابط الاجتماعية والمجتمعية في أوطاننا من دون ان نكون طرفا في النزاعات بل عنصر تلاق وجمع؟ من يضمن الوجود المسيحي في ظل التغييرات في المنطقة؟ من يحميهم من المد الاصولي المتصاعد؟ كيف يمكن الإبقاء على أمتن العلاقات مع الغرب مع دعوته الى تفهم خصوصياتنا من جهة وعدم التسبب بـ«نقزة» لسائر الشركاء في أوطاننا من جهة ثانية»؟
تكررت سلة الاسئلة «التقليدية» في الاوساط الكنسية اثر كلام وزير خارجية فرنسا ألان جوبيه الذي رأى فيه «أنّ من مصلحة مسيحيي الشرق أن يشاركوا في التطوّرات التي تشهدها بلدانهم، وخصوصًا في سوريا». وذهب جوبيه الى كلام أكثر مباشرة معتبرا أنه «في سوريا كما في غيرها، فإنّ مصلحة مسيحيي الشرق تكمن في احتضان تطورات إيجابيّة لا عودة عنها، إنّهم يحمون مستقبلهم بالتزامهم المؤكد بناء منطقة جديدة». طبعا لم ينس الوزير الفرنسي أن يؤكد «ان فرنسا كانت وستبقى دائما الى جانبهم وهي لن تتخلى عنهم».
وكعادتها، بدت الكنيسة مهتمة بما يصدر تحديدا من مواقف غربية، ولا سيما ما يصدر عن «الابنة الكبرى للكنيسة»، وقالت أوساط كنسية إن كلام جوبيه «ينطلق اولا من الرؤية الفرنسية للقضايا والاوضاع العربية. وهو يتبنى نظريا القيم الفرنسية المساندة لحقوق الشعوب في الحرية والمساواة والديموقراطية لكنه يتجاهل واقع الحال على الارض الذي تتداخل فيه التعقيدات». تضيف: «بالنسبة الى الكنيسة، أفضل موقف يمكن أن يتخذه المسيحيون هو أن يكونوا دعاة حوار وأن يسعوا الى تشكيل مساحة يلتقي عندها المختلفون ليخرجوا بتسوية أو حل يتيح لكل الناس المشاركة في الحياة السياسية والعامة».
لكن ألا يعني هذا الموقف «الفاتر» انحيازا بطريقة ما للانظمة؟ تجيب الأوساط الكنسية جازمة «نحن لا نقف الى جانب أي نظام. نحن مع «الـ«نظام. أي النظام العام والانتظام العام تحت سقف القانون والدولة القوية والعادلة. وهذا ينطبق على لبنان وسوريا ومصر والعراق وتونس والجزائر وكل الدول العربية». تضيف «نظريا، ان اية ثورة على الظلم أو وعد بربيع ما آت يدغدغ كل القيم الانسانية والاخلاقية والمسيحية. لكن على الارض نرى أطفالا وشبابا ونساء وشيوخا يقتلون. المدن تخرب. البطالة والفقر يتسللان الى مجتمعاتنا ونحن لا نعرف ماذا يخبئ لنا المستقبل. فكيف نهلل ونفرح ونتكل على وعد فرنسي أو غربي بأننا لسنا وحدنا وبأن فرنسا لن تتخلى عنا؟».
ويسأل مسؤول كنسي لبناني «ماذا فعلت فرنسا من أجل مسيحيي الشرق؟» يضيف راوياً «عشية عيد الميلاد المنصرم، طرح عدد من النواب الفرنسيين على دوائرهم المعنية وتحديدا على وزارة الخارجية السؤال نفسه: ماذا تفعلون من أجل مسيحيي الشرق؟ فكان أن سمعوا كلاما مشابها من جوبيه نفسه من ان فرنسا ستواصل رعايتها للمسيحيين. وانها تعمل ما في وسعها وتجند علاقاتها واتصالاتها للحصول على ضمانات تحمي المسيحيين عند تغيّر أنظمة الحكم القائمة وتحديدا في سوريا. وكرر على مسامعهم أن دولة المواطنة والقانون والمساواة كفيلة بحماية المسيحيين. وقد نقل الينا النواب الفرنسيون «التطمينات» الحكومية الفرنسية. لكن كيف يمكن ترجمتها؟ كيف نصل الى مثل تلك الدولة المنشودة؟ من يضمن قيامها؟ وماذا فعلت فرنسا والغرب عموما لترجمة هذه الشعارات الفضفاضة؟ هل يكفي أن يتصل جوبيه بالمجلس الوطني السوري ليطلب منه الاخذ بالاعتبار واقع المسيحيين ليتم ذلك؟».
ويضيف المسؤول نفسه «نحن أبناء هذه الارض. أي نحن لا نطلب حماية أحد. نحن كنا في هذا الشرق قبل كل الانظمة القائمة، وسنبقى بعد رحيلها. وفي سوريا تحديدا لا يمكن أن ننسى تجربة فارس خوري، المسيحي البروتستاني الذي انتخب رئيساً لمجلس النواب السوري مرتين، وعُيّن رئيساً لمجلس الوزراء ثلاث مرّات. هذا يعكس طبيعة الشعب السوري ومدى عمق روابطه وانفتاحه وتلاقيه على الثوابت الوطنية. لكننا مع الاسف نعيش مرحلة ضبابية وتسلل لأفكار لا يمكن وصفها بالمنفتحة والمتسامحة. وذلك ينعكس ايضا على المسيحيين إرباكا في سلوكهم وارتباكا في مواقفهم. نحن اليوم في وضع لا نحسد عليه، شأننا شأن كل إخواننا في الوطن. لكن أزمتنا المضافة تتمثل هذه المرة بما نجمع عليه، موالين ومعارضين ومحايدين، وهو خوفنا من المستقبل. وهو له ما يستند اليه في الحاضر كما في الماضي. فعسى أن تسقط الايام الآتية مخاوفنا التي لا تستطيع فرنسا ولا الغرب مجتمعا ان تزيلها بكلمات طمأنة تصلح لكل زمان ومكان إلا زماننا الحاضر».


http://www.ishtartv.com/viewarticle,40941.html