تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

سوق الصفارين : مطارق تنهال على الألواح بمهارة

بدء بواسطة جون شمعـون آل سُوسْو, فبراير 22, 2012, 10:36:54 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

جون شمعـون آل سُوسْو



سوق الصفارين : مطارق تنهال على الألواح بمهارة




       تكتظ الأسواق الشعبية في الموصل القديمة على الجانب الأيمن لدجلة حيث تتجاور مع بعضها، لتقدم بجولة واحدة كل ما يحتاجه الموصليون من أشياء فهناك سوق الفحامين والحدادين والبزازين والعطارين والاطرقجية واليوزبكية والكوازين وباعة السمك والخبازين والنجارين.. وسواهم.

      وفي جولتنا التي قمنا بها انحدرنا من سوق الى آخر باتجاه الكورنيش وعندما اقتربنا من سوق الصفارين لم يعد كلام الناس مع بعضهم مسموعا من أصوات المطارق التي تنهال بقوة ومهارة على ألواح الألمنيوم والنحاس لتطوعها الى أوانٍ وأدوات يستخدمها الموصليون في حياتهم اليومية.

انحرفنا الى هذا السوق الضيق النشيط، فطالعتنا آلاف الأدوات والأواني المعروضة على الأرض والمعلقة أمام الواجهات والمتدلية هنا وهناك، بينما الصفارون يطرقون الألواح ويلوونها إلى اباريق وطاسات وطشوت وكتليات وطاوات وسطول وسطلات وقدور وملاعق وكؤوس تتلامع كلها بألوانها البراقة ونقوشها وزخارفها اليدوية التي تعكس مهارة الصفارين الذين توارثوا هذه المهنة، فلكل منهم نقشاته وزخارفه الخاصة وطريقته، وأيضا يعكف الصفارون على طرق النحاس وطليه بالقصدير ليصبح فضيا بدوره، وصالحا للاستعمال.
 


وهناك بالقرب منهم دكاكين لمهنة مكملة هي مهنة مبيِّض المواعين الذي يجلب إليه الموصليون الآنية والأدوات النحاسية بعد ذوبان طلائها وظهور اللون الأصفر للنحاس السام حيث يقوم بصقلها على الرمل والتراب بعد ان يضعها على ارض رملية ويقف فوقها محركا جسمه ثم يقوم بطليها بالقصدير.

وقد كان آباؤنا وأمهاتنا أكثر إقبالا على سوق الصفارين والتبضع منه لان مصوغاته كانت تشكل حجر الأساس في حياة العائلة الموصلية، إلا أن ظهور المصنوعات الزجاجية بدأ يزيح معروضات هذا السوق ويحل محلها. ومهما يقال فإن الموصلي العريق يجد للماء طعما خاصا وهو يشربه بالطاسة الفضية، وهكذا هو حال تقديره لبقية مصنوعات سوق الصفارين الذي يظل عصيا على الزوال والاندثار وينتعش بقدرته على منافسة الزجاجيات والمستوردات .. إنه سوق كامل لحياة الأسرة الموصلية يوفر لها كل ما تحتاجه، وبضاعته تمتاز بعمرها الطويل وخدمتها الطويلة وهو يستقبل الناس يوميا خاصة أولئك الذين يتهيئون لدخول العش الذهبي فيزورونه لتأثيث حياتهم اليومية بما يحتاجونه من أنية وأدوات.

الكاتب: صبحي صبري

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة