ألمغفلة : قصة قصيرة تصلح لكل سياسي ضعيف

بدء بواسطة amo falahe, فبراير 22, 2012, 06:07:48 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

amo falahe


المغفَّلة!
Posted: 21 Feb 2012 02:45 AM PST

ربما يسمّيها البعض كذلك، وربما يقول آخرون انها مغلوبة على أمرها.. وبالتأكيد انها نموذج على الضعف الإنساني..

أياً تكن التسمية وأياً يكن الوصف، فهذا غير مهم هنا، أرجو قراءة هذه القصة القصيرة التي أبدعها الروائي والطبيب والكاتب المسرحي والمؤلف القصصي الروسي الشهير أنطون بافلوفيتش تشيخوف (29 يناير 1860 - 15 يوليو 1904).

وقصته القصيرة هذه، تصلح أن تكون رسالة إلى كل سياسي ضعيف لايعرف كيف يستخدم أدواته بشكل جيد، وينسى المثل الشائع عن تسمية الإمام الذي لايشوِّر...







المغفَّلة











منذ أيام دعوتُ الى غرفة مكتبي مربّية أولادي (يوليا فاسيليفنا) لكي أدفع لها حسابها

قلت لها: إجلسي يا يوليا...هيّا نتحاسب...

أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود، ولكنك خجولة إلى درجة انك لن تطلبينها بنفسك...

حسناً.. لقد اتفقنا على أن أدفع لك ثلاثين روبلاً في الشهر

قالت: أربعين

قلت: كلا.. ثلاثين.. هذا مسجل عندي... كنت دائما أدفع للمربيات ثلاثين روبلاً... حسناً لقد عملت لدينا شهرين

قالت: شهرين وخمسة أيام

قلت: شهرين بالضبط.. هكذا مسجل عندي.. إذن تستحقين (ستين روبلاً).. نخصم منها تسعة أيام آحاد.. فأنت لم تعلّمي (كوليا) في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط.. ثم ثلاثة أيام أعياد..

تضرج وجه (يوليا فاسيليفنا) وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن.. لم تنبس بكلمة.

واصلتُ... نخصم ثلاثة أعياد إذن المجموع إثنا عشر روبلاً..

وكان (كوليا) مريضاً أربعة أيام ولم يكن يدرس.. كنت تدرّسين لـ (فاريا) فقط.. وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء..

إذن إثنا عشر زائد سبعة.. تسعة عشر.. نخصم، الباقي ..هممم.. واحد وأربعون روبلاً.. مضبوط؟

إحمرّت عين (يوليا فاسيليفنا) اليسرى وامتلأت بالدمع، وارتعش ذقنها.. وسعلت بعصبية وتمخطت، ولكن... لم تنبس بكلمة

قلت: قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقاً.. نخصم روبلين.. الفنجان أغلى من ذلك، فهو موروث، ولكن فليسامحك الله!! علينا العوض..

وبسبب تقصيرك تسلق (كوليا) الشجرة ومزق سترته.. نخصم عشرة.. وبسبب تقصيرك أيضا سرقتْ الخادمة من (فاريا) حذاء.. ومن واجبكِ أن ترعي كل شيء فأنتِ تتقاضين مرتباً.. وهكذا نخصم أيضا خمسة.. وفي 10 يناير أخذتِ مني عشرة روبلات.

همست (يوليا فاسيليفنا): لم آخذ

قلت: ولكن ذلك مسجل عندي

قالت: حسناً، ليكن

واصلتُ: من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين.. الباقي أربعة عشر

امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع.. وظهرت حبات العرق على أنفها ..

يا للفتاة المسكينة

ثم قالت بصوت متهدج: أخذتُ مرةً واحدةً.. أخذت من زوجتك (ثلاثة روبلات).. لم آخذ غيرها

قلت: حقا؟.. انظري

وانا لم أسجل ذلك!!

نخصم من الأربعة عشر ثلاثة

الباقي أحد عشر..

ها هي نقودك يا عزيزتي!!

ثلاثة.. ثلاثة.. ثلاثة.. واحد، واحد.. تفضلي

وقدَّمت لها أحد عشر روبلاً.. فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة.. وهمست: شكراً!!

*********

انتفضتُ واقفاً واخذتُ أروح وأجئ في الغرفة واستولى عليّ الغضب، سألتها: شكراً على ماذا؟

قالت: على النقود

قلت: يا للشيطان، ولكني نهبتك.. سلبتك.. لقد سرقت منك!.. فعلام تقولين شكراً؟

قالت: في أماكن أخرى لم يعطوني شيئاً

قلت: لم يعطوكِ؟!

أليس هذا غريبا!؟

لقد مزحتُ معك.. لقنتك درساً قاسياً.. سأعطيك نقودك.. الثمانين روبلاً كلها، ها هي في المظروف جهزتها لكِ!!

ولكن هل يمكن أن تكوني عاجزة الى هذه الدرجة؟

لماذا لا تحتجّين؟

لماذا تسكتين؟

هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادة الأنياب؟

هل يمكن ان تكوني مغفلة إلى هذه الدرجة؟

ابتسمتْ بعجز فقرأت على وجهها: "يُمكن"

سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلَّمتها، الثمانين روبلاً كلها..

فشكرتني بخجل وخرجت

تطلَّعتُ في إثرها وفكّرتُ: ماأبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا؟



ماهر سعيد متي

ابدعت بنشر هذه القصة الجميلة للروائي الروسي تشيخوف .. عاشت الأيادي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

د.عبد الاحد متي دنحا

ابن العم العزيز فلاح
قصة جميلة ولكن يجب ذكر المصدر, القصة منشورة في عدة مواقع

مع تحيات

عبدالاحد
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير

amo falahe

شكرا للأخ العزيز ماهر على متابعاته ألمستمرة

موصولة بالشكر الوافر للغالي إبن العم أبو رافدالعزيز
القصة جائتني عبر ألبريد ألألكتروني وعند قرائتي ملاحظتك وجدت أنها منقولة من عدة مواقع
وهذا واحد منها:ـ
www.wijhatnadhar.com/.../blog-post_21.html - Översätt den här sidan
مع تحياتي للجميع

ابوميلاد

Emad Dawoud

شكرا عزيزي ابو ميلاد على هذا الاختيار الاكثر من رائع والذي يحمل في باطنه من المعاني الغزيرة التي تنطبق على حياتنا . الادب الروسي مشهود له بالابداع لما يحمله كتاب تشيخوف ، دستوفسكي ،   تولستوي ومكسيم غوركي من الآم فجروها في كتاباتهم فكانت هذه الروائع تحمل الالم الانساني والشعور بالآخرين وبمعاناتهم ونبذ معالم الاستبداد والثورة على الظلم .

لقد دفعنا ثمن سكوتنا غاليا والقصة التي نقلتها يا ابو ميلاد تذكرني بالموظف في العهد السابق الذي كان يتقاضي راتبا قدره عدة دولارات شهريا وفرحته بأستلامها رغم انها كانت ثمن كيلوين لحم . لقد تعودنا على السكوت والخنوع والعيش منكسي الرؤؤس والذي دفعنا الى ذلك هو هاجس الخوف الذي تكالب حكامنا على زرعه في قلوبنا والذي جعلنا نضحك بينما قلوبنا تنزف دما والما وحسرة على واقع مرير نعتقد واهمين انه قدرنا وانه لا حول لنا ولا قوة لتغييره . وسنصبح هكذا طالما فكرنا بأنانية وعدم الاكتراث وطالمنا جعلنا جبل الخوف جاثم على صدورنا  يشل حركتنا وتفكيرنا ويكتم انفاس ويسد افواهنا .

اشكرك اخي العزيز ابو ميلاد ونرجو منك المزيد من هذه المواضيع الجاده والمفيده .