تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

الشعب السوري بمواجهة إعلام الحرب

بدء بواسطة صائب خليل, فبراير 15, 2012, 12:51:11 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل




تنشر "الجديدة" كاريكاتيراً لممثلي كل من الصين وروسيا في الأمم المتحدة، وهما يحملان الرصاص الذي يطلقه الأسد (على شعبه). هذه هي رؤيتها للموقف الروسي الصيني من الأزمة، وهو تصوير لا ينقصه الذكاء، لكن هل ينقل الحقيقة لأذهاننا؟

"لننظر ما تريدنا إسرائيل أن نرى اليوم" قلت لنفسي، وأنا أفتح "الجزيرة". وجدت فيصل القاسم في مقابلة بين شيخ معمم من المعارضة السورية مقابل رئيس جمعية الصداقة الروسية العربية...

فيصل القاسم يفضح "حياديته" فيبادر الشيخ المعارض بعبارة: "أليس صحيحاً أن بشار الأسد قدم وعوداً بالديمقراطية؟" لكنه ينهال على ضيفه الروسي بعبارات مثل:
"أنتم أعطيتم الضوء الأخضر للقتل" ...."أبشع أنواع الدكتاتورية والفاشية التي عرفها التاريخ...كما يقول فلان..."  "الشهداء الذين قتلوا بالأسلحة الروسية"...."قطعان جيش المهدي التي تدير الصراع في سوريا بمعية حزب الله"

أما الضيف ذو العمامة البيضاء الكبيرة فقد كانت عباراته من مستوى آخر: "الثورة ستزيحكم عن العالم العربي، وستغير معالم وجود روسيا في العالم" و "نهاية روسيا في العالم ستكون على أيدينا" و "هذه الثورات لتصحيح الكون".. " ستجبر الروس على أن يخرجوا من تاريخ العالم كله".حتى صار يصرخ: " إستحي على نفسك يا ماتازوف أنت كبير في عمرك .. إستحي يا رجل، إستحي ... عاهراتكم في البلدان العربية".  ولا يملك المشاهد إلا أن يهز رأسه دهشة لهذا المشهد الكوميدي التراجيدي وهو يرى رجل دين يتكلم بأحط أساليب أولاد الشوارع والفاظهم!

بعد قليل يتحدث للجزيرة، مسؤول من الخارجية الأمريكية عن تشكيل "منظمات جديدة لدعم الشعب السوري"! وكيف أن أميركا وقفت دائماً مع الشعب السوري(!)، وأخيراً يظهر "مدير العلاقات الدولية في مجلس التعاون الخليجي" من السعودية ليتحدث عن "تهديد النظام السوري لإستقرار المنطقة"!! ولكي يفهم المرء هذه المفاجأة، يجب ان يتذكر أن "الجيش السوري الحر" طالب صراحة مجلس الأمن بـ "التدخل الفوري ... تحت الفصل السابع  ".(1)
و"الفصل السابع"، هو الذي ذاق العراقيون بحجته ويذوقون حتى اليوم أشد الهوان من قبل "محرريهم" الأمريكان وتوابعهم الخليجية. هذا الفصل يستطيع الأمريكان تفسيره بقدرة قادر على أنه إطلاق يد أمريكا في بلد ما لتفعل ما تشاء، وإبقاءه أسيراً لها بقيود دولية شديدة. المشكلة هي أن الفصل السابع لا يستعمل وفق ميثاق الأمم المتحدة إلا في حالة وجود "تهديد للأمن الدولي"، لذا تم تكليف "مدير العلاقات الدولية في مجلس التعاون الخليجي" على ما يبدو بترويج الفكرة.
وفي هذه الأثناء بدأت في سوريا عمليات إرهابية إنتحارية، كما حدث في العراق بعد أن وجدت القدم الأمريكية – الإسرائيلية موطئاً لها على أرضه. (2)

ومرت الدقائق، وتساءلت أكثر من مقدمة برامج جميلة الوجه: "لم تلتزم أميركا بقرارات مجلس الأمن في العراق وكوسوفو والصومال، فلماذا تلتزم في قضية سوريا؟"! معبرين عن بلاهة نادرة لمن لا يدرك معنى دعوته وتداعياتها، والتي هي في حقيقة الأمر ليست إلا دعوة أمريكية – إسرائيلية لتطبيع إلغاء القانون الدولي المزعج، نهائياً.

أطفأت الفضائية الإسرائيلية لأستطيع التفكير قليلاً....بالشعب السوري، وأين يقف...؟

من يسمع الجزيرة، يتصور أن هناك خندقان، يقف في أحدهما بشار الأسد، وفي الخندق الآخر، الشعب السوري يدعمه كل العالم، عدا بضعة من "الأشرار" بقيادة الروس، من الباحثين عن مصالحهم الإنتخابية المؤسفة .. فهل هي صورة حقيقية؟ وهل حقاً الشعب السوري غاضب من روسيا ويريد تحطيمها؟
لماذا إذن خرج حوالي مليون متظاهر سوري ليستقبلوا وزير الخارجية الروسي بالهتافات المؤيدة، إمتناناً له على موقف روسيا!.
قد تقول المعارضة بأنهم أخرجوا إجباراً، وهو أمر مشكوك به، لصعوبة ذلك وخطورته الشديدة. وتذكرنا تلك الحجة بما قاله الصحفي الفرنسي الشهير تييري ميسان قبل اكثر من نصف عام حول ليبيا، قال:
"تبيّن لنا أن عدد القتلى لا يتجاوز 200 قتيل عندما قيل وقتها بأنهم 6 آلاف. ثـانيا، نحن نرى الدعم الشعبي للحكومة الليبية، ... لقد تم توزيع مليوني قطعة سلاح رشاش على السكان، وكانوا يطلقون الرصاص في الهواء، ولو كان الناس هنا في طرابلس ضد القذافي، لاستعملوا هذه الأسلحة ضده يوم الجمعة."
وعن وسائل الإعلام الغربية يضيف ميسان "مهمتها الكذب على الرأي العام في أوروبا والولايات المتحدة، والادّعاء أنه يجري تحرير شعب من ديكتاتور....يأتون إلى هنا ويأخذون صورا لمباني مهدّمة ملتقطة في طرابلس، ويعرضونها على أنها مبان قصفها نظام القذافي في مصراتة." (3)
ولسنا هنا بصدد الدفاع عن نظام القذافي، وإنما بصدد استكشاف طرق الإعلام الغربي، ومقدار مصداقيته، لنرى كيف تجري الأمور حقاً في سوريا.

قبل اسبوع نشر الصحفي "بوريس دولوكوف" مقالة يقول فيها أن تطور الأحداث في نصف العام الماضي، التي شهدها في سوريا تشير إلى تشديد العمليات الإرهابية ضد مؤسسات الجيش والخدمات المدنية والمدارس وأنابيب النفط والسكك والتفجيرات من جهة، ومن جهة أخرى توسع التأييد للرئيس بشار الأسد. وتحدث عن التظاهرات التي رآها، وأعطى مثالاً عن إرهاب المعارضة للناس بقتلها لأبناء المفتي الذي رفض الإنضمام الى المعارضة. (4) إضافة إلى مؤشرات عديدة بأن القوات القطرية والبريطانية تشن بالفعل حربا ً سرية في سوريا. (5)

وما هي حقيقة الموقف الروسي الذي تفرغت "الجزيرة" لشيطنته؟
حسب عبارات وزير الخارجية الروسي لافروف، فأن المشروع الروسي "يرمي إلى
اولا ـ وقف العنف مهما كان مصدره،
وثانيا ـ ان يجري الضغط في هذا المجال على كافة المشاركين في النزاع، على السلطة وعلى المعارضة المسلحة.
وثالثا ـ ان تتخلى المعارضة السياسية والمظاهرات السلمية بشكل جلي عن المتطرفين وكل من يحاول استغلال الاحتجاجات السلمية للتحريض على المواجهة بالقوة.
ورابعا ـ دعم بعثة الجامعة العربية وضمان تعاون كافة اطراف النزاع وكافة تنظيمات المعارضة معها.
وخامسا ـ البدء فورا بحوار وطني بمشاركة كافة التنظيمات السورية".(6)

ويرى أحد الكتاب أن "كل ما أرادته روسيا والصين هو إعطاء السلام فرصة. ... داعيتين جميع أطراف المعارضة السورية إلى الإبتعاد عن المجاميع التي تقوم بأعمال عنف." (7)


ما الذي جرى إذن في مجلس الأمن ليعارض تلك الأفكار؟ يكتب ألزنك بايرن تقريراً مفصلاً عما حدث من تحايلات ومراوغات هناك، فيشير إلى إصرارا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على أن يقرأ المجلس التقرير الكامل لمراقبي الجامعة حول سوريا. لم يكن إخفاء التقرير اعتباطاً، ففي الوقت الذي أكد فيه ممثل السعودية بأن "سوريا لم تنفذ أياً من النقاط المطلوبة" فأن التقرير يؤكد العكس. فعن نقطة "إيقاف العنف" يؤكد التقرير (هنا نصه (8)) "تحسن كبير في تهدئة الموقف"، وأنه تم إطلاق سراح معتقلين، وأكد أن "جميع العربات العسكرية والدبابات والأسلحة الثقيلة قد تم سحبها من جميع المدن والمناطق السكنية"، وأن البعثة قد حصلت على تعاون الحكومة السورية في أداء مهمتها. كذلك تحدث التقرير عن إخباريات كاذبة عن تفجر الوضع وعن مبالغات وسائل الإعلام، وان البعثة كانت نفسها هدفاً للتشهير من تلك الوسائل، وادعت عنها تصريحات كاذبة.
ويضيف "للسخرية فأن النجاحات التي حققتها بعثة الجامعة العربية نفسها قد استغلت من قبل الغرب لدفع مجلس الأمن لإتخاذ قرار ضد سوريا. فانسحاب قوات الأمن السورية من المدن بطلب من البعثة، قد تم تصويره بأن المعارضة قد تمكنت من "السيطرة" على أجزاء من سوريا، مستعرضة صور بعض المسلحين وعوارض الطرق"  ، وهو ما حدث في الزبداني حيث تم اتفاق وقف إطلاق النار في 17 كانون الثاني، وفي اليوم التالي أعلنت المعارضة "سيطرتها" على المدينة، بأمل أن تقوم تلك المناطق "المحررة" بمقام بنغازي في ليبيا! 
ونبه الكاتب إلى تحدث وسائل الإعلام عن "قناصة" و "حرس ثوري" إيرانيون مزيفون. وقال أن إحصاءات بينت أن أغلبية الشعب السوري تدعم الأسد وأغلبية اكبر صوتت بالضد من تدخل "الجزيرة" و "تركيا" والمقاطعة العربية وتغيير الوان العلم وتصويت الأمم المتحدة بشأن سوريا.
ويلاحظ الكاتب محاولة الإستعجال بإحداث تغيير بوجود الرئاسة القطرية للجامعة العربية والتي ستكون للعراق في آذار المقبل، وأن الغرب حاول الإستفادة من رئاسة قطر لصياغة قرارات بشكل متعمد لترفضها سوريا. (9)

ويقول البروفسور جومسكي في أحد أحاديثه، أن السياسة الأمريكية تسعى دائماً إلى منع التفاهم بين الأطراف المتنازعة، وأنها إن قدمت أقتراحاً، وقبله الطرف الثاني، سارعت إلى رفع سقف مطالبها، فإن قبلها رفعتها ثانية أو ألغت المشروع، حتى يتحقق تحول النزاع إلى الجانب العسكري الذي تتفوق فيه أميركا بجلاء.

وقد استخدمت أميركا هذا الأسلوب بإمعان في يوغوسلافيا، وقد أحرج ميلوسوفيج هيئة المحكمة، رغم تحيزها الشديد، عندما طلب شهادة وزير الخارجية البريطاني السابق اللورد أوين، الذي أقر بأن ميلوسوفيج قد نفذ شروط الناتو، لكن الناتو استمر بضرب يوغوسلافيا رغم ذلك.
وفي القضية السورية، طالبت الجامعة العربية سوريا بقبول مفتشين ومراقبين عرب على أراضيها. وقبلت سوريا ذلك، فقال "رئيس" المعارضة غليون مستبقاً صدور التقارير، أنه لن يقبل تقرير المراقبين "إن لم يكن موضوعياً"!(10)
فلما جاء التقرير غير مناسب لدعاة الحرب، لأنه يقر باستعمال الطرفين العنف، تم سحب المراقبين فوراً، ورفضت الجامعة "العربية" حضور الجنرال الدابي إلى مجلس الأمن! (11) ويزول العجب من ذلك التصرف عند مشاهدة المؤتمر الصحفي الذي عقده الدابي. (12)

ليس التآمر على سوريا بجديد، فيشير الكاتب ستيفن كوانز إلى  تقرير لنيويورك تايمز جاء فيه: ناقشت إدارة أوباما في أيلول الماضي إسقاط الأسد، "دون أن يبدو وكأن الولايات المتحدة تقود التغيير في سوريا".
ويسخر الكاتب "أن يضع مجلس التعاون الخليجي نفسه بشكل ملفت للنظر في خط ما يسمى بـ "المتمردين من أجل الديمقراطية" يشبه بعض الشيء دعم "الوول ستريت جورنال" لـ نقابة التضامن البولونية في الفترة الشيوعية، باعتبارها "الوجه الحقيقي للإشتراكية في بولندا"! ومهما يكن من امر، فأن نقابة التضامن لم تكن "الوجه الحقيقي للإشتراكية" وكان هذا هو السبب وراء دعم وول ستريت جورنال لها.
ويلاحظ الكاتب أن شكوى الخارجية الأمريكية من أن سوريا "فشلت في المشاركة في الإقتصاد العالمي"، يعني أن الولايات المتحدة منزعجة من النهج الإقتصادي المستقل لسوريا، إضافة إلى مواقفها السياسية "المزعجة".  (13)

في مجلس الأمن انهال ممثلوا أميركا وفرنسا بشكل خاص بالإستنكار على الفيتو المزدوج ووصفوه بالمخزي وأن الندم سيكون نصيب من جاء به، غير أن هذه التمثيلية لم تنطل على من يعيش أحداث الشرق الأوسط حين دعمت تلك الدول إسرائيل في فيتوات أكثر خزيا بكثير، وهي لم تنطل على الغرب ايضاً ، فكتب أحد الصحفيين أن الأمر لا علاقه له بالعار، وإنما بالغضب الغربي من فشله في جر روسيا والصين إلى موقفه (14).

ويشرح وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور رفض الجامعة العربية تضمين أية إشارة إلى العنف من قبل طرفي النزاع، وتجاهلها ما جاء في تقرير مراقبيها في البنود: 26 (استعمال اسلحة خطيرة كالقنابل الحرارية والقذائف الخارقة للدروع")، 27: (تفجير باص مدني وقطار محمل بالمازوت وتدمير باص لقوات الشرطة، وتفجير خط انابيب ناقل للوقود) و 44 (مقتل الصحفي الفرنسي من قبل المعارضة) ورفض الشعب السوري تدويل الأزمة ، البند 74. (15)
كذلك تم تماماً تجاهل ما قدمته الحكومة السورية للعديد من مطالب المعارضة، مثل إلغاء حالة الطوارئ، إلغاء محكمة أمن الدولة، إقرار حق التظاهر السلمي لأول مرة في البلاد، إجراءات بحق الفساد، الدستور في آذار المقبل والإنتخابات البرلمانية في حزيران. وقد يقول القارئ أن لا ثقة هناك بوعود نظام دكتاتوري، وهو أعتراض محق، فلماذا لا تركز الجهود إذن على ضمان إجبار النظام على تنفيذ تلك الوعود، وإحراج الروس والصينيين في هذه الحالة لإصدار قرارات قاصمة ضد النظام في حالة تهربه من وعوده؟ لأن ذلك يفوت فرصة الحرب!

هل الطريق العسكري من صالح المعارضة، أم أنها مجبرة في موقفها الذي لا تحسد عليه؟ يتحدث جون برادلي، مؤلف كتاب "ما بعد الربيع العربي" عن الضغط الهائل الذي تتعرض له المعارضة من جهات خارجية لمنعها من قبول المحادثات مع أسد، وإفشالها قبل أن تبدأ، وأن الناتو مصمم على تركيع نظام الأسد، كمقدمة لإجتياح إيران. (16)
ومثلما كلفت أميركا المخابرات البريطانية بإثارة القلاقل في يوغوسلافيا، هاهي تكلف المخابرات التركية بذلك في سوريا،
وقد اعتقلت القوات السورية 49 عنصراً من الاستخبارات التركية في سوريا. (17) وهو ما اعتبره مصطفى الأدهم السر وراء تغير الموقف التركي الأخير وتهدئته (18).

كذلك نلاحظ أنه قبيل التصويت على قرار مجلس الأمن، غيرت الخارجية الأمريكية نغمتها فجأة، وقالت أنها لا تسعى لتغيير النظام، بالرغم من كل التصريحات السابقة عن عدم شرعيته وضرورة تنحيته. وقالت كلنتون أن سيناريو ليبيا لن يتكرر. أما السبب في ذلك فهو محاولة طمأنة روسيا بأنها لن تخدعها هذه المرة كما خدعتها في موضوع ليبيا عندما وافقت على قرار منع الأسلحة "عن الطرفين"، فلم ينفذ منه سوى المنع عن القذافي. لذلك فأن روسيا تدرك الفرق بين القرار وما يمكن التلاعب به عند تنفيذه، ولا تثق بالأقوال الأمريكية، وتطالب تضمين القرار ضمانات تمنع الحرب. وبينت روسيا أنها رفضت القرار لأنه "لم يكن يعكس واقع الوضع في سوريا ويدعو الى تغيير النظام ويوجه رسالة غير متوازنة الى الطرفين النظام والمعارضة". (19)

الحقيقة الواضحة، هي أن الولايات المتحدة وإسرائيل، إن كانت تخشى بقاء الأسد، فهي تخشى أكثر منه بكثير أن تأتي بدله حكومة ديمقراطية تمثل الشعب السوري حقيقة. ولنا في العراق مثال حي أيضاً. فعندما كان بإمكان أميركا أن تسلم الحكم في العراق للشعب العراقي في عام 91، بمجرد الإمتناع عن دعم صدام حسين، وتسليم الأسلحة العراقية التي استولت عليها إلى الثوار. لكنها فضلت أن يبقى صدام ويسلخ الشعب العراقي بمذبحة جديدة، على أن يستلم الشعب سلطته في بلده.

يبدو من هذا كله أن الصورة التي تقدم لنا أبعد ما تكون عن الواقع، وأن السادة لا ينشغلون فعلاً بالإهتمام بالشعب السوري والديمقراطية، فهم لا يسمحون له حتى بإيصال صوته إن كان مخالفاُ لما يريدونه منه، فكيف يريدون له أن يحكم بلده؟ وهم لا يقدمون لشعبهم أي شيء من الديمقراطية، فلماذا هم بهذا الحرص المفرط على ديمقراطية الآخرين؟ من أجل ماذا إذن يصرفون الأموال ويحرجون أنفسهم بالكذب أمام الناس، ولصالح من؟ الأكثر سعادة بالقرارات "العربية" هي تل أبيب (20)، ومعها يتآمرون على سوريا كما يتآمرون على إيران في "هرتزليا". (21)
وخير من يعبر عن الموقف الإسرائيلي في العالم العربي هو بعض الصحفيين الذين اختارتهم وزارة الخارجية الإسرائيلية باعتبارهم يمثلون وجهة النظر الإسرائيلية في العالم العربي ومن أهمهم عبد الرحمن الراشد الذي كتب: "الأسد وإيران والعراق و«القاعدة» ضد السوريين". وطبعاً شمل هجومه كل خصوم إسرائيل بضمنهم "حزب الله"، مشيدا بطريقه بأمراء السعودية الذين "لم يعودوا يستطيعون السكوت" على مذابح الشعب السوري، دون أن يلتفت إلى انهم لم يكتفوا بالسكوت فقط في مذابح شعب البحرين بل شاركوا فيها بفعالية! (22)

هذا التناقض بين الأهداف الحقيقية والأهداف المعلنة، يحتاج إلى الكثير من جهود التزوير الإعلامي والتغاضي عن الحقائق غير المناسبة و"خلق" الحقائق المناسبة، وإعادة صياغة الأخبار والتصريحات بطريقة تعكس "الصورة المناسبة" حتى لو كان ذلك بحيل إعلامية بعيدة عن أخلاقية المهنة.
فعندما تبين، وفق تقارير المراقبين أن الثوار "على مايبدو" هم من قتل مراسل شبكة فرانس 2 "جيل جاكييه" في حمص في قصف مدفعي بقذائف الهاون على تظاهرة موالية لبشار الأسد كان الصحفي يغطيها، لم تجد المتحدثة باسم الخارجية الأميركية حرجاً في التنديد "بعجز النظام السوري عن توفير «ظروف ملائمة» لعمل الصحافيين"(!) ، في الوقت الذي تعمل فيه حكومتها وهي شخصياً، على تحطيم تلك "الظروف" بإرسال السلاح إلى من قتل ذلك الصحفي، وهي تعلم أن "النظام السوري" يعجز بسبب ذلك عن توفير الحماية حتى لمنتسبي قواته المسلحة! (23)

وتتبع أقطار المحور نفس النهج في تجاهل الحقائق، حتى على حساب مواطنيها. فوصلت قلة الحياء السياسي للحكومة الفرنسية أقصاها، فلم تقل كلمة واحدة عن قتلة مواطنها، وحاولت تحويل اللوم في الجريمة على النظام السوري، لتتمكن من تبرير استمرار دعمها للمشروع الأمريكي لتسليح من قتل الصحفي. (24)
وقامت مؤسستا "العربية" وكلنا شركاء" بالتزوير الإعلامي بتسجيل شريط لساحة في دمشق، في وقت مبكر (الساعة التاسعة صباحاً، بينما الخطاب كان في الواحدة) للإيحاء بأن عدد من سار في مسيرة مؤيدة للسلطة كان محدوداً. (25)
كما استعمل الإعلام الغربي المونتاج لتغيير انطباعات اللقاءات التلفزيونية للأسد. (26) وكشف الإعلام السوري عمليات أخرى من "التضليل الاعلامي" (27) (28) (29).

وما يبين قوة التشويش الإعلامي الغربي بشكل خاص، ما نشرته الغارديان من نتائج استطلاع أجرته بتكليف من "مؤسسة قطر" (!)، وتوصل إلى أن 55 في المئة من السوريين لا يرغبون برحيل الأسد، خوفا من اندلاع حرب أهلية!
ويضيف جوناثان ستيل، من نفس الصحيفة، أن التغطية الإعلامية الغربية تتجاهل عمداً تلك المعلومات التي تناقض  نتائجها ما يريده ذلك الإعلام من إنطباع، وهو أن الشعب السوري يريد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، بالرغم من أن السوريين يرغبون بأن تجرى انتخابات مع بقاء الرئيس في السلطة، وهو ما وعد بشار به أكثر من مرة. وقال أن هذه الأغلبية غير قادرة على إيصال صوتها إلى العالم بسبب التحيز الإعلامي الغربي. (30)

إذن الشعب السوري قال رأيه، وإن كان قسم منه يرى في الحرب الحل الوحيد، فأن الأغلبية كما يبدو مع الإنتقال السلمي التدريجي إلى الديمقراطية، ولا تريد الحرب الأهلية والتدخل العسكري الأجنبي، ويفترض بالأقلية التي ترى في الحرب حلاً، أن تحترم رأي الأغلبية إن كانوا فعلاً طالبين للديمقراطية، وأن يقفوا معها بحزم من أجل مستقبل بلادهم كما تراه هذه الأغلبية. ولنقف نحن أيضاً بحزم مع أغلبية الشعب السوري في سعيه للديمقراطية، بالطريقة التي يقررها هو، وبوجه من يريدون فرض رأيهم عليها بالقوة خدمة لإله الحرب العالمي.

"سيأتي يوم فيه سيعلم السياسيون الذين يثيرون الحرب ويؤججون الصراع الدولي، بأن مثولهم في قفص الإتهام أكيد، مثل مثول المجرم القاتل، وأن حبل المشنقة أقرب أليهم مما هو إليه. فليس من المعقول أن الذين يغامرون بحياة الناس لا تتعرض حياتهم للخطر." - الكاتب الإنكليزي إج جي ويلز.

(1) http://www.dw-world.de/dw/article/9799/0,,15670530,00.html
(2) http://www.alintiqad.com/essaydetails.php?eid=50270&cid=75
(3) http://www.alwatan-udu.com/?p=1494
(4) http://www.informationclearinghouse.info/article30412.htm
(5) http://www.informationclearinghouse.info/article30479.htm
(6) http://www.alalam.ir/news/946344
(7) http://www.informationclearinghouse.info/article30506.htm
(8) http://www.innercitypress.com/LASomSyria.pdf
(9) http://www.informationclearinghouse.info/article30427.htm
(10) http://www.radioalgerie.dz/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=13098
(11) http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=143052
(12) المؤتمر الصحفي الذي عقده الفريق الدابي في الخرطوم
(13) http://www.informationclearinghouse.info/article30511.htm
(14) http://www.wsws.org/articles/2012/feb2012/pers-f08.shtml
(15) http://www.alalam.ir/news/953274
(16) http://rt.com/news/syria-nato-iran-russia-149/
(17) http://www.facebook.com/photo.php?pid=1082364&l=cd333f3d48&id=237376096296405
(18) http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=60431
(19) http://www.alalam.ir/news/971954
(20) http://www.al-akhbar.com/node/33716
(21) http://www.alalam.ir/news/950344
(22) http://aawsat.com/leader.asp?section=3&article=663432&issueno=12130
(23) http://www.al-akhbar.com/node/29379
(24)http://www.khaleejtimes.com/DisplayArticle09.asp?xfile=data/middleeast/2012/February/middleeast_February8.xml&section=middleeast
(25) http://www.facebook.com/meeadin.tv/posts/153194974791802
(26) بدون مونتاج - لقاء الرئيس الأسد مع باربرا - كامل ومترجم
(27) التضليل الاعلامي 6-2-2012 
(28) التضليل الاعلامي 5-2-2012
(29) التضليل الاعلامي 4-2-2012
(30) http://www.bbc.co.uk/arabic/inthepress/2012/01/120118_in_the_press_on_wednesday.shtml