مسيحي من نينوى: الجذور العميقة لا تُقتلع بسهولة

بدء بواسطة برطلي دوت نت, سبتمبر 19, 2016, 11:59:13 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مسيحي من نينوى: الجذور العميقة لا تُقتلع بسهولة   


نظرة الى سهل نينوى من شرفة دير مار متي - الموصل
      
برطلي . نت / متابعة
عنكاوا دوت كوم - إرفع صوتك - أربيل – بقلم متين أمين

باتت منطقة سهل نينوى المعروفة بموطن الأقليات الدينية والعرقية في العراق مهددة اليوم بفقدان هذا اللقب الذي حظيت به طوال تاريخ بلاد ما بين النهرين، فالصراعات المسلحة والإرهاب الذي واجهته على مدى أكثر من عامين لم يترك لها سوى الدمار الذي ينذر بفقدانها للنسيج الاجتماعي الذي كانت تتمتع به في الأمس قبل ظهور داعش والجماعات الإسلامية المتشددة.

تهجير الأقليات

يرى الصحافي من مدينة الموصل، رأفت زراري، أن محو تاريخ سهل نينوى لن يحدث سوى بتهجير الأقليات منها.

ويضيف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن تنظيم داعش بعد اجتياحه لسهل نينوى هجر هذه الأقليات، لكن بعد تحرير هذه المنطقة وعودة سكانها من الأيزيدين والمسيحيين والشبك والكاكائيين، سيعيدون بناءها وإعادة الحياة لها.

"لا أعتقد أن محو تاريخها الحضاري يتم بمجرد تفجير الآثار، بل يحدث بعدم عودة الأقليات إلى مناطقهم".

ولا يخفي زراري تخوفه من تعرض هذه المنطقة للدمار بسبب عبوات داعش الناسفة والمعارك التي تشهدها.

ويتوقع أن يكون هناك الكثير من الهدم للقرى التي ستحرر عن طريق القوات العسكرية أو خلال المعارك الدائرة، والعبوات الناسفة التي زرعها داعش. وإذ يلفت إلى أن التنظيم فجر العديد من المراقد والكنائس وأيضا المزارات في مناطق سهل نينوى، يؤكد أن إعادة إعمار تلك المناطق وما دمره تنظيم داعش يحتاج إلى مبالغ مادية كبيرة.

سهل نينوى

تُعتبر منطقة سهل نينوى سهلا طبيعيا يقع بين نهري دجلة إلى الغرب والزاب الكبير إلى الشرق. وتشتهر بخصوبة أراضيها. فقد كانت المنطقة عبر التاريخ مركزا للزراعة، كما وتحتضن الكثير من المواقع الأثرية والدينية للأديان والطوائف المختلفة التي عاشت في بلاد ما بين النهرين.

ويؤكد الناشط المدني غزوان إلياس أن داعش لم يطرد أبناء هذه المنطقة فحسب بل اجتث جذورهم. ويؤكد لموقع (إرفع صوتك) "نحن كمكوّن مسيحي نعيش في سهل نينوى منذ آلاف السنوات"، مضيفاً أنّ ما تعرض له سهل نينوى في الآونه الأخيرة من الهجمة الشرسة التي قادها داعش هو ليس طرد أبناء هذه المناطق من مناطقهم بل "اجتثاث جذورهم القومية والدينية وتخريب مناطقهم ومحاولة للتغيير الديموغرافي فيها".

ويُشدد إلياس على أن مطلب المسيحيين والمكونات الأخرى هو توفير الحماية الدولية لها في هذه المنطقة.

"الجذور العميقة لا تُقتلع بسهولة، لكن لوحدنا لا نستطيع تحمل هذه الهجمات أو مرحلة ما بعد داعش من صراعات لربما تحدث هنا وهناك".

ويؤكد أن مطلب المسيحيين في العراق هو الحماية الدولية، وكذلك الأقليات الأخرى "أو تحويل سهل نينوى إلى محافظة تضم المكونات الصغيرة المتعايشة مع بعضها من السابق إلى حد هذا اليوم، مثل المسيحيين والأيزيديين والشبك، وسيبعدهم هذا عن المتشددين الذين كانوا يتخذون من مدينة الموصل معقلا لهم".

ضمانات دولية

وجود ضمانات كالحماية الدولية وحماية الدولة العراقية أو حماية إقليم كردستان للمنطقة، بالتنسيق والتعاون مع أبناء هذه المنطقة، سيضمن بحسب ما يعتقد إلياس عودة المهجرين وربما عودة الذين اختاروا بلدان أخرى للهجرة كأميركا وأوروبا "لأن تراب الوطن لا يقدر بثمن".

ويبدي تفاؤله بإمكانية حدوث هذا "إن كانت النيات صادقة.. فسوف تعود هذه المنطقة إلى ما كانت عليه وتتجدد بروح وحياة جديدة وستكون نموذجا للتعايش وقبول الآخر لما تتمتع بها من فسيفساء جميلة".

حذر..

لكن الناشط ماهر العبيدي يُحذر من ما ستؤول إليه الأحداث في هذه المنطقة في مرحلة ما بعد داعش. ويقول لموقع (إرفع صوتك) إن مناطق الأقليات في سهل نينوى محاطة بقرى، "وهذه القرى كانت أغلبها حواضن لداعش، لذا ستحدث نزاعات مسلحة جديدة بعد التحرير ستؤثر سلبيا على استقرار المنطقة وكل هذا سينذر بأحداث سلبية لسكان هذه المنطقة".

ويُحدد العبيدي الحل للحفاظ على الهوية التاريخية لسكان هذه المنطقة، مشددا على ضرورة وضع برنامج لما بعد التحرير لإعادة تنظيم المجتمع من جديد على أسس التعايش السلمي، ونبذ العنف والتطرف وخاصة الفكر التكفيري".

"لهذا، يجب أن يكون هناك تدخل مباشر لحل هذه النزاعات من خلال منظمات المجتمع المدني والناشطين المدنيين".

*الصورة: نظرة الى سهل نينوى من شرفة دير مار متى/تصوير علي عبد الأمير