الغاء قرارات لجنة شؤون الشمال.. تريح سرتيب وأكبر وتغيظ عرب كركوك وتنذر بصراع جدي

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يناير 27, 2012, 08:23:57 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

الغاء قرارات لجنة شؤون الشمال.. تريح سرتيب وأكبر وتغيظ عرب كركوك وتنذر بصراع جديد


سوق القيصرية الرئيسية عند قلعة كركوك الواقعة وسط المدينة

السومرية نيوز/ كركوك
بدا سرتيب بابكر وهو كردي من أهالي قضاء داقوق الذي يبعد نحو 30 كم إلى الجنوب من مدينة كركوك وكأن هما ازيح عنه وهو واقف عند الطريق الترابي المؤدي الى ارضه التي صودرت منه في ثمانينيات القرن الماضي.. فبعد برهة من الصمت، أخذ نفسا عميقا ليقول بعده بلهجة متفائلة "لقد عاد الحق لاصحابه، ولن اعود لاعمل أجيرا لدى العرب بعد اليوم".

ويعرب سرتيب الذي تجاوز الستين من العمر وهو يتابع حديثه لـ"السومرية نيوز" عن ارتياحه لقرار الحكومة العراقية الاخير بالغاء قرارات لجنة شؤون الشمال، ويضيف "هذه القرارات غيرت حياتي لأكثر من 20 سنة"، موضحا بالقول "صدام صادر اراضينا ومنحها للعشائر العربية التي استقدمها من الجنوب وعلى الرغم من ذلك لم اترك اراضي، واجبرت على العمل باجور يومية في ارضي عند احد الوافدين العرب الذين استولوا عليها".

لكن وعلى الرغم من ان سرتيب بدا متمسكا باستعادة "الحق" فإنه بدا حريصا على أن لا يؤثر ذلك على علاقته من جيرانه من العرب، ويشدد على أن "استعادة هذه الاراضي لا يعني اشعال حرب ضد العرب بل هو امر يتعلق بالحقوق ولايستهدف العرب بتاتا".

وربما لا يختلف موقف حسين علي أكبر وهو تركماني عن موقف سرتيب إذ يؤكد ان استعادة الاراضي التي استولى عليها العرب هي خطوة مهمة لحل المشاكل التي نشبت عن مصادرة صدام لاراضينا.

ويقول أكبر الذي يبلغ من العمر اكثر من 50 سنة بلهجة حزينه "لقد رحل والدي واشقائه واعدموا ثمانية من ابناء قبيلتنا بعد مصادرة اراضينا"، ويتسأل "باي قانون او عرف يسلب الانسان حقه وتدمر قراه ويمنع اقامة مجالس العزاء على ذويه".

ويدعو اكبر في حديث لـ"السومرية نيوز" السكان العرب الى "عدم مجابهة قرار الحكومة العراقية باعادة الاراضي الزراعية المصادرة في كركوك الى اصحابها الشرعيين".

العرب: لن نترك الارض بسهولة وسيكون لنا موقف في البرلمان
لكن حديث المواطنين الكرد والتركمان عن "اجحاف" مزمن بحقهم وتجاوز على أراضيهم لا يعني شيئا بالنسبة للمواطنين والساسة العرب في كركوك، فهم يؤكدون أصالة وجودهم في المحافظة ويعتبرون أن للقرار أبعادا سياسية سيواجهونها في البرلمان.

ويقول محمود خالد وهو من السكان العرب لمنطقة البشير في حديث لـ"السومر نيوز" ان "العرب هم جزء مهم واصيل من كركوك ولا يجوز مصادرة اراضيهم وترحليهم بحجج مختلفة"، يبين ان الاراضي التي منحت للعرب "تم تعويض اصحابها بمبالغ مجزية من قبل نظام صدام حسين، ثم عادوا يطالبون بها بعد العام 2003".

ويتابع خالد حديثه وبنبرة تحد يضيف "اننا لن نترك اراضينا بسهولة كما يرغب بعض الساسة  الذين يحاولون التجاوز على حقوقنا في هذه الاراضي التي منحت لنا بموجب قانون الاصلاح الزراعي"، ويؤكد ان "عرب كركوك سيرفضون اي محاولة لاخراجهم من اراضيهم وبكل الوسائل".

وبهذا الخصوص يبين عضو المجموعة العربية في مجلس محافظة كركوك محمد خليل الجبوري إن "هناك 2282 عقدا غير مشمولة بقرارات لجنة المادة 140، لأن أصحابها شرعيين ومن عرب كركوك الأصليين".

ويعتبر الجبوري في حديث لـ"السومرية نيوز" ان قرار إلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال "جاء في وقت غير مناسب وجرى بغياب وزراء العراقية وهو خطوة لتجزئة كركوك، وهي تخدم المكون الكردي فحسب".

اما القيادي في المجلس السياسي العربي ورئيس مجلس قضاء الحويجة حسين علي صالح فيحذر من أن العرب لن يسكتوا على هذا القرار "المجحف" بحقهم.

ويشدد صالح على ان "عرب كركوك ليسوا ضد اعادة الحقوق الى اصحابها وهم ضد العنف لكن لديهم خيارات كثيرة في مجلس النواب بشان هذا القرار"، مؤكدا انه "ليس من السهل مصادرة الاراضي التي يعيش الفلاح العربي".

الطالباني والتركمان: القرار جاء متأخرا وهناك خطوات اخرى
ولا تبدو حرارة الترحيب بإلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال لدى الساسة الكرد والتركمان كتلك التي عبر عنها الموطنون من المكونين، إذ يعتبر الساسة أن القرار جاء متأخر جدا وان إجراءات أخرى يجب أن تتبعه.

ويقول نائب رئيس مجلس محافظة كركوك ريبوار طالباني إن "قرار الغاء جميع قرارات لجنة شؤون الشمال سيسهم باعادة حقوق الكرد وإلغاء السياسات السابقة التي انتهجها النظام السابق وهي خطوة لحل مشكلة تخص كركوك، وخاصة باعادة الاف الدونمات الى اصحابها وانهاء سياسية التعريب".

وعلى الرغم من الترحيب، فإن الطالباني وهو من القياديين الكرد يعتبر في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "القرار جاء متأخرا لثماني سنوات"، في حين يعتبره عضو مجلس محافظة كركوك تحسين كهيه انه "جاء بعد سنين طويلة من العمل المشترك في لجنة المادة 140 من الدستور".

ويقول كهية، وهو من القومية التركمانية ويشغل رئيس لجنة تقصي الحقائق في المادة 140 ان "القرار اعاد الحق الى نصابه"، ويلفت الى ان "قرارات اخرى سيصدرها مجلس الوزراء العراقي لحل القضايا العالقة في كركوك وانهاء مشكلة الاراضي".

ويعتبر كهية اعتراض العرب على القرار "جزءا من الديمقراطية المعمول بها حاليا في العراق"، ويبين ان "اعتراضاتهم كانت على عقود زراعية في قضاء داقوق وتمت اعادة الاراضي الى اصحابها".

الزراعة: نحتاج الى فك ارتباط الارضي بوزارات الدولة
وبغض النظر عن الموقف السياسي المتناقض لمكونات كركوك تجاه إلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال فإن مديرية الزراعة في المحافظة تعتبر أن العقود الزراعية تعتبر "واحدة من المشاكل الرئيسة التي تعاني منها محافظة كركوك بسبب ارتباطها بالوزارات ايضا".

ويضيف مدير دائرة زراعة كركوك مهدي مبارك، في حديث لـ"السومرية نيوز" أن "المشكلة تكمن بجملة قرارات أصدرتها لجنة شؤون الشمال، نصت على سحب أراض من أصحابها الشرعيين من الكرد والتركمان بلغت مساحاتها آنذاك نحو 300 ألف دونم، وسجلت بأسماء مواطنين عرب استقدموا من محافظات الوسط والجنوب".

ويتابع مدير زراعة كركوك انه "بعد العام 2003 تم تشكيل لجنة للبت في صرف تعويضات للفلاحين العرب ممن يرغبون بفسخ عقود استئجارهم للأراضي"، مبيناً ان "3470 فلاحاً قدموا طلباتهم إلى اللجنة ورفعت اللجنة توصياتها إلى وزارة الزراعة لكن لم تعد تلك الأراضي إلى أصحابها حتى الساعة، لأن النظام السابق سجلها باسم وزارات ونحتاج إلى فك ارتباطها منها".

مراقبون: القرار سيضيف أزمة إلى أزمات البلاد
أما بالنسبة للمراقبين فإن قرار إلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال قد يضيف أزمة جديدة إلى الازمات التي تعيشها البلاد ويمثل تصعيدا جديدا بين المكونات الثلاث كركوك وتغييرا لخارطة التحالفات السياسية في المدينة التي كانت موجودة منذ عام 2003 بين التركمان والعرب ضد محاولة الكرد لضمها إلى اقليم كردستان.

يقول المحلل السياسي واثق هاشمي ان "توقيت القرار غير ملائم وجاء لكسب ود التحالف الكردستاني خوفا من تسريبات بشان تشكيل حكومة من اغلبية تجمع العراقية والتيار الصدري وهو محاولة لفتح خطوط ود جديدة بين بغداد واربيل".

وينتقد الهاشمي في حديث لـ"السومرية نيوز" القرار، ويعتبره "لم يكن حكيما أبدا"، متوقعا أن تكون له معارضة شعبية كبيرة تؤدي الى ازمة جديدة وتوتر كبير في كركوك لانه مرفوض من قبل العرب".

ولا يستبعد المحلل السياسي العراقي أن تأخذ الامور "مجرى اخر عن ما هو موجود حاليا"، ويسفر ان صمت القائمة العراقية التي تمثل عرب كركوك عن القرار حتى الساعة يعود إلى "المشاكل والازمات التي تعاني منها والخلافات الكثيرة بشان موقفها من العودة الى الحكومة والبرلمان".

وأصدرت لجنة شؤون منذ ثمانينات القرن الماضي بعد تشكيلها من قبل مجلس قيادة الثورة العديد من القرارات تمنح حرية التصرف بالاراضي الزراعية التابعة للكرد والتركمان في محافظات ديالى ونينوى وكركوك على وجه الخصوص.

وقامت اللجنة بنقل ملكية آلاف الدونمات من أراضي كركوك الزراعية إلى العرب الوافدين، والتي دعمت بعد ذلك في تسعينات القرن الماضي بقرارات أخرى لمجلس قيادة الثورة الذي يتزعمه رئيس النظام السابق صدام حسين لمصادرة ألاف من الأراضي من محافظة كركوك التي كان يطلق عليها آنذاك محافظة التأميم.

وعقب سقوط نظام صدام حسين في التاسع من نيسان عام 2003  اتفقت الكتل السياسية على حل هذه القضية بموجب المادة 140 من الدستور والتي لايزال موضوع تنفيذها يمثل عقبة كبيرة للجهات السياسية.

وتنص المادة 140 من الدستور على تطبيع الأوضاع في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها في المحافظات الأخرى، كنينوى وديالى، واستفتاء رأي أبناء تلك المناطق لتقرير مصير مناطقهم، سواء ببقائها وحدة إدارية مستقلة أو إلحاقها بإقليم كردستان، أو البقاء على وضعها الحالي.

وتمكنت الحكومة من تنفيذ بعض فقرات المادة، مثل تعويض المتضررين من سياسات النظام السابق وتطبيق المادة الدستورية، فيما لم تنفذ أهم الفقرات وهي الاستفتاء الشعبي.

وفي حين يؤيد الكرد بقوة تنفيذ المادة 140من الدستور، يبدي قسم من  العرب والتركمان في كركوك ومناطق أخرى، اعتراضاً على تنفيذها لخوفهم من احتمال ضم المحافظة الغنية بالنفط إلى إقليم كردستان العراق.

ويتهم العرب، الأحزاب الكردية باستقدام ألاف الأسر إلى كركوك لتغيير ديموغرافيتها، فيما ترد الأحزاب الكردية بان تلك الأسر هي من سكنة المحافظة الأصليين وقامت الحكومة العراقية خلال فترة النظام السابق بطردهم من المحافظة وإسكان أسر عربية محلهم لزيادة نسبة السكان العرب فيها.