العراق: المخارج المقفلة..في السياسة والامن

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, أغسطس 03, 2014, 06:26:02 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

العراق: المخارج المقفلة..في السياسة والامن


العراق: المخارج المقفلة..في السياسة والامن الميزان الإستراتيجي عسكرياً يميل في المدى البعيد لصالح المركز. غير أن الجيوش تزحف على بطونها (أ ف ب)
التقى رئيس البرلمان العراقي الجديد سليم الجبوري، رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، حاملاً رسالة من رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، تتضمن وعوداً تصل حد التعهد بانهاء جميع القضايا العالقة بين المركز والإقليم. ومع أن الجبوري صرّح إثر اللقاء بأنه عازم على التوسط بين المالكي والبارزاني، إلا أن محاولته انتهت بالفشل. فقد كانت أقرب إلى عرض "صفقة"، لا وساطة سياسية؛ فاقترح حل المشاكل  بين الإقليم والمركز، مقابل موافقة البارزاني على عودة المالكي، رئيساً للوزراء لدورة ثالثة. الأمر الذي تسبب بتوتر أنهى اللقاء بطريقة غير دبلوماسية، فالبارزاني غادر الجلسة بمجرد أن سمع طلب الجبوري.

هذه النهاية والسياقات التي افضت إليها، تبدو اليوم أشبه بجرس يسمع صوته في كل مجالات السعي لتعويم "العملية السياسية الطائفية" القائمة. ومع أن مسالة عودة المالكي لترؤوس الوزارة، هو المحور الذي تختبر فيه حالة تلك العملية، غير أن مظاهر الإنغلاق والجمود تتسع لتشمل مجالات بعيدة عنه. فالمالكي أمل أن يلبي رئيس الجمهورية الجديد محمد فؤاد معصوم، طلبه باعتماد كتلته "دولة القانون" بصفتها الكتلة الأكبر برلمانياً والتي يحق لها ترشيح رئيس الوزراء. لكن معصوم قابل طلب المالكي بعدم الموافقة، وكأنه قد اختار التأني متحاشياً الصدام المباشر مع البارزاني، ومبقياً على هامش من العلاقات مع بقية الأطراف الشيعية في "التحالف الوطني"، مثل "التيار الصدري" و"المجلس الأعلى الإسلامي" وتيار رئيس الوزراء الأسبق ورئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري. الأمر الذي صدم المالكي، وبدد مفعول زيارته لكردستان، ولقائه الرئيس السابق المريض العائد من العلاج جلال الطالباني".

الأوضاع الناشئة عن خروج الموصل ومدن أخرى من يد المركز، ماتزال تلقي بظلال من الشلل على المشهد العام، وكأنها تشجع تصلب المعارضين من الكتل الأخرى لعودة المالكي، وتزيد من حججهم التي يعرضونها رفضاً لشغله منصب رئيس الوزراء. مما أدى إلى تدني سوية خيارات العملية السياسية، وجعل من تمثيلها الرئيسي على مستوى رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب أضعف بكثير من سابقيه. كما زاد من تحكم رئيس الوزراء الحالي برغم انتهاء ولايته؛ فرئيس مجلس النواب الجديد، يدين بفضل كبير للمالكي الذي عمل "بوسائلة الخاصة" على تخليصه من أحكام كانت على وشك الصدور بحقه، وهو ما لم يتخلص منه، ويحوز على عفو "قانوي" بشأنه، إلا قبل أيام من انتخابه لمنصبه الحالي. وبهذا يكون المالكي قد تخلص من رئيس مجلس النواب السابق أسامه النجيفي، أكثر المعارضين له عناداً، ليحصل على بديل خاضع لإرادته. والشيء نفسه ينطبق بقدر ما على اختيار "فؤاد معصوم"، مع نسبة محدودة من الاستقلالية، يتمتع بها الأخير بحكم انتسابه لحزب آخر، ولأنه كردي تدعمه توازنات تمنع اضطراره للرضوخ كلياً لإرادة المركز، برغم الثقل الإقليمي الذي عزز ويعزز حضور المالكي، كخيار في اعتبارات الرئيس الجديد.

الوضع بعمومه تُخيّم عليه المخارج المقفلة، وأولها الوضع العسكري الناشيء عن خروج الموصل ومدن أخرى من يد المركز؛ فبعد موجة الحماسة والتوقعات عن احتمال الوصول إلى بغداد، وانقلاب الأوضاع كلياً، استقرت المواجهة العسكرية عند خطوط تماس وعمليات كر وفر ثابتة تقريباً. وحين حاول المالكي لمرات إحراز انتصارات عسكرية سريعة، وخاصة في تكريت، باءت محاولاته بالفشل. والشيء ذاته ينطبق على الطرف الآخر الذي يسيطر على الموصل وتكريت. الخبير العسكري الذي كان يشغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية العراقية أيام الحرب العراقية الإيرانية وفيق السامرائي، والذي احتل منصب المستشار العسكري للرئيس جلال طالباني، كتب قبل يومين تحليلاً تفصيلياً في جريدة "الشرق الاوسط" اللندنية، بيّن فيه أن الميزان الإستراتيجي عسكرياً يميل في المدى البعيد لصالح المركز. غير أنه مع ذلك استعمل تعبيراً عسكرياً يقول "الجيوش تزحف على بطونها"، في إشارة إلى صعوبات حسم المعارك الدائرة، واحتمال استغراقها وقتاً طويلاً.

حتى الضغوط الإقليمية ومحاولات تأمين موقف شيعي لصالح عودة المالكي، لا يبدو أنها تؤدي دورها بطريقة سحرية؛ فالأسباب والشروط التي تتمترس وراءها الأطراف المعنية، معللة رفضها عودة المالكي تبدو كافية للكشف عن "حدود قوة" تلك الضغوط. ما يضيف لحالة انعدام المخارج سبباً آخر فعال، يزيد أسباب الشلل التي تتجاوز مسألة تشكيل الحكومة ورئاستها، لتعمم الجمود على إجمالي أداء وحالة "عملية سياسية" ماعادت قابلة للحياة، بينما يصر المستفيدون منها على النفخ فيها بكل ما أوتوا من طاقة، بلا أفق.

عبد الامير الركابي


http://www.almodon.com/arabworld/66d4021e-efad-4dfc-8cd1-95f54896c6de#sthash.Si5ZC8jx.dpuf
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة