رسالة تعزية اللواء بوغوص يوسف سراج

بدء بواسطة matoka, يناير 29, 2013, 06:53:47 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

رسالة تعزية









برطلي . نت / بريد الموقع
مطرانية السريان الأرثوذكس بحلب


2013 /2
26/1/2013

أرملة وأولاد اللواء بوغوص يوسف سراج المباركين

أعزاءنا بالرب آل سراج في الوطن والمغتربات، نهديكم جميعاً المحبة والدعاء ونقول :
شعرت بالحزن العميق وأنا أتلقى نبأ انتقال عميد أسرتكم الكريمة المأسوف عليه كثيراً اللواء بوغوص يوسف سراج، بعد صراع مرير مع المرض، كلل نضاله وخدماته في حقل الوطن. فأينما حل الغالي أبو منقذ كان يطبع بصمة في مجالات الإخلاص والوفاء والتضحية والوطنية، ويترك أثراً طيباً في من خدمهم، وأدى أعمالاً جليلة لهم إن كانوا أفراداً أو جماعات. وكانت رتبه في سلك الشرطة تعلو سنة بعد سنة  تقديراً ومكافأة لرؤيته الصائبة في حقول الخدمة والعطاء، ولزرعه محبة الوطن في قلوب من عرفوه عن كثب.
واذا اردت ان اعدد مواقفه وخدماته واعماله وعطاءاته فهي كثيرة ، خاصة وأن خدماته توزعت على عدة محافظات في سورية، ومع كل منصب جديد، كانت آراؤه تتألق بالمواقف المشرفة، ويعرف رؤساؤه مدى اهتمامه بخدمة الإنسان والإنسانية أنطلاقاً من تربته التربوية الخالصة، واعتماداً على أخلاقيات المنطقة التي منها أتى، وكان دائم الافتخار بها وبأهلها من مسيحيين ومسلمين، وهو الذي افتخر به الجميع لدماثة أخلاقه من جهة، ولصدقه في محبته للجميع دون تمييز من جهة أخرى. وكانت كل اثنيات محافظة الحسكة وأديانها ومذاهبها ومكوناتها وعشائرها تعتز به وتفخر، بل تتباهى بقيادته الحكيمة ولأن شخصيته القيادية تميزت دائماً بالعطاء غير المشروط ولهذا جعلت لها مكانة عالية في جميع النفوس في سورية كلها.
وأذكر اليوم من مواقفه المتميزة اثنتين.
الأولى : كان بابه مطروقاً من الجميع، وكان ملماً بكل تفاصيل الطلبات، وبعد سماع صاحب الحاجة كان يطمئنه بأنه سيسعى بكل طاقته من أجل تحقيق رغبته. ومرة كنت جالساً في مكتبه في وزارة الداخلية وكان معاوناً للوزير، فجاءه رئيس عشيرة من محافظة الحسكة وقصده بأمر عسير المنال، فاستمع إليه بآذان صاغية وامتدح مواقف عشيرته الوطنية، وذكره بأعماله والده المتوفى، وقال له إذا لبيت لك الطلب فليس فقط لشخصك وإنما لكل الاعتبارات الأخرى، فالذي زرع في أرض الوطن المحبة والألفة والتعاون والأخوة يستحق أن يخدمه الوطن أيضاً.
اعتقدت للوهلة الأولى أن سيادة اللواء بوغوص يذكر طالب الحاجة وهو رئيس عشيرة عربية كريمة بالعمل الصالح للسلف الصالح، ويحثه على زرع هذه المحاسن في الجيل الطالع، ويؤكد له بأن الوطن لا ينسى أتعاب أصحاب العمل الصالح. ولكن بعد هذه الجلسة الممتعة دخلت مجموعة من شخصيات الساحل السوري، وهنا عرفت كيف يسحر سيادته زواره ومستمعيه بالأفكار النيرة، والرؤية السليمة لشؤون الوطن.
والثانية : كان ولعه كبيراً في المطالعة، يهتم بكل كتاب جديد خاصة ما له علاقة بتاريخ الإنسان والمنطقة، كان شفافاً في القراءة، لا يصدق كل شيء يكتب، ولكن في نفس الوقت لا يشكك في كل نظرية تتعلق بالإنسان والتاريخ، كان يقول لي عندما نلتقي أو نتحادث على الهاتف أن التاريخ أمانة في أعناقنا، وعلينا أن ننقي الذاكرة من كل الشوائب، ونبني جسوراً متينة بين الإنسان وأخيه الإنسان، الله خلق الإنسان ليكون منتجاً ولا يتقاعس بواجباته تجاه أخيه الإنسان، والتعاليم السماوية شرعت للمحبة فقط، ولهذا في كتابنا المقدس أعظم آية هي : الله محبة . فاذا احب الانسان كان مؤمنا بالله والوطن والانسان ، وهكذا لا يقبل ان يأتي الشر من  اي طرف كان بل تبقى رسالته نشر المحبة بين الناس، لا أنسى أن جلسته كانت ممتعة جداً، خاصة عندما يستشهد بقراءاته المتنوعة، ويقنع زائره بصدقه ومحبته.
لقد تبارك الوطن الغالي، وكنيسته السريانية الأرثوذكسية التي أنجبته وقدمته هدية للوطن،  وأصدقاؤه، ومحبوه، وعائلته بشخصية اللواء بوغوص سراج وحياته الغنية بمواقفها.
يبقى أن أشير إلى أن الأحداث المؤلمة الأخيرة عجلت في موته، فلم يتوان ولا للحظة واحدة عن التعبير عن إيمانه بأن سورية الوحدة الوطنية، والعيش معاً، ليست سورية التي تتفاعل فيها الصراعات. وكان يأمل مثل من المخلصين بأن ساعة الفرج قريبة، وسورية ستضرب أمثلة في العطاء والأمن والأمان والاستقرار.
لهذا فالخسارة كبيرة اليوم، وسيبقى ذكرى أبو منقذ مؤبداً إلى ديار الخالدين، وفي مصاف العاملين المجدين أيها الغالي.


                                                                             غريغوريوس يوحنا ابراهيم
                                                                                   متروبوليت حلب
حلب 26/كانون الثاني/2013

Matty AL Mache