ثقافة اللاعنف في اقليم كوردستان / محمد علي السماوي

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, يونيو 16, 2012, 09:29:58 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

ثقافة اللاعنف في اقليم كوردستان



محمد علي السماوي/ شفق نيوز

تسعى شعوب العالم الى إشاعة السلام وترسيخ ثقافة اللاعنف بين افراد المجتمع ، ونبذ مبدأ الحاق الاذى بالاخرين ، والغائهم وتهميشهم والتضييق عليهم ، لان العنف يتولد لدى الانسان منذ انطلاقه في حب ذاته ، وتحقيق مصلحته الخاصة ، فهو يتفرد بتصورات تعزز لديه الانانية وتوجه نشاطه لكل ما يحقق اهدافه وتطلعاته الفردية ، ومن جراء ذلك يبرر استعمال اية وسيلة تخدم اجندته ، وبالتالي ينقاد الى اضطهاد ابناء الجنس البشري ، والقيام باعمال العنف وعندئذ يحصل الظلم والحرمان والاذلال وكل ما ينتقص من قيمة الانسان ومن ثمّ يفضي هذا الى الصراع والنزاع والى تدمير المجتمع وهلاكه.

فثقافة العنف تودي بتقويض المجتمع وإضعاف قوى الانسان وما يملك من طاقة إذا لم تعطل ، وهذا بدوره ينعكس على ابناء المجتمع فيشيع بينهم الفقر او ان يعيشوا تحت خط الفقر ، وكذلك تتأثر منظمات المجتمع المدني فيعرقل عملها ويجعلها قاصرة عن تحقيق اهدافها الانسانية .

لذا بات من الضروري العمل على نشر ثقافة اللاعنف التي هي مسؤولية الجميع . إذ انها تبدأ من ثقافة الفرد ووعيه ، وهذا ما تضطلع به المؤسسات التربوية ابتداء من الروضة حتى الجامعة . فالمدرسون والاساتذة والعلماء يقع ذلك ضمن مسؤولياتهم تجاه ابناء مجتمعهم من خلال المحاضرات وإقامة معارض الرسم والفنون التشكيلية والندوات والمؤتمرات التي تمجد ثقافة اللاعنف ، وتعمل على نشر الوعي وتعميق وترسيخ هذا المفهوم لدى اوسع مساحة من الجماهير . فضلا عن ان ثقافة اللاعنف تزدهر وتنمو وتأتي أكلها حيث يتوافر الاستقرار واستتباب الامن .

وبما ان اقليم كوردستان يتمتع باستقرار امني اضافة الى توافر الكثير من مظاهر اللاعنف فيه ، اذ لانجد فيه الاضطهاد ولا ازهاق ارواح المواطنين بوسائل الدمار والموت كالتفجيرات وغيرها ، فضلا عن سيادة مفهوم الديمقراطية والعدالة والمساواة التي شملت المواطنين وكافة الاتجاهات والكتل السياسية الوطنية . وكما جاء في مقولة الشاعر الكوردي لطيف هلمت ان "كوردستان كانت ملاذا آمنا للعراقيين من العنف الذي كان يمارسه النظام السابق بحق العراقيين، وكوردستان رفعت دائما شعار الاخاء والتعايش المشترك حيث يعيش العربي بجانب الكوردي والشيعي بجانب السني والتركمان بجانب المسيحي والايزيدي بسلام دون ان يواجهوا اي نوع من انواع التمييز".

ولا بد من الاشارة الى ان اقليم كوردستان شهد الكثير من النشاطات التي تعزز ثقافة اللاعنف وتعميقها وترسيخها . ففي جامعة السليمانية عقد مؤتمر علمي في قاعة (راپه رين) في الجامعة نفسها بتاريخ 29 / 10 تحت شعار (ثقافة اللاعنف في التعامل مع الآخر). الذي نظمه بيت الحكمة بالتعاون مع جامعة السليمانية، وقد تضمن الكثير من الندوات الفكرية والثقافية ، وقدمت فيه البحوث والدراسات عن ثقافة اللاعنف وإشاعة هذا المفهوم.

كما نظمت مؤسسة آراس للطباعة والنشر ندوة رئيسة جامعة اللاعنف وحقوق الانسان اللبنانية المختصة في مجال اللاعنف، وقد سلطت د- اوغاريت يونان في هذه الندوة الضوء على أهمية نشر ثقافة اللاعنف في المجتمع ، واشادت في حديثها على اهمية منطقة كوردستان ودورها من اجل نشر ثقافة اللاعنف في المجتمع عبر التاريخ .

وأكدت على اهمية اجراء دراسات وبحوث حول اللاعنف في المنطقة رغم تعرضها للكثير من المظالم . ان اقليم كوردستان وشعبنا الكوردي قد اصيب بشتى انواع القهر وصنوف العدوان والاضطهاد والموت على ايدي ازلام الانظمة السابقة ، ورغم ما ابتلي به من محن وويلات بقي شعب كوردستان متمسكا باللاعنف وبروح السلام واشاعته ومبدأ التعاون والتسامح والعيش مع المكونات الاخرى بمزيد من روح الاخاء والمواطنة وسيادة العدالة والمساواة بين سكان الاقليم ذي النسيج المتنوع .

ومن الجدير ذكره ان جامعة اللاعنف في لبنان هي الجامعة الوحيدة في المنطقة ومقرها لبنان وتأسست في 2009 وكان من اهداف هذه الزيارة للاقليم ما يأتي :

1- للتعريف بالجامعة في المنطقة .

2- دعم اقليم كوردستان ، وتنمية مجتمعه من خلال ارسال الطلبة الى المنطقة (اقليم كوردستان) . لاعداد بحوث ودراسات حولها .

3- إرسال الطلبة من اقليم كوردستان الى الجامعة في لبنان لاكمال دراساتهم حول اللاعنف وحقوق الانسان .

4- وبالتعاون مع وزارة الثقافة في الاقليم تعمل على نشر الكتب باللغتين العربية والكوردية الذي يتيح لاول مرة نشر كتب باللغة الكوردية التي ستقوم بطبعها دار آراس وستقدمها الجامعة كهدية للاقليم لنشر مفاهيم وثقافة اللاعنف .

ان هذه الجامعة المتمثلة برئيستها اوغاريت يونان شاركت في مؤتمر حول قضية الاتجار في البشر في دوكان وكذلك في مؤتمر لجامعتي صلاح الدين وكوردستان .

كما ان الجامعة وضعت مشروعا لاقامة دورتين او ثلاثة دورات في العام ليتخرج فيها 120 كادرا سوف يملكون القدرات لنشر مفاهيم اللاعنف في المجتمع .

وقد القت رئيسة الجامعة اوغاريت محاضرة في جامعة كوردستان باربيل وضحت من خلالها كيفية الاستفادة من ثقافة اللاعنف في الاقليم . ومن نشاطات اللاعنف في الاقليم ان وفد جامعة اللاعنف وحقوق الانسان في العالم العربي (اونور) وعلى مدى يومين قد اقام لقاءات وندوات في اربيل عاصمة اقليم كوردستان مع مختلف شرائح المجتمع في الاقليم من سياسيين ومثقفين وصحفيين وطلبة وكان ذلك على اثر دعوة موجهة للوفد من قبل دار آراس للنشر والطباعة ووكالة كوردستان (آكانيوز) لتعميم مفاهيم ثقافة اللاعنف في الاقليم.

إذ ان ترسيخ ثقافة اللاعنف تمكن المجتمع من تجاوز الصعوبات والمعوقات وتفادي الحروب وتوفر فرصة للتعامل مع الآخر ومع المرأة ومع الطفل بشكل حضاري يحفظ للجميع حقوقه وقيمته ، فضلا عن تحقيق حياة افضل للمواطنين في الاقليم الذي غدا مثالا يحتذى به في نجاح تجربته الديمقراطية.





لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير