موارنة وسريان أرثوذكس يحيون لغة المسيح في الأراضي المقدسة

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 10, 2012, 07:11:35 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

موارنة وسريان أرثوذكس يحيون لغة المسيح في الأراضي المقدسة





أبونا

في بلدتين في الأراضي المقدسة تعيش أقليات مسيحية، وتشهد الآرامية انبعاثاً من خلال نشرها بين الأجيال المسيحية الصاعدة، في إطار جهود طموحة لإحياء تلك اللغة، التي كان يسوع يتكلم بها، وذلك بعد مضي قرون على اختفائها من الشرق الأوسط.

التركيز الجديد على اللغة، التي كانت سائدة في المنطقة قبل ألفي عام، يتم بمساعدة صغيرة من التكنولوجيا الحديثة: قناة تلفزيونية ناطقة بالآرامية، تبث إلى كل الأماكن من أسوج، حيث أبقى مجتمع نشيط من المهاجرين تلك اللغة المحكية القديمة على قيد الحياة.

في بلدة بيت جالا الفلسطينية، يحاول الجيل الأكبر سناً من المتكلمين بالآرامية مشاركة أحفادهم في تلك اللغة. البلدة تقع قرب بيت لحم، حيث يقول العهد الجديد أن يسوع المسيح وُلد. وفي قرية الجش العربية- الإسرائيلية، الواقعة في تلال الجليل حيث عاش المسيح وبشّر، يتم إرشاد طلاب الابتدائي بالآرامية، وغالبية هؤلاء من أبناء الكنيسة المارونية المسيحية.

الموارنة هناك لا يزالون يحيون القداس بالآرامية، لكن قلة منهم تفهم الصلوات. تقول كارلا حداد، وهي فتاة في العاشرة من بنات الجش: "نريد أن نتكلم اللغة التي تكلم بها يسوع". كثيراً ما لوحت بذراعيها، فيما كانت تجيب بالآرامية عن أسئلة معلمتها منى عيسى خلال ساعة الدرس. وتتدارك: "اعتدنا التكلم بها من زمن طويل"، وذلك في إشارة إلى أجدادها.

خلال الدرس، ردد عدد من الأولاد صلاة مسيحية بالآرامية. لقد تعلموا كلمات، منها "الفيل"، و"كيف حالك؟"، و"الجبل". وبعضهم كان يرسم بعناية زوايا حادة لحروف آرامية، بينما عبث آخرون بمحافظ أقلامهم التي حملت صوراً لفرق كرة قدم شعبية.

اللهجة التي يتم تدريسها في الجش وبيت جالا هي السريانية التي كان يتكلم بها أجداد أبناء البلدتين المسيحيون. وهي تشبه لهجة الجليل، التي ربما استخدمها يسوع المسيح، وفقاً للخبير في الآرامية في الجامعة العبرية في القدس ستيفن فاسبرغ. ويقول: "على الأرجح، كانوا يفهمون على بعضهم البعض".

في الجش، هناك 80 ولداً في الصف الأول، ضمن دراسة للآرامية تمتد على خمسة أعوام، كمادة طوعية، ولساعتين في الأسبوع. وقد قدمت وزارة التربية الإسرائيلية أموالاً لتأمين الصفوف حتى الصف الثامن، تفيد مديرة المدرسة ريم خاطيب- زعابي.

قبل أعوام عدة، جيّش العديد من سكان الجش جهودهم لتأمين دراسات في الآرامية، على ما تقول. غير أن الفكرة واجهتها مقاومة. فمسلمو البلدة ابدوا قلقاً من أن يكون الأمر تغطية لمحاولة جذب أولادهم إلى المسيحية. كذلك اعترض بعض المسيحيين قائلين أن التركيز على لغة الجدود غايته تجريدهم من هويتهم العربية. الأمر إذاً حساس لكثير من العرب المسلمين والمسيحيين في إسرائيل، الذين يفضلون التعريف بهم بواسطة انتمائهم العرقي، وليس بواسطة دينهم.

في النهاية، تفوقت عليهم خاطيب- زعابي، وهي مسلمة علمانية من خارج البلدة. "هذا هو تراثنا الجماعي والثقافي، وعلينا أن نحتفل به وندرسه"، تقول. وهكذا أصبحت مدرسة الجش الابتدائية المدرسة العامة الإسرائيلية الوحيدة لتدريس الآرامية، ووفقاً لوزارة التربية. تلك الجهود تتجسد أيضاً في مدرسة مار أفرام - بيت جالا التي تديرها الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، وتقع على بضعة أميال فقط من ساحة كنيسة المهد في بيت لحم. هناك، علّم كهنة اللغة لـ 320 طالباً خلال الأعوام الخمسة الماضية.

نحو 360 عائلة في المنطقة تنحدر من لاجئين ناطقين بالآرامية فروا العام 1920 من منطقة طور عبدين التي تعرف اليوم بتركيا. ويقول الكاهن بطرس نعمة أن الآرامية لا تزال محكية بين كبار السن، غير أنها اختفت بين الأجيال الشابة، مشيراً إلى أن الأمل هو أن يساهم تعليم اللغة في مساعدة الأولاد في تقدير جذورهم. ومع أن كلا من السريان الأرثوذكس والموارنة يستخدمون الآرامية في الخدمات الليتروجية، إلا أن الاختلاف بين كنيستيهم واضح. الكنيسة المارونية هي الأكثر انتشاراً في لبنان المجاور، غير أن مؤمنيها في الأراضي المقدسة لا يزيدون عن بضعة آلاف من أصل 210 آلاف مسيحيي في الأراضي المقدسة. وبالمثل، فإن عدد السريان الأرثوذكس لا يتجاوز الألفين في الأراضي المقدسة، يفيد نعمة. وفي العموم، يعيش نحو 150 ألف مسيحي في إسرائيل، ونحو 60 ألفاً آخرين في الضفة الغربية.

أياً يكن الأمر، فان المدارس التابعة للكنيستين وجدت الإلهام والدعم في مكان غير متوقع: أسوج. هناك، سعت المجتمعات الناطقة بالآرامية والمتحدرة من الشرق الأوسط إلى إبقاء لغتها قيد الحياة، فنشرت صحيفة "Bahro Suryoyo"، إضافة إلى كتيبات وكتب للأولاد، منها "الأمير الصغير". وهي تنفق على محطة فضائية اسمها "Soryoyosat"، تقول رئيسة الاتحاد السرياني الآرامي في اسوج ارزو آلن. كذلك، هناك فريق كرة قدم آرامي، "Syrianska FC"، ضمن الفرق الاسوجية الأولى، وهو من مدينة سودرتاليا. ويقدر مسؤولون عدد السكان الناطقين بالآرامية في أي مكان بين 30 ألفاً إلى 80 ألف شخص.

بالنسبة إلى كثر من الموارنة والسريان الأرثوذكس في الأراضي المقدسة، كانت الفضائية المرة الأولى التي يسمعون فيها لغتهم خارج الكنيسة من عقود. الاستماع إليها في سياق حديث أوحى لهم محاولة إحيائها بين مجتمعاتهم المحلية. "عندما تسمعها، يمكنك أن تتكلم بها"، يقول عيسى، وهو مرب.

اللهجات الآرامية كانت اللغات العامية السائدة في المنطقة من 2500 عام حتى القرن السادس، يوم أصبحت العربية، لغة الغزاة المسلمين الآتين من شبه الجزيرة العربية، مهيمنة، وفقا لفاسبرغ. غير أن "الجزر اللغوية" صمدت: الموارنة تشبثوا بالليتورجيا الآرامية، كذلك فعلت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية. وتكلم أيضاً اليهود الأكراد عند نهر جزيرة لهجة آرامية تسمى "Targum"، قبل أن يهربوا إلى اسرائيل العام 1950. ويشير فاسبرغ إلى أن ثلاث بلدات مسيحية في سوريا لا يزال أبناؤها يتكلمون إاحدى اللهجات الآرامية.

من خلال فرص عدة للتمرين على تلك اللغة القديمة، أمكن المعلمون في الجش ضبط التوقعات. فهم يأملون في إحياء فهم معين للغة على الأقل. غير انه يمكن رؤية التحديات الكبيرة في مدرسة الجش، حيث يضم الصف الرابع للآرامية نحو دزينة من الطلاب فقط. كان عدد الطلاب أكثر بمرتين قبل فتح صف لتعليم الفنون في الوقت نفسه الذي يتم تعليم الآرامية، مما أدى إلى خسارة نصفهم... لمصلحة الفن.