الآشوريون والكلدان الحاليون أو الأسباط العشرة الإسرائيليون ج 5
يتبع جزء 4
37: أول دخول للمسيحية في العراق هو مدينة أربيل، وهذا أمر ثابت لا يختلف عليه اثنان من المحققين، وأغلب سكان أربيل بداية المسيحية كانوا من اليهود، وملكهم يهودي، وفي القرن الرابع الميلادي يكتب المؤرخ سوزمين، إن أغلب سكان أربيل هم مسيحيون (تاريخ سوزمين، لندن 1846م، ص65 Sozomen, Ecclesiastical history, A history of the church ).
38: يقول المطران الألقوشي الكلداني يوسف بابانا +1973م: كان في القوش كثيراً من اليهود المسبيين، ومن جملتهم عائلة النبي ناحوم ابن ألقون التي سباها الملك شلمنصر الخامس (727-722م)، وفي كل سبي للآشوريين كان من نصيب ألقوش جماعة من اليهود، وقد تنصر هؤلاء اليهود عند مجيء المسيحية وقبلوا تعاليم المسيح، فالديانة المسيحية انتشرت أولاً بين الجالية اليهودية لأنها كانت تنتظر المسيح المخلص القائل: أنا لم أُرسل إلَّا إلى الخراف الضالة من بني إسرائيل (إنجيل متى، 10: 6، 15: 24)، فكانت ألقوش من المناطق التي اعتنقت فيها الجالية اليهودية الديانة المسيحية منذ فجرها، وكانت معروفة ومقبولة عند الجالية اليهودية في مملكة فارس وبين النهرين أي العراق، فبشَّر تلاميذ ورسل المسيح الجالية اليهودية في أربيل وبقية المناطق بالمسيح الذي أتى نوراً ومخلصاً لبني إسرائيل، وكان لهذا التبشير نصيب للجالية اليهودية في ألقوش قبل غيرها، فنمت وازدهرت في ألقوش المسيحية، وتأسست في ألقوش أول كنيسة من اليهود المتنصرين اسمها مار كوركيس، والمحتمل أنها تثع فوق التل المعروف شويثا دكناوي، وقد حدثت مشاكل في ألقوش بين اليهود المتنصرين ومن بقى على يهوديته، فعاش اليهود في ألقوش أجيالاً عديدة، وبسبب عدم تمكنهم من البقاء مع أبناء جلدتهم من المسيحيين، ولما كان المسيحيون هم الأغلبية، لذلك تركوا بيوتهم قبل ثلاث أو أربع قرون التي صارت مضرباً للأمثال، واليوم كل سكان ألقوش مسيحيون كلدان كاثوليك، ومن جملة العوائل الكهنوتية اليهودية في ألقوش التي اعتنقت المسيحية، عائلة شكنيا، وعائلة شوكانا الكبيرة التي تميزت باحترامها للشريعة الإلهية، وما يؤيد صحة ذلك أنه في عام 1903م حينما كان الشاب الطبيب بولس شمعون شوكانا من مواليد 1871م وهو شقيق القس أوراها شمعون شكونا، يطالع في إحدى مكتبات لندن، سأله مدير المكتبة الإنكليزي عن اسمه وعائلته، فأجابه أنا بولس شوكانا من العراق من ألقوش، فردَّ عليه المدير قائلاً: انتم لستم من بيت شوكانا، فهذه تسمية حديثة جاءتكم بسبب ازدياد أفراد عشيرتك، وفي الأصل اسمكم شكنيا، وأنتم عائلة يهودية كهنوتية ورد ذكرها كثيراً في الكتاب المقدس.
ويضيف المطران: إن أول بطريرك في التاريخ للمتكثلكين من النساطرة (الذين سيُسمَّون الكلدان فيما بعد) يوحنا سولاقا +1555م، هو من عائلة بلو اليهودية التي يُظن أنها فرع من عائلة شوكانا اليهودية الأصل. (المطران يوسف بابانا، ألقوش عبر التاريخ، ص46، 103-106. 116)، والجدير بالذكر (أولاً): إن سولاقا لم يحمل الاسم الكلداني، بل أول بطريرك حقيقي بالاسم الكلداني هو يوحنا هرمز + 1838م، من ألقوش، وهذا أيضاً من أصل يهودي من سبط نفتالي فهو من عائلة أبونا النسطورية، لكنه تكثلك، وذكرنا ذلك سابقاً، واستمرت العائلة ببطريركيتها على القسم الذي بقى نسطورياً إلى سنة 1976م، وهو القسم الذي سَمَّاهُ الإنكليز آشوريين سنة 1876م، نكايةً بالكلدان. (ثانياً): ذكرنا في جزء سابق عائلة شوكانا ذات الأصل اليهودي، وكيف أنهم يعتزون باسم إسرائيل، بحيث ينتقل اسم إسرائيل فيها من الجد أو الأب إلى الابن دون انقطاع).
أمَّا بالنسبة لاسم ألقوش نفسها، فيقول المطران: إنها سُميت نسبةً إلى والد النبي ناحوم واسمه ألقون، أو إلى مسقط رأس النبي ناحوم الذي كان في قرية اسمها ألقوش في فلسطين في الجليل، وعندما سبى الآشوريين اليهود من إسرائيل كان بينهم النبي ناحوم وأسرته، فسًمَّوا المدينة على اسم قريتهم في فلسطين لإحياء ذكرها، ويستشهد المطران بالقديس جيروم أو هيرونيموس حوالي (324-420م) الذي عاش أغلب حياته في فلسطين وجال فيها، وذكر في شرحه لنبوءة ناحوم ومراثيه أن ناحوم ولد في فلسطين في قرية صغيرة أسمها ألقوش Elcesi تقع في الجليل لم يبق منها سوى بقايا لخرائب مباني قديمة جداً يعترف بها اليهود أنفسهم، وقبره أيضاً في فلسطين في قرية جبرا.
ويقول قاموس الكتاب المقدس في مادة الألقوشي: يذكر التقليد أن القوش كانت من ضمن بلدان الجليل، ويقول تقليد آخر أنها جنوبي بيت جبرين في منحدرات يهوذا، أمَّا التقليد المتأخر الذي يقول أن موطن ناحوم كان في أرض أشور على مسافة سفر يومين شمالي الموصل، فلا قيمة له.
ويتفق الأب فييه الدومنيكي أن اسم ألقوش هو من ألقون اليهودي، ومسقط رأسه في فلسطين، ويضيف أنه شخصياً ذهب بصحبة دليل في فلسطين لمشاهدة قرية القوش التي تُعرف ب (كواز)، وهناك من قال إنها Qessiyeh الواقعة جنوب جبرين، ويضيف إن التقليد يخبرنا أن القبر في ألقوش العراق ليس لناحوم، بل لأخته سارة، وهو اسم لإحدى السارات اللواتي يقترن اسمهن عادة بالقديسين لكي تكون القصة مشوِّقة، والرحَّالة بنيامين التطيلي (1165-1173م) لم يذكر أنه شاهد قبراً، بل كنيس، وليس في ألقوش، بل في الموصل. (المصدر السابق، ص31-45، وأنظر جان فييه آشور المسيحية، ج2 ص410، 420-422).
ملاحظة (نيسكو): المطران رغم أنه كلداني، لكنه آشوري الاتجاه سياسياً، وهذا الأمر كان طبيعياً إلى سنة 2003م، ولم يكن الكلدان يولون أهمية للاسم الكلداني كقومية فكثير منهم كالبطريرك روفائيل بيداويد كانوا متأشورين نتيجة قوة الأحزاب السياسية الآشورية، من جهة، وبغية كسب الآشوريين النساطرة إلى الكثلكة من جهة أخرى، وبعد 2003م، برز اسم الكلدان نكاية بالآشوريين، مخافة تكوين دولة آشور في العراق!، ولذلك فالمطران الكلداني بابانا رغم أنه يؤكد أن اسم القوش يعود لزمن ناحوم سنة 700 .م. لكنه يحاول جاهداً دون جدوى إعطاء أهمية لألقوش العراقية التي يعتبرها، آشورية، ويُسمِّيها دائماً (ألقوش الآشورية)، على حساب القوش الفلسطينية، فيقول ربما أن الآشوريين عند غزوهم إسرائيل سمَّوا قرية مسقط رأس ناحوم في فلسطين، ألقوش.
(نيسكو) ويقول قاموس الكتاب المقدس: كان النبي ناحوم ألقوشياً، ويذكر تقليد أن ألقوش كانت من ضمن بلدان الجليل، ويقول تقليد آخر أنها كانت تقع جنوبي بيت جبرين في منحدرات يهوذا، أمَّا التقليد المتأخر الذي يقول إن موطن ناحوم كان في أرض أشور على مسافة سفر يومين شمالي الموصل فلا قيمة له. (ص106)، تقول الموسوعة الكاثوليكية، 1913م، ج6 مادة: Elcesi
Elcesi, or rather Elqosh, birthplace of the prophet Nahum. Some deem it to be El-Kauze, in Nephtali, others, Qessîyeh, S.E. of Beit-Jibrîn,
ترجمتها: Elcesi أو بالأحرى ألقوش Elqosh، مسقط رأس النبي ناحوم، والبعض يعتبر ألقوش في نفتالي، وآخرين اعتبروها، الكوشيه قرب بيت جبرين. (وأنظر دائرة المعارف الكتابية ج1 ص372)، وفي كتاب التعليقات على العهد القديم 1897م: عَرَّف جيروم ألقوش أنها قرية صغيرة في الجليل، ولا يزال موضعها لم يكتشف ونادراً يشير إلى أنقاض وآثار قديمة، وكان ناحوم ألقوشياً من بلاد اليهود، وقام بعض الكتاب المعاصرين بنقل أهمية ألقوش (الفلسطينية) إلى قرية قرب الموصل حيث يفضَّل هذا الموقع لأنه يعرض قبر ناحوم بالقرب من موقع الكارثة التي تنبأ عنها ناحوم، ولا يوجد أي شيء على الإطلاق يحدد قبر ناحوم في المكان المزعوم، وذكر الآثاري لايارد سنة 1852م، أن قبر ناحوم في ألقوش الموصل حديث ويعود للقرن السادس عشر، ولا شك أن هذه الأسطورة لا تستند إلى أساس، فمكان ناحوم يقع داخل الأراضي المقدسة، لكن لا يمكن تحديده بدقة، ويمكن القول إن اسم (ألقوش، Elkosh) اشتقاقه عبري. (ج5 ص513).
ويبدو أن المطران أيضاً لا يعلم أن هناك قرية اليوم في فلسطين باسم ألقوش Elkosh، موجودة على الخارطة، أعاد إعمارها اليهود، وتقع في نفس المنطقة التي حددها جيروم في الجليل، على بعد 48كلم قرب مدينة كفرناحوم التي معناها "بيت ناحوم" أيضاً.
والمطران نفسه لم يذكر شيء عن قبر ناحوم قبل سنة 1796م، وللأسف في ص220، ينقل عن يوسف غنيمة أن التطيلي ذكر موقع ناحوم في ألقوش، ويبدو أن المطران مغرماً باسم ألقوش وآشور، فنسي نفسه أنه نقلَ قول التطيلي الصحيح ص35 الذي لم يذكر ألقوش، فعلِّق قائلاً: من الغريب أن التطيلي ذكر كنيس ناحوم في الموصل!.
39: يقول الأب الكلداني الدكتور يوسف حبي، إن اليهود كانوا قد انتشروا وسكنوا في بلاد ما بين النهرين وفارس منذ سبي البابليون والآشوريون لهم، وسكنوا قرب نينوى وبابل، وكانت اللغة الآرامية قد اكتسحت الشرق وأصبحت اللغة الرسمية لبابل وآشور، وكان رسل المسيح يلتفون حولهم في بدايات التبشير بالإنجيل لسهولة التفاهم معهم بلغة آرامية فلسطينية، وتلمودية بابلية، ما عزز الصلات بينهم وبين المبشرين المسيحيين في الشرق، فمن اليهود من أعتنق المسيحية ومنهم من بقى على اليهودية. (يوسف حبي، كنيسة المشرق الكلدانية-الأثورية، ص14. وأنظر له كنيسة المشرق، التاريخ، العقائد- الجغرافية الدينية، ص362).
40: المبشِّران ماك آرثر لين والراهب وليم بروان يقولان سنة 1892م: إن هيئة أجسام النساطرة تختلف عن أجسام السريان الآخرين، ويُشبِّهان هيئة تكوين جسم النساطرة أنها نموذج يهودي، ويستشهدان بقبيلة جيلو.(The Catholicos of the East and his people, كاثوليكوس (جاثليق) الشرق وشعبهُ، ص44. وأنظر أيضاً
Grammar of the dialects of vernacular Syriac as spoken by the eastern Syrians of Kurdistan, north-west Persia, and the plain of Mosul, with notices of the vernacular of the Jews of Azerbaijan and of Zach near Mosul (
ماك آرثر لين، قواعد مفرادات اللهجات السريانية كما يتحدث بها السريان الشرقيين في كردستان وشمال غرب بلاد فارس وسهل الموصل، مع ملاحظات عامة للهجة اليهود في أذربيجان وزاخو قرب الموصل، كامبردج 1895م، المقدمة، ص13.
41: عندما سوئل النساطرة مرة من قِبل غرباء كيف تحفظون كنائسكم وسط الأعداء؟، أجابوا: إنها تُحفظ بروح سليمان القائل: لتكون عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلاً ونهاراً على الموضع الذي قلتُ إن اسمي يكون فيه لتسمع الصلاة التي يصليها عبدك في هذا الموضع. (1ملوك 8: 29)، كما أن النساطرة واليهود لا ينكرون أصولهم المشتركة، ويقول عضو البعثة الأنكليكانية للآشوريين هنري هول: إنه سأل أحد أحبار اليهود عن رأيه في النساطرة فكان جوابه: إنهم إخواننا، أبناء جنسنا، لكننا لا نريد الاعتراف بهم لانحرافهم عن الشريعة الموسوية منذ العصور القديمة، وأثناء حضور أحد الأمريكان قداس النساطرة بدأ الكاهن يشرح الفرق بين المسيحية النسطورية والمسيحية الغربية ثم وجَّه كلامه للأمريكي فقال: إن تاريخنا يمتد إلى العصور المسيحية الأولى، فنحن من بني إسرائيل، ولذلك نتمسك بكل الفرائض والطقوس التي تمسَّك بها أجدادنا قديماً، أمَّا أنتم يا أبناء الغرب فلا تجدون أنفسكم ملتزمين بتقاليدنا والسير في ركابنا. (الدكتور عزت زكي، كنائس المشرق، ص117–119).
42: يقول القس جبرائيل اوشان سنة 1901م، في كتابه، الكلدان والنساطرة الجدد ودراسة السريانية بينهم: يخضع النساطرة جميعهم لشيوخ قبائل معروفة باسم ملك التي تستند في جذورها إلى ملوك الكنعانيين الواردة في سفر يشوع وغيره، وبطريركهم يتمتع بنفوذ كبير ولديه الولاية الدينية والدنيوية عليهم، وثبت أن نساطرة بلاد فارس هم جنس من يهود الأسباط الضائعة العشرة من الإسرائيليين، وهذا ما حاول تأكيدهُ تاريخياً، لا أثنياً، بعض الرحالة مثل الدكتور آشيل غرانت. (ص81 and the Study of A Syriac among them, The Modern Chaldeans and Nestorians).
وشكراً/ موفق نيسكو
يتبعه جزء 6