بعد عامين من التهجير .. المسيحيون يبحثون عن من ينصفهم

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أغسطس 06, 2016, 09:56:59 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

  بعد عامين من التهجير .. المسيحيون يبحثون عن من ينصفهم   


      

برطلي . نت / متابعة
عنكاوا كوم
رتل طويل من سيارات الحمل الصغيرة ( بيك أب ) المحملة بالاشخاص والمدججة بالاسلحة ، تقف على طول الطريق من مدخل البلدة المسيحية والمحاذي لاحد أحيائها السكنية . يترجل من احداها شخص ضخم الجثة بلحية كثة وشعر طويل ، يلوح بالسيف بيده عاليا ويصرخ باعلى صوته مناديا اهل المدينة ( اين انتم يا اتباع الصليب ، ايها الكفرة اخرجوا للقاءنا )  .

كان هذا المشهد منذ عامين وبالتحديد يوم 7 آب صباحا في بلدة برطلة 20 كم  جنوب شرقي الموصل والواقعة على الطريق الرابط ما بين الموصل واربيل .

يبحث ( ا . ش ) وولده عن مكان ليختبئا فيه بعيدا عن أنظار افراد ما يعرف يتنظيم الدولة الاسلامية بعد مشاهدتهم لهذا المشهد المرعب من على سطح دارهم المطل على الشارع .

كان السيد ( ا . ش ) قد غلبه النوم ولم يكن يعلم بان المدينة قد سقطت بايدي التنظيم واهلها قد فرّوا من الموت منذ ليلة امس . ربما القدر اراد له ان يكون شاهدا على جريمة تتخذ بحق شعب أعزل . ولكن القدر ايضا اسعفه وتمكن من الهروب والنفاذ من ايدي افراد التنظيم المتشدد ويصل الى منطقة آمنة في كردستان .

لكن محاولات الكثيرين من المتأخرين بالخروج من البلدة لم تفلح . وبقوا اسرى بيد التنظيم . ثم بدأ بترحيلهم جماعات جماعات بعد ان مورست بحقهم شتى الضغوط والتهديدات بالقتل واجبارهم على ترك دينهم . توفي اثنان منهم ودفنا في حديقة الدار . هذا ما نقله عدد من القادمين ، ولازال لا يُعرف مصير ( 11 ) آخرين وربما أكثر وهم في عداد المفقودين .

المشهد نفسه يتكرر في باقي البلدات المسيحية الواقعة في سهل نينوى ( قرة قوش ، كرمليس ، بعشيقة ، بحزاني ، تلكيف ، باطنايا ، تللسقف ، باقوفا ) .

في بغديدا (قرة قوش) قصف كثيف بالهاونات على المدينة يؤدي الى سقوط ثلاثة شهداء ( طفلان وشابة ) وفي تلكيف يسقط شهيد فيها ايضا بسبب القصف .

عمد المسلحون من اتباع تنظيم الدولة الاسلامية الى قطع مياه الشرب والكهرباء وباقي المواد الضرورية الاخرى عن هذه البلدات بعد سيطرتهم على مصادرها قبل هذا التاريخ بشهرين من الزمان منذ سقوط الموصل . في ظل ظروف مناخية صعبة خلال الصيف حيث درجات الحرارة المرتفعة . مما دفع ابناء هذه البلدات الى الاستعانة بمياه الابار السطحية العالية الملوحة وغير الصالحة للاستخدام البشري . ففي بلدة برطلة مثلا سجل المركز الصحي فيها اكثر من ( 618 ) اصابة بالاسهال لدى مختلف الفئات العمرية وخصوصا الاطفال ، بينما بلغت عدد الاصابات بالامراض الجلدية ( 661 ) اصابة وجميعها بسب استخدام هذه المياه وفي غياب التعقيم . كما ان ارتفاع درجات الحرارة وفي غياب الكهرباء ادى الى ارتفاع في نسبة الوفيات وخصوصا بين المرضى والكبار في السن .

في 6 آب 2014 التاريخ الذي شهد هروب اكثر من 150 ألف مسيحي واقتلاع شعب من جذوره بتهجيره من مناطقه في سهل نينوى بعد ان امتدت يد التنظيم  اليها في جو من الرعب والخوف والعجلة في الفرار تاركين خلفهم كل شيء .

بحسب ما جاءت به المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست في سنة 2002 والتي تُعرّف الابادة الجماعية بانها ( تعني بالتحديد اي فعل من الافعال المحددة في نظام روما ( مثل القتل او التسبب بأذى شديد ) ترتكب بقصد اهلاك جماعة قومية او أثنية او عرقية او دينية ، بصفتها هذه اهلاكا كليا او جزئيا  . فان ما تعرض له المسيحيون وغيرهم من المكونات الاخرى الساكنة في سهل نينوى يدخل في باب الابادة الجماعية .

تذهب اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها الى تفصيل اكثر للجريمة فتقول (الحاق أذى جسدي او روحي خطير بأعضاء من الجماعة . واخضاع الجماعة ، عمدا ، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا او جزئيا) .

لكن لاثبات ذلك يقول المتابعون للقضية انها تحتاج الى الكثير من الادلة لادانة افراد تنظيم الدولة الاسلامية بارتكابهم جرائم حرب ضد المسيحيين وباقي المكونات الاخرى ، هذا ما يتطلب الى عمل شاق وفريق كبير من المحققين لجمع الادلة وتقديمها الى المحاكم المختصة .
وافضل ما تم تحقيقه في هذا الجانب هو اعتراف البرلمان الاوربي في 4 شباط 2016 بان التنظيم المتطرف "يرتكب ابادة للمسيحيين والايزيديين وغيرهما من الاقليات الدينية " . واعلان وزير الخارجية الامريكي جون كيري في 17 آذار 2016 الى ان " تنظيم الدولة الاسلامية يرتكب جرائم ابادة بحق المسيحيين والايزيديين والشيعة في المناطق التي يسيطر عليها " .

وبالرغم من انه قد يمر وقت طويل قبل ان يتم انصاف المسيحيين والمكونات الاخرى من التي تعرضت للاذى من قبل تنظيم الدولة الاسلامية الا ان المهتمين في هذه القضية يؤكدون انه لا بد من ان يأتي اليوم الذي يتم فيه تعويضهم والحصول على حقوقهم .