تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

الثقافة بين الإرهاب و الفساد

بدء بواسطة حكمت عبوش, يناير 30, 2013, 02:40:40 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

الثقافة بين الإرهاب و الفساد
                                                                       حكمت عبوش
و نحن نتحدث عن تعامل الإرهاب مع الثقافة قال صديقي: لقد أصبحت معروفة عند الكثيرين حكاية الإرهابي غوبلز وزير الدعاية النازي عندما قال: كلما اسمع بكلمة الثقافة حتى أمد يدي إلى مسدسي، و هذه تختصر برمزية عالية عداء الإرهابيين للثقافة فالتقاطع بينهما واضح لان المثقفين على العموم بتكوينهم إنسانيون و عقلانيون يعملون و يفكرون بجد من اجل تطوير كل جوانب الثقافة بوصفها أسمى منجز بشري في كل المجتمعات من علوم و آداب و فنون و قيم و عادات و تقاليد و كل المخزون الحضاري المتراكم و توظيفه من اجل خير الإنسان و دعم مساره لتحقيق المزيد من التطور و الرقي و الرفاه على عكس الإرهابيين الذين يسعون إلى نقيض ذلك تماما حيث يسعون للخراب و الدمار و الكوارث و ما رآه الكل من أعمال الإرهابيين في كل زمان و مكان يدلل على هذا أليس كذلك؟ أجبته: نعم ثم سألته و الفساد ألا يضرب الثقافة في الصميم و يعرقل عمل المثقفين بإحداث مطبات كثيرة و متنوعة لمنع توظيف عملهم لخير المجتمع؟ فأجابني: و كيف لا. و استطرد: فالمفسدون يعرفون إن كل ما هو سليم و واضح و عادل هو معاد لهم و كاشف ممزق لبراقع فسادهم مهما كانت سميكة و مشرعنة. إن انتشار الثقافة و تعمقها في النفوس يعني انتشار الوعي و زيادة معارف الناس و قدرتهم على السؤال و الاستفسار عن كل ما يجري من أحداث تخص حياتهم من قريب أو بعيد و من ثم الاحتجاج و الانتفاض على واقعهم المزري. و المفسدون في الجوهر حالهم حال الإرهابيين يكون تخلف المجتمع و عيشه تحت سطوة الأمية و الجهل و الفقر و التخلف هي أفضل بيئة مناسبة لتحقيق أهدافهم الخبيثة فيه فيحاولون بأساليب متعددة بائسة حرمان المجتمع من تعليم أبنائه و نشر الثقافة بين صفوفه ليبقى مراوحا في مكانه يعاني من الخوف و العجز عن اختراق مستنقعه الآسن و في هذا المناخ ينمو الفساد بنشاط و لذلك تكون أولى مهام المفسدون ليست العمل من اجل خير عموم الناس و الجماهير العريضة كما يدعون كذبا إنما الأهم عندهم هو تحقيق أنانيتهم المفرطة و التسلق على حيطان السرقة و الغش للوصول إلى أجواء العيش الرغيد الباذخ لهم و لأولادهم و المقربون منهم رغم صور القبح المرسومة في وجوههم و رائحة النتانة المنبعثة منها و كعادتهم لا يشمئزون منها و لذلك فهم لا يشبعون و يبقى ديدنهم دائما هو زيادة أرصدتهم بالملايين و المليارات في البنوك الأجنبية و امتلاك المزيد من المشاريع و القصور و الفلل في العواصم و المدن المجاورة و في الغرب عموما على حساب الملايين الفقيرة. فسألته: و الفساد ما أسلوبه في محاربة الثقافة فأجابني: هناك مع الأسف أمثلة عديدة على وجود الفساد في وزارة الثقافة و منها ما قالته النائبة( د.بتول فاروق) على قناة الحرية مؤخرا في إحدى الندوات- و أيدها الحاضرون- من أن الوزارة أنفقت 7.5 مليون دولار ثمنا لبناء 3 مراكز ثقافية عراقية خارج العراق، اثنان في دولتين عربيتين و آخر في دولة أجنبية كما نشرت قناة الحرية يوم 22/11/2012، من أن وثيقة حكومية كشفت عن سحب 700 مليار دينار من تخصيصات(بغداد عاصمة الثقافة العربية) و من تخصيصات مشاريع الإسكان لمحافظات (الانبار و ذي قار و المثنى و الديوانية) لشراء طائرات. و نسأل هنا أما كان الأفضل صرف كل هذه المبالغ لدعم الثقافة في العراق، أين مسارحنا و نشاطنا المسرحي و أين صالات العرض السينمائي و قاعات عرض الفنون التشكيلية و مكتبات الكبار و الأطفال بل أين مراكزنا الثقافية في المحافظات و القصبات العراقية حيث تعاني نقصا كبيرا منها. إن إكمال هذه المتطلبات الأساسية يشكل بعضا مما يجب تهيئته و إعداده لكي نجعل من بغداد الخالدة مكانا لائقا يحمل راية الثقافة العربية و نحن قد دخلنا عام 2013 المكرس لان تكون بغداد عاصمة لها و في مكانها الطبيعي كعروس ترفل بثوبها الأبيض الجميل الذي تنطلق من أكمامه الأنيقة كل مفردات النشاط الثقافي الزاهي من مكتبات و قاعات مسرح و سينما و موسيقى و غناء و عروض الفن التشكيلي إلى غيرها من إبداعات الفن العراقية. و لكن يبدو إن المتنفذين يعملون على إعاقة دور المثقفين في كشف الفساد حيث يقول الإعلامي رعد الجبوري في ندوة عن الفساد: هناك عملية إزاحة دور المثقف الذي ينبغي أن يتكلم عن ما ينبغي أن يكون و يلعب دوره في محاربة الفساد. أما الأستاذ فاضل ثامر رئيس الاتحاد العام للأدباء و الكتاب العراقيين فيؤكد في ندوة الحرية المشار إليها: وضعت النخب الثقافية دائما في الهامش، و يقول الكاتب و الإعلامي ساطع راجي في نفس الندوة أيضا: إن الفساد لا تعاني منه الوزارة(يقصد الثقافة) فقط بل كل الدولة. ثم عاد الأستاذ ثامر و أورد قصة تعامل الرئيس الفرنسي ديغول- مع المثقفين-الذي استطاع قيادة الفرنسيين بنجاح لطرد الغزاة النازيين من فرنسا في الحرب العالمية الثانية عندما قامت انتفاضة طلابية في أواخر ستينات القرن المنصرم في فرنسا فسأل ديغول عن الذين يدعمون الطلبة من المثقفين فأشاروا إلى الفيلسوف سارتر و نصحوه بضرورة اعتقاله -على حد معرفتي المتواضعة- لم يكن سارتر وقتها يشغل موقعا حكوميا و لا سياسيا كبيرا، فأجابهم يقول: و هل تريدون مني اعتقال فرنسا و هكذا تعامل معه و كأنه يتعامل مع فرنسا الوطن و نقف هنا لنسأل بأي تبجيل كان ينظر الفرنسيون إلى مثقفيهم و رئيس دولتهم الديمقراطية يعتبر سارتر مساويا لفرنسا.     

نشرت في صحيفة طريق الشعب العدد 122 يوم الاثنين بتارخ 28/كانون الثاني/2013


ماهر سعيد متي

الأرهاب والفساد الأداري كلاهما يساهمان على تدمير البلد .. شكرا لك على المقال .. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة