في الفلوجة - من أطلق النار أولاً؟ نسخة مجددة

بدء بواسطة صائب خليل, يناير 27, 2013, 05:04:43 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل



تناقلت وسائل الإعلام الأحداث المؤسفة في العراق، وتبادلت الحكومة والمعارضة الإتهامات بمن اعتدى على الآخر اولاً، الجيش أم المتظاهرون. وقدم كل منهما صوراً وأفلاماً تبين وتبرهن وجهة نظره. فمن هو المحق؟ لا يمكننا أن نعلم، وربما لا يهم أن نعلم، فمطلق النار هو على الأغلب من جهة واحدة، سواء كان واقفاً في جانب الجيش أو جانب المتظاهرين، إنه من جهة "المخربين"!
هذه الأفلام (1) (2) (3)  تبين إستفزاز المتظاهرين للجيش وتبين أن الجيش أطلق النار في اتجاههم، وهي ما حصلت عليه وبلا شك هناك أفلام أخرى نشجع الجميع على عرضها على الناس لتفهم ما حدث ولكي يمكن تجاوز المحنة.

إنني لا أكتب ذلك من أجل "لم الصف" و "الوحدة الوطنية" و "درء الفتنة" ألخ، وكلها أهداف نبيلة حقاً، لكن بالدرجة الأولى لأنها الحقيقة. على العراقيين أن يعرفوا أنهم لا يختلفون بأي شكل عن ضحايا أي احتلال، سوى بوفرة ثروات بلادهم، وهذا يجعل الإحتلال التي مازالت قاعدته العسكرية والإستخباراتية الكبرى في بغداد، بحجم لا يعلم سببه إلا الله والراسخون في المؤامرات الأمريكية.

وقضية التظاهرات وإطلاق النار، قصة قد اهترأت لكثرة استعمالها لتفجير الوضع، وبالتالي فلا يجب أن يسقط بفخها أي شخص بعد اليوم.

لعلكم تذكرون الشابة الإيرانية الجميلة ندا سلطاني، والتي قتلت في التظاهرات التي اعقبت الإنتخابات الإيرانية وفوز أحمدي نجاد بفارق كبير، واعتبرت ندا سلطاني رمزاً للثورة الإيرانية "الخضراء"، ونقل فلم عملية القتل في العالم كله وفاز بجائزة جورج بولك.(4)
لكن قصة ندا تثير الكثير من الشكوك في من الذي قتلها.

قالت الحكومة الإيرانية أن الرصاصات التي استخرجت من جسم القتيلة لم تكن من النوع المستخدم في إيران وقدمت ما رأته أدلة على أن العمل كان من قبل عملاء السي آي أي.(5)

ولا يمكننا التأكد من صحة هذا الإدعاء، لكن علامات استفهام أخرى لا يمكن تجاهلها ومن مصادر توصف على الأقل بأنها محايدة.
فقد نقل عن الصحفي البريطاني المعروف روبرت فسك الذي غطى الأحداث (ولم يكن يبرئ الحكومة الإيرانية) بأن المتظاهرين كانوا يتحرشون بقوى الأمن التي كانت في اقصى إنضباط ولم ترد إلا في حالات قليلة. فالحكومة كانت تعلم أن كل الأنظار موجهة إليها وأن أي خطأ قد ينقلب إلى كارثة عليها، فلماذا تقوم بنصب قناصين لقتل المتظاهرين؟ واية فائدة من قتل بضعة متظاهرين من ألاف المشاركين؟

ربما تقدم الحكومات الدكتاتورية على قتل قادة التظاهرات بواسطة القناصين، خاصة إن خشيت أن يفلت الأمر من يدها، لكن ندى سلطاني كانت مجرد شابة مرت صدفة في التظاهرة في سيارة مدرسها للموسيقى. وأكد الجميع إنها لم تكن تشارك في التظاهرة ولم تكن ترمي الحجارة وأنها قتلت عندما كانت تتكلم في التلفون، وأن المكان لم يكن يشهد تظاهرات كبيرة ولم يكن هناك أي اشتباك بين متظاهرين وشرطة! (6)

هكذا صارت ندى سلطاني رمزاً للمقاومة الإيرانية، ودخلت التاريخ شهيدة من أجل الحرية، ومن المحتمل جداً أن الضحية لم يكن لها حتى موقف سياسي مما يجري في بلدها، لكن الدوائر المشبوهة أرادت رمزاً للتظاهرات فاختارتها لسوء حظها!

في فنزويلا حدثت حالة مشابهة، ولكن مخططة بشكل أفضل كخطوة أولى من مؤامرة متكاملة، انتهت بقيام انقلاب عسكري لعملاء أميركا  على الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز وفشلت، ولحسن حظنا أن العملية موثقة تماماً بالأفلام الفيديو وباعترافات مراسل السي إن إن في كراكاس (عاصمة فنزويلا).

في هذا الفلم القصير(7) يتحدث في المقدمة عن أهمية فنزويلا بالنسبة لأميركا، ففنزويلا كالعراق، ثروة نفطية هائلة ومدن صفيح وجهل وفقر في كل مكان، إلى أن جاء شافيز فأراد أن يحول ثروة البلاد إلى أهلها، وأن يجعل من المنطقة "الإقليمية" منطقة إقتصادية متعاونة ومستقلة الإرادة في قوانينها الإقتصادية وسياستها فكان يجب أن يذهب! وفي تجربة فنزويلا دروس عميقة للغاية يمكن أن يستفيد منها أي شعب يحاول أن ينهض بالرغم من إرادة الشر الدولية وبالرغم من التخلف والتآمر والقوى الداخلية الفاسدة. ثم يتحدث الفلم عن مؤامرة إطلاق النار في التظاهرة والتي لم تكن سوى مقدمة للمؤامرة الكلية المرتبة مسبقاً لخلع الرئيس المنتخب هوغو شافيز الذي أزعج الإحتكارات الأمريكية كثيراً.

ربما سنأتي على تلك التجربة مستقبلاً، أما اليوم فاريد أن الفت الإنتباه إلى حادثة مماثلة تماماً لما وقع في الفلوجة من أشتباك بين الجيش والمتظاهرين.

تبدأ النقطة التي تهمنا في الدقيقة الثالثة وعشرون ثانية من الفلم... أرجو متابعته (أما من البداية أو) من هذه النقطة، وقد ترجمت أدناه ما تم ذكره من أحداث في تلك الدقيقة وللدقائق التالية:

تظاهرتين تسير في كاراكاس العاصمة، الأولى مضادة لشافيز وأخرى مؤيدة له.. كان يفترض أن تبقيا معزولتين، ولكن وبشكل مفاجئ غيرت التظاهرة المضادة لشافيز مسيرها واتجهت نحو القصر حيث تظاهرة مؤيدوا شافيز. وحين التقت التظاهرات أندلع بشكل مفاجئ إطلاق الرصاص.. أصيب العديد من المتظاهرين برصاص القناصة وسقط العديد منهم قتيلا برصاصة في الرأس.
وبسرعة فائقة أنتشرت في محطات التلفزيون المعادية لشافيز (كانت جميع المحطات معادية لشافيز عدا واحدة حكومية) تسجيلات فيديو لمؤيدي شافيز وهم يطلقون النار من فوق جسر نحو المتظاهرين المعادين لشافيز والذين كانوا تحت الجسر، حسب المعلقين على الفلم.

وخلال ساعات، ظهرت مجموعة من الضباط الكبار على التلفزيون يوجهون اللوم لشافيز ومسانديه على عمليات القتل، ويقولون بأنهم يرفضون الدكتاتورية في جمهورية فنزويلا .

لكن ما تبينه كامرا أخرى بزاوية ثانية ، كشفت ما حرص أصحاب الفلم الأول على إخفائه، فتبين أنه لم يكن هناك أية تظاهرات تحت الجسر! كما تظهر هذه اللقطات أن المتظاهرين فوق الجسر كانوا يزحفون على بطونهم ويطلقون النار على رماة يحاصرونهم، بين وحدات شرطة مضادة لشافيز من أسفل من تحت الجسر الذي يسيرون عليه، وقناصة ظهروا في بنايات فوقهم فقد كانوا يدافعون عن أنفسهم.
مراسل الـ سي إن إن في كراكاس يظهر في التلفزيون ويعلن أن الجنرالات كانوا قد سجلوا الكلمة قبل حدوث إطلاق النار!!
قال المراسل: في مساء العاشر اتصلوا بي تلفونيا وقالوا : التظاهرات ستتجه نحو قصر ميرافلوريس وسيكون هناك قتل، وسيظهر عشرون من كبار الظباط ليعلنوا موقفهم المضاد لحكومة شافيز، ويطالبون الرئيس بالإستقالة. هذا يبرهن أنهم كانوا يتحدثون عن عمليات قتل قبل أن تحدث أية عملية قتل. لقد كانت القضية مخططة.
ولم يمض وقت طويل حتى أحيط القصر الرئاسي بقوات عسكرية وأعطي شافيز مهلة نهائية للإستقالة او أن يتم قصف القصر. وتم اختطاف شافيز لكنه أنقذ فيما بعد وفشلت المؤامرة...

ثم وصلني من أحد الأصدقاء فلم آخر(8) يشرح المؤامرة بتفاصيل أكثر، ومن جملة ما يبينه من حقائق أن الإعلام الممول من أميركا قام بتغيير تسلسل الأحداث في التظاهرة من أجل تمرير قصة اعتداء مؤيدي شافيز وتبرير الإنقلاب العسكري الذي قاده الجنرالات العملاء على حكومته.

في الأفلام التي وردت عن الأحداث نلاحظ أن المتظاهرين كانوا يقتربون من الجيش، ولم يكونوا حقيقة خائفين من القتل ولا يحاولون الإحتماء بشيء، مثلما يفترض بمثل هذه الأحداث، وكما شاهدنا في فلم فنزويلا مثلاً، وبالتالي فأن ظروفاً غير مفهومة حدثت في ذلك اليوم، ربما ستكشف التحقيقات المستقبلية حقائقها. ولو قارنا هذه الأفلام بالأفلام التي وصلتنا عن مطاردة صالح المطلك ، للاحظنا أن المتظاهرين كانوا يضربون الحجارة من مسافة تحسباً للخطر، حين كانت حمايته تطلق النار في الهواء وهي تتراجع، اي أن احتمال الإصابة في تلك الحالة كان أقل من استفزاز جيش مدرع ومكلف بمهمة حكومية.

أني لا أقصد من مثال فنزويلا أو الأفلام المرفقة إدانة أي من الطرفين، فحالة فنزويلا كانت تختلف في تفاصيلها عن حالة العراق وإن كانت تجتمع معه على الخطوط العامة والأساليب التخريبية للسي آي أي. إنما أريد التأكيد أن مطلقي النار هم من تلك الجهة سواء كانوا يقفون في جانب الجيش أو المتظاهرين، وسواء كانوا سنة أم شيعه، فالعملاء كثيرون في الجانبين، ونكران ذلك والثقة العمياء كل بجماعته سوف يحمي المندسين من المراقبة ويتسبب في كارثة. إن مخطط القضيتين في كل من الفلوجة وكاراكاس واحد، والهدف من القضيتين واحد أيضاً في خطوطه العريضة، وهو إثارة مشكلة وربما حرب أهلية في البلدين، فهذين البلدين يجب أن لا يتم بناؤهما وأن لا يسمح لأي منهما أن يقف على رجليه.
يجب على الضحايا المستضعفة أن تتعلم الدروس من بعضها البعض، وإنها لضربة حظ عظيمة أن نحصل على مثل هذا الفلم الموثق وذلك الإعتراف وتلك التفاصيل المدروسة التي قلما يجود التاريخ بمثلها لكي يفهم الشعب ما يدور حوله من مؤامرة ويتحصن منها. إنه درس بليغ وفصيح للشعوب، عن أساليب إشعال النار بينها وتحطيم بلدانها ومستقبلها.
فالحذر من المرة التالية والتالية، فهذا الأمر سيتكرر، وسوف تنجح إحدى المحاولات في إشعال فتيل الفتنة والحرب، مالم تتخذ إجراءات نشطة وصحيحة لمنعها.


روابط فيديو لمشاهد من إطلاق النار في الفلوجة...
(1) الجيش العراقي يطلق النار على متظاهرين في الفلوجة
(2) الفلوجة الجيش يطلق النار على المواطنين
(3) لحظات ضرب الجيش للمتظاهرين في الفلوجة وسقوط القتلى

(4) http://www.huffingtonpost.com/2010/02/16/neda-video-wins-polk-award_n_463378.html
(5) http://edition.cnn.com/2009/WORLD/meast/06/25/iran.ambassador
(6) http://www.guardian.co.uk/world/2009/jun/22/neda-soltani-death-iran

(7)  تزييف الحقائق في إطلاق النار في التظاهرات في كاراركاس – فنزويلا..
War on democracy - The Anti Chavez Protesters & Coup Attempt
War on democracy - The Anti Chavez Protesters & Coup Attempt

(8) فديو حول نفس الموضوع في كاراكاس مع شرح توضيحي لبعض النقاط التفصيلية  2002 coup vs Chavez - the truth about the massacre