إلى متى تستمر المعاناة العميقة لأطفال العراق؟

بدء بواسطة حكمت عبوش, نوفمبر 21, 2012, 03:49:44 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

في ذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الطفل

إلى متى تستمر المعاناة العميقة لأطفال العراق؟
               
                                                                             حكمت عبوش

مرّت قبل أيام ذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الطفل الـ(54) وبالإجماع من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 /11/1959 والذي تضمنت نصوصه التأكيد على ضرورة توفير وصيانة حقوق الطفل ومستلزمات حياته الأساسية من حنان أسري وغذاء وملبس ومسكن ورعاية صحية وتعليم مجاني وكل ما يجعل حياة الطفل هادئة ومناسبة (و في جميع الظروف) فقال صديقي بعد قراءته الإعلان: إن الفاصل بيننا وبين العالم المتقدم طويل جدا وردم الهوة بيننا وبينهم ليس ممكنا , فعند صدور الإعلان كان قد مر على انتهاء الحرب الثانية ( 14 ) عاما وحينها لم يبدأوا هم من الصفر بل كان حالهم أفضل من حالنا ألان، و لكنهم انطلقوا – ولا زالوا – بسرعة كبيرة جدا في الأفاق الرحبة المفتوحة في ميادين العلم والتقدم والتحضر. فقلت له: إننا لا نريد ردم الهوة العميقة الفاصلة بيننا وبينهم في ليلة وضحاها ولكننا نريد استرجاع بعضا من حقوق أطفالنا المستلبة في الزمن الصدامي المظلم و الآن أيضا ونحن نعلم استحالة إعادة الحياة إلى الأطفال المؤنفلين ولكننا نستطيع أن نضع حدا أمام عملية تدهور حالة الأطفال التي بدأها صدام .
إن الفاجعة الكبرى التي ألحقها الفاشي (صدام) بالأطفال الأبرياء في كردستان خصوصا وكل العراق عموما هي أنفاله الهمجية – السيئة الصيت – وأسلحته الكيماوية ومقابره الجماعية , عندما دفن الأطفال وأمهاتهم وذويهم و هم أحياء في مقابر جماعية وفي سابقة خطيرة لم يشهد لها تاريخ العراق مثيلا.
إن فاشيته المقيتة هي التي أعمته وجعلته عاجزا عن فهم تاريخ العراق واستقراء ماذا يريد شعبه.
أن ما اقترفه من مجازر وحشية حيال الأطفال هو ما تحرمه كل الأديان السماوية– التي كان يدعي زورا تمسكه بها – وتحرمه كل القيم الإنسانية النبيلة وهي مدانة و مرذولة  من قبل كل العراقيين إلا ما ندر من الذين لا زالوا مغشوشين به أو ضربت مصالحهم بعد سقوطه .
بالإضافة إلى ما سببه للأطفال من فقر و تهجير و حرمان من الدراسة بسبب إفقار أهاليهم و دفعهم على التسرب من المدارس للعمل و مساعدة عوائلهم المحتاجة و التسكع في الشوارع حيث كان أباء الكثير منهم أما مجندين في الجيش أو شهداء أو أسرى أو مهجرين أو في السجون
أما ألان ورغم مرور أكثر من تسع سنوات و نصف على سقوط الصنم فان أوضاع الكثير من الأطفال لازالت سيئة و الدليل هو إن 15% من الـ 14 مليون و هو عدد الأطفال في العراق يعيشون دون مستوى الفقر و إن 10% من هؤلاء كانوا إلى العام الماضي هم متسربين من المدارس حسبما يقول الأستاذ (عبد الرحيم ياسر) معاون مدير دار ثقافة الأطفال في ندوة على قناة الحرة بينما الدكتور محمد تميم وزير التربية قال متباهيا في حديث لاحق على نفس القناة في 28/9/2012 إن المتسربين هذه السنة(4% بنين و 6% بنات) في المدارس الابتدائية ناهيك عن المتسربين من المدارس المتوسطة و الإعدادية أما ظاهرة عمل الأطفال الصغار في مختلف الأعمال التي لا تتناسب أعمارهم الصغيرة فحدث عنها و لا حرج فهي مسألة طبيعية أن ترى الأطفال يعملون ميكانيكيين في المحلات أو يجرون عربات حمل البضائع في الشورجة و مختلف الأسواق التجارية في بغداد و المحافظات العراقية الأخرى و معلوم طبعا معاناة هؤلاء الأطفال و كيف يعيشون محرومين من السكن و الغذاء و الملابس و المدارس و اللعب في أماكن أمينة و يمارسون الألعاب المفيدة و هنا ينبغي الإشارة إلى حالات يراها الجميع و هي التسول و التسكع في الشوارع و التفتيش في المزابل بحثا عن لقمة قد يعثرون عليها صالحة للأكل مع ما يرافق هذا من احتمالات تعرض هؤلاء المساكين للضياع و الانحراف و التطبع بطباع غريبة و منفرة مثل السرقة و الكذب و تناول السكاير و المخدرات و هذا لا ينسجم مع السلوك السوي الذي نريده لأطفالنا و يقول مراقبون إن حالة ألاف الأطفال الآخرين ليست بعيدة عن حالة هؤلاء الفقراء إلا قليلا بسبب إن أهلهم ليسوا دون خط الفقر بل هم على خط الفقر و لا يبعدون كثيرا عنه.
إن وضعا مأساويا مثل هذا لا يقبله – بالتأكيد – سياسيون ناضلوا ضد صدام وحاربوه سنينا طويلة و تسنموا الآن مواقعا للمسؤولية وعليهم أن يجاهدوا بالضد مما فعل ليس بالقول فقط بل بالعمل أيضا .
إن مسؤولية العناية بالأطفال العراقيين هي مسؤولية إنسانية وأخلاقية واجتماعية واقتصادية كبيرة جدا وهم رجال الغد الذين سيبنون العراق المتحضر البهي بسواعدهم القوية وعقولهم النيرة وإرادتهم التي لا تلين جيل يتسم بالنزاهة والإبداع و هذا لن يتم إلا بتوفيرنا جيدا لمستلزمات حقوقهم المشروعة و المذكورة أعلاه و نذكرهم بقول الرسول محمد: (ليس فينا من لا يوقر الكبير و لا يرحم الصغير).
إن إحراز بعض التقدم في إخراج الكثير من الأطفال العراقيين من هذا المأزق الكبير الذي يعيشون فيه يكون بتحقيق الخطوات التالية :
1-   القضاء على بطالة أولياء أمور الأطفال و شمول كل العوائل الفقيرة بالضمان الاجتماعي وبذلك تحصل العائلة على مورد مناسب للعيش يبعد عنهم الجوع ويقلل من الاعتماد على الأطفال وتشغيلهم بعد تسريبهم من المدارس .
2-   إعادة المهجرين إلى مواطن سكناهم الأصلية وعودة أطفالهم إلى مدارسهم .
3-   تفعيل القوانين الخاصة بمنع تشغيل الأطفال ومنع تسريبهم من المدارس و تسولهم و تسكعهم في الشوارع من خلال اتصال الجهات المختصة بأولياء الأمور أو المعنيين بهم.
4-   القيام بحملة إعلامية واسعة في كل وسائل الإعلام المتاحة يتم التأكيد فيها على أهمية المدارس والتعليم وإنها الكفيلة بضمان التقدم والحياة السليمة للفرد والمجتمع .
5-   ايلاء الأهمية القصوى لبناء المدارس الجديدة و هدم المدارس القديمة و الآيلة للسقوط و الاستفادة من تجربة هذه السنة من خلال محاربة الفساد و إتباع وسائل التخطيط العلمي السليم.
6-   الاهتمام اللازم و الكافي بملاجئ ودور الأيتام وفاقدي الأبوين وبناء المزيد منها .
7-   إنشاء الحدائق والمتنزهات وافتتاح النوادي الرياضية و احتوائها على المسابح الأمينة و ساحات لعب كرة القدم و الطائرة و السلة و قاعات التنس و الشطرنج و نوادي الموسيقى والفنون الأخرى ومسارح الأطفال .
8-   عرض البرامج الخاصة بالأطفال عبر التلفزيون والاهتمام بدار ثقافة الأطفال ودعمها لنشر قصص ومجلات الأطفال .
9-   الاهتمام بكليات المعلمين وطلبتها وإنشاء مراكز البحوث المتخصصة بالأطفال.
10-   فتح المزيد من أقسام معالجة الأطفال في المستشفيات و المراكز الصحية
إننا بانجازنا لهذه الأعمال نكون قد خطونا خطوة أولية في إخراج أطفالنا من النفق المأساوي الطويل الذي ادخلوا فيه واختصرنا قليلا من المسافة التي تبعدنا عن المجتمعات المتحضرة وأوصلناهم إلى شاطئ الحياة المملوءة بالتفاؤل والأمل .     

ماهر سعيد متي

المجتمع بأكمله بحاجة الى تغيير ... كان على الحكومات ان تجتاز اخطاء الماضي لا ان تكثرها

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة