تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

القوقعة المكتبية

بدء بواسطة أمير بولص ابراهيم, نوفمبر 10, 2013, 05:40:28 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

أمير بولص ابراهيم

القوقعة المكتبية




غرفة بأبعاد متشابهة ، منضدة خشبية صاجية  فارهة تعلوها أدوات مكتبية غالية الثمن  ، جهازي هاتف يتربعا الجهة اليمنى من سطح المنضدة ، جهاز إرسال هوكي توكي  المقل  بنداءاته ِ ، زهرية تعج ُ بالورد الذي يملأ فضاء الغرفة بعطره ِ . لوحة خشبية  في واجهة المنضدة من الأعلى نُقِشَ عليها بخط مزخرف أسم صاحب الغرفة وعنوانه المكتبي ، ثمة أوراق مخطوطة ومثلها بيضاء تتناثر بفوضى مسبوقة بين ألأدوات المكتبية وهي في حيرة من أمرها وكيف سيكون مصيرها .. ربما سيكون سلة النفايات بعد أن تتعرض إلى عملية تمزيق مع سبق الإصرار والترصد .. خلف المنضدة  مقعد جلدي دوار  وخلف المقعد ستارة رئاسية افترشت النافذة التي تقبع منسية ً خلف ظَهر صاحب القوقعة المكتبية وظيفتها حجب أشعة الشمس الحارة صيفا ً وبرودة الجو عبر زجاجها شتاءا ً عن السيد صاحب القوقعة المكتبية . أمامه وبمستوى نظره ِ شاشة بلازما كبيرة  تعرض ما يأمره هو على جهاز الاستقبال التلفزيوني  ( ستالايت ) وهو بدوره ِ لا يستقر على صورة ٍ أو لقطة ٍ ما .. فالأخبار تثير في نفسه الارتياب والضجر والأغاني مل من سماعها ومن موديلاتها الأنثوية المكررة ، وكذلك الأفلام مل َ مشاهدتها لكثرة بقائه في قوقعته المكتبية تلك ... يحمله ضجره ُ لأن يطلب فنجان قهوته الصباحية  التي ستعيد بعض توازنه بعد ليلة سهر ٍ لها مذاقها الخاص عنده ُ . يرتشف قهوته مستمتعا ً بنسيم هواء مكيف القوقعة البارد ، كومة من الأوراق والملفات وضِعت أمامه فوق منضدته الفارهة تلك  ليضع عليها بصمته التاريخية ... يوافق على تلك ويعارض تلك ويتحفظ على الباقي  ... تمر ساعات يومه المكتبي بتثاقل وضجر..يفتح حاسوبه النقال .. يأخذ جولته على مواقع الشبكة العنكبوتية في آخر محاولة له للقضاء على رتابة وقته وضجره ِ...ما يلبث ُ أن يضجر من تلك العملية .. يغلق حاسوبه .. يرمي ببصره نحو ساعة القوقعة فيجد إن الوقت مازال بعيدا ً على نهاية الدوام ..ينهض من مقعده الدوار مواجها ً النافذة خلفه ، يزيح ستارتها  بهدوء كمن يزيح خمارا ً لتلك الفتاة التي تذكرها أغنية ما  ..مع إزاحته الستار كانت مشاهد  قريبة خلف أسوار قوقعته ِتُظهر أكواما ً من النفايات وحيوانات نافقة وأحشائها خارجة من بطنها بعبثية ..يسدل الستارة على المنظر عائدا ً لقوقعته المكتبية  مفضلا ً بقاءه فيها خير من الخروج إلى فضاء المدينة  وما يحويه هواءها من روائح لا يحبذ دخولها رئتيه ِ ، يبتسم في قرارة نفسه .. تاركا ً إياها في ذات القوقعة المكتبية ...

                                                             أمير بولص ابراهيم