مشاكسة صولــة فريـــدة في بغــداد الجديـــدة / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, سبتمبر 27, 2012, 10:02:56 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة 
صولــة فريـــدة
في بغــداد الجديـــدة



مال اللــه فـرج
malalah_faraj@yahoo.com


من مجرة شمسية , وربما من كوكب بعيد غامض تلتف تضاريسه الديموغرافية بالمجهول , انطلقت ذات ليلة مركبة فضائية تومض انوارها الملونة وتنطفئ على وقع عقارب الساعة , متوجهة بسرعة مذهلة نحو كوكبنا العتيد السعيد الذي كان رغم ملايين الجياع والمشردين والعاطلين والمضطهدين فيه , يتمايل طربا مع توسلات فيروز وهي تحاول اقناع حبيبها بانها أحبته في الصيف واحبته في الشتاء , بينما اضطرت مرغمة للتوقف  عن حبه في فصلي الخريف والربيع  لأنها ذهبت لتكون جارة  للقمر , في حين كانت ام كلثوم تسائل حبيبها باهاتها المترعة وجدا ورغبة ونشوة وارتواءا , هل رأى الحب سكارى مثلنا ؟.
في تلك اليلة التي كانت فيها الارض كعادتها سكرى , والتي تشابه احدى ليالي الف ليلة وليلة بغرابة احداثها وغموض نهاياتها , واصلت تلك المركبة انطلاقتها نحو كوكبنا , وما ان اخترقت غشاءنا الجوي حتى اطلقت انوارها البيضاء  قوية ساطعة لتجبر كل من كان يتابعها على اغماض عينيه وهي تهبط رويدا رويدا امام بوابة اضخم مراكز الابحاث الفضائية الدولية بعد ان تمكنت اجهزتها الكهرومغناطيسية الاشعاعية من شل جميع اجهزة الاتصالات الارضية فائقة الدقة والسرعة سواء في الكومبيوترات والرادارات اوفي اجهزة الرصد والتحسس المختلفة بما فيها اجهزة الكشف المبكرعن الزلازل والاعاصير والبراكين والفيضانات والدروع الصاروخية , ولتمسي كرتنا الارضية بقاراتها الخمس ومحيطاتها وجيوشها واسلحتها الهجومية منها والدفاعية والاعتراضية , التقليدية  والنووية الارضية منها والجوية , الثابتة والمتحركة والمحمولة جوا او على الغواصات والمدمرات وعابرة القارات رهينة تلك المركبة الفضائية الصغيرة الشريرة الخطيرة , التي ما ان حطت على سطح كوكبنا السكران الحيران الذي كان في تلك اللحظات المصيرية ثملا يتمايل طربا مع سيد مكاوي وهو يشدو  باغنيته التي اسكرت الملايين , (ما تسبنيش انا لوحدي افضل احايل فيك , ما تخليش الدنيا تلعب بية وبيك , خلي شوية عليه وخلي شوية عليك) , حتى فتحت بوابتها الالكترونية لينزل منها ثمانية مخلوقات قصار القامة مدججين بالاسلحة والمعدات طول كل منهم لا يتجاوز ثلث قامة الانسان الاعتيادي توزعوا بطريقة قتالية حيث بقي اربعة منهم في اعلى درجات التأهب والاستعداد   لتأمين الحماية للمركبة ولفريقها الانتحاري فيما دخل الاخرون مختبر الابحاث والتجارب الفضائية العالمية بكل تؤدة وثقة بالنفس.
وعندما حاول احد رجال الشرطة الذي شاء سوء حظه التواجد صدفة في المكان القيام بواجبه واخراج مسدسه ' فان حزمة اشعاعية ذكية واحدة كانت كافية لشل حركته , واسقاطه ارضا , وهكذا سرقت تلك الكائنات الفضائية الذكية ما جاءت لاجله من البحوث والدراسات والخرائط والبرامج السرية ببساطة , مستقلة مركبتها  الفضائية لتقفل عائدة الى كوكبها ثانية وكأنها كانت تقوم بنزهة عادية.
فيلم الخيال العلمي ذاك الذي شاهدناه قبل اكثر من عشرين عاما , تكرر قبل ايام , لكن بنسخة عراقية جديدة ومحدثة في منطقة بغداد الجديدة المكتظة بالسكان وبالسيطرات وبالقوى والاجهزة الامنية المختلفة المدججة بالاسلحة والمعدات, فقد توقفت في وضح النهار سيارات مدنية بارقام واضحة معلومة يستقلها فصيل  من (الكوماندوز الابطال) الذي يماثل ابطال فرقة ناجي عطا الله شجاعة وبطولة واقتحاما , امام دار احدى العوائل العراقية , وتوزع أفراده على مجموعتين بكامل اسلحتهم وعتادهم , مجموعة قامت بقطع الطريق واطلاق النار في الهواء لبث الرعب في صفوف  السكان والمواطنين ولتأمين الحماية للمجموعة (الاقتحامية) , في حين اقتحمت المجموعة الاخرى بكل عنفوان البطولة العراقية والشهامة العراقية والقيم العراقية والاصالة العراقية  دار تلك العائلة العراقية وقامت بسرقة اموالها ومحتويات الدار, ومن ثم المبادرة باحراق تلك الدار الامبريالية الاستعمارية التي كانت السبب الرئيس في عرقلة العملية السياسية وفي انعدام الماء والكهرباء وتردي الخدمات ,   ببطئ وتروي دون ان تهرب خوفا او وجلا او خجلا , وكانها كانت قد امنت مقدما (حياديـــــة) القوى والجهات الامنية  المسؤولة في تلك المنطقة الحيوية وقطاعاتها وعدم تدخلها في تلك (المهمة الوطنية النضالية الثورية) الخاصة , حيث بقي اولئك (الابطال الميامين) يحاصرون الدار المشتعلة حتى تأكدوا من احتراقها تماما ,عندها استقلوا سياراتهم  بمنتهى الثقة والهدوء وراحة الضمير وغادروا المكان دون ان تطلق ضدهم رصاصة واحدة ودون ان تحاول اللحاق بهم ولو سيارة شرطوية او امنية واحدة على الاقل ذرا للرماد في العيون , وربما حضرت بعد وقت مناسب من انسحاب (ابطال فرقة ناجي عطا) العراقية تلك بعد اتمامها صفحات مأئرتها الوطنية الجليلة تلك بنجاح ساحق ماحق  والتأكد من سلامة جميع افرادها , أعداد من سيارات الشرطة المدججة بالسلاح واسراب من سيارات المطافئ التي لم تجد بالطبع ما تقوم باطفائه  , وربما تم التحفظ على العائلة المرعوبة المنكوبة ومحاسبتها لعدم اتصالها بالشرطة (الوطنيــــة) في الوقت المناسب , بل ربما سوف يدون ضابط التحقيق الذكي النبيه بمنتهى الدقة المهنية والشجاعة الامنية في تقريره الذي سوف يرفعه الى رؤسائه خلاصة ذكية لانجازاته البطولية مؤكدا ومتفاخرا ومتباهيا: (قبضنا على الدار المحترقة وفر الجناة الى جهة مجهولة).
وهكذا بفضل هذه الشجاعة والمبدئية الامنية المهولة , امست مصائر معظم العراقيين مجهولة.       

ماهر سعيد متي

مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة