تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

المحافظ وصوت التلفزيون

بدء بواسطة MATTIPKALLO, سبتمبر 18, 2012, 11:43:11 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

MATTIPKALLO


المحافظ وصوت التلفزيون


متي كلو
mattikallo@hotmail.com

قررت وزارة التجارة فتح فرع لإحدى الشركات التجارية التابعة للمؤسسة العامة للسلع الاستهلاكية في محافظة دهوك وبعد أن تم استئجار مكانا ملائما كمركز تسوق للشركة مع مكاتب للموظفين من قبل لجنة من وزارة التجارة في احدى البنايات التابعة لمديرية أوقاف دهوك.
صدر أمر وزاري بمنحي صلاحيات المدير العام لإكمال الفرع والمستلزمات اللازمة لافتتاح الفرع لكوني مدير منسب لإدارة الفرع في الموصل الأقرب الى مدينة الى مدينة دهوك، وتم تهيئة مكاتب الموظفين والمخازن بجهود استثنائية من قبل موظفي فرع الموصل وبعض الموظفين الذين تم تنسيبهم من فرعي الموصل وكركوك والاستعانة بعمال مهنيين بأجور مقطوعة شرط انجاز العمل وفق فترة محددة.
تم تعيين وتدريب عدد من الموظفين الجدد من أبناء المحافظة لأقسام المحاسبة والتسويق والإدارة ومنهم اثنان بدرجة ساعي "فراش" و40 درجة عمالية بعنوان عتال "حمال" .
وتم تعيين هذا العدد خارج ملاك الفرع وهم من العائدين الذين كانوا قد اشتركوا في الثورة الكردية، ولكن عادوا بموجب قرار القيادة العراقية في العهد المباد بعد اتفاقية العراق وايران في الجزائر بمبادرة من الرئيس الراحل هواري بومدين،.
فكان هؤلاء العمال يحضرون صباحا ويجلسون بدون عمل أمام فرع الشركة وفي الساعة الثانية يغادرون الشركة الى بيوتهم بدون أي عمل يقومون به. ضمن خطة سياسية لاحتواء هؤلاء العائدين ومكافئتهم برواتب شهرية بدون أي عمل .
انتهت الأعمال في كافة أقسام الشركة وتم ضخ البضاعة من مخازن الشركة المركزية في بغداد وانتهت الاتصالات بين الشركة ومحافظة دهوك وتم الاتفاق على يوم الافتتاح في 8 شباط حيث صدر أمر وزاري بتأليف لجنة لمتابعة الاستعدادات الأخيرة قبل اسبوع من افتتاح الفرع وكانت برئاسة ( الرفيق مدير الفروع الخارجية).
وهو من أقرباء رئيس المؤسسة ويحمل شهادة الدراسة الابتدائية ومدير الفروع الشمالية "ت.محي الدين" وكاتب المقال.
استقبلت أعضاء اللجنة في مقر مكتبي في شارع خالد بن الوليد بمدينة الموصل،.
وفي أول اجتماع للجنة قررنا السفر الى مدينة دهوك يوم 6 شباط للوقوف على آخر الاستعدادات لافتتاح فرع الشركة، وصلنا قبل الظهر، ولاحظنا اكمال كافة المراحل وان المواد قد وصلت من المخازن الرئيسية، فقررنا الذهاب لمقابلة المحافظ "يحيى الجاف" للاتفاق على موعد الافتتاح وحضوره أو من ينوب عنه، كنا في مكتب "السكرتير" في الساعة الرابعة مساء، .
انتظرنا أكثر من ساعة في مكتبه، بعدها سمح لنا بمقابلة السيد المحافظ ، دخلنا تباعا الى مكتبه يتقدمنا مدير الفروع الخارجية، وقدم نفسه ثم قدمنا أحدنا بعد الآخر وكان معنا المدير الجديد المنسب من فرع الموصل" سلطان .ع" رحب بنا وطلب منا الجلوس، وطلب منا شرح عن مهام الشركة في هذه المحافظة،.
بدأ مدير الفروع الخارجية بشرح أهداف فرع دهوك وتقديم الخدمات للوكلاء وفجأة ضغط المحافظ على الجرس الذي أمامه " دخل الشرطي الذي يقف على بابه، أدى التحية، فقال له المحافظ :
- وضح شاشة التلفزيون وارفع من صوته واطلب الشاي للضيوف.
اتجه الشرطي باتجاه جهاز التلفزيون وأجرى اللازم فظهر المحافظ على الشاشة وهو يقص الشريط لأحد المشاريع في المحافظة، لكن مدير الفروع الشمالية استرسل بالشرح والسيد المحافظ كان تركيزه يصب على صورته في التلفزيون وعلامات الانشراح على محياه، وبعد انتهاء الخبر
ضغط المحافظ على زر الجرس مرة أخرى ليدخل الشرطي وبعد أن أدى التحية، طلب منه أن يخفض من صوت التلفزيون، والتفت نحونا، قائلا:
- أرجو اعادة الكلام مرة اخرى.
أضفت الى ما تحدث به مدير الفروع الخارجية، إذ قلت له بان الشركة انشطرت عن شركة المخازن العراقية بسبب الازدياد الهائل في عدد الوكلاء والتخصص في استيراد القطاع العام بسبب الغاء معظم استيراد القطاع الخاص ولكنه قاطعني قائلا:
- ولماذ انشطرت الشركة؟!
- خطة الوزارة بتأسيس شركات للقطاع العام المتخصصة، قاطعني مرة أخرى قائلا :
- ولماذا هذا الانشطار وتعدد الشركات، وأعتقد هذا ما يزيد من منافذ التوزيع والمشاكل.
قاطعه "الرفيق": هذا القرار تم وفق دراسة مستفيضة من قبل لجنة في رئاسة الجمهورية.
قال المحافظ :
- أكيد انها خطة جيدة ومبنية على رؤية مستقبلية وقرار صائب، ونهض من مكانه قائلا:
- سوف أقوم بافتتاح الفرع ما بين الساعة الثامنة والتاسعة من صباح 8 شباط أي بعد غد .
غادرنا مكتبه شاكرين حضوره للافتتاح.
اجتمعنا في اليوم التالي مع منتسبي الفرع وطلبنا منهم الاستعداد ليوم الافتتاح وعلى الموظفين الزام مكاتبهم لاستقبال المحافظ فربما يقوم المحافظ في جولة داخل مكاتب الموظفين وربما يسال عن طبيعة اعمالهم، وطلبنا من احدى الموظفات أن ترتدي زيا أنيقا وتحمل" صينية، وكذلك طلبنا من كاكة حمة "الفراش" أن يرتدي بدلة أنيقة ويكون حسن الهندام ويناول المقص للمحافظ ليقص شريط الافتتاح ونكون نحن في مرافقة المحافظ، وفي المساء عدنا الى الموصل مع المدير الجديد.
عدنا الى الموصل وبعد سهرة في احد النوادي، ذهبنا الى الفندق وبعد جهد استغرق اكثر من 16 ساعة، استيقضنا في الساعة السابعة والنصف.
المسافة بين الموصل ودهوك حوالي 65 كلم، ولكن تأخرنا بسبب حادث مروري "انقلاب سيارة شحن" قرب بلدة "سميل" فوصلنا الى المكان في الساعة التاسعة، وشاهدنا جمعا غفيرا من الناس أمام الفرع، فتنفسنا الصعداء، وقال أحدنا للآخر الحمد لله لم يصل المحافظ لحد الآن والدليل هذا الحشد من المواطنين الذين مازالوا بانتظاره، وعندما وصلنا الى باب الفرع شاهدنا "كاكة حمة"واقفا مع بعض ألمواطنين سألني:
- لماذا تأخرت استاذ !
اجبته : المهم وصلنا في الوقت المناسب.
قال: لا يا أستاذ، قبل 5 دقائق غادر المحافظ بعد قص شريط الافتتاح!!
تبادلنا النظرات فيما بيننا. دخلنا الى مكاتب فرع الشركة وأوعزت العمل في الفرع، ودخل وكلاء الشركة في دهوك وزاخو والنواحي التابعة لهما جغرافيا، حيث كانوا يستلمون حصصهم من مخازن مدينة الموصل، وكان الجميع مسرورين بافتتاح الفرع في مدينتهم وهو الأمر الذي سوف يجنبهم مشقة الذهاب والإياب الى الموصل، كما يخفض من كلفة النقل، بالرغم من أن الشركة كانت تعطي لهم خصومات مختلفة عن وكلاء مدينة الموصل .
عرض التلفزيون العراقي في نشرة أخبار الثامنة مساء مشاهدا من افتتاح الفرع من قبل المحافظ وباستقباله" كاكه حمه" الفراش الذي تم تعينه من ضمن العائدين! وكنا الغائبين عن حفل الافتتاح.
بعد اسبوع واحد كنا اعضاء اللجنة محالين الى لجنة التحقيق لعدم تنفيذنا الاوامر الإدارية وعدم حضورنا الافتتاح، ووفق ما تسربت لنا الأخبار بأننا سوف ننقل الى وظائف ادارية أخرى مع عقوبات ادارية صارمة.
ولكن "الرفيق" استطاع أن ينقذنا من تلك العقوبات الادارية، وقيل لنا بان "كاكة حمة" أصبح يلقب بالأستاذ !!!