بين برطلي و نورشبينك ..اشتياقُ خد وبُعد ُ قبلة

بدء بواسطة أمير بولص ابراهيم, سبتمبر 15, 2012, 02:12:44 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

أمير بولص ابراهيم

بين برطلي و نورشبينك ..اشتياقُ خد وبُعد ُ قبلة




بعد أن نضجت الفكرة في مدار عقلي وأصبحت جنينا ً تصرخ ُ طالبة ً أن تخرج إلى ‏فضاءات الكتابة حتى سمع صراخها قلمي ليرتج هو الآخر فوق منضدتي وتصل ‏ذبذبات ارتجاجه إلى أناملي التي سرعان ما التقطته  لتحضنه كما في كل مرة ، بل ‏هذه المرة كان احتضانها له أكثر حرارة ً ومن حرارة الاحتضان سَطَرَ قلمي عنوان ‏وليدتي الجديدة (  بين برطلي و نورشبينك ..اشتياقُ خد وبُعد ُ قبلة ) فالاثنتين ‏برطلي في العراق ونور شبينك في السويد احتفلتا بعيد الصليب المقدس ففي برطلي ‏احتشد أهلنا في إحدى ساحاتها  القريبة من كنيسة مار كوركيس القديمة ذات ‏الطابع الإيماني الجميل كما هي باقي كنائسنا حيث استنشقنا رائحة المسك ينطلق ‏من بين ثنايا مذبحها المقدس ليغيم َ فوق تلك الهامات البشرية المحتشدة ثم ما لبث َ.

أن اختلطت تلك الرائحة بألحان موسيقى كشافتي مار كوركيس القادمة من كنيسة ‏مار كوركيس  وكشافة مار متى القادمة من كنيسة مارت شموني  لتلتحم الكشافتين ‏بنسق جميل في ساحة الاحتفال .. ثم لتبدأ جوقة التراتيل بترتيل أجود وأحلى ‏الترانيم الخاصة بالمناسبة تعقبها صلوات كهنتنا الأفاضل وشمامسنا الكرام لتحلق ‏تلك الصلوات كالحمام في فضاء الاحتفال تشع ُ في النفس أملا ً بأن روح التوحد ‏والإيمان والتمسك بتراب برطلي السريانية مازال قائما ً معافى نحو أمل قادم برغم ‏فراق الأحبة وهجرتهم ، لتوقد أنفاس ذلك الأمل شعلة الاحتفال ( تاري ) فتستعر ‏النار معلنة اكتشاف الصليب المقدس كما في حادثة الملكة هيلانة  ..وتنطلق ‏الزغاريد ويتسارع الأطفال بإطلاق ألعابهم النارية  التي أطرت فضاء الاحتفال ‏بشيء آخر من البهجة البصرية الملونة ، وبينما كانت نظراتي ترنو نحو الاحتفال ‏وحشده ِكانت ذاكرتي تسحبني إلى سبعينات القرن الماضي وطرق الاحتفال بهذا ‏العيد وكيف كنا نعمل نوافذ ًعلى  شكل صلبان على جوانب علب كارتونية مختلفة ‏الأحجام ونسد تلك النوافذ بورق ملون ونضع داخل العلبة مصباحا كهربائيا ليضيء ‏المصباح وتظهر إضاءته ِ تلك الصلبان الملونة والتي أصبحت النشرات الضوئية ‏المعلقة على أعواد الصليب  بديلا لتلك العملية في وقتنا الحاضر ،وبالإضافة لإيقاد ‏النار ( تاري ) كان هناك تلك الأقراص التي كانت تصنع من فضلات الأبقار( عذراً) ‏بعد تجفيفها وكان أهلنا في السابق يشعلونها كوقود للتنانير في عملية الخبز ، كان ‏يؤخذ القرص ويسكب فوقه مقدارا ً من النفط الأبيض ويوضع فوق أستر سطوح ‏المنازل ويوقد بجانب عدد آخر من الأقراص وقد يؤخذ القرص أيضا وكما في ‏الطريقة السابقة وكان يغرز فيه خشبة طويلة ويوقد حيث تتوهج ناره ويسير ‏حاملوه في رتل في أزقة برطلي وكان هذا يزيد من جمال الاحتفال وبساطته ، وفي ‏ذلك الوقت كان البعض منا يوقد شرارة من النار في حزمة من ما يسمى ب( سيم ‏المواعين ) ويقوم موقده ُ بتدويره بحركة دائرية بحيث كانت تلك الحركة تعطي ‏لاحتراق السيم  منظرا جميلا ً واليوم أصبحت الألعاب النارية بديلا ً له إذا لم ‏تنقرض تلك العملية كليا ً، ثم حملتني ذاكرتي إلى صور احتفال أهلنا في نور شبينك ‏.

بعيد الصليب أيضا وما كانت تحمله عيون الحاضرين هناك من أمنية الاحتفال بالعيد ‏في برطلي حيث أحضان الأهل والأحبة ..تركتني ذاكرتي لأعود حرا ً حيث أنا في ‏الاحتفال أطالع وجوه المحتفلين فكانت عيون كل أم ، أب ،وكل من له أحبة في ‏الغربة يمنون النفس بقبلة على خد كل واحد من أحبتهم متمنين النفس بملاقاتهم ‏وهم عائدون لحضن برطلي .. وهكذا وفي كلا الاحتفالين كانت عيون المحتفلون ‏تترجى اللقاء في اقرب وقت ليبقى بين برطلي ونور شبينك  أشتياق خد ٍ وبعد ُ قبلة ‏‏.....‏

ولكل من هناك في الغربة يحتفل الف سلام



‏                           أمير بولص إبراهيم‏
‏                         برطلة 15 ايلول 2012‏ ‏