الفساد والفشل وقانون الانتخابات المجحف

بدء بواسطة حكمت عبوش, أغسطس 21, 2012, 04:32:07 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

الفساد والفشل وقانون الانتخابات المجحف
                                                                                             حكمت عبوش                                 
بعد أن أنهى صديقي أبو صفاء قراءة الشريط الإخباري الذي نشرته قناة الديار الفضائية في نهاية تموز الماضي والذي يقول (أن مجلة- فورين بوليسي- ذكرت أن العراق قد صنًف ضمن أفشل عشر دول في العالم) ومن ضمن هذه الدول كانت الصومال و زيمبابوي وتشاد وأفريقيا الوسطى والسودان وغيرها، رفع رأسه بحدة وقال متسائلا بحنق: يا للعيب، أنعتبر ضمن أفشل الدول في العالم بدلاً من أن نقاس مع الدول المتطورة المعروفة؟ إن تاريخنا الذي يمتد آلاف السنين قبل الميلاد يقول أن أجدادنا هم أول من علموا البشرية القراءة والكتابة أما ثراءنا وملياراتنا الوفيرة الآن  من العملة الصعبة التي تحفل بها ميزانيتنا كل سنة والتي يبلغ ما يخصص لأحدى وزاراتنا فقط أضعاف الميزانية السنوية الكاملة لأحدى هذه الدول فحدث عنها ولا حرج، وبعد كل هذا نخفق في رفع  عراقنا إلى مستوى التنافس الشريف مع المجتمعات المتحضرة في نيل منجزات العلم والتكنولوجيا والتقدم الشامل في كل ميادين الحياة. فأجابه صديقتا أبو وفاء باستغراب ومحاولاً تهدئته: لا تنفعل يا صديقي يبدو انك نسيت ومنذ وقت قريب إن العراق حاز على الموقع الثاني في الفساد بعد الصومال الشقيق ولازال إلى اليوم محافظاً على احد المواقع المتقدمة في (السرة) وأتحدى من يستطيع دفعنا إلى الوراء في استشراء الفساد، فاللصوص عندنا أذكياء و(كلاوجيه) من نوع خاص يعرفون من أين تؤكل الكتف وكيف يخوضون ويسبحون في مستنقع  الفساد ووحله دون أن يغرقوا و لا تنسى أن هناك من يدافع عنهم. ثم بدأ أبو صفاء كلاماً طويلا ًو جاداً فقال: دعنا من المزاح ألآن وكما أن لا مطر بدون غيم كذلك لا فشل عندنا دون فساد والذي هو وليد المحاصصة الني كرسها المحتل ولاقت الترحيب والتأييد من القوى المتنفذة. إن هذا الفشل أو الإخفاق، سمه ما شئت، يتجلى واضحاً في العجز عن مكافحة الفساد(المالي و الإداري والسياسي) الذي أصبح مستشرياً في الجسد العراقي كالسرطان كما يتجلى في العجز عن توفير الخدمات الأساسية للكثير جداً من المواطنين مثل الكهرباء والماء والسكن وتخفيف نسبة الفقر والقضاء على البطالة و غيرها من المشاكل الأساسية التي تنوء تحت ثقلها فئات الشعب الفقيرة الواسعة  وعلينا أن لا ننسى الإرهاب الذي يوقع الأذى الكبير بأبناء الشعب من الشهداء والجرحى إضافة إلى ما لا يحصى من خسائر في المال العام والخاص ومع كل هذا يبرز الخلاف والتباعد بين الكتل السياسية الكبيرة و المتنفذة مما جعل التعقيد يسِم الواقع السياسي والعلاقات السياسية بينها وهو مع الإخفاق مشخصان من قبل معظم الكتل الكبيرة و الأحزاب خارج البرلمان والمرجعيات الدينية و الكثير من النواب ومنظمات المجتمع المدني ورجال الفكر والسياسة والأعلام وهم قد أو ضحوا مراراً إن العملية السياسية تهددها المخاطر و أجمع الكل بما فيهم الحكومة و الكتل المنضوية إليها على ضرورة التغيير و منها ما جاء على لسان كتلة –التحالف الوطني- لإجراء إصلاح ضروري بات ملزماً لأن الضرر الذي سيحيق بالعملية السياسية في حال تعرضها لانتكاسة يكون بالغ الخطورة بالكتل والأحزاب السياسية جميعها وكل أبناء الشعب(لأننا كلنا في زورق واحد)  ولكن باكورة جهود الكتل المتنفذة في الإصلاح جاءت مخيبة للآمال في البرلمان بعد أن مرر قانون انتخابات مجالس المحافظات و الأقضية والنواحي الذي ينص على منح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة الكبيرة وليس ل(الباقي الأقوى)وهذا ما كانت المحكمة  الاتحادية العليا قد حكمت باعتباره أمراً باطلاً وغير مشروع في قرارها عام 2010 ولكن البرلمان لم تلتزم أغلبية أعضاءه بقرار المحكمة وبذلك تم انتهاك اًلمادةً(94)من الدستور التي تنص على إن قرارات المحكمة الاتحادية (باتًة وملزمة)هذا أولاً و ثانياً تم الأبتعاد عن جوهر الديمقراطية التي تقول بحق كل طبقات ألشعب وفئاته أن يكون لها ممثلون في المجالس المنتخبة على صعيد المحافظة أو الأقضية أو النواحي وقبلها في البرلمان ومنذ أكثر من تسع سنوات جرب المتنفذون أساليب المحاصصة- رغم ادعائهم بغير ذلك- وكان ظاهراً للعيان أمام الكل إن البارز في الساحة العراقية هو الخلافات بين الكتل السياسية وكيفية حلها وليس انتشال الوطن من الواقع المأسوي المؤلم الذي أوصله إليه فلتة زمانه (القائد المهزوم)والبدء بعملية البناء، الشامل، ولكنهم  لم  يصلوا بالعراق  سوى إلى المأزق الذي يعيش فيه الآن. و ليس أمامنا سوى الإشادة بمواقف نواب ً آخرين من مختلف الكتل كان لهم موقف معارض لهذا القانون المجحف، داعين إلى الألتزام بقرار المحكمة الأتحادية و من هؤلاء النائب (حسين المرعبي) من كتلة الأحرار- التحالف الوطني- الذي قال:(أصبح البرلمان مقبرة للأصوات الحرة)و النائبة المستقلة(صفية السهيل)التي قالت:(إن أحزاب السلطة هي التي مررت قانون انتخابات مجالس المحفظات.......وهي تريد أن تحكم العراق من خلال ثلاثة  أو أربعة أحزاب...إن إهمال البرلمان لقرار المحكمة العليا يمثل خرقاً كبيراً، وقالت النائبة(عتاب الدوري) من كتلة الحل من القائمة العراقية:( أن هذا القانون يشرعن لسرقة أصوات الناخبين....إن ترحيل أصوات إلى الكتل المتنفذة في الدولة يعني استبعاد الوجوه و الكفاءات الجديدة ومنح فرص أخرى للفاشلين الذين لم يقدموا أي انجاز للشعب) أما النائب (شيروان الوائلي)من دولة القانون فقد قال عن جلسة مجلس النواب ذاتها :(إنها مخجلة ولا تلبي طموح  العراقيين بالإصلاح والتغيير ولا تتوافق مع قرار المحكمة الأتحادية).
إن المعضلات والخلافات السياسية بين الكتل السياسية الكبيرة والتي تبدو صعبة ومعقدة يجب أن نعتمد على الطريق الوحيد لحلها وهو الحوار المكثف الإيجابي فقط وليس إضعاف الآخر بمختلف الأساليب ومنها مثلاً الأعتماد على الآخرين من خارج الحدود فهؤلاء يفضلون مصلحتهم على مصلحة كل العراقيين دائما. كما يجب أن ندخل الحوار مع إخوتنا ونحن مملؤون بروح المواطنة العراقية ونعتبر إن المصلحة العراقية هي فوق أي اعتبار آخر تدفعنا إلى ذلك مبادئ الديمقراطية وقيمها النبيلة المعروفة التي تؤكد على المساواة وعدم التفريق بين إنسان وآخر في الحقوق و الواجبات على أساس الدين أو القومية أو المذهب أو الفكر. علينا أن نتفاءل بعمق و نبعد التشاؤم عنًا، ولكن لا ندري أين نضع حديث الشيخ (جلال الدين الصغير)  النائب السابق من المجلس الإسلامي الأعلى - التحالف الوطني- الذي نقلته في 14-8 -2012 ألجاري قناة الديار أيضاً: (ما الحراك السياسي الجاري سوى- ضحك على الذقون - وهو خال من مفهوم اسمه خدمة المواطن).