مدينة مسيحية سورية – سبع سنوات تحت النيران على خط الجبهة في أدلب

بدء بواسطة برطلي دوت نت, سبتمبر 18, 2018, 08:48:05 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مدينة مسيحية سورية – سبع سنوات تحت النيران على خط الجبهة في أدلب   


وسط البلدة مليء بالشباب في أمشسية صيف حار
         
برطلي . نت / متابعة


الحرب السورية: الصراع الذي يلوح في الأفق على بُعد 10 كيلومترات ليس بالأمر الجديد على بلدة محردة حيث تستمر الحياة والجنود المتطوعون على استعداد للإنضمام الى المعركة الأخيرة في الحرب

توم وستكوت
عنكاوا دوت كوم – ترجمة رشوان عصام الدقاق

محردة – سوريا: في كل ليلة تزدهر شوارع بلدة محردة المسيحية السورية بالحياة والنشاط، إذ يرتدي الشباب الملابس العصرية ويحتسون البيرة ويُدخنون الشيشة وهم يُراقبون بخجل المارة من الجميلات الجذابات، ويأخذون مجموعة من الصور الشخصية (سيلفي). من ناحية أخرى يتجول الجنود المُجازين خارج الخدمة مع صديقاتهم على الدراجات النارية في أرجاء المدينة.
يقول طالب العلوم الجامعي سامر الطورمة، انظروا الى هذا، حتى أثناء أصعب أوقات الحرب يخرج الناس للترويح عن أنفسهم ولنسيان ما نُعانيه لأنه حين تنصب علينا قذائف الهاون نختبيء في أقبياتنا (السراديب).


إحدى الكنائس الأربع في محردة

وفي حين يختبيء الناس في منازلهم وتتلاشى الموسيقى والصخب، يبدأ صوت وإرتداد الإنفجارات على الأرض ويقوم الندلاء في المحلات بجمع الكراسي والطاولات.
يقع مركز بلدة محردة على بُعد 10 كم فقط عن محافظة أدلب، وهي المعقل الأخير للمتمردين في سوريا. وبالقرب من خط المواجهة توجد وحدات عسكرية مسيحية من المتطوعين من قوات الدفاع التابعة لمحردة والجيش السوري والقوات المتحالفة معه.
وفي الأسبوع الماضي قُتِلَ 11 مدنياً من بينهم 6 أطفال عند سقوط 3 صواريخ على البلدة، وكذلك فقد أحد الرجال والدته وزوجته وأطفاله الثلاثة عندما تعرض منزله للقصف وأصيب 20 آخرين في الهجوم.
إن صراع أدلب الذي يلوح في الأفق والذي يُعتبر آخر معركة رئيسية للحرب الأهلية المدمرة في سوريا ليس بالأمر الجديد على المدينة. وبعد أن تعرضت البلدة للهجوم أول مرة، تشكلت قوات الدفاع المسيحية لمهادرة في عام 2011 كفرع محلي لقوات الدفاع الوطني الطوعية الموالية للحكومة السورية. وقد قاومت هذه القوات وتعرضت لفصائل المتمردين في البلاد مدة 7 سنوات ولحد الآن.
قال سيمون الوكيل، قائد قوات محردة المسيحية، نحن مسيحيون مسالمون لا نريد الدخول في الحرب، لذا حاولنا التوصل الى حل سلمي وذهب الكاهن وتحدث مع الإرهابيين (متمردون مسلحون غالبيتهم من القرى السنية المجاورة) في محاولة لتهدئة الوضع وإيجاد حلاً سلمياً.
وأضاف سيمون، قلنا لهم إذا كان هدفكم إزالة الحكومة السورية وتدميرها إذهبوا الى دمشق ليس هنا، ولكن حين رأينا كيف تصرفوا تجاهنا بإستخدام قبضة حديدية فقط أدركنا أن هذه الثورة هي ثورة مزيّفة.

والآن وبعد 7 سنوات من الحرب الأهلية، يعتبر السوريين الموالين للحكومة والحكومة السورية وحليفتها روسيا أن كل الجماعات المتمردة في أدلب هم إرهابيين. وقد أظهرت الحكومة السورية على أنها المُدافع عن الأقليات الدينية في البلاد ولها دعم واسع النطاق من جانب المسيحيين والعلويين.

وأضاف سيمون، مع انهيار جهود الحوار حاصر المتمردون المدينة وقصفوا المناطق السكنية والطرق وخطفوا المسافرين أو الذين يُحاولون الفرار. ونظراً لعدم وجود وحدات من الجيش السوري في المنطقة، تم تشكيل قوة دفاع محردة . وتطوع معظم الرجال الذين تجاوزوا سن 18 عام ليحملوا السلاح تحت قيادة سيمون الوكيل، الرئيس السابق لشركة بناء محلية، وهم ولحد الآن وبعد 7 سنوات ما زالوا يُدافعون عن مدينتهم.



ووفقاً لسيمون الوكيل، لدى قوات الدفاع في محردة 200 مُقاتل على خطوط الجبهة في أدلب الى جانب الجيش السوري والقوات المتحالفة معه. ويؤكد سيمون أن هناك الآلاف من المتطوعين في محردة يمكن حشدهم بسرعة، وأضاف أن قواته على أهبة الإستعداد في انتظار أوامر الحكومة للتقدم.

إعادة بناء محردة
بتكرار يُعيد سيمون ويقول قذائف هاون هاون هاون أثناء التجوال في المدينة مشيراً الى أجزاء واسعة جديدة من الطرق المجردة التي تضررت جراء سبع سنوات من القصف.
وأسفرت هجمات المتمردين عن مقتل 97 مدنياً وإصابة 156 آخرين على مدى السنوات السبع الماضية، لكن معظم سكان محردة هم من المسيحيين الذين بقوا في سوريا. وقد شجع الكهنة وكبار أعضاء المجتمع المحلي هذا الأمر ، وهم يخشون من أنه إذا هرب السكان المحليون فقد لا يتمكنوا من العودة أبداً الى المنطقة التي عاشت وتعيش فيها المجتمعات المسيحية مدة تُقارب ألفي عام.
ولضمان بقاء المدينة قابلة للسكن، قام المجلس المحلي بتيسير وتسهيل إعادة بناء المنازل التي تضررت أو دُمرت أثناء القتال. ويتم تمويل هذه العملية من قِبل المجلس المحلي والأثرياء عندما لاتمتلك العائلات المتضررة المال الكافي لذلك.
قال سامر الطورمة "نحن مجتمع متماسك للغاية فإذا ضربتَ أحدنا كأنما ضربتنا جميعاً".
وعلى الرغم من استقرار الوضع حالياً داخل بلدة محردة إلا أن الصواريخ التي تنطلق من مواقع المتمردين ما زالت قادرة على ضرب المدينة كما فعلوا في الأسبوع الماضي حيث جعلت المواطنين يعيشون في خوف من هجمات أخرى.


تكريم بعض أهالي محردة الذين استشهدوا خلال الحرب


وفي حين أن الروح المعنوية في محردة ما تزال قوية لكن الحرب الأهلية السورية والعقوبات الدولية جعلت أسعار معظم السلع عالية والحياة صعبة جداً. وفي كل اسبوع تقوم جمعية الهلال الأحمر المسؤولة في المنطقة بتوزيع المساعدات التي توفرها الأمم المتحدة للسكان الذين يجمعون صناديق من المواد الغذائية الأساسية.
يُوضح وائل الخوري، نائب رئيس جمعية الهلال الأحمر السورية المحلية، ويقول كانت هذه المساعدات مهمة للغاية للسكان المحليين في أوقات حصار الإرهابيين للمدينة حين كان الطعام يُستخدم كسلاح ضد الأهالي. وأضاف، من الممكن الآن أن يعيش الناس من دون هذه المساعدات، ولكنها ما تزال مفيدة جداً، ولما كانت كل المفردات ذات عمر طويل ولا تتلف بسرعة فإنه يمكن خزنها للإستخدام في المستنقبل.
ويقول الخوري، نظراً لأن البلدة لم تُعد محاصرة وبدأت نهاية الصراع السوري تلوح في الأفق فإن الجمعية ستقوم بالتركيز على تكثيف الدعم للأرامل وجرحى الحرب والكثير من الأطفال الذين تأثروا من الحرب في المدينة.

الحياة قرب الخطوط الأمامية في أدلب
تقوم الكنائس الأربعة والدير بقرع الأجراس دائماً لتحذير المواطنين حين تكون القذائف في طريقها الى البلدة أو في حالة توقع حدوثها، لكن الحياة تستمر كالمعتاد مع الشوارع المزدحمة وتوجه السكان المحليين الى التلال الخصبة لجمع التين الموسمي.
وفي وسط المدينة يُراقب القائد سيمون الوكيل الخطوط الأمامية ويجلس أمام مجموعة من الأسلحة عالية الفعالية والقوة مثبتة على الجدار مع مجموعة من القذائف والرصاص مرتبة بعناية حسب أحجامها.



سيمون الوكيل قائد قوات الدفاع في محردة

والى جانب الأسلحة يمتد على الجدار المحاذي ملصق كبير للرئيس السوري بشار الأسد، وهناك في الزاوية صندوق زجاجي يحتوي على حذاء عسكري سوري فوق أعلام الولايات المتحدة واسرائيل.

ويجلس بالقرب من سيمون أعضاء من قوات دفاع محردة يحتسون القهوة. ويقول سيمون، إن المدرسين والأطباء والمهندسين والشعراء حملوا السلاح للدفاع عن بلدتهم المسيحية وعن تراثهم وثقافتهم وتاريخهم. وقد استخدمت الحكومة الحكومة السورية القصص الرهيبة عن تهديدات الإرهابيين للأقليات السورية على نطاق واسع للحصول على تأييد هذه الأقليات لها. ويقول سكان محردة أن هذا الأمر واقع حقيقي ويعتقدون أن مدينتهم أستهدفت من قِبل متمردين من قرى سنية مجاورة، خاصة، لكونهم مسيحيين ويتوقعون أن يهربوأ من الإرهاب الى مخيمات اللاجئين المُعدة سلفاً في تركيا.


يُضيئ المسيحيون الشموع في إحدى كنائس محردة الأربعة

لقد أصيب سيمون نفسه في الحرب 9 مرات وقال، وهو يجيل بنظره في أرجاء الغرفة، أصيب كل رجل موجود هنا في القتال وعاد معظمهم مباشرةً الى الخطوط الأمامية بعد تلقي العلاج.
ويقول بحزم، نحن مؤيدون لسوريا. كانت سوريا قبل الحرب مكاناً رائعاً على طريق التنمية والتقدم، وبعد ذلك قامت 86 دولة ومعهم الكيان الصهيوني (الإصطلاح الذي يستخدمه بعض السوريين للإشارة الى إسرائيل التي لايُعترف بها كدولة) بدعم تدمير هذا البلد، لقد دمروا سوريا لكننا وأولادنا سنعيد بناءها.

وأظهرت الحكومة السورية نفسها على أنها المدافعة عن الأقليات الدينية في البلاد، ويبدو أنها تتمتع بتأييد واسع داخل البلاد من السوريين من جميع الأديان بما في ذلك المسيحيين والعلويين.


وشم ديني ووطني على جسم مقاتل من قوات دفاع محردة

يقول المعلم أنور بيجو إن ما حدث هو جزء من خطة دولية لتجريد سوريا من الدولة ومؤسساتها وتقليصها الى مستوى مماثل من الفوضى التي عانى ويُعاني منها العراق المجاور بعد عام 2003. ويُضيف، إن الوطنيين السوريين الحقيقيين هم الموالين للدولة والدستور والقانون لأنه إن لم تتواجد حكومة ولا دولة فلن يكون هناك قانون وتعم الفوضى وتنعدم العدالة.
وعلى الخطوط الأمامية التي تنتشر عليها القذائف يطل الناظر على الريف والقرى المهجورة الممتدة تجاه محافظة أدلب. ويُلاحظ أفراد من قوة دفاع محردة المعتلين دباباتهم والرابضين وراء مدافع الهاون يقومون بمراقبة الأفق والاستعداد لكل ما هو متوقع.
تقع مدينة أدلب على بُعد 70 كم من هنا وبدايتها على بُعد 7 كم فقط.


يقف قائد قوات دفاع محردة سيمون الوكيل أمام مُلصق يضم الرئيس بشار الأسد والرئيس فلاديمير بوتين بالقرب من خط المواجهة في أدلب

ويُلاحظ البخار المتصاعد من مداخن محطة كهرباء فرعية مجاورة وهي تمثل أحد المرافق المهمة جداً والتي انتقلت السيطرة عليها عدة مرات لتُغرق في النهاية محردة في الظلام لعدة أسابيع. وخلال فترة احتلال استمرت 14 يوماً قام المتمردون بنشر شعاراتهم على جدران المباني. ومن تلك الشعارات: نحن لسنا بحاجة الى كهرباء الأسد، نور الإسلام كافِ بالنسبة لنا.

جعلت القيادة العسكرية لقوات دفاع محردة مدة 7 سنوات، جعلت من سيمون الوكيل بطلاً محلياً وتلاحظ صورته في الملصق أعلاه جنباً الى جنب مع الرئيس بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث يظهر الملصق بالقرب من خط الجبهة الأمامية في أدلب. وكذلك تظهر صورته في معرض فني يعرض أعمال طلاب الفن المحليين. وقد رسم هذه الصورة سارة نيمو البالغة من العمر 19 عاماً، وهي تصف سيمون الوكيل بأنه شخصية ملهمة.