تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

المهندس وطرزان الأمن!*

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أغسطس 21, 2011, 11:01:24 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

المهندس وطرزان الأمن!*

1 - 2


الأستاذ متي كلو

تخرج "عوني" بتفوق من كلية الهندسة ونال شهادة البكالوريوس والماجستير وتم قبوله في عدة  شركات أهلية ومؤسسات الدولة، ولكنه اختار وظيفة مهندس في بلدية مدينته التي ولد وترعرع فيها ونال العلم  من مدارسها الابتدائية والثانوية قبل أن يتوجه إلى جامعة في بغداد في عاصمة العراق الحبيبة، عمل بكل جهد ومثابرة والتفاني واستحق ثناء المسؤولين في المحافظة والوزارة ونال العشرات من شهادات تقديرية في مسيرته الوظيفية من رؤسائه، وترأس عدة لجان هندسية وأرسل إلى الكثير من الدورات الدراسية والتدريبية خارج الوطن وبالرغم من المغريات التي قدمت له من الشركات الغربية أثناء فترات التدريب ، ولكنه كان يرفض بشكل قاطع فكرة الهجرة والاغتراب في أي دولة من العالم .

لأنه كان يحب مدينته ووطنه وشعبه، كان يعشق عمله، كان يباشر في الساعة الثامنة ويستمر بعد أوقات الدوام الرسمي.

وكان يقوم بجولات تفتيشية للإعمال التي تقوم بها البلدية بشكل مباشر أو المناطة بالشركات الخاصة أو إلى بعض المقاولون الذين تختارهم اللجان المختصة بعد دراسة الإعمال التي قاموا بها خلال سيرتهم العملية ووفق ضوابط هندسية وعلمية وإدارية  ومضى على خدمته في رئاسة بلدية المحافظة  أكثر من 20 سنة.

كان مثالا للموظف المثابر والمتفاني والمخلص في خدمة وطنه  ولم يؤجل يوما من الأيام عمله اليومي إلى اليوم التالي حتى لو استمر إلى ساعة متأخرة من الليل ولم يكن يشعر بالسعادة إلا عندما ينجز عمله بنجاح ثم يغادر عائدا إلى عائلته .

أوفد إلى إحدى الدول الأوربية للانخراط في دورة تدريبية لفترة 6 اشهر واجتاز الدورة بنجاح باهر وتم تكريمه من قبل الجامعة التي نظمت "الدورة التدريبية"،عاد إلى مدينته وهو أكثر حماسا للعمل.

باشر عمله  بعد أسبوع واحد من عودته وإثناء إحدى جولاته التفتيشية  شاهد أن احد الشوارع الرئيسية المناطة إلى احد المقاولين لا تطابق المواصفات اللازمة،كما هناك بعض الحفر نتيجة هبوط الإمطار ومخالفة لشروط  المناقصة التي أحيلت إلى هذا المقاول ، وكان المقاول قد قطع شوطا طويلا في انجاز العمل، فأمر المهندس بوقف العمل وقلع مادة الاكساء وتغيرها وزيادة سمكها وفق المواصفات العلمية ، وحاول المقاول  بكل الوسائل أن يثني المهندس عوني عن قراره! ولكن دون جدوى.

بعد أسبوع واحد وعند عودته إلى مكتبه، وجد رجل أنيق المظهر جالس في غرفة المكتب، استغرب من وجوده، كيف دخل هذا الرجل إلى مكتبه بدون موعد مسبق ولماذا لم يخبره السكرتير بان هناك احد بانتظاره قطع الرجل استغرابه ونهض ومد يده قائلا:

     ملازم الآمن حسن ...!
     أهلا وسهلا بك، ماذا تحب أن تشرب.
     نهض الملازم حسن قائلا:
     شكرا جزيلا إنني على عجل ،سوف نشرب القهوة في ضيافتنا في مديرية امن المحافظة أثناء الاستماع إلى أرائك ونحن نطلع على خرائط  الملحق المزمع تشيده بجانب المديرية .

زال استغراب "عوني" ونهض معه وخرجا معا متجهان إلى مديرية الآمن في المدينة., استصحب "الملازم حسن " ضيفه إلى مكتبه ، مرحبا به وطلب له"استكان الشاي" قائلا له.

أستاذ عوني انك أمرت بقلع اكساء الشارع الفلاني وأمرت بوقف العمل، .

وهذا العمل قد اضر بالحياة المعاشية لأكثر من 50 عامل من الذين يعملون مع المقاول "أبو سرور"  لذا نطلب منك إلغاء الآمر من اجل هؤلاء العمال، كما أن "أبو سرور" من المقاولين والرجال المخلصين للثورة والقائد وتبرع (كلغم) من الذهب للمعركة!

المصدر : نقلا عن جريدة بانوراما التي تصدر في سدني / استراليا



برطلي دوت نت

#1
المهندس وطرزان الأمن!*

2 - 2



الأستاذ متي كلو

أجابه "المهندس عوني" :

    *  ولكن هذا العمل مخالف للمواصفات العلمية وعليه قلع وتغير ما  تم اكسائه وأسف يا سيدي، لان مصلحة البلد في أعناقنا.
    *  ولايمكن أن اسمح يهدر أموال الدولة من قبل البعض ،أمثال "أبو سرور" ومثل هذا المقاول يجب إحالته إلى المحاكم والتبرع بالذهب لا يبرر أن يكون المقاول فاسد، ولايمكن أن اسمح لهذا المقاول أن يعود إلى العمل مالم ينفذ العقد بينه وبين البلدية .
    *  وهؤلاء العمال!
    *  أن حقوق هؤلاء العمال تأخذ عن طريق النقابات والمحاكم المختصة  وارجو وان تغلق هذا الموضوع واسمح لي أن اطلع الخرائط وموقع الملحق للمديرية.
    *  ولكن هناك من يتهمك بأنك أوقفت العمل بسبب رفض المقاول "أبو سرور"  طلبك المال منه و..

وهنا قاطعه " المهندس عوني" وبعصبية:

    *  أنا لا اسمح بهذا الاتهام واعتذر عن الإطلاع عن الخرائط واسمح لي العودة  إلى مقر عملي لان هناك الكثير يجب انجازه .

نهض الملازم مصافحا المهندس عوني ونادى احد منتسبي الآمن ومشيرا لمرافقته وقال له:

    *  "طرزان"   خذ عمك إلى دار الضيافة !

خرج المهندس يرافقه "طرزان " واقتاده في طريق لم يشاهده أثناء دخوله إلى دائرة الأمن مع "الملازم حسن" وسال مرافقه"طرزان":

    *  إلي أين تاخذني؟
    *  أخذك إلى "دار الضيافة" وسوف تشاهد نجوم الليل في هذه الظهيرة وطلب منه التوقف ووضع العصبة على عينيه " وقاده إلى إحدى الزنزانات  في دهاليز مديرية امن المدينة.

اعتقل عوني وجاء الملازم حسن قائلا له:

    *  أنت متهم باستلام رشوة من المقاول وهناك شهود ضدك، واعترافك أفضل لنا ولك وهناك عدد من الشهود سوف يحضرون هنا وتسمع منهم إدانتك.

استمر اعتقال عوني أكثر من شهرين ومورست معه شتى أنواع التعذيب ولكن صمد لأنه كان أنزه من هؤلاء جميعا.

في منتصف ليل شتائي  فوجئ "بطرزان" يركله بقدمه طالبا إليه النهوض ، نهض مسرعا تخلصا من ركلاته، اقتاده إلى غرفة التحقيق أمام الملازم حسن معصوب العينين ومكبل بالحديد وفي حالة يرثى لها من التعب والجهد من جراء التعذيب ، ولكن أصابه الذهول  عندما شاهد زوجته وهي تبكي ودموعها تنهال بحرقة وألم وهي واقفة  في زاوية غرفة التحقيق ويقف بجانبها احد رجال الأمن برشاشته،.

صرخ "المهندس عوني"

قائلا: ما الذي جاء زوجتي إلى هنا.. قاطعه"الملازم حسن"  ٌقائلا :

    *  أتعبتنا وشغلتنا كثيرا وعمال "المقاول سرور" عاطلين عن العمل فإما تعترف بقبولك الرشوة أو سوف يستصحب طرزان زوجتك إلى الغرفة المجاورة و...  فاختار أنت ما تريد!

صرخ عوني كلا كلا كلا لا تفعلوا شي، اتركوا زوجتي  وانأ لم اخذ الرشوة وتجاوزت خدمتي أكثر من 20 عاما وكنت مثالا للموظف المثابر والحريص على مصلحة العمل والبلد ، اتركوا زوجتي واكتب ما يحلو لكم .

اخرج "الملازم حسن" ورقة من درج مكتبه وطلب منه التوقيع على متنها و"باعترافه"باستلام رشوة من "أبو سرور"

بعد أن وضع توقيعه  تحت ما كتبه "الملازم حسن" ، أطلق سراح زوجته وأحيل اعترافه إلى محكمة "الثورة" وبعد عدة اشهر حكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة الرشوة التي لم  يفكر بها يوم من الأيام  والتي لم يتعاطاها  طوال حياته وثمنا لإخلاصه وعمله المميز، وأكمل "أبو سرور"  أكساء الشارع وتم تكريمه من قبل السيد الوزير.





    *  "الملازم حسن" ينتمي ألان إلى تنظيمات احد الكيانات السياسية.
    *  هذه القصة واقعية حدثت في إحدى  المحافظات الوسطى في سنة 1983 ولكن تم تغير الأسماء .