أي حديث عن فكرة الزواج المدني في الأقليم انتهاكاً صارخاً لنا كأقليات/د.منى ياقو

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 09, 2017, 04:23:55 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

أي حديث عن فكرة  الزواج المدني في الأقليم
أعتبره انتهاكاً صارخاً لنا كأقليات     
      
   
برطلي . نت / متابعة


د.منى ياقو
دٌعيت يوم أمس ، للحديث عن موضوع (الزواج المدني ) ، في أحد البرامج ، من قبل الزميل الدكتور آدم بيدار( وهو مسلم معتدل و متخصص في الشريعة الاسلامية و مقدم برامج ) ، و رغم اني اعتذرت عن المشاركة لأسباب خاصة ، الا انني كنت حريصة على متابعة البرنامج ، و بعيداً عن تقييمي للبرنامج و ما دار فيه ، فأني أرغب ببيان رأيي بالموضوع الذي بدأ الحديث عنه في بعض الاوساط .
فكرة الزواج المدني
من المعلوم ان الزواج المدني ، و على غير المعتاد في الزواج الشرعي (الديني ) ، يتم توثيقه و تسجيله في المحكمة ، بين شخصين مسجلين في السجلات المدنية للدولة او المقيمين فيها ، و هدفه الاساس هو الغاء الفروقات الدينية و المذهبية و العرقية بين طرفي الزواج ، و يتم بحضور الشهود و كاتب العقد ، دون الحاجة الى مباركة أي دين .
ما أود قوله :-
اولا – ان معظم المحاولات الترقيعية  التي تتم من اجل تطبيق مبدأ العلمانية ( فصل الدين عن الدولة ) ، هي خطط محكومة بالفشل ، كونها مرتكزة على  دستور غير مدني ، و أعتبر أية خطوة تتخذ في هذا الجانب ، ليست سوى تمويهاُ للشعب و تناقضاَ مع الواقع الدستوري القائم .

ثانيا – الغريب ان هذه الخطوة الابداعية ، قد جاءت – بحسب بعض المختصين في البرنامج - بهدف زيادة التقارب بين المكونات ،  ، و انها تتم تحت شعار (تعزيز الوحدة الوطنية الحقيقية ) ، هنا اتسائل : لماذا كُتب علينا كأقليات ، ان نكون ضحايا  جميع خطط التعايش السلمي  ؟  و أرى بأن هذه الفكرة، متى استقرت ، ستقضي على ما تبقى من معنى للتعايش بين مكونات الاقليم .

ثالثا – لطاما ناديت ، و بشتى الطرق ، بضرورة تعديل نص المادة 17 من قانون الاحوال الشخصية النافذ في الاقليم ، حيث نصت المادة على ان " يصح للمسلم ان يتزوج كتابية ، و لا يصح زواج المسلمة من غير المسلم " ، هذه المادة التي بقينا ضحاياها منذ 1959 و حتى اللحظة ، و التي تعد مخالفة صريحة لنص المادة 14 من الدستور النافذ ، و بينما كنت اتمنى على حكومة الاقليم و سلطته التشريعية تحديداً ، ان تتخذ خطوة  جدية بغية تعديل ما جاء في المادة استناداً الى اِقرارمبدأ المساواة و عدم التمييز بين المواطنين ، فأذا بنا نسمع عن طريقة مستحدثة لأستمرار انتهاك حقوق الاقليات الدينية .

رابعا – أتصور بأنه ، حتى في أفضل الحالات ، ان حدث و أقر رجال الدين المسلمين المعتدلين ( حسب ما جاء في البرنامج ) ، بقبول زواج الفتاة المسلمة من رجل غير مسلم ، فبأعتقادي أننا سنبقى الخاسر الأول ، حيث ان العديد من القوانين التي شُرعت في الاقليم ، لم تجد تطبيقا لها على أرض الواقع ، و وصل الأمر احيانا ، الى مطالبة  الهيئات الدينية المسلمة بأصدار الفتاوى بتحريم أمور معينة ، رغم كونها مجرمة قانوناً ، و مثال ذلك ، انه رغم منع التجاوز على اراضي الاقليات ، الذي اكدت عليه نصاً مواد في قانون رقم 5 لسنة 2015 (قانون حماية حقوق المكونات في كوردستان- العراق ) ، الا انه و بعد تكرار التجاوزات ، و بقاء الحكومة عاجزة عن تطبيق القانون ، تم التوجه الى احدى الهيئات في وزارة الاوقاف لأصدار فتوى لأقناع المتجاوزين بالكف عن افعالهم ، نفهم من ذلك ، ان سطوة الشرع على القانون ، تجعل من وجود النص كعدمه ، و أعتبر هذا الكرم ، مجرد دعاية لتمهيد الارضية لصدور القانون .

خامسا – في ظل مجتمع قائم على اقرار التمييز بين الاغلبية و الاقلية ، كمجتمعنا ، فأنه حتى مع توافر الشروط الملائمة و العادلة  للزواج المدني ، سيظل الأمر مقتصراً على جيل واحد ، اٍذ من الطبيعي ان تكون ثمرة الزواج المدني ، هي النسل (انجاب الاطفال) ، و هنا نتسائل : أي دين سيتبع اولئك الاطفال ؟ و الجواب دون ادنى شك هو دين الاغلبية .

بناءا على ما تقدم  :-
1-   اتمنى على جميع رجال الدين المسيحي ، توضيح موقف الكنيسة من الأمر ، بشكل موضوعي اكاديمي ، و بالسرعة الممكنة  .
2-   اتمنى على جميع مثقفينا و كتابنا ، التصدي للفكرة و استئصالها قبل ان تنفلت و تصبح فقاعة اعلامية تشغل الشارع  .
3-   اتمنى تنسيق الموقف مع بقية الاقليات الدينية (الايزيدية ، الصابئة المندائية ، الكاكائية و الزردشتية ) ، و حثها على بيان موقفها الواضح و الجريء ، تمهيداً لتوحيد الرؤى في الحوارات القادمة  .

أخيراً
أوجه دعوة صادقة الى جميع المعنيين بقضية التعايش في الأقليم ، بأن يلفتوا النظر الى ضرورة تطبيق النص القانوني على كل من ينسف وجود الآخر و ينكره و يشوهه ، أياً كان منصبه و مركزه الاجتماعي ، و مهما كانت ثقافته ، فهذا وحده ما سيحمي كرامتنا كأقليات دينية و سيبعث في نفوسنا الأطمئنان و يمنحنا الثقة بأمكانية التعايش السلمي ( علماُ بأن هذه النصوص نافذة لكنها لا تطبق على ارض الواقع ) .