مشاكســـــة ســلاما . . . دوبريــــــف/ مال اللــــه فــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يناير 23, 2016, 04:03:14 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
  مشاكســـــة
ســلاما . . . دوبريــــــف


برطلي . نت / بريد الموقع


  مال اللــــه فــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com



في خضم تشظي الافرازات التي القى بها اعصار الازمة المالية في جميع الاتجاهات، وتناسل المصاعب والتحديات، بسبب الانهيار الدراماتيكي لاسعار(الذهــب الأســـود)، وما كشفه التدني الخطير المثير لاسعار النفط من تصاعد مستويات السلب والنهب والسرقات (واللفـــط)، التي افقرت العباد واسقطت البلاد في هاوية الجدب والقحط، انتصب في مخيلتي ظل لرجل اعتبره المنصفون إنموذجا للتضحية والانسانية والنقاء في حين اعتبره الفاسدون إنموذجا للبلاهة والغباء، ذلك هو البلغاري(دوبــري دوبريــف) الذي حضر اسمه في ذاكرتي متزامنا مع مقال لصحيفة (واشــنطن بوســت) الامريكية نشرته قبل ايام تحت عنوان (ارصدة المسؤولين العراقيين في البنوك العالمية) (مدعيـــة) ان تلك الثروة (المتواضعة جدا) تقدر بـ (220 مليـــار دولار) فقط،، كما ادعت هذه الصحيفة (الامبرياليـــة العدوانيــــة الحاقــــدة وغيـــر النزيهــة وغيـــر المنصفـــة) التي ربما تحاول إثارة غضب العراقيين المرفهين السعداء ضد مسؤوليهم الثوريين المناضلين الانقياء الاتقياء، ان هذه الارصدة المتواضعة التي قدرت بــ(220) مليار دولار (فقــــط) تكفي لوضع موازنة مالية للعراق لمدة ثلاث سنوات بدون ان يضطر لبيع برميل نفط واحد.
و(دوبـــري دوبريــــف) لمن لا يعرفه، رجل بلغاري فقير، بل مدقع، في التاسعة والتسعين من عمره، ولم يبق بينه وبين ان يمسك بتلابيب (قــــرن كامـــل)، الا سنة واحدة فقط، وكان هذا الرجل الذي استطاع ان يلوي بارادته عنق الزمن، قد فقد سمعه ابان الحرب العالمية الثانية، والعجيب والغريب، بل المثير والطريف، ان هذا الرجل المتعب المسن الاطرش الذي يحمل على كتفيه وجع ومعاناة قرابة قرن من السنين العجاف، يقطع يوميا 10 كيلومترات سيرا على الاقدام من قريته باتجاه العاصمة صوفيا ليجوب الشوارع، مقضيا كامل يومه (بالتســول) جامعا من المال ما يجود به المحسنون رأفة بحاله واشفاقا على سنه وعوزه.
انما العجيب والغريب في عملية التسول اليومية هذه التي تمتلك جدارة ان تجعلنا نقف ازاء هذا (المتســول) العالمي ونرفع قبعاتنا وننحني احتراما له واعتزازا (بتســـوله) هو ذلك المحتوى (الانســـاني) الذي جسده بتسوله (النبيـــل).
فهذا السيد المسن  الأصم ، (دوبــــري دوبريــــف)، انتزع بجدارة اعجاب ومحبة واكبار كل من عرفه بعد ان اكتشف المحيطون به بأنه رغم حاجته وفقره الا انه لم يكن يتسول لحسابه الخاص وانما ليسدد بما يجمعه من نقود فواتير الكهرباء والماء لدور الايتام، تماما مثل (بعـــض) مسؤولينا الثوريين المناضلين الانقياء الاتقياء الذين (ســــرقوا) ليس المال العام ومخصصات مختلف المشاريع ودفعوا بالبلاد الى هاوية الافلاس حسب، لكن (انســـانيتهم المفرطــــة) امتدت للاستحواذ حتى على تخصيصات النازحين والمهجرين قسرا الذين يعيشون تداعيات واحدة من أمر واقسى الكوارث الانسانية داخل خيام وكرفانات تتجمد فيها اوصالهم واوصال اطفالهم الغضة في برودة الشتاء التي لا ترحم، وتلتهب فيها عظامهم وعظام اطفالهم في لهيب حرارة الصيف التي لاتستثني حرائقها منهم احدا، وفي وقت طور فيه بعض المسؤولين هنا وهناك بذكائهم الخارق الماحق (تجربــــة دوبــــري) الانسانية هذه وحولوها الى ستراتيجية (للتسول الدولي) وراحوا يستجدون هذه الدولة وتلك ويمارسون التسول باسم شعوبهم المنكوبة بهم نهارا جهارا، لكنهم بدل ان يمنحوا حصيلة تسولهم مثل (دوبــــري) الى شعوبهم المسحوقة فانهم يستحوذون عليها ويضعونها بمنتهى (الامانـــة الوطنيـــة والانســـانية) في حساباتهم الشخصية لدى مختلف البنوك الاجنبية.
ولو افترضنا بحسن نية ربما تقترب من (الغبـــاء) ان الدوافع (الوطنيــة والانســانية) المعدومة اصلا لدى السراق والفاسدين حفزت هؤلاء المسؤولين الثوريين الانقياء الاتقياء في لحظة (تأمـــل)، على سبيل المثال، أو في احدى لحظات (التجليــــات) الانسانية وهم يتلمسون الاخطار الحقيقية المحدقة بالبلاد والعباد والوطن الذين يحملون هويته وينعمون بخيراته ويتاجرون بمآسيه ويتسولون باسم جياعه ومسحوقيه ومهجريه الذي بات يقف على حافة الهاوية وبادروا الى التبرع (بثلـــث) ثرواتهم البالغة (220) مليار دولار لاثروا خزينتنا التي تشكو الافلاس المزمن بــ(73) مليار دولار وهذا المبلغ سيكون كافيا بالتأكيد لتغطية ميزانية عام كامل دون ان نصدر برميلا واحدا من هذا النفط اللعين الذي امسى بتذبذب اسعاره وانهيارها كارثة على الفقراء والمعدمين.
الى ذلك، سبق للجنة المالية النيابية ان زفت لنا (بشــــرى) تسجيل نحو (228) مليار دينار كخسائر في مشاريع وهمية كان من المفترض ان يتم انجازها خلال حقبة الحكومة السابقة، مبينةً ان هناك صفقات سياسية وفسادا ماليا كبيرا خلف تلك الارقام مع تنامي وجود الشركات الوهمية في البلاد، حيث ان أغلب تلك المشاريع تم منحها لأقارب بعض المسؤولين، باعتبارهم مديري شركات، في حين انها كانت شركات وهمية لا وجود لها، فضلا عن وجود أكثر من 4600 مشروع وهمي لم ينفذ رغم صرف مبالغه، وفقا لمصادر برلمانية.
اخيرا، كم نحن بحاجة الى قادة ومسؤولين وسياسيين وبرلمانيين يحبوننا ويحرصون على مصالحنا بحجم الثقة التي منحناها لهم، ويمتلكون وطنية وانسانية وتضحية هذا البلغاري الشريف العفيف (دوبـــري دوبريــــف)، فيضحون لاجلنا بدل ان يضحوا بنا؟
سلاما ايها الانسان الانسان (دوبريــف)، ليتك تعلم بعض القادة والمسؤولين الفاسدين ابجدية الانسانية الحقيقية والمواطنة الحقيقية، رغم انني متأكد من انك (قـــد أســـمعت لــــو ناديـــت حيـــا ولكـــن لاحيـــاة ولا حيـــاء لمـــن تنـــــادي)، فقد افرحتني انسانيتك بقدر ما احزنتني معاناتك.