ثلاثة أفلام وثلاثة شعوب، وسؤال عن أيها الأخطر على العالم

بدء بواسطة صائب خليل, نوفمبر 16, 2012, 03:46:46 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

علينا كعرب، وقبل ذلك كبشر، أن نفهم ما يدور حولنا. أن نعرف الأصدقاء والأعداء وأي من الآخرين مفيد وأيهم خطر. وليس الأمر سهلاً في عالم يوجه فيه جهد لتضليل الذهن أكبر بكثير مما يوجه لإرشاده. ويبدأ التضليل قبل حتى البدء بالبحث عن الجواب، إنه يبدأ بتضليل السؤال نفسه!

برر السادات أنقلابه على العرب بشعار "مصر أولاً" ، وفسر ذلك لمواطنيه بأن مصر تبذل "من أجل العرب" الكثير، وأن على المصريين أن يهتموا ببلادهم أولاً، وأن يوفروا جهد الحرب مع إسرائيل، ولتهتم كل دولة بشأنها. فالسؤال الذي وجه لهم هو: "من هو أولاً؟ العرب أم مصر؟" ويبدو هنا الجواب بسيطاً وواضحاً: مصر طبعاً!
المنطق لا يبدو سيئاً، ورغم لامبدئيته فهو مقبول في عالم السياسة اليوم. فما الذي جرى لمصر؟ تخلصت مصر من الحرب وكلفتها وتسرحت جيوشها، وعاد لها السلام بسيناء وملياري دولار ونصف كل عام، وقبلت في عالم أميركا وإسرائيل، ومع ذلك أين وصلت؟
لم يحدث في مصر في تاريخها الحديث انهيار في كل المجالات كما حدث في السنين الأخيرة من عمرها، عندما وضعت تحت شعار "مصر أولاً"، ولم يشعر المصريون بالفقر من ناحية والهوان مثلما شعروا به في ظل ما جاء به دعاة حب مصر، بشعارهم الشعبوي: "مصر أولاً".

ويحمل "ثوار" سوريا نفس الشعار اليوم: "سوريا أولاً"، واعدين بتغيير علاقتهم بإسرائيل وحزب الله، ومتأملين بأن تقديمهم عرابين الصداقة لإسرائيل ستعيد لهم الجولان وتجلب لهم السعادة، بعد زوال القيادات "المجنونة بالقومية"، ولا نحتاج أن ننتظر النهاية لكي نفهم ما تنتظره سوريا إن سقطت في يد من "يضعها أولاً"! فقد قدم هؤلاء ما يكفي ويزيد ليدل عليهم.

ويطرح بعض العراقيين اليوم نفس الشعار، بين الحين والآخر. ويا للغرابة، فربما تمكن السادات وبقية لصوصه من إقناع المصريين بذلك الشعار لما كانت حروبهم مع إسرائيل تكلفهم من أرواح وأموال. وربما نفهم دعاة ترك حزب الله من السوريين والإلتفات لـ "سورية أولاً" لما يكلفهم ذلك من مقاطعة وتهديد، لكن كيف نفهم دعاة هذا الشعار من العراقيين؟ ومن الذي ينافس بلادهم على تلك "الأولوية"؟ أية مخصصات وجهود أو أرواح تعطى اليوم للغير ، وكان بلدهم أجدى بها؟

ليس المقصود بالطبع ما يقدمه العراق "مساعدة" إبتزازية لحكومة الأردن، أو التبرع الأخير للسودان، إنما لشيء آخر تماماً. فالسؤال المطروح، لا يقصد منه البحث عن جواب لقضية حقيقية، وإنما يطرح لنفس الأغراض التي طرح من أجلها في مصر وسوريا، ومثلما كان الأمر فيهما، وفي أي مكان تطرح فيه عبارة البلد أولاً، يكون المقصود منه الإستسلام لضغط مغتصب وترك المحاولة الجماعية لرده. وفي حالة مصر وسوريا كانت "مصر أولاً" و "سوريا أولاً" دعوات للإستسلام لإسرائيل. ويمكنك أن تقرأ في كل مرة يطرح فيها هذا الشعار، : "إسرائيل أولاً"! أو "صداقة إسرائيل أولاً"، ولا يختلف الأمر في العراق.

فرغم أن العراق لا يحاذي إسرائيل ولا يحاربها، فهناك على العموم خندقان: أحدهما يرى أن مصلحة العراق مع جيرانه المستقلين مثل سوريا وإيران، وأتجاه آخر يرى أن مستقبله في الخندق الأمريكي – الإسرائيلي. وبالتالي فأن دعاة الخندق الأخير يتصورون أو يريدون أن يصوروا الأمر، وكأن خيار غيرهم لخندق سوريا وإيران هو عملية "تضحية" غير مبررة، وأننا إن "صادقنا" إسرائيل، فإننا نربح، ولذا علينا أن نعمل من أجل "العراق أولاً"!

ولا ينفع في الجدل أمام هؤلاء تقديم أية أدلة وأية براهين أن أميركا لم تأت لكي تعقد الصداقات، وأنها حصلت على مئات الفرص لكنها تعبتر العراق فريسة، وأنها تجد مصلحتها في تلك الرؤية. فخلال عقد من السنين لم تقم الولايات المتحدة بأي عمل إيجابي في العراق بعد حلولها محل الدكتاتورية التي أسستها بنفسها فيه ورعتها سنيناً طويلة، ورفضت إزاحتها عندما كان بيدها أن تفعل ذلك عام 91. ولا تنفع كل دلائل رعاية الأمريكان للإرهاب واللصوص الكبار والمساهمة في سرقة أمواله وإبقاء العراق تحت الفصل السابع رغم زعم معاهدة الصداقة ولا تفضيل بوش وأوباما لأياد علاوي لقيادته، الرجل الأسوأ في عراق بعد الإحتلال، بل وربما قبل الإحتلال أيضاً. يبقى لدى هؤلاء أن "العراق أولاً" تعني وضع كل بيض العراق في سلة أميركا وإئتمانها عليه.

"من أولاً" كان اختراعاً إعلاميا ً رائعاً من القوة الغاشمة لتضليل ضحاياها وجعلها تركض في سباق ومنافسة بين بعضها البعض، وتسارع إلى تقديم الولاء لها، بدلا من التعاون في دفاعها عن نفسها أمام المعتدي المشترك.

ومن الأسئلة المضللة الاخرى التي طرحت على أمة العرب مؤخراً: "أيهما أخطر على المنطقة، إسرائيل أم إيران؟" نتانياهو يجيب بالنيابة عن العرب فيقول لهم أن إيران هي التي تمثل الخطر عليهم، وليس إسرائيل! ، بل ذهب بعض الساسة إلى القول أن "إيران أخطر دولة في العالم"!
ولا تستغرب أن تجد عرباً يؤيدون ما ذهب إليه نتانياهو من جواب غير معقول على سؤال خطأ أصلاً. فإسرائيل لم تتوقف عن العدوان والتوسع منذ خلقت، بل أنها خلقت بطريق العدوان الحربي والعنف ونشأت وترعرت على تربية الإرهاب. وأميركا التي تساندها، تمارس الإرهاب والعدوان منذ تأسست، فيكتب عنها مواطنها البروفسور جومسكي كتاباً بعنوان "501 عاماً والغزو مستمر"، بكل نتائجه من كراهية كل الشعوب تقريباً لها، وكان آخرها العراق الذي كانت الإحصاءات تؤكد ذلك بقوة متزايدة قبيل خروج قواتها منه.
أما إيران فلها أن تفخر بالمقابل، حكومة وشعباً، أن أي أعتداء لم يخرج من أرضها منذ قرون، رغم تكرار الإعتداءات عليها، فكيف تصح المقارنة والسؤال عن أي البلدان أخطر في المنطقة؟

أخبرني صديقي في الدنمارك عن زميل دانماركي له، زار إيران مؤخراً مع إبنه، وعاد مندهشاً لما وجده ومستغرباً للفارق الكبير بين الحقيقة وبين ما يصوره الإعلام له. وقام بوضع صور سفرته على النت وصار يتحدث عن سفرته كواحدة من أهم تجاربه في الحياة.
كذلك شاهدت فلماً لصحفي أمريكي قام مؤخراً بزيارة إيران، التي يكثر في بلاده ترهيب الشعب من خطرها والدعوة إلى العدوان عليها قبل أن تهجم "بقنبلتها النووية" عليهم، فقرر أن يزور البلد ليرى بنفسه حقيقة "أخطر شعب في العالم"، وقام بإنتاج ذلك الفلم عن الحياة في إيران.

وفي هذه الأيام تبدأ علامات عدوان جديد من الدولة "المسالمة" في المنطقة، وهي تثير ذكريات مؤلمة لما فعلته قبل اربعة سنين في غزة. وكذلك لمعاملة مواطنيها للسكان الفلسطينيين الأصليين. وارى أن أتوقف هنا لأقدم لكم ثلاثة افلام وثائقية، الأول قصير، والثاني والثالث طويلة، لتساعدنا في الجواب على السؤال عن "اخطر شعب في المنطقة". الأول والثاني يقدمان مقارنة بين الشعبين الإسرائيلي والإيراني، أما الثالث فهو فلم وثائقي مهم عن حرب 2008 في غزة لكي نرى من هو أخطر بالفعل. أتوقف هنا لأترك لكم إنهاء المقالة بمشاهدة الأفلام الثلاثة، التي تشرح الكثير، وأرجو أن تجدونها مفيدة.

1- Life in Hebron
Life in Hebron

2- "إسألوا أنفسكم، هل يبدو هؤلاء الناس يبغون الحرب؟" يقول الصحفي الأمريكي لمواطنيه
Documentary on Iranian Life
http://www.dailypaul.com/254576/documentary-on-iranian-life-rick-steves

3-   'Tears of Gaza' : The Movie 
http://www.informationclearinghouse.info/article29165.htm