اسمعوا اقوالهم ولا تفعلوا بافعالهم/شمعون كوسا

بدء بواسطة matoka, أبريل 04, 2012, 07:18:40 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

اسمعوا اقوالهم ولا تفعلوا بافعالهم   



شمعون كوسا
"بريد الموقع"


لقد تطرقتُ قبل الان لهذا الموضوع ببضعة أسطرِ في سياق مقال بعنوان : لماذا ننتقد رجال الدين .
في مقالي هذا لا انوي البتّة توجيه أيّ لوم او انتقاد لايّ رجل دين كان ، ولكني على العكس اريد تصويب مفهومِ خاطئ لدى كثير من المؤمنين البسطاء بهذا الخصوص .

فعلاًً ، عند الحديث عن رجل الدين أوابداء رأي بشأن هفوة يكون قد ارتكبها احدهم او ملاحظات عن تصرف معين لا يليق به ، كثيرا ما نسمع بعضَهم ، محاولةً منهم وضعَ حدّ  للجدال أو ايجاد تبرير لتصرّفاتهم ، ينتهي بذكر قول المسيح : اسمعوا اقوالهم ولا تفعلوا بافعالهم ِ! وهذا خطأ فادح .

ابتداء نقول ان المسيح اتى لتكريس عهد جديد  يسمو عاليا فوق كل ما كان قبله.

اتى بعهد يبشر بالمحبة والتضحية والتجرد والطهارة والفقر ،
عهد يضع الروح قبل كلام الشريعة .
فكلام المسيح هنا ، يجب ان يؤخذ بسياقه الكامل وليس مقتطعاًً فينتهي بمفهوم مغاير لِما اتى به.

جاء كلام المسيح انتقادا وليس نصيحة او قبولا بالامر الواقع .
جاء كلام المسيح لوماً عنيفا للكتبة والفريسيين المرائين ، قوم كانوا بالمرصاد لادنى تحركاته ، قوم لم يكن لهم هدف آخر سوى الايقاع به .

كان كلام المسيح رفضاً لسلوك نخبة شريرة من الرؤساء الدينيّين ، الذين كانوا يفسرون الشريعة ، بما يناسبهم ، لمؤمنين بسطاء لا حول لهم ولا قوة ،
اتى كلام المسيح ليضع المؤمنين في السبيل القويم والتصرف الصحيح ، فكأنه يقول لهم : اذا كان ولا بد من اللجوء اليهم ،  فاكتفوا بسماع كلمة الله واحترسوا من الاقتداء بهم لانهم اشرار والسير وراءهم سوف ينتهي بكم الى الهلاك.
واتخيّله يُضيف ايضا  : كان الاجدر بهم ان يكونوا قدوةً لكم ، وبما انهم قد انحرفوا ،  اسمعوهم فقط ،  لانهم هم القيّمون على القاء الكلمة وتفسير الشريعة ، ولكن ايّاكم الاقتداء بهم .

لم يكفِّ المسيح عن توجيه اللوم والتقريع لهم ، وقد حذّر منهم  في اكثر من مناسبة حيث قال :
ايّاكم والفريسيين والصدوقيين ،
تجنبوا تعاليمهم ، هؤلاء ينالهم اشدّ عقاب ،
الويل لكم يا معلمي الشريعة والفرّيسيين المرائين  لانكم تأكلون بيوت الارامل ، وتلقون باحمال ثقيلة على الناس  ، تهملون العدل والرحمة ،
تصّفون البعوضة وتبلعون الجمل ،
ايتها الحيات كيف تهربون من نار جهنم ،
وكثير من كلام كله نبذ وادانة ولوم وتحذير .

فهل يُعقل ان يتوجّه  المسيح الى تلاميذه بالكرازة الجديدة وهو يفكر بانهم سيكونون كالكتبة والفرّيسيين ؟
هو الذي عندما اختار تلاميذه  وضع لهم شروطه الصعبة والواضحة جدا  وقال :
اتركوا كل شئ واتبعوني ،
ومن احبّ اباً او اخاً اوأماً  اكثر مني فلا يستحقني ،
ومن لم يحمل صليبه ويتبعني فلا يستحقني ،
وانتم نور العالم وانتم ملح الارض
والشجرة التي لا تثمر ثمرا صالحا تقطع وتلقى في النار ،
احبوا بعضكم بعضا ،
واذا شككتك عينك فاقطعها والقها في النار
وليكن كلامكم نعم نعم ، لا لا
ومئات من التعاليم الاخرى التي لا مجال فيها لاي دجل او مواربة ،
كلام سامٍِ موجّه لمن سوف يتبعونه وبالمقام الاول تلاميذه ، اعني من يمثلونه ، أي رجال الدين . كلام يدخل اعماق النفس، ومن شدة الاقتناع به يرتسم تلقائيا على المحيّا ويترك بصماته على كل عمل او تصرف في الحياة  .

هل يُعقل ان يقول المسيح مثلا ، اني ارسل لكم اشخاصا يمثلوني ، انا ابن الله ، ارسل اليكم عناصرَ أشرارَ ومرائين ، اناس دجّالين حاقدين ويحبّون المال ، اناس لا يمتثلون لتعاليمي ، ولكن اسمعوا اقوالهم  (اكراماً لي) ؟!!! .
حين ذاك سيجيب بعض المؤمنين ، ولماذا يا ربّي اقمت علينا هؤلاء ، لماذا دعوتهم لتمثيلك ، وهل نحتاج الى عناصر لا يمتثلون لتعاليمك ، اناس عوضا ًعن ارشادنا الى الصواب يكونون لنا حجر عثرة ؟ وماذا سيقول الناس عنك يا ربّنا ، وماذا يكون انطباعهم عن تعاليمك اذا رأوهم بهذه الصورة  ؟

اني على يقين بان رجال ديننا بعيدون كل البعد عن المفهوم الخاطئ لهذه الآية ، لان هذا سيكون انتقاصا لشخصهم واهانة بحقهم . واذا كان بعضهم ، جدلاً ، قد فهمها بهذا المعنى او استغلها لتبرير بعض تصرفاته ، لقد اخطأ دعوته ، والأولى به ان يُخلي الطريق ، لكي يكمل المؤمنون مسيرتهم دون عائق .

المعادلة سهلة جدا ، اذا كنتَ تنصح الناس بالاستقامة يجب ان تكون مستقيماً والاّ ستكون كاذبا ،
الذي يكرز بالاستقامة او باية فضيلة اخرى يجب ان يكون قد جرّبها وعاشها جيدا ، هذا الكلام يتردد في الحياة الاجتماعية العادية ، فما بالنا اذا كان صاحبُ الخطاب وكيلََ المسيح نفسه ،  شخص كرّس نفسه للتبشير بأسمىَ تعاليم عرفتها البشرية ؟
كيف يقبل المؤمنون مثلا  بكلام الكاهن عن محبة القريب وهم يعرفون بانه يحتفظ بحقد دفين على فلان او فلان؟

اذا كان الشاعر العلماني العادي ، الذي لا يمتّ باية صلة الى المسيحية ، يقول الحكمة الذهبية التالية :
لا تنهَ عن خُلق وتأتي مثله ، عارُ عليك اذا فعلتَ عظيمُ ،
فما عسانا نقول عن ناهين ، هم قدوة ، يسمعُ ويرى فيهم سامِعوهم ومشاهِدوهم شخصَََ المسيح ، رجال اقتبلوا درجة روحية لا تمحى ، رجال اختاروا الطريق الصعب و تعهدوا امام الله بان يكونوا أطهارَ ومخلصين في رسالتهم ومثلاً صالحا في قيادة رعاياهم ؟

ارجو ان لايُفهم حديثي خطأ ، لقد قصدتُ الشرح والتفسير الصحيح لانه فعلا بات الناس يرددون هذا القول بشكل لا يليق أبدا برجال ديننا .
قد يقع رجال الدين في الخطأ، وهم بشر ، وما اكثر من اخطأوا حتى من بين القديسين  قبل ان يهتدوا الى تعليم المسيح ، البعض منهم كان بعيدا جدا او يسير باتجاه معاكس ، ولكن العِبرةَ في الرجوع عن الغيّ وليس التمادي فيه ، وهذا كلام موجه لنا جميعا .
لسنا ناصحين ، معاذ الله ، ولكننا غيورون على نهج أتى صافياً طاهراً ونريد سماعًه ورؤيتَه بنفس نقاوتِه من خلال افعال من اقيموا قدوةً للناس .





Matty AL Mache

ماهر سعيد متي

شكرا لك على المقال .. لكن ليس جميع رجال الدين منغمسين بالماديات
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

abu farah

ولكن الاغلبيه هم كذلك,صدقني استاذ ماهر فعملهم هو باب رزق لكسب العيش ليس الاّ.