البطريرك يعقوب الثالث البرطلي أمير الموسيقى السريانية /بقلم..نينوس اسعد صوما

بدء بواسطة برطلي دوت نت, سبتمبر 02, 2018, 06:11:20 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

البطريرك يعقوب الثالث البرطلي
أمير الموسيقى السريانية     



         
برطلي . نت / متابعة

بقلم: نينوس اسعد صوما
ستوكهولم


كان البطريرك الراحل مار اغناطيوس يعقوب الثالث، بطريرك السريان الارثوذوكس (1957-1980) م، امير الموسيقا السريانية الكنسية الارثوذكسية في قرن العشرين. فقد كان حافظاً للمئات من الألحان الكنسية على ظهر قلبه بشكل دقيق ومحكم ويتمكن من تغيّراتها وتقلّباتها حسب نظامها المحكم. وكان ينشدها بشكل جميل للغاية دون أي نشاز او هفوة موسيقية. وكان صوته العذب يساعده في انشاد هذه الألحان فينشرح السامع ويستلذ بها. لذلك كان الكثير من السريان من عشاق صوته وانشاده ينجذبون لسماعه اثناء صلوات القداديس والمناسبات الكنسية العديدة والغنية في الألحان السريانية العذبة.
ولتمكّنه الجيد من الالحان الكنسية فقد اطلق عليه البعض القاب مثل: "المكتبة الضخمة للألحان الكنسية السريانية". و "المرجعية الاساسية في الحفاظ على ألحاننا وتراثنا الموسيقي الكنسي". ولعذوبة صوته اطلقوا عليه "البلبل الصداح".
وكان قد نال شهرة واسعة لمعرفته الدقيقة والفريدة بألحاننا الكنسية وتطبيقها حسب نظام الألحان السرياني "إكاديس، نظام الألحان الثمان" بشكل عالي المستوى ودقيق للغاية، ولحفظه لأكثر من سبعمائة لحن كنسي سرياني اصيل وقديم، وكذلك لفصاحته اللغوية في الإنشاد التي لم يجاريه فيها احد، ولطريقته السليمة والنادرة في التجويد الغنائي.
كما اطلق عليه القاب اخرى استحقها وذلك لمقدراته ومؤهلاته في المجالات اللغوية والادبية والكنسية والادارية.

حياته
ولد البطريرك مار اغناطيوس يعقوب الثالث 1912م في بلدة برطلّي/العراق ونشأ بين ألحان دير مار متى "اسلوب الموصل"، المتداولة في بيت والديه وكنائس بلدته، حيث كان والده شماساً حسن الصوت وشجي النغمة فأخذ عنه ملكة رخامة الصوت وتذوق الانغام الجميلة والأداء الصحيح.
وكان اسمه في المعمودية "شابا" (عبدالاحد)، وفي الحادية عشرة سنة من عمره انخرط في سلك الرهبنة السريانية في دير مار متى "ܕܰܝܪܳܐ ܕܡܳܪܝ̱ ܡܰܬܰܝ" بجوار الموصل/العراق، وتعلم ألحان البيث كازو على أصولها فكان يصدح كالبلبل الغريد بين زملائه الطلاب في إكليريكية الموصل.
وفي هذه المرحلة من حياته المؤسِسة لحفظه وإتقانه الأولي للألحان السريانية الكنسية يجوز القول فيه بأنه "أبن أسلوب أهل الموصل في الإنشاد الكنسي" لأنه ولد فيه ونشأ وترعرع عليه وتعلم في "دير ما متى" المركز الرئيسي لهذا الأسلوب.
شاء الرب أن يمنح هذا الشاب اليافع "شابا" وزنات كثيرة ليتاجر بها، وإحداها كانت الوزنة الموسيقية التي حوت موهبة رخامة الصوت، وموهبة إتقان الألحان الكنسية بتفاصيلها، وموهبة الذاكرة القوية العجيبة. فأهلته ليكون مستقبلاً البلبل الصداح للكنيسة السريانية، ومرجعية كبرى في الألحان الكنسية السريانية، ومكتبة حيّة متنقلة ضمّت كل ألحان "البيث كازو" ألحان الكنيسة السريانية الارثوذوكسية. 
كان الراهب "شابا" معلماً للغة السريانية في دير مار اغناطيوس في الهند / ولاية "كيرالا" منذ عام 1933م ولغاية 1946م، واستفاد من وجود المطران مار يوليوس الياس قورو القاصد الرسولي للكنيسة السريانية الارثوذوكسية في الهند والذي كان خريج دير مار حنانيا "ديرالزعفران" والتلميذ النجيب للأسلوب المارديني، ليتعرف بواسطته على الاسلوب المارديني في إنشاد الألحان الكنسية، فتعلم منه ما كان ينقصه من الألحان الكنسية وتعمق بمعرفة اكثر في ألحان البيث كازو فأتقنها بشكل افضل وافضل. 
في هذه المرحلة من حياة البطريرك يعقوب يجوز القول بأنه قد أُضيف إلى اسلوبه الإنشادي مسحة إنشادية من أسلوب ماردين "ديرالزعفران"، ولكنّ إنشاده ظلّ يميل بمعظمه نحو أسلوب أهل الموصل حتى في الأناشيد الجديدة التي إتقنها في الهند والتي كانت على أسلوب ماردين، فكان ينشدها بنكهة موسيقية مصلاوية خفيفة ولكنة لغوية اقوى بقليل، وهذا واضح تماماً في تسجيلاته لألحان البيث كازو، ولم يكن ينشد مثل أهل ماردين كما اراد المطران يوحنا ابراهيم أن يفهمنا في كتابه الموسيقا السريانية، وبالرغم من إتقانه للكثير من الألحان على طريقة أهل ماردين.

وللعلم أن اسلوبي ماردين والموصل فيهما تقارب اكثر بكثير من التقارب الموجود بين الموصل والرها او الرها وماردين، فعندما يُسقِط المرء عن اي أسلوب نكهته الموسيقية ولكنته اللغوية المكتسبتين من جغرافيته، فسوف يتحقق من تقاربه او إبتعاده عن الاساليب الأخر. 
ثم عاد الراهب "شابا" من الهند إلى العراق ليُدرِّس في معهد مار أفرام اللاهوتي في الموصل عدة سنوات، ثم رُسم مطراناً لدمشق وبيروت عام 1950م باسم سويريوس يعقوب تيمناً بملفان الكنيسة الكبير مار سويريوس يعقوب البرطلي علّامة القرن الثالث عشر، (راجع كتاب "السريان إيمان وحضارة" للمطران اسحق ساكا الذي توفي في نهاية 2012م).
وتعرّف في هذه المرحلة على اساليب إنشادية سريانية مهمة واستفاد منها مثل الأسلوب الصددي والرهاوي والآمدي وغيرها من خلال خدمته كمطران لأبرشية دمشق وبيروت واختلاطه فيها برعيته التي كانت تطغى عليها المسحة الماردينية. 
ثم أختير بطريركاً على طائفة السريان الارثوذكس عام 1957م باسم اغناطيوس يعقوب الثالث، لغاية إنتقاله إلى جوار ربه سنة 1980م.

طريقة إنشاده
كان البطريرك يعقوب الثالث من بين الذين يتقنون ألحاننا الكنسية بشكل جيد، وأسلوبه للبيث كازو بشكله عام هو أفضل الأساليب نقاوة، وأجملها آداءاً وهو نسبياً خال من الشوائب والتأثيرات العَصرية.
فأما صوته فكان صداحاً جميلاً فيه من الشجن والتعبير ما يكفي ليؤهله ليكون بلبل السريان الصداح في تغريده للألحان الكنسية السريانية، بل ليكون فعلاً امير الموسيقا السريانية في عصرنا ومن امرائها في كل العصور. كما وصفه البعض.
وبإعتباره حافظاً متقناً لهذا العدد الهائل من اللألحان بالإضافة لآدائه الجميل واسلوبه النقي، يعتبر حسب رأينا الشخصي مرجعاً هاماً في طريقة آداء اللألحان، ومصدراً اساسياً في نقل الألحان الكنسية من جيل إلى جيل.
وأما طريقته في الإنشاد فلقد أصبحت اسلوباً مشهوراً، ويحاول الكثيرون من الكهنة والشمامسة تَعَلّمَه او تقليده لمدى أهميته ونقاوته بنسبة عالية من المؤثرات الخارجية، وهو أسلوب رائع وجميل وقويم لا يحوي سوى القليل القليل من الشوائب، بسبب ابتعاده عن أجواء الموسيقا الشرقية المدنية والريفية وعن تأثيرات الموسيقا العراقية وهو شاب ولمدة ثلاثة عشر سنة في الهند، وهذه المرحلة التكوينية هي المرحلة الأهم في حياة الإنسان والتي تؤثر الموسيقا فيها على الشباب بشكل مباشر وكبير وتأخذه الى عوالم مغايرة بعيدة عن النغمة الروحانية والنكهة الكنسية، ولهذا بقي اسلوبه الإنشادي نقياً خالياً من تأثير موسيقا محيطه الجغرافي.
واسلوبه في الإنشاد كان مستقلاً بذاته رغم أنه ينتمي لأسلوب أهل الموصل إلا أنه مرصع بأسلوب أهل ماردين، ففيه امتزاج إنسيابي جميل من الاسلوب المارديني فأعطاه نكهة جميلة مغايرة قليلاً عن الجميع.

لأول مرة في التاريخ تسجيل للبيث كازو كاملاً
كانت هناك بعض التسجيلات القديمة تحوي شذرات قليلة من الالحان الكنسية المتفرقة مثل بعض التخشفتات او القداديس او شروحات بسيطة للألحان الثمانية، ومعظمها كانت شخصية او خاصة لبعض الإذاعات التي قامت بتسجيلها.
لكن في سنة 1960 قام البطريرك يعقوب الثالث بزيارة إلى امريكا. وكان صديقه المطران مار يوليوس يشوع صموئيل مطران امريكا حينها، يملك مسجل للصوت بسيط وبدائي، فأستغل زيارة البطريرك له في دار المطرانية السريانية فسجل البطريرك بصوته ألحان البيث كازو التي تجاوزت السبعمائة لحن. وبعد سنوات كثيرة انتشرت هذه التسجيلات بين السريان واصبحت من وقتها الوثيقة الرسمية الأهم المُعتَمد عليها في حفظ ودراسة ألحان البيث كازو لدى كل المهتمين والباحثين. 
وأما اسلوب إنشاده لألحان البيث كازو في التسجيلات هو أسلوب جميل للغاية فيه فصاحة لحنية وفصاحة لغوية بقدر يكفي لأن يفهم السامع معنى كل جملة لغوية وينجذب لكل جملة لحنية، رغم انه كان يستعمل في انشاده طريقة النغمة القصيرة، لكن النغمة القصيرة الجميلة والجذابة والمفهومة، مضيفاً إليها تعبير صوتي ولحني جيد لمعنى كلمات النص لتصل للمتلقي بسرعة فائقة عند سماعها ودون تكلّف. مبتعداً عن طريقة النغمة الطربية المليئة بالاحاسيس المختلفة، لعدم ايصال المتلقي الى حالة النشوة الطربية التي تشد الإنسان الى عوالم مغايرة غير دينية، فيبتعد عن معاني النص الكنسي وبالتالي يبتعد عن حالة الإلتحام بالحضرة الإلهية التي هي هدف الصلاة.
ويجب علينا الإعتراف بأن النغمة لدى البطريرك هي خادمة مطيعة للمعنى، وهذا أمر لا نجده عند معظم المنشدين، كما أن نسبة الإرتجال لديه تكاد تكون معدومة في ألحان البيث كازو.
لن اتطرق الى محتوى تسجيلات البيث كازو بصوت البطريرك يعقوب لأنها ستأخد صفحات كثيرة من الجداول الطويلة لكثرتها.

كان قد اعتمد ثلاثة من كبار الموسيقيين السريان على تسجيلات البطريرك في تنويط الحان البيث كازو وهم:
الموسيقار السرياني الكبير نوري اسكندر، وطبعت النوته في كتاب سنة 1992.
الأب الموسيقار والملحن الشهير جورج شاشان قام بتنويطه في الثمانينيات ولم تطبع النوته بكتاب.
الأب الباحث د. ايلي كسرواني (يحمل دكتورا في الموسيقا السريانية) في بداية الثمانينيات ولم يطبع مشروعه بكتاب، كما أكّد بقيامه ببحث موسيقي قيّم بَيَّنَ فيه القوالب الموسيقية السريانية الصحيحة للألحان الكنسية السريانية كما صرّح في مقابلة تلفزيونية منذ خمسة عشر عاماً.

أسلوبه في القداديس
لقد ابتكر البطريرك يعقوب الثالث طريقة حديثة خاصة به في إنشاد قداديس الأعياد التي كانت تذاع بصوته الصداح مباشرة من إذاعتي دمشق ولبنان الرسميتان، وخاصة من إذاعة دمشق بمناسبة عيدي الميلاد والقيامة من كل سنة.
لقد جعل من زمن قداديس الأعياد المذاعة في الراديو، والتي تحوي بالإضافة لطقس القداس المعتاد طقوس الأعياد الطويلة، مناسِبة تماماً للزمن المتاح له في البث المباشر الإذاعي، وكان يصلّيها بشكلها الكامل لكن بسرعة لحنية مقبولة وواضحة ومفهومة وسليمة من حيث اللحن واللغة والإنشاد والتعبير الصوتي، لأنه كان يقوم بتطويع النص واللحن بآدائه بسرعة معينة متناسبة مع الزمن المحدد للبث المباشر للقداس، اي أنه كان يستعمل في انشاده للقداديس الكنسية اسلوب النغمة القصيرة، وهذا ينم عن ذكاء نادر ومعرفة كبيرة في النصوص والألحان والإنشاد وكيفية التعبير.
وكانت طريقته هذه تجذب المستمعين من السريان إليه لمتابعة القداس وحتى من المنتسبين للطوائف والاديان الاخرى، لأنه كان يكرّس في خدمة القداديس الإذاعية فصاحته النادرة، وصوته الصداح واسلوبه الرائع في إنشاد الألحان الكنسية، وكذلك بلاغته اللغوية التي لا يفوقها بلاغة في إرتجاله للخطاب الديني الذي يتخلل القداس، فلم يكن يجاريه فيه أحد بسبب ضلوعه في استخدام المصطلحات اللغوية السامية والعبارات ذات المعاني الراقية المنمّقة في خطاباته وكرازاته، وبسبب معرفته الكبيرة والدقيقة بالكتاب المقدس وتفاسيره، وعلمه الواسع في تاريخ الكنسية المسيحية وخاصة السريانية منها.
وأما ارتجال الألحان الثمانية في القداديس الذي يعتمد كثيراً وبشكل مباشر على المخزون الموسيقي للمنشد وعلى ذاكرته القوية وعلى مقدرته في التنغيم. فالبطريرك كان ارتجاله صحيحاً لا لغو فيه ولا مبالغة، ولا حركات موسيقية خارجة عن آداب النص الكنسي الملتزم، ومرتبطاً بمعايير وصفات الألحان الكنسية السريانية. فمع اسلوبه النادر في إنشاد القداديس يعتبر ارتجاله الأقرب الى الحقيقة اللحنية الكنسية.
لقد خَلَقَ البطريرك يعقوب الثالث من القداديس الإذاعية القصيرة طريقة جديدة (اسلوب جديد) في إنشاد القداديس، وأصبحت طريقته الجديدة التي اعتمدها ذات السرعة اللحنية المفهومة والتي تنتج قداديس زمنها اقصر من المعتاد، سبيل يسلكه اليوم معظم الكهنة تقريباً.

التأثر بأسلوبه في القداديس
إن اشهر من أتبع اسلوب البطريرك يعقوب الثالث في إنشاد صلوات القداس هو المطران مار اثناسيوس افرام بولس برصوم مطران بيروت سابقاً والمتقاعد حالياً لكبر سنه أمدّ الله بعمره، وهذا واضح في قداديسه الإذاعية التي سجلها لإذاعة صوت لبنان ومن التسجيلات الاخرى التي سجلها العامة خلال خدمته.
والمطران افرام بولس مشهود له برخامة صوته وقوته وعذوبته وآدائه الممتاز وفصاحته الجيدة ونغمته الشجية.
وكان قد لحقه بهذا الأمر المطران مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم، (المخطوف حالياً مع اخيه المطران بولس اليازجي، نتمنّى فك أسرهما وعودتهما سالمين إلى رعيّتيهما بأسرع وقت)، الذي سجل قداديس عديدة سمعناها فأستنتجنا منها بأنه كان متأثراً للغاية بطريقة البطريرك يعقوب في إنشاده للقداديس.
وأيضاً لن ننسى كاهن مدينة زحلة الأب جليل ماعيلو، الذي انتقل إلى جوار ربه عام 1993م وهو بعمر خمسين عاماً، الذي كان يملك صوتاً عظيماً وطبقات صوتية نادرة، وكان منشداً أصيلاً ترك بصمة كبيرة كشماس في القداديس تماماً مثل والده الشماس الإنجيلي القدير المعلم جورج ماعيلو. حيث شارك كشماس في تسجيل قداس نادر مع الاب صليبا صومي سنة 1978م. وأما في تسجيلات قداديسه وهو كاهن فكان متأثراً جداً في آدائه بأسلوب المطران مار اثناسيوس افرام بولس المتأثر بأسلوب البطريرك يعقوب.
لم ينافس البطريرك يعقوب الثالث في صوته وآدائه وفصاحته اللغوية في إنشاده للقداديس سوى الأب صليبا صومي المتوفي سنة 2006م في مدينة القامشلي، والذي كان يمتلك صوتاً عبقرياً نادراً وعظيما وجذاباً، وفصاحة ما بعدها فصاحة لا يجاريه فيها أحد من الكهنة على الإطلاق، واسلوباً إنشادياً في القداديس من نكهة هضاب ماردين وجبال طورعبدين، وآداءاً طربياً جزلاً وسلاباً للألباب خاصاً به وإن لم يكن كنسياً خالصاً، أي مبتعداً قليلاً عن الاسلوب الكنسي السرياني في الإنشاد، وهذا أمر معلوم للمهتمين وواضح في تسجيلاته لقداديس عدة لمن يرغب العودة إليها والتأكد من رأينا. وأما زمن قداديسه فكان يجتاز الزمن الطبيعي للقداس لأنه كان يتبع في انشاده طريقة النغمة الطويلة الطربية الجذّابة والتعبير الصوتي الجميل والحس الرهيف والشعور العالي، وكان يقف عند كل كلمة وكل جملة ليخرجها ويلقيها على المؤمنين بفصاحة نادرة، فرغم طول زمن قداديسه إلا أن الجميع كان يحضرها بشغف وشوق لسماعه دون كلل أو ملل، وهذا ينطبق أيضاً على تسجيلاته.
يتشكل من الإنشاد اللحني والفصاحة اللغوية عامل موسيقي يسمى التجويد، وكان بطريركنا يعقوب الثالث اميراً في التجويد السرياني الكنسي الصحيح، وكذلك الأب صليبا صومي كان من أمراء التجويد وإن كان خارجاً قليلاً عنه ومائلاً نحو التجويد الإسلامي.
إن قضية التجويد قضية شائكة فمعظم الكهنة ومن جميع المراتب ومعهم الشمامسة ينقصهم الوعي فيه، والقليل القليل منهم من يحاول تطبيقه.
ويبقى البطريرك يعقوب الثالث علامة فارقة وناصعة في تاريخنا الكنسي الحديث نظراً لمواهبه المتعددة وخاصة الموسيقية منها، وتبقى تسجيلاته لألحان البيث كازو إحدى اهم المصادر للراغبين في اتقانها وللباحثين الموسيقيين في الألحان السريانية الكنسية.