طائرات بلا ضمير 2- إغتيال الإنسان والسيادة

بدء بواسطة صائب خليل, يونيو 05, 2012, 01:37:27 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

طائرات بلا ضمير 2- إغتيال الإنسان والسيادة


قلنا في الحلقة الأولى من هذه المقالة والتي كانت بعنوان "طائرات بلا ضمير 1- تحترف التجسس"(1)
أن الميزة الأساسية للطائرة المسيرة هي أنها بدون طيار، وبالتالي فهي جهاز الإغتيالات الأقل كلفة من الناحية البشرية والمادية وتأثيرها على الضمير الفردي والإجتماعي، وبالتالي توفر مرونة كبيرة لإصدار القرارات السياسية الإجرامية التي طالما تردد الساسة في إصدارها خشية تداعياتها حتى على مجتمعهم وقوانينه ونظمه.
ويعتبر أول استخدام عملي لها في حرب فيتنام، لكنه لم يكن بالسعة التي صارت لها اليوم، باعتبارها "الأداة الرخيصة والآمنة والدقيقة، للقضاء على الأعداء"، كما أشارت «نيويورك تايمز» نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، موضحة أنها "أصبحت استراتيجية مستقبلية ورئيسية في حرب إدارة أوباما على الجماعات المسلحة (2) وقد أصبحت اسرائيل في مقدمة دول العالم المنتجة لهذه الطائرات (3) وتتمتع شركاتها بامتيازات خاصة في الولايات المتحدة، واستخدمتها بشكل كبير في غزو لبنان عام 1982 (4) وفي عمليات اغتيال في دول عربية أخرى (5) وتقديم معلومات المسح الجوي من الطائرات المسيرة التي تحوم في جنوب تركيا إلى حزب البي كي كي، حسب تركيا. (6)

ووظفت هذه الطائرات بشكل خاص في قمع الفلسطينيين واغتيال قادتهم، حيث يبين صالح النعامي أنه "بعد حوالي ست سنوات على اندلاع انتفاضة الأقصى، فقد أصبحت طائرات الاستطلاع بدون طيار هي العمود الفقاري في آلة الحرب التي تستخدمها دولة الاحتلال في تنفيذ جرائمها ضد الفلسطينيين. فبعد أن كان دور هذه الطائرات ينحصر في جمع المعلومات الاستخبارية حول نشطاء المقاومة وتحركاتهم في المنطقة، ومراقبة خطوط التماس بين اسرائيل والتجمعات السكانية الفلسطينية في قطاع غزة، والحدود مع مصر، فقد أصبحت هذه الطائرة هي الوسيلة شبه الوحيدة في تنفيذ عمليات الاغتيال ضد نشطاء المقاومة الفلسطينية."  لما لها من ميزات بعد أن كان الإعتماد بشكل أساسي على المروحيات. (7)

وفي أميركا، وتأكيدا لما نشرته نيويورك تايمز من الأهمية المتزايدة للطائرات المسيرة في الحرب الأمريكية "على الإرهاب"، لكن المؤشرات تبعث على الشك في هذه التسمية وهذا الهدف.

قبل عام كتب فريد برانفمان: أن "الإستراتيجية القومية لمحاربة الإرهاب" التي جاء بها أوباما، تعمل في ستة بلدان مسلمة هي الباكستان وأفغانسيتان والعراق واليمن والصومال وليبيا، وتحولت إلى مختبر لتجارب الإغتيالات بواسطة الطائرات بلا طيار. وقال أن الرئيس الجديد للمخابرات المركزية الأمريكية ديفيد بترايوس قرر مضاعفة الإعتماد على تلك الطائرات وتسليح كل من القوة الجوية الأمريكية والسي آي أي بها بشكل مضاعف. وأن القوة الجوية الأميركية تدرب في الوقت الحاضر "طيارين" ارضيين لقيادة هذه الطائرات بالريموت كونترول أكثر مما تدرب طياري الطائرات المقاتلة. (8)

إلا أن النتائج اضطرت أوباما أن يعترف بأن حرب الطائرات المسيرة في الصومال "تخلق الإرهاب".(9) وليس ذلك غريباً ولا يقتصر على الصومال بالطبع، فلطالما اشتكت الحكومة الأفغانية من نتائج عمليات الإغتيال لتلك الطائرات وإسقاطها الكثير من الأبرياء ، كما حدث أثناء عدد من إحتفالات الأعراس وأطفال يجمعون الحطب(10) وغيرها.

إغتيالات في اليمن

تشجع السهولة وقلة التكاليف كما يبدو، الحكومة الأمريكية لإستعمال تلك الطائرات بشكل أكثر كثافة، وهاهي الولايات المتحدة ترفع حرب الطائرات المسيرة في اليمن(11) وتقتل أعداداً كبيرة من الضحايا والجيش الأمريكي يرفض التعليق(12)
ويسقط المزيد من المدنيين في الغارات، خاصة بعد إسقاط حكومة صالح وتسلم "عبد ربه منصور" الذي وضع نفسه تحت أمرة السفارة الأمريكية و "المستشارين" الذين أعيدوا إلى البلاد بعد سحبهم إثر الإضطرابات الأخيرة. ويقول مسؤولون يمنيون حسب موقع "الإشتراكيين العالميين" أن عمل الطائرات يكرر سيناريو السي آي أي في باكستان، حيث تطلق قذيفة على تجمع للناس في المنطقة المشبوهة، وعند تجمع الآخرين تطلق قذيفة ثانية، فتوقع ضحايا كثيرين. ويتحدث الصليب الأحمر الدولي عن القلق من الضربات الجوية على مناطق مدنية.
ويقول تقرير للموقع المذكور أن تصاعد العمليات في اليمن تسارع فزاد عدد تلك الضربات (خلال شهر نيسان الماضي) عن مجموع العمليات في البلاد خلال السنوات التسع الماضية كلها. وقد استغلت إدارة أوباما حالة الفوضى في البلاد لتنفذ المزيد من الضربات مما أثار قلق المسؤولين اليمنيين من إثارتها للتمرد، حسب رويترز. ويذكر اليمنيون شهر كانون الأول 2009 الدموي حينما قتل صاروخ كروز أمريكي 44 مدنياً بينهم 22 طفلاً و 12 أمرأة ، خمسة منهن في حالة حمل، في قرية المجالة. (13)

ويخشى تقرير من "لوس أنجلس بوست" بأنه مع غموض الأشياء، فهناك إحتمال توجيه الضربات نحو السياسيين المنافسين للحكومة اليمنية والساعين لإسقاطها وليس من يهدد القوات الأمريكية، كما تدعي. فالحكومة تطلق على خصومها عبارة "مرتبطين بالقاعدة" وبالتالي يمكن أن يتم تعرضهم لضربات الطائرات المسيرة، إعتماداً على كلمة الحكومة. (14)

في باكستان

في باكستان بلغ حماس الجيش الأمريكي والسي آي أي لإستعمال الطائرات المسيرة للإغتيالات والقصف حداً اثار صراعاً عنيفا بين اميركا والباكستان، وعاملت الاولى الثانية وكأنها دولة محتلة وليس "شريكاً" في محاربة الإرهاب يقوم باستضافتها. (15)
وكانت العمليات تتم بلا أية إشارة للحكومة الباكستانية التي لا تثق بها أميركا. فأنكرت الحكومة الباكستانية علمها بضربات الطائرات المسيرة التي قتلت 15 مدنيا في وزيرستان(16) ولتخفيف وقع الجرائم كان الضحايا المدنيون يتحولون بفعل ساحر إلى مقاتلين(17) والحكومة الباكستانية تدين الضربات وتعتبرها غير قانونية وذات نتائج معكوسة، كما في أماكن أخرى عديدة(18)

وتقول الخارجية الباكستانية أن ضربات الطائرات المسيرة تنتهك سيادتها ولها تأثير معاكس على الإرهاب(19)

وحين قامت القوات الأمريكية بغارة على موقع حدودي قتل فيها 24 جنديا باكستانياً، طالب البرلمان الباكستاني بوقف ضربات الطائرات المسيرة وعرض إقامة علاقات جديدة إن وافقت أميركا على إنهاء الضربات المسيرة والإعتذار لضحاياها(20) ودعم الرئيس الباكستاني مطالبة البرلمان و يقول أن أميركا يجب أن توقف الضربات المسيرة(21) وأثبتت المحاكم البريطانية قتل المدنيين في حرب الطائرات المسيرة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في الباكستان(22) فيجيب أوباما الباكستانيين بالقول "لسنا مستعدين لوقف ضربات الطائرات بدون طيار" (23)

ومن اجل إنقاذ "حق" وكالة المخابرات الأمريكية في القتل بواسطة الطائرات بدون طيار، في باكستان، من موجة الإحتجاجات الرسمية والشعبية، تقدم الولايات المتحدة عرضاً لتقليل العمليات وإعطاء السلطات إنذاراً مبكراً قبل قيامها بها، وترفض الحكومة الباكستانية العروض الأمريكية(24) ويجري الحديث حول محاولة نقل السيطرة على الطائرات المسيرة من السي آي إي إلى الجيش من أجل "شفافية أكبر"، لكن منظمات حقوق الإنسان في باكستان تعتبر النقاش غير ذي معنى وتقول أن المهم هو ان يتوقف إلقاء القنابل على رؤوس الناس(25)
وتستمر الولايات المتحدة بعمليات الإغتيال رغم كل الإحتجاجات الباكستانية(26)
ولا يختلف الحال في أفغانستان، ويدهش الشعب الأفغاني بتوقيع أتفاقية تسمح باستمرار عمليات الطائرات المسيرة في بلاده إلى ما بعد عام  2014 (27)

من كل ذلك يبدو أن أوباما "تبنى علنا" من الناحية العملية، وبشكل لا تراجع عنه لسياسة "القتل من الطائرات المسيرة"(28)
ويتوقع ارتفاع تخصيصات الطائرات المسيرة خلال العقد القادم من 5,9 بليون إلى 11,2 بليون دولار وتكوين شركات جديدة عملاقة  تسترزق من ذلك السلاح(29)
وقد يدهش المرء أن يجد أحد الكتاب نفسه مضطراً ليشرح كيف أن الإغتيال بواسطة الطائرات المسيرة "غير قانوني"، وكأن قانونية القتل بلا محكمة أمر قابل للنقاش، مقدماً خمسة أسباب لذلك من ناحية الدستور الأمريكي والقانون الدولي وحقوق الإنسان والقانون العسكري الأمريكي(30) لكن العجب من ذلك يزول في بلاد تجند حكومتها خبراء القانون والإعلام لتبرير ذلك الإغتيال، مؤكداً أن "الضربات بالطائرات المسيرة قانونية وأخلاقية وحكيمة"،(31) ويؤكد  مساعدوا الرئيس فيها أن دستور البلاد يسمح بالضربات في اي مكان في العالم. وأنه ليس هناك في القانون الدولي ما يمنعها. (32)

وهكذا تستمر إدارة أوباما بإعطاء موافقاتها على "طلبات القتل" كما تصفها الصحافة الأمريكية اليسارية، مثل طلب بترايوس (رئيس السي آي أي) بصلاحية قتل الاشخاص غير محددي الهوية في حرب الطائرات المسيرة في اليمن، أسوة بما تقوم به في باكستان. (33)
ومثلما يعامل الناشطون ضد كارثة اليورانيوم المنضب كأعداء للنظام الأمريكي، يتم القاء القبض على المحتجين على استعمال الطائرات المسيرة قبل وصولهم إلى مراكز تجمعهم(34) وتتم محاربة المحققين في قضايا الضربات الجوية ومحامي ضحاياها(35) وعرقلة حركة الناشطين الأجانب الفاضحين لجرائمها(36) ليستمر اغتيال البشر والسيادة.



(1) http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=17237
(2) http://www.alchourouk.com/Ar/print.php?code=512306
(3) http://www.iba.org.il/arabil/arabic.aspx?classto=InnerKlali&page=242&type=5&entity=738515&topic=0
(4) http://warincontext.org/2012/05/15/israel%E2%80%99s-drone-dominance/
(5) http://www.watan.com/news/focus/2012-05-23/9472
(6) http://news.antiwar.com/2012/01/17/turkish-officials-israeli-drone-surveillance-data-given-to-pkk/
(7) http://www.alnajafnews.net/najafnews/news.php?action=fullnews&id=6152
(8) http://www.infowars.com/obamas-secret-wars-how-our-shady-counter-terrorism-policies-are-more-dangerous-than-terrorism/
(9) http://www.antiwar.com/blog/2011/12/28/obama-admits-drone-war-in-somalia-creates-terrorism/
(10) http://www.wsws.org/articles/2012/mar2012/afgh-m12.shtml
(11) http://www.wsws.org/articles/2012/apr2012/yeme-a27.shtml
(12) http://news.antiwar.com/2012/03/12/yemen-us-drone-strikes-killed-at-least-64/
(13) http://www.wsws.org/articles/2012/may2012/yeme-m17.shtml
(14) Ihttp://news.antiwar.com/2012/04/02/in-escalating-drone-war-us-targets-yemen-rulers-rivals/
(15) http://news.antiwar.com/2012/05/24/us-pakistan-tensions-rise-as-drone-strikes-pound-tribal-areas/
(16) http://www.onlinenews.com.pk/details.php?id=190220
(17) http://www.fpif.org/blog/drone_strikes_magically_transform_dead_civilians_into_assassinated_militants
(18) http://news.antiwar.com/2012/01/31/pakistan-condemns-drone-strikes-as-unlawful/
(19) http://news.antiwar.com/2012/01/12/pakistan-condemns-resumption-of-drone-war/
(20) http://news.antiwar.com/2012/03/20/pakistan-parliament-demands-us-end-drone-strikes/
(21) Pakistani http://news.antiwar.com/2012/03/25/zardari-us-must-halt-drone-strikes/
(22) http://www.informationclearinghouse.info/article31185.htm
(23) http://news.antiwar.com/2012/03/29/obama-told-pakistan-us-not-ready-to-stop-drone-strikes
(24)  http://warincontext.org/2012/03/27/pakistan-rejects-u-s-offer-on-drone-strikes/
(25) http://dissenter.firedoglake.com/2012/05/03/it-doesnt-matter-if-cia-or-military-control-us-drone-program/
(26) http://news.antiwar.com/2012/02/22/no-deal-us-restarted-pakistan-drone-strikes-despite-objections/
(27) http://news.antiwar.com/2012/05/02/us-afghan-pact-will-allow-drone-war-in-pakistan-to-continue/
(28) http://wsws.org/articles/2012/feb2012/pers-f02.shtml
(29) http://www.greenleft.org.au/node/50318
(30) http://www.informationclearinghouse.info/article31330.htm
(31) http://news.antiwar.com/2012/04/30/white-house-drone-strikes-legal-and-ethical/
(32) http://www.reuters.com/article/2012/04/30/us-obama-drones-idUSBRE83T0TN20120430
(33) http://news.antiwar.com/2012/04/26/obama-approves-cia-request-to-kill-unidentified-individuals-in-yemen-drone-war/
(34) http://www.alternet.org/rss/breaking_news/907729/drone_protesters__preemptively_arrested_before_reaching_hancock_air_force_base/(35) http://warincontext.org/2012/04/13/how-the-u-s-is-silencing-critics-of-drone-warfare/
(36) http://warincontext.org/2012/05/19/drone-filmmaker-denied-visa/
(37)  الطائرات بدون طيار في بعض الدول العربية +ايران +اسرائيل
http://www.traidnt.net/vb/traidnt1647410/